الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحم الأم...بيت الزوج...القبر

روجيه عوطة

2010 / 7 / 1
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


ما زالت المرأة تدفع ثمن قضم آدم لتفاحة الجنة، وما رافق ويرافق الأسطورة الدينية من تفسيرات تراثية (طبرية مثلاً)، حيث يمتزج المعقول باللامعقول ويسيطر عليه هذا الأخير سيطرة تامة.
فما برحت الأنثى تسدد ضريبة التفسيرات المختلفة، التي تختلط فيها الأديان الثلاث "اليهودية والمسيحية والإسلام"، التي تتضمن معاملة الرجل للمرأة على أنها فاقدة للعقل، والسفاهة تسيطر على تفكيرها وسلوكها، وعلى أنها ما زالت على علاقة متينة بالحية وإبليس والشيطان، فعلى الرغم من قشور الحرية الباطلة التي تعطي للمرأة في المجتمع ، مع العلم أن هذه القشور ليست موجودة في بعض المجتمعات العربية، فيُنظر الى الأنثى ، على أنها مرتكبة الخطأ، الذي أدى الى إرتكاب الخطيئة من قبل الرجل (آدم وقضم التفاحة).
فقد تحملت المرأة مسؤولية خطيئة الرجل الذكورية، مما أدى ذلك الى الإعتقاد بأن الأنثى (حواء) هي اللعنة بحد ذاتها، مع العلم أنه لا يمكن غض النظر عن ما قامت به الأديان السماوية المختلفة، من تحسين وتطور إيجابي في معاملة المرأة، وذلك من نظرة سيسيوتاريخية (مثلاً قبل ظهور الإسلام وبعد ظهور الإسلام=وأد البنات، ومنع هذا التقليد بحق الأنثى)، ولكن هذه الأديان لم تستطيع إعطاء الجنس الأنثوي حريته بشكل كامل، فالحرية كالديمقراطية لا تتجزأ أبداً.
فحتى هذا اليوم، الذكور العبريون يقولوا عند الصلاة اليومية:"مبارك أنت يا رب الذي لم يخلقني إمرأة"، والنبي محمد يقول "عندما خلقت حواء إبتهج الشيطان"، وبولس الرسول في إحدى رسائله "يأمر النساء أن يخضعن دوماً للرجال كما يخضعن للرب".
ومع إلتحام مجتمعاتنا مع الأديان السماوية، يمكننا القول أن هذه المجتمعات كانت وما زالت، تقوم بممارسة القهر والتسلط بإتجاه المرأة، وقدد عزز هذه الممارسة القوى الإنتاجية الذكورية، وأخذت هذه المجتمعات صبغة بطريركية (أبوية) ذكورية، حيث المرأة غير منتجة (إنعكاس للمعتقدات الدينية)، والذكر يعتبر القوى المنتجة، مما أدى الى تسلط وتحكم القوى المنتجة بالقوى الغير منتجة، أي الذكر بالأنثى كسلطة السيد على العبد، أو البرجوازي وتَحكمه بالبروليتاريا.
"فإن الناس أثناء الإنتاج الإجتماعي لحياتهم، يقيمون فيما بينهم علاقات معينة ضرورية، مستقلة عن إرادتهم، وتطابق علاقات الإنتاج هذه درجة معينة من تطور قواهم المنتجة المادية، ومجموع علاقات الإنتاج هذه يؤلف البناء الإقتصادي للمجتمع" على حد قول الفيلسوف كارل ماركس.
والقوى الغير منتجة أي الأنثى، تبقى في المنزل، دون ممارسة أي عمل خارج دائرة الإهتمام بأسرتها ((femme au foyer ، مبتعدة عن الإستقلالية المادية، التي تولد بدورها الإستقلالية الإجتقصادية بالإختلاط والفعالية الإجتماعية، فمجتمعنا يمارس أبشع الأنماط الثيوقراطية في تعامله مع المرأة.
وبما أننا نعيش في المجتمعات التي تأخذ الصبغات الدينية المختلفة، وحيث التيارات الدينية مسيطرة ، فيمكننا تحليل وضع المرأة من خلال الخطاب والممارسات المنبثقة عنه.
معنى ذلك أن الهاجس الأساسي في كل أطروحات الخطاب الديني في المرأة، هو هاجس تغطيتها وسترها، تغطية العقل أولاً، بحجب المرأة عن آفاق المعرفة الحرة، وحجب وجودها الإجتماعي ثانياً، بحبسها داخل أسوار البيت، والأهم من ذلك ستر وجودها الفيزيقي بالحجاب، الذي يعد تجسيداً رمزياً للإلغاء العقلي والإجتماعي للمرأة، وإعتراف بالهزيمة والرضوخ والإستسلام الأنثوي .
فهذا الخطاب يعطي بعداً شاذاً لقضية المرأة، فإنه يفسرها من خلال مرجعية النصوص الدينية، لا على أنها قضية إجتماعية، بل يتعامل معها، تعامله مع الأقليات الدينية المختلفة عنه.
وهذا الخطاب، يقوم بالإستناد على مرجعية أوروبا المزدوجة:أوروبا العلو والنهضة والإنجاز من جهة، وأوروبا العري والتفكك والشذوذ من جهة أخرى، ولأنه لا يستطيع مناهضة الجانب الأول فإنه يلجأ إلى إسقاط الجانب الثاني على خطاب النهضة العربي من أجل إدانته وتشويهه، مع العلم أن الخطاب الديني يعادي خطاب النهضة العربي، ويعتبره خطاب "ملحد، علماني" ، وبالتالي يتصور بذلك، أنه يشوه الإنجاز الأوروبي بطريقة غير مباشرة.
إنها آلية الإنتقام الغير واعي، للإنجاز الذي يكشف له عجزه وتقاعصه وضعف منطقه، هذا الضعف يتحول الى ممارسة القهر باتجاه "المرأة"، التي تعتبر خطابياً أنها أضعف الحلقات في المجتمع.
بالإضافة الى ذلك، لا يمكن أن نتناسى كيف تقوم النظم السياسية (الشرقية-العربية عامةً)، صاحبة القشور الديمقراطية، والروح الثيوقراطية، بالتضامن مع هذا الخطاب وممارستها له، ولو بطرق مختلفة.
فلا يمكن غض النظر عن قوانين الأحوال الشخصية المتعلقة بالمرأة ، المرتهنة بأغلبها للنظم والإجتهادات الدينية، ما قانون الزواج، والطلاق والميراث والشهادة إلا أمثلة واضحة ، على قمع المرأة في العالم العربي، والشرقي عامةً.
كما أن النظام الإقتصادي السائد في العالم، الرأسمالي، الذي يسيطر بشدة، والذي يولد حالة إغتراب إنسانية عنيفة بفعل تناقضاته الغير إنسانية الحادة.
فكارل ماركس يعتبر أن "عندما يصبح المال هو الإله المسيطر يتحول الإنسان الى سلعة"، ومانراه على وسائل الإعلام الحديثة، من إستعمال المرأة "المثيرة" كوسيلة لتسويق سلعة معينة، خير مثال على أن جزء أساسي من المجتمع بات غير موجود، فلم يعد بإمكان المرأة أن تختار، بشكل حر ما تريده، تحولاً لها وإرتقاءاً لقيمتها.
ما يواجهنا اليوم هو تغلغل القمع الى لاوعي المرأة، الى حد أنها أصبحت “تتكحل بالعبودية”، وتعتبر أن القيود التي تكبلها “أساور تخشخش في معصميها”، فالأنثى تعيش بفعل القهر، حالة "إحتقار الذات، " و"إزدواجية القاهر والمقهور"، فإنها تعلم بوقوعها في دائرة عبودية وقهر الرجل، ولكن تخشى المطالبة بالحرية، فقد دخلت في مرحلة القلق، وفي محور "كل ما يخشاه المرء يغريه"، فكيف نستطيع تحرير المرأة التي تقف بالطابور، أمام حجرة شهريار حتى يأتي دورها.
مما يضعنا هذا الأمر، في دائرة وجوب التمرد على رأس المشكلة، أي النظام بشكل عام، النظام الإقتصادي- السياسي-الديني.
الثورة على النظام الرأسمالي السائد، وتحويله الى نظام إشتراكي إنساني، حيث تسود مبادئ الأخلاق الإشتراكية، من مساواة وعدالة إجتماعية ، وبالتالي تحقيق حرية المرأة ووجودها، حيث الحرية شرط أساسي لتحقيق الوجود، فيكون وجود الأنثى في الواقع المعاش، في حدود ما تريده وليس في حدود ما تتصوره، فالوجود هو عملية إختيار حر لتحول دائم، بعيداً عن إنتقال المرأة المقيد بمسيرة وحيدة، من رحم الأم الى بيت الزوج، ثم القبر.
 اللغة الذكورية والمرأة
اللغة العربية تقوم على التفرقة بين الإسم العربي والإسم العجمي، حيث يتم تمييز الإسم العربي بعلامة، يطلق عليها في علم اللغة، "التنوين" أو "التصريف"، وهي نون صوتية، تلحق بآخر الأسماء العربية ، على مستوى النطق، لا على مستوى الكتابة، فيقال مثلاً:حسنٌ، أحمدُ، رجل في حالة الرفع، النصب، الجر.
لكن هذه "النون" ، لا تلحق بالأسماء الغيرعربية، فيقال:"إبراهيم"، "رأفت"...إلخ
هذه التفرقة، بين "العربي" و"العجمي"، ليست الا تعبيراً عن تصنيف العرب لأنفسهم ، على أنهم ذوات قيمة متفوقة، وأن لغتهم هي لغة "ألف ولام العهد"، وكأن من يتحدث بلغة، أو لسان غير عربي ، هو بمثابة عجمي، لا يفكر أو لا ينطق.
ولا تنحصر هذه التفرقة، بين العربي والأجنبي (لا أستعمل كلمة "أعجمي" لأنها تًعبر عن تدني إنسانية الغير العربي)، بل تتعداها الى التمييز اللغوي بين "الأنثى" و"الذكر"، فتتساوى الأسماء المؤنثة مع الأخرى الأجنبية من حيث القيمة.
بالإضافة الى "تاء التأنيث" التي تميز بين المذكر والمؤنث ، على مستوى التصريف اللغوي، فيمنع "التنوين" عن إسم العلم المؤنث ، كما يمنع عن الإسم الأجنبي (الأعجمي على حد تعبير اللغة العربية)، فتعامل مع المرأة كعنصر دخيل على اللغة، إذ تصر اللغة العربية على حاجة الأنثى الى سلطة الذكر .
كما تعامل هذه اللغة "المذكر" على أنه فرع لغوي فاعل، والمرأة عكسه تماماً.
فيعامل الجمع اللغوي، معاملة جمع "الذكر" ، حتى ولو كان المشار إليه جمعاً من النساء، بشرط أن يكون بين الجمع "رجل واحد".
ففور حضور هذا الرجل في مجتمع أنثوي، فيلغي بدوره فعالية وجود كل المجموعة، "فيشار إليه بجمع المذكر لا بصيغة جمع المؤنث".
من هنا يمكننا تحديد مدى خطورة الوعي العربي بوضعه الحالي، ومع غياب محاولات بلورة صيغة جديدة للغة العربية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال مميز الا ان
ناهد ( 2010 / 7 / 3 - 14:21 )
مقالك مميز ومقنع الا ان جزئية اللغة هذه لم تدخل رأسي ، لطالما اعتقدت ان تاء التأنيث ونون النسوة هي دلالة على الاعتراف بوجود المرأة من جانب اللغة والمجتمع المتكلم بها وما الضير لو قلنا قاضي وقاضية !! اما بخصوص وجود الذكر بين مجموعة اناث فيسيتخدم لغة مخاطبة للذكور ، اظن انه امر هامشي وهو معالجة هامشية في محاولة الاقتضاب وتلخيص الحوار - رغم عدم سعة اطلاعي في موضوع النحو واللغة - ، الا انني ارى ان هناك امور اهم تبحث عنها المرأة في حياتها اليومية وسائر مجالاتها تتعلق بالاحترام وحرية التنقل والقرار والعمل واللباس وما الى ذلك .
تحياتي لك الكاتب القدير
سلام

اخر الافلام

.. اغنية بيروت


.. -الذهنية الذكورية تقصي النساء من التمثيل السياسي-




.. الحصار سياسة مدروسة هدفها الاستسلام وعدم الدفاع عن قضيتنا ال


.. نداء جماهيري لكهربا و رضا سليم يمازح احد الاطفال بعد نهاية ا




.. هيئة الأمم المتحدة للمرأة: استمرار الحرب على غزة يعني مواصلة