الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جدلية الجائز والضروري في الفكر الإنساني

رأفت عبد الحميد فهمي

2010 / 7 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


جدلية الجائز والضروري في الفكر الإنساني
يتسم الفكر الإنساني بالمركزية الممقوتة وذلك لأن الإنسان وحده بفضل آلية الوعي الجدلي هو الذي يدرك حالياً أنه يمتطي ذرة هائمة في الفضاء الفسيح بين النجوم والمجرات يغرد وحيداً في سماوات الكون المرئي والمتاح للمراصد التي ابتكرها كي ما تسبر وتكشف المناطق الأكثر غموضاً فهو لا يسمع سوى تغريده فقط وللأسف فلم تصله حتى الأن أي رسالة من أعماق الكون الذي يضم ملايين المجرات ومليارات النجوم تشي بوجود كائنات تتسم بالوعي وبانتاج حضارات أخرى وفق أي مفاهيم في حدود عقولنا ولغاتنا ومراصدنا . فقد استطاع الإنسان وحده أن يدون ويحتفظ بأكداس تراكماته المعرفية في مختلف المجالات والعلوم والمناحي التي نشأت وولدت من رحم التاريخ المرصود للحياة عبر الأربعة مليارات من السنين منذ أن تكونت شمسنا بمنظومتها الكوكبية .
وأمام هذة البينة الكونية الحبلى بظواهرها الفيزيائية تفتقت الذهنية الدينية عن تصورات خاصة للإجابة عن الأسئلة المحورية التي حيرت فكره الفلسفي فجاءت تصوراته اسقاطاً لواقعه الإنساني عبر مراحل التاريخ المختلفة فيما عرف بمصطلح الأنثرومورفيك أي التشخيص الإنساني للطبيعة أو أنسنة الطبيعة والعمل على إيجاد علاقة جدلية بينه وبين تلك البينة الكونية المحيطة به فأفرخت الفلسفة المثالية و الأديان تصوراتهما عن وجود ضرورة صانع مسؤول عن تلك البينة حيث تعود الإنسانية وتركن إليه إذا ما استشكل عليها أمراً إزاء تقلبات الطبيعة غير المبررة أو إن شئت إزاء جهل الإنسان عن الوصول إلى الأسباب الحقيقة الكامنة وراء الأحداث التي تتري أمامه والتي لا يجد لها أي سند من منطق أو حكمة أو غاية. هنا ألزمته الضرورة أن يفترض أن الخالق يجب أن يكون متعالياً ومفارقاً للواقع البشري الذي يفترش البطحاء وبالضرورة المنطقية يجب للخالق أن يتخذ من السماء مكاناً قصياً كما يجب أن يكون لديه دافع إلي الخلق من العدم [ وإن جاءت قضية خلق الوجود من العدم قضية خاطئة منطقياً لأن العدم بالتعريف عدم وخلاء فكيف ينتج وجوداً من خلاء وعدم] وطالما كان هناك دافع للإيجاد والخلق فتحتم الضرورة المنطقية أن يكون هناك هدف وغاية يراد الوصول إليها من جراء فعل الخلق وإلا سقط الفكر في أحبولة العبث المفزعة بعدميتها الصارمة والتي تقض مضجع الفكر الإنساني الطامح إلى الإحساس بالمعنى و بالرعاية والحدب في كون غامض لا يأبه بتطلعات و أطماع الإنسان ثم تتصاعد الضرورات إلى وجوب اصدار قوانين سماوية كي ما تراقب منظومة التفاعلات التي تنفذ مخططاً يتصف بالإحكام والغاية كما يجب أن تستمر عمليات المراقبة للصراعات المحتدمة بين مختلف الكائنات والتي ربما تستدعي أحياناً التدخل السريع لنصرة فئة ضد أخرى حسبما تقتضيه المصالح المرسلة رغم تداعي منظومة التدخل حينما تترك الكوارث والمصائب وأهوال الحروب تفعل أفاعيلها حين تطحن تحت عجلاتها ملايين الأجساد هباءً وسدى . وتتوالى التصورات بضرورة وجود اللغة الخاصة للتواصل بين الله وبين الإنسان فيجب أن تكون لغة محددة الدلالات في تعبيرها عن مختلف المفاهيم كي تسهل قيادة الجموع البشرية المفترض دوماً أنها ناقصة ومتطلعة إلى العدالة والإنصاف والمتشوقة إلى الإحساس العميق بالمعنى .وقد استدعت كل تلك التصورات ضرورة وجود خطاب الأوامر والنواهي لضبط حركة الواقع الإنساني التاريخي بسن القوانين والتشريعات بتحريماتها ومباحاتها لكن تلك الضرورات تسقط منطقياً إذا تخيلنا شخص ما قد نجا وحده من سفينة غارقة واستطاع أن يستوطن جزيرة خاوية إلا من بعض النباتات والحيوانات فما الأهمية هنا لأي اعتبارات قانونية أو أوامر افعل ذلك ونواهي لا تفعل تلك حيث تتلاشى أفكار الحلال والحرام والزنا والقصاص والبر والإحسان والصوم والزكاة والحج والصلاة فلا حاجة للدين بمعناه المجتمعي وسط الجماعات البشرية المتناحرة فوق بقاع أخرى يجهلها ذلك الوحيد المعزول في عزلته الأبدية ..........








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - دورة الانسنة من الطبيعة واليها مرورا بالاله
محمد البدري ( 2010 / 7 / 3 - 07:41 )
انسن الانسان الطبيعة املا في ترويضها مثلما روض هو نفسه في جماعات حققت له امنا نسبيا. ومع فشله خلق فكرة الله وانسنه في البداية ثم حاول ان يعلي من قدرة لاكتشافة ضئالة قدر الانسان ولانه لم يستطع التخلص من الارث السابق في العملييتين السابقتين فقد طفحت فكرة الانسنة علي صفات الله، فاصبح يري ويتكلم بل وله يد ويسمع ويستجيب كما جاء في القرآن من فكرة انسنه الاله بصفات انسانية لكن المضاف الحقيقي في الاديان هو حالة الرعب التي يتم بثها لو لم يؤمن الفرد وينضم لقطيع المؤمنين، وبكلمات اخري لو لم يعضد قوة امن الجماعة في مواجهة الطبيعة قديما او قدر الله حديثا. السؤال الان بعد كل هذه السيطرة العلمية والتكنلوجية والمعرفية ما الحاجة الي كل هذه الخزعبلات الدينية وتبديد الوقت والجهد والاموال في عبادة لا نفع فيها. فهل يجيب احد المؤمنين الذين يشاغبون بجهل في هذا الموقع. شكرا وتحية وتقدير لمفالك والي مزيد من الكتابة.

لم يشأ العقل ان يتوقف عن الاله المتوحد او الاله المشكل لعناصر

اخر الافلام

.. بعد أنباء سقوط طائرة الرئيس الإيراني.. المرشد الأعلى: لا تعط


.. عالم دين شيعي: حتى القانون الألهي لا يمكن أن يعتبره الجميع م




.. 202-Al-Baqarah


.. 204-Al-Baqarah




.. 206--Al-Baqarah