الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل فعلا تحرر الرجل العربي الليبرالي !!..

ياسمين يحيى

2010 / 7 / 4
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


صحيح أن السلوكيات ونمط الحياة الذي يعيشه المجتمع يؤثر على جميع أفراده، ولكن هل هذا يعطي العذر للرجل العربي الليبرالي بأن لا يكون ليبراليا فعلا بمعنى الكلمة !

لن أتطرق هنا لكل جوانب فكر الرجل العربي الليبرالي وسأخذ جانب واحد من تفكيره والذي هو أكبر دليل على لبيراليته الحقيقية من عدمها ألا وهو نظرته الى _ المرأة _ .
فهل فعلا تحرر الرجل العربي الليبرالي أم لا زال ينظر للمرأة كنظرة هارون الرشيد لنسائه وجواريه !

في أعتقادي أن أي رجل في الدنيا لا يحترم مشاعر وأحاسيس امرأة ويفضل جسدها على صدق مشاعرها تجاهه هو نسخة طبق الأصل من سيء الصيت هارون الرشيد ، وأيضا أي رجل يذهب لبائعة هوى ويدفع لها ثمن ليلة أو ساعة معها فهو مجرد رجل شهواني بلا أحساس لأنه يمارس الحب مع امرأة يعرف جيدا بأنها لم تمنحه أياه من إجل سواد عيونه أو لأنها تحبه أو معجبة به بل من إجل ثمن محدد مسبقا ، وهو لا يقل دونية عنها لأنهما يفعلان ذات الشيء وشريكين به .

أن هذا النوع من الرجال لا يمكن أن يكونوا أصحاب فكر متحرر لأنهم لو كانوا كذالك لما قبلوا بأمرأة لا تكن لهم‏ أية عاطفة أو رغبة ولا يهمها منهم سوى مصلحة مادية من أي نوع كانت .
فأنا أعتقد أن الأنسان الذي يملك فكرا متحررا يجب أن يكون محترما لنفسه ولغيره ولا أتصور أن في ذالك أحترام لا لنفسه ولا لغيره .

عندما يقبل رجل أن يكون علاقة مع امرأة بهدف الجنس فقط وتخلو هذه العلاقة من أية مشاعر حب وعاطفة ورغبة في شخص الأنسان ذاته فماذا يكون تفكير ذالك الرجل بالمرأة ! وماهي نظرته لها ! فهل هذا رجل متحرر فكريا ! وهل يختلف عن أي رجل تقليدي آخر لا يرى في المرأة سوى أنها جسد لأشباع رغبته الجنسية ؟

الرجل الليبرالي في المجتمع العربي ليس عليه قيود من الأسرة والمجتمع فلما لا يعيش حياته مع حبيبة يحبها وتحبه لأجله ويفضل علاقة ليس لها أي أساس سوى المصلحة المادية من الطرفين ! إليس هذا دليل على أنه مازال يعيش في عصر الجواري وأسواق النخاسة ! وأنه معجب جدا بشخصية هارون الرشيد ومنجذب إليها وأن لم يعترف بذالك .

لا يوجد رجل في العالم كله يحترم امرأة ويعترف بأنسانيتها ثم يستهين بعواطفها وأحاسيسها تجاهه ويرفض كل تلك المعاني المعنوية الجميلة أذا لم تمنحه جسدها ثم يقول : أنا رجل ليبرالي الفكر .
أي فكر متحرر هذا الذي لا يعترف بروح الأنسان ومشاعره وعواطفه ويقدم عليها الجسد المادي كدليل على الحب !
أن أي رجل يفكر هكذا تفكير لا أنساني من العيب عليه أن يدعي الليبرالية والتحرر من الفكر التقليدي المتخلف .

علاقة الرجل العربي بالمرأة هي أكبر وأوضح برهان على صحة تحرره وتطور فكره ، فأذا كانت علاقته بها مبنية على الحب والأحاسيس الصادقة في المقام الأول فهو فعلا رجل ليبرالي من هذا الجانب على الأقل، أما أذا كان أساس علاقته بها وأول شروط عقدها هو الجسد فهذا مع أحترامي له رجل قبيح من الداخل حتى لو كان أوسم رجل في الدنيا.
وهكذا يكون قد فقد أهم شرط من شروط الليبرالية وبذالك لا يكون ليبرالي حقيقي قولا وفعلا .

الأنسان كائن عاقل وهذا يعني أن لديه عقل يفكر من خلاله ويتصرف على أساسه وبالتالي سيكون سلوكه سلوك أنساني وليس حيواني غريزي ، وبما أن الدين سلب عقل الأنسان وجعله لا يفكر من خلال عقله وأنما من خلال دينه فأصبح أنسان غريزي كالحيوان وخاصة الأنسان الرجل ، فمن الطبيعي أن يفكر الرجال التقليديين في المرأة بأنها مجرد جسد لأمتاعهم ومن المتوقع أن تكون نظرتهم لها نظرة جنسية فقط لا أكثر .
‏أما أن يكون صاحب هذا الفكر وهذه النظرة رجلا ليبراليا متحررا من الدين وجهله فأن هذا ليس طبيعيا ولا متوقعا منه أبدا .
فكيف لرجل يعترف بأنسانية المرأة ومساواتها الكاملة معه وفي نفس الوقت يعتبرها أداة لأمتاعه ويستمتع معها بدون مشاعر حب وعواطف تربطهما معا ! ما فرق علاقة كهذه عن علاقة الحيوان بالحيوان في موضوع الجنس؟

طبعا أنا تحدثت عن جانب الحب والجنس فقط في فكر الرجل الليبرالي العربي بخصوص المرأة لأن هذا الجانب هو أول ما يخطر في عقول العرب عند الحديث عن علاقة الرجل بالمرأة، ولكن هناك أيضا جوانب أخرى لا يؤمن بها الرجل العربي الليبرالي أذا تعارضت مع مصلحته وأنانيته .

السؤال الذي يحيرني هنا ، هل هذا هو حال جميع ليبرالين العالم عندما يتعلق الأمر بالمرأة أم هو خاص بالرجال العرب الذين هم حديثي عهد بالفكر الليبرالي المتحرر ؟ هل لأن من الصعب على الرجل العربي التخلص من موروثه المشوه لصورة المرأة والذي يعتبرها مفعولا به وليس أنسان فاعل مثله تماما لذا فهو يتعامل معها بهذه الطريقة وهذا الأسلوب التجاري؟

عندنا في السعودية أغلب الرجال الليبراليين كانوا من المتشددين دينيا والذين أنقلبوا فجأة و رأسا على عقب من اليمين الى اليسار بعد أكتشافهم حقيقة الدين فهولاء لا يمكن أن يصبحوا ليبراليين حقيقيين حتى بعد خمسين ألف سنة لأن الفكر الديني المختص في كيان المرأة مازال يجري في دمائهم ومن الصعب التخلص منه في عدة سنوات وأن تخلصهم من الأمور الأخرى أسهل بالنسبة إليهم من أمر كينونة المرأة كأنسان من روح ودم وأحساس مرهف ومشاعر رقيقة وراقية، وذالك لأنهم مازالوا يعيشون في ذات البيئة التي تطبق هذا الموروث حرفيا وهذا يعطيهم بعض العذر لتأثرهم بما حولهم لذالك لا نلومهم ولكن الذي لم يمر بمرحلة تدين أو الذي يعيش في الدول الغربية فهولاء لا عذر لهم ، وفي الحقيقة أن أي رجل ليبرالي سواءا كان متدين سابق ويعيش في بيئة تقليدية متخلفة أو غيره فلا عذر له في عدم أعترافه بأنسانية المرأة وعدم أحترامه لعواطفها وطريقتها في التعبير عن حبها وأحاسيسها . ولكن قد نخفف الحكم على الليبرالي المسجون في البيئة العربية وثقافتها المتخلفة وخاصة البدوية ولكنه تخفيف وليس براءة ، ولكني أنصح كل ليبرالي سعودي لا يستطيع مخالفة ثقافة مجتمعه وغير قادر على السمو بفكره عليها أو معجب بها من ناحية نظرتها للمرأة وهي النظرة التي ‏لم يتخلص منها هو بعد ، أنصحه بأن لا يصرح بليبراليته ولا يتباكى عليها ليل نهار فهذا عارا عليه . فمن لا يكمل جميع شروط الليبرالية لا يمكن أن يكون ليبرالي حقيقي ولا يستحق لقب ليبرالي ، لذالك عليه أن يتنازل عن باقي شروط الليبرالية الأخرى ويكتفي بأفكار ومعتقدات موروثه الديني والثقافي في المرأة وفي كل شيء ، وهكذا لن يكون متناقضا ومنافقا وسينسجم أكثر مع بيئته ويتخلص من العقد النفسية، وليدع الليبرالية لمن تسمو به فوق مستوى كل تأثير ثقافي وأجتماعي.

فالليبرالية فكر حر متكامل لا يقبل بسجناء ثقافة الصحراء ولا يقبل بالأنتقائيين الذين يختارون منها ما يعجبهم ويدعون ما لا يعجبهم.
فمن تعجبهم الليبرالية بكل مافيها فهم الليبراليين الحقيقيين، ومن يعجبهم بعضها والبعض الآخر لأ فهم ليسوا سوى أنتقائيين أنانيين يبحثون عن مصالحهم فيأخذون من كل فكر ما هو بصالحهم ويتركون ما لا يناسب مصلحتهم ولا تعنيهم القيم والأخلاق الأنسانية التي هي من أهم مواصفات الأنسان الليبرالي.


فأرجوكم دعوا الليبرالية وشأنها يا مدعي الليبرالية وهي منكم براء، ولا تمثلوا دور الزوج المحب المخلص لها فهي لو كانت تنطق لطلقتكم بالثلاث.
‏وعودوا الى دينكم وثقافتكم الأم فهم يمنحونكم كذكور كل ما تحلمون به من أمتيازات وأحلام وردية بعودة عصر الأماء والجواري ، فالليبرالية الغربية لا تتلائم مع عقول صحراوية مهما تحررت من الفكر الديني.
وأنتم ليسوا مجبرين على هذا التظاهر المكشوف مادمتم تعيشون في ظل ثقافتكم الصحراوية .
عودوا لها فهي أولى بكم .

ملاحظة : أتمنى من الأخوات والأخوة الأسلاميين بأن لا يسعدوا كثيرا من هذه المقالة لأن ليس كل من يقول عن نفسه ليبرالي هو فعلا ليبرالي لذالك فالليبراليين الذين قصدتهم في هذه المقالة ليسوا دليلا على تناقض الليبرالية أو سوءها لأنهم أصلا ليسوا ليبراليين ، ففي كل فكر يوجد أشخاص يشوهونه بما ليس فيه لأنه فكر ليس له إله يحميه أما الدين فلا مجال للقول بأن بعض أفراده قاموا بتشويه صورته فأين دور الله في حمايته وعدم السماح في خلطه بأمور أخرى ؟ أم أن الله غير قادر مثلما أنا غير قادرة على حماية الفكر الليبرالي من المتطفلين عليه !! ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا لليبراليه من منظور ذكور فقط
شيمون بيريز ( 2010 / 7 / 4 - 08:23 )
قرأت مقالك الرائع وأتفق معك كرجل أن الرجل اللبيرالى المتحرر الحقيقى هو من يقبل أن تكون المرأه متحرره وليبراليه مليار فى المائه حتى ولو كانت أمه وأخته وبنته ومايرضاه لنفسه من ليبراليه يجب أن يرضاه لكل النساء وهذه هى الليبراليه الحقه
أما الليبراليه الذكوريه والتى يقبل فيها الرجل أن تتحرر كل النساء ما عدا بناته وأقربائه الإناث وأمه فهم ليس ليبراليا وإنما شخص ذو فكر غير سليم


2 - سلمت يداك
الحر ( 2010 / 7 / 4 - 08:41 )
يا ياسمين.......اتفق تماما مع السيد بيريز......المجتمعات العربية هي اكبر عدو للمراة و التي تسعى دوما لحرمتنها و كبتها ....ما عسانا نصف المجتمع الذي يبيح للزوج السفر من اجل المتعة الجنسية و يعاقب المسكينة زوجته لو ارادت الانفصال عنه......وووووو


3 - مهام مطلوب تنفيذها
محمد البدري ( 2010 / 7 / 4 - 08:57 )
ماذا تتوقعين يا سيدتي بين ليلة وضحاها؟ القضية تراكمية، فثقافة اي مجتمع هو عمل تراكمي بترسيب قيم يحتاجها المجتمع فينشؤها ويتبناها ويحارب دفاعا عنها حتي تصبح عرفا اجتماعيا وسياسيا. ماذا تتوقعين من رجال ظلوا غارقين في ظلمات الاسلام لاكثر من الف ونصف الف من الاعوام إضافة للتراث البدوي القبلي البعيد تماما عن معني الليبرالية. ان انفتاح المجتمع السعودي علي العالم فكرا وثقافة كفيل بتحقق ليبرالية ما وبمعدل تراكم بطئ تضمن في منتهاها ما تعانين منه في مقالك بالنسبة للمرأة. وعلي المرأة ايضا الا تصدق اكاذيب القول بانها عورة ولا يجوز الظهور منها سوي كفيها ويديها حتي تجبر الرجل علي احترامها ولو تخلت عن كامل ملابسها. انفتاح مجتمعك السعودي بات ضرورة بدلا من تصدير الانغلاق عبر كل هذه الفضاءات الدينية المتخلفة ومشايخ الامر بالظلم والنهي عن الكرامة والاهانة للرجال والنساء علي السواء. شكرا لكي وتحية لشجاعتك.


4 - الآلهة والعضلات
العقل زينة ( 2010 / 7 / 4 - 12:33 )
تطرقتي إلي نقاط ضعف الرجل الشرقي عامة حتي إن هاجر يظل علي نفس النظرة الأحادية للمرأة كوعاء لقضاء حاجة وغالبية مشاكل زواجهم من الأجنبيات سببه نقص المناعة الليبرالية .. يتظاهروا بقوة ليراليتهم ولكن في أول إختبار حقيقي يسقط المظهر وينكشف أصل المعدن ..أعتقد أننا لا زلنا نعيش في كنف الإله العضلات والذي دائما ما ينذرنا ويرهبنا ويتوعدنا كقبضايا إن لم نذعن لرغباته وأوامره ورغبات وأوامر حراس معابده ...ربما أمكننا الزمن معاصرة إله أنثي تعلمنا وترشدنا أن العقل والحب والمشاعر هم صلوات للخروج من حالة عبادة العضلة سيان كانت في :الجزء العلوي من جسم الإنسان... أو السفلي


5 - نحتاج عدّة أجيال
رعد الحافظ ( 2010 / 7 / 4 - 18:33 )
عزيزتي ياسمينة الكاتبة الصريحة والجريئة
أنتِ دائماً تأتين الى النقطة المطلوبة مباشرة وهذا رائع طبعاً
أوافقكِ بأنّ العلمانيين العرب والمسلمين لم يتحرروا من شرقيتهم وعاداتهم وتناقضاتهم التي توارثوها وتربوا عليها
وذلك شيء متوقع طبعاً , لطول مدّة تعرض مجتمعاتنا لهذا الفكر , فالقضية تراكمية كما أشار الأستاذ محمد البدري
سنحتاج عدّة أجيال قبل الوصول الى حالة مثالية , وفي الواقع لن نصل إليها مُطلقاً
لأن المثالية لاتعني عندي قبول الرجل بحرية تامة للمرأة التي تخصّهُ , فقيم الغيرة هي أشياء واقعية وإستقرت في نفوسنا جميعاً وليست سراب أو وهم خلقناه مؤخراً
الرجل / حتى العلماني وحتى الغربي , يغار على زوجتهِ وحبيبتهِ , لكن المفروض أن يكون الحلّ بالتوافق العقلي وليس بالقسر والإكراه
أمّا الرجل الذي يدعي العلمانية ويطلب بإسمها الحرية الجنسية لنفسه فهذا محض إستغلال للفكر العلماني وغالباً تجدين هذا النوع من الرجال قد أعلن العلمانية ليكسب ويصطاد مغانم خاصة , وفي الواقع هناك أسماء كبيرة تحضرني في هذا المجال لكن بالطبع لايحقّ لي ذكرها
تحياتي لجهدكِ التنويري أختي الصغيرة ياسمينة


6 - ولليبراليه تجار ايضا
إقبال حسين ( 2010 / 7 / 4 - 23:03 )
اتفق تماما معك ،وفعلا وكماذكر احد المعلقين هنالك ومن الاسماءالكبيره من يرفع شعار الليبراليه فقط لتحقيق اشياء شخصيه ،فكما للدين تجار ايضا للعلمانيه تجار،وهؤلاء يسيئون كثيرا لليبراليه،ولكن هذه معركتنا نحن النساء ،لذا علينا التحلي بالشجاعه والصبرمن اجل التغيير،ونتوقع الكثيرولانصدم عندما نكتشف ان كثير من الرجال الذي يتشدقون بمسأواة المرأة وحقوق المرأة وهم في الحقيقه لايختلفون كثيرا عن باقي الرجال التقليديين في نظرتهم الدونيه للمرأة.

اخر الافلام

.. القصة الكاملة لضبط عصابة تغتصب الاطفال في لبنان عن طريق «تيك


.. من بقايا جاءت من العراق.. الكشف عن وجه امرأة -نياندرتال- عمر




.. العربية ويكند | معايير السعادة لدى الشباب.. و تأثير وسائل ال


.. الصحفيات في غزة تحت النار في ظل سياسات القمع والتمييز




.. الصحفية غدير بدر