الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل أٌغتيل نصر حامد ابو زيد؟

زينب رشيد

2010 / 7 / 6
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


في البداية لابد لي أن أعزي كل عقلاء هذا العالم، وتحديدا العالم الاسلامي برحيل المفكر التنويري والباحث العقلاني الدكتور نصر حامد أبو زيد، الذي فارق الحياة يوم أمس في احدى المشافي المصرية، كما أعزي بالدرجة الأولى المرأة على مساحة ما يسمى بالعالم الاسلامي، حيث كان الراحل الكبير من أكبر المناصرين لقضية تحرر المرأة وانعتاقها، ولكن حتى يستوي كل شيئ في مكانه لا بد أن نفهم ماهي حكاية الفيروس الغريب الذي تحدث عنه الأطباء المصريين، وكذلك زوجة المفكر الراحل السيدة ابتهال يونس، والذي أصيب به الراحل الكبير أثناء زيارته لأندونيسيا.

شخصية مثل شخصية الدكتور المفكر أبو زيد، لا بد وأن يكون حذرا في تحركاته، لما يتهدده من أخطار جمَة على يد التيار التكفيري الظلامي، ولكنه ليس كذلك للأسف، وهذا يعني ان أيادٍ آثمة ربما تكون قد طالته أثناء زيارته لأندونيسيا ودست له نوعا خاصا من السم، أو ان هذه الأيادي تكون قد وجهت له نوعا من السموم الليزرية التي استعملتها العديد من الجهات الاستخباراتية، خصوصا في شرقنا التعيس وبقايا استخبارات المعسكر الشرقي لأغتيال معارضيها، أو من تضعه على لائحة الاغتيال لاعتبارات عدة.

كثير من الحالات التي اغتيلت بهكذا أنواع من السموم طويت ملفاتها، واعتبرت الوفاة طبيعية ولم يتوقف عندها أحد لان حالاتهم لم تثار بوسائل الاعلام بما يكفي للاهتمام بها، والتأكد من طبيعة الوفاة ونوع السم وهل هناك امكانية للعلاج أو اللقاح أو المصل المضاد، في حين ان حالات نادرة وقليلة تم اكتشافها نظرا لأهمية الشخصية أحيانا أو درجة الفضيحة التي قد تتورط بها الجهة الفاعلة.

الكثير منا يتذكر خالد مشعل حينما حاول اغتياله عملاء لجهاز الموساد الاسرائيلي في عمان، ولو لم يتمكن حراسه من التنبه لحالته والقبض على الفاعلين لكان دخل خالد مشعل المشفى وفارق الحياة فيها دون أن ينتبه أحدا، وربما قال الاطباء حينها انه أصيب بفيروس غريب، والكثير منا يتذكر أيضا قصة العميل الروسي الكسندر ليتفينينكو الذي اغتاله عملاء لجهاز الاستخبارات الروسي في لندن، وكان من الممكن أيضا أن يكون ضحية فيروس غامض أو غريب لو لم يتم اغتياله في لندن، حيث الامكانيات العلمية متوفرة لكشف هكذا حالات، واعتبار الحكومة البريطانية ان اغتياله هو تجاوز على السيادة البريطانية أدى فيما بعد الى تدهور كبير في العلاقات الروسية البريطانية.

مالذي ينقص الحركات الارهابية الاسلامية لكي لا تفعل بالمفكر نصر حامد ابو زيد مثلما فعل الروس بعميل لندن، ومثلما فعل الاسرائيليين بخالد مشعل، ومن المؤكد أن آخرين أيضا قد تم استهدافهم بذات الطريقة، بدون ان تثار قضاياهم على المستوى الدولي.

الأموال اللازمة لشراء أجهزة وسموم متوفرة وبكثرة عند تلك الحركات الارهابية التي تبتز أموال الناس باسم الله، والنية الاجرامية متوفرة دائما في عقولهم، بل أكثر من ذلك فان تربيتهم تقوم على أن من يقتل شخصا بوزن المفكر أبو زيد سيضمن دخول الجنة من أوسع أبوابها، وربما كان له قصر هناك ليس بعيدا عن قصر النبي وقصور صحابته، والفساد الذي مازال معششا في كثير من المؤسسات والشركات التي باستطاعتها انتاج هكذا أجهزة في دول المعسكر الشرقي السابق يساعد ويُمكِن الارهابيين من الحصول عليها وبسهولة.

نصر حامد ابو زيد بأسلوبه النقدي القوي للخطاب والنص الديني وجه ضربة في الصميم لمصالح القائمين على الحركات والمؤسسات الدينية، وهو ما أدى بهم الى تكفيره واعتباره مرتدا والتحالف مع القضاء الحكومي الفاسد في مصر للحكم بتفريقه عن زوجته السيدة ابتهال يونس.

من تسمح أخلاقه ودينه بتكفير الآخر وتفريقه عن زوجته أو زوجها، لن يتردد باغتيال نصر حامد أبو زيد، وفي الحساب الاخلاقي فان اغتيال شخص جسديا أخف وطأة من اغتياله معنويا عن طريق تكفيره والحكم بتفريقه عن زوجته.

بقي ان أقول ما بدأ يقوله أتباع الحركات الدينية من أن قصة الفيروس الغامض أو الغريب هو نوع من العقاب الالهي للمفكر أبو زيد على أفكاره، وهو مايجعلهم ينتقموا منه أمام الشعوب المسلمة، ويمكنهم من اعادة الاعتبار لهم واستمرارا لمصالحهم التي تضررت كثيرا بفعل قلم أقوى من رصاصهم وسمومهم، انه قلم الراحل الكبير، وفي كل الأحوال فان اسلوب الاسلاميين الوحيد لمواجهة فكر الآخرين وأقلامهم هو قتلهم وتكفيرهم وتفريقهم عن عائلاتهم بالتحالف مع قضاء فاسد حتى النخاع، و تشريدهم واحراق كتبهم والتاريخ الاسلامي يعج بحالات اغتيال الآخر وحرق كتبه وتشريده، بدءا من أوامر الاغتيالات التي صدرت في صدر الاسلام بحق أم قرفة وعصماء بنت مروان وكعب بن الأشرف مرورا بقتل الحلاج ومحيي الدين بن عربي وعزل شيخ الازهر علي عبد الرازق وتكفير طه حسين واغتيال فرج فودة، ومهدي عامل وحسين مروة، والقائمة طويلة جدا جدا ولن تتوقف الا بانتصار عقل أبو زيد النقدي ومن يتفق معه على بقايا الجهل والظلام.

انهم واذا كانوا قد فعلوها وقتلوا المفكر الكبير أبو زيد، فانهم لا يدرون ان رحيل هذا المفكر قد سلط دائرة الضوء على أعماله النقدية من جديد، مما يؤدي الى تحرير عقول الكثيرين من سلطة نصوصهم كما أراد لها الراحل، وهذا بحد ذاته كفيل بكشف وتعرية، وبالتالي التعجيل في انهيار ما تبقى من خرافتهم القائمة على التسليم والتجهيل واغلاق العقل، ومن لم يشأ فقد كفر وارتد ومن بدل دينه فاقتلوه.

سلاما لروحك نصر حامد أبو زيد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ربما
صلاح الجوهري ( 2010 / 7 / 6 - 08:25 )
من تحليلك المنطقي على ما يبدو أنه منطقي، فنية إغتياله جسديا ظهرت إلى العيان ربما من قبل تكفيرة وإغتياله معنويا ... ولا أستبعد مطلقا أن يكون الرجل أغتيل أثناء زياراته الأخيرة لإندونسيا ... لأن إندونيسيا من لا يعرف هذا البلد مصاب بداء إسلامي لا علاج منه وينتشر بين أوساط الشباب والفتيان الرغبة العارمة في إقامة دين الله على الأرض بالقوة وهم لا يتورعون لفعل أي شيء لتحقيق هذا الهدف ... فكثير من الصراعات الإسلامية بين الحكومة والمتطرفين كان المتهم الأصلي مجرد فتيان لا يقيمون وزنا لحياه الناس، أياديهم سريعة على الزيناد. ولعل الصراعات في الصومال تأخذ نفس الطابع بين المتمردين الإسلاميين الذين يدعمون المحاكم الشرعية وبين الحكومة كان البطل الحقيقي في صناعة هذه القلاقل هم الفتيان الممسكون السلاح ... لا أستبعد مطلقا ما ذهبت إليه من تحليل لعله الأول الذي أقرأه بخصوص هذا الموضوع ولعله التفسير المنطقي الوحيد لهذا الفيروس -الغريب-
وشكرا


2 - وداعا للعقل
السيد ( 2010 / 7 / 6 - 08:52 )
نعم سيدتى لقد رحل عقل منير ولكنه قد ترك ارث منير ملئ بالنور والعلم والحكمه والمعرفه نعم لقد زرع بيننا مئات الالوف من نصر حامد ولم ولن يستطيعوا خفافيش الظلام والجهل والتخلف والمرض العقلى بأن يمحوا ماترك لنا هذا المنبر المشع بالنور والمعرفه
استاذنا العظيم نصر حامد لاتقلق على فكرك وعلى اتباعك فنحن من فكرك قد اهتدينا وبعلمك قد تعلمنا وعلى طريق النور والعقل ثأرون وبقلمك نحن كاتبون وبلسانك ناطقون


3 - أفلا يدفعها التنويريون ؟
Zaher Zaman ( 2010 / 7 / 6 - 13:32 )
عزيزتى / زينب
الذين اعتنقوا الارهاب لديهم ميول انتحارية ويتم اختيارهم وفق معايير نفسية مدروسة بعناية من قبل متخصصين فى العلوم النفسية وذلك للقيام بعمليات يقولون عنها استشهادية يضحى فيها هؤلاء المغسولة عقولهم بحياتهم..فهل من الصعب عليهم أن يجندوا أحد هؤلاء لاغتيال الرجل العظيم بدس السم له خلسة ؟ عموماً هى حرب بين أهل التنوير كالراحل العظيم وأهل الاستبداد والتخريب والتدمير من عينة القرضاوى والزرقاوى والحمراوى وابن لادن..انها ضريبة الصراع التى لابد أن يدفعها التنويريون فى حربهم على التخلف والجمود والارهاب..ليكن عزاء التنويريين فى الراحل العظيم مزيداً من التنوير فى مواجهة جحافل الظلاميين والظالمين .
تحياتى


4 - اغتيال الشرفاء
عربي ( 2010 / 7 / 6 - 13:58 )
لاتستغربي وتوقعي كل شيئ قد يصدر عن امتنا ولا تستغربي أن ينبري شخص من هناك يقول هل رأيتم عقاب الاله به لأنه انتقد أو كان ضد


5 - سيبقى العظيم نصر حامد ابو زيد بيننا ومعنا
سالم النجار ( 2010 / 7 / 6 - 14:25 )
يسعد مساك
وانا لا استبعد ان تكون قوى الظلام قد نفذت تلك الجريمة البشعة, فهي لا تهوى لغة النقاش والحوار كما تهوى لغة التكفير والقتل, ستبقى افكار وكتابات العظيم نصر حامد ابو زيد المنارة التي نهتدي بها. ا


6 - نصر حامد سيظل حيا
حميد الحريزي ( 2010 / 7 / 6 - 15:35 )
ليس هناك من رادع لا بل هناك اكثر من دافع يدفع ايادي الشر والظلام لسلب الحياة البلوجيه من المفكر الكبير نصرحامد ابوزيد، ولكننا نقول في الوقت الذي اوقفوا قلمه من الحركة فقد فتحت صفحات كتبه ودراساته في كل مكان لتقض مضاجع كل قوى التخلف والجريمة والتضليل ، ستظل كتبه واراءه مصابيح تنير العقول وتطارد الشعوذة والدجل.


7 - ضرورة كشف المستور
غازي ( 2010 / 7 / 6 - 19:43 )
كل الذي جاء بالمقال وارد وواضح . وحتى نكتشف الحقيقه لابد أن نشك بموت المفكر كما يردد ديكارت . والبدايه ممكن أن تكون من البلد الأوربي الذي أجرى الكشف الطبي الأول أو إعادت التشريح ، والوصول الى الأيادي الأثيمة والمجرمه والتي إرتكبت مثل هذا الإغتيال ، ومعرفة الجهات التي خططت ونفذت ولماذا ؟ مثل هذه المهمه هي من واجب الجهات الثقافية العامله في بلداننا العربية والإسلامية وكل المثقفين . لإن الفقيد خساره لكل الثقافة العالميه . وشكراً


8 - الراحل /أبو زيد
رعد الحافظ ( 2010 / 7 / 7 - 01:37 )
مع أنّي غالباً لا أميل الى نظرية المؤامرة , لكن أوّل هاجس خطر ببالي لحظة سماعي خبر وفاة الأستاذ / أبو زيد , هو أنّ القوم دبروا له ذلك
تحليل السيدة الكاتبة منطقي ومعقول الى حدٍ بعيد , خصوصاً أنّ القوم يعتبرون الإغتيال بهذهِ الطريقة هو إنتصار لدين الله
لكن الغريب في الأمر أن موضوع ماجستير ودكتوراه المرحوم كانت في الدراسات الإسلامية
وهذا يعني شيء واحد , هو أنّ القوم لايرضون بأيّ دراسة تقود الى إستنتاج يُخالف سيطرة وهيمنة المشايخ على عقول العوام من خلال خرافاتهم وغيبياتهم
والأغرب من هذا كلّه , يأتيك زغلول النجار ليقول لاتناقض بين الدين والعلم
***
على كلٍ .. اليوم يعرف غالبية الناس نصر حامد أبو زيد وفكرهِ , لكن القليل منهم فقط سمع عن عبد الصبور شاهين ومحمد بلتاجي واحمد هيكل الذين كفروه وحاكموه وفرقوه عن زوجته بقرار هو الأغرب على الأطلاق
شكراً للكاتبة والتعازي الحارة لذويه ومحبيه


9 - مات الرجل الشجاع
مسلم ( 2010 / 7 / 7 - 05:58 )
مات الرجل الشجاع الذي وقف امام كل الناس وتحدىالاسلام وتحدى الله وها هو هذ الشجاع قد ذهب الى الله فهل سيظل على شجاعته وصموده هل يستطيع ؟

اخر الافلام

.. لمحات من نضالات الطبقة العاملة مع امين عام اتحاد نقابات العم


.. كلمات ادريس الراضي وخديجة الهلالي وعبد الإله بن عبد السلام.




.. الشرطة الأمريكية تعتدي على متظاهرين داعمين لغزة أمام متحف جا


.. الشرطة الأميركية تواجه المتظاهرين بدراجات هوائية




.. الشرطة الأميركية تعتقل متظاهرين مؤيدين لفلسطين وتفكك مخيما ت