الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل ألشيطان معضلة أم حل؟

كامل علي

2010 / 7 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هل أنّ وجود أبليس حقيقة؟ وهل أنّ وجود ألشياطين والجن حقيقة لا مراء فيها وكيف واين يعيشون؟ عشرات من الاسئلة خطرت وتخطر على بال الكثيرين.
في كتابه الرائع ( الشخصية المحمدية او حل اللغز المقدّس ) كتب الشاعر العراقي معروف الرصافي وفي فصل( محمّد والجن في نخلة )* ما يلي:
(( كان الناس من قديم الزمان يعتقدون بوجود ارواح غير مرئية، منها طيبة ويستنجدونها ويرجون خيرها، ومنها خبيثة يخافونها ويتقون شرّها. وكذلك العرب كانوا في جاهليتهم يعتقدون بوجود هذه الارواح، ويسمّون الطيبة بالملائكة، ويسمّون الخبيثة منها بالجن والشياطين، وعقيدتهم هذه مشهورة لا تحتاج الى اقامة الدلائل ولا الى ايراد الشواهد، والقرآن اصدق شاهد بها، وقد تفرّع من اعتقادهم بالكهانة، فكان لهم كهّان، وكان الكاهن يخبرهم بالمغيّبات، وكانوا يعتقدون أنّ لكل كاهن تابعا من الجن ياتيه بالخبر من السماء.
فلمّا قام محمّد بدعوتهم الى الاسلام، وهو يريد ان يجمعهم على كلمة واحدة، وينهض بهم نهضة عالميّة كبرى، رأى من اللازم الضروري لنجاح الدعوة ان يبطل الكهانة، ويجعل خبر السماء مقصورا على الوحي الذي ياتيه به جبريل، لكيلا تقبل العرب إلّا منه ولا تسمع آلّا له.
ولاجل إبطال الكهانة اغلق محمّد ابواب السماء في وجوه الشياطين وملأها حرسا شديدا من الملائكة، وجعل هذه الشهب المتساقطة في الجو رجوما للشياطين تردّهم عن استراق السمع، واخذ الاخبار السماويّة كما هو مذكور في القرآن. )). انتهى.
بأعتقادي أنّ حكاية أبليس وعصيانه لله هي رمز للشرور الموجودة في النفس الانسانية، فحكاية ابليس ورفضه السجود لآدم وطلبه من الله امهاله الى يوم القيامة بعد القسم بعزة الله لكي يغوي البشر وقبول الله هذا الطلب الغريب بتعيين ابليس للقيام بهذه الوظيفة ليست سوى حل لدرء التهمة عن الله بانّه هو الذي خلق الشر وزرعه في نفوسنا، لانّ الانسان سيتسائل: إذا كان الله هو الذي خلق الشر في نفوسنا فلم يحاسبنا ويعاقبنا على ذنوبنا؟
إنّ اعجب ما في قصّة ابليس وآدم هو تمرّد ابليس على الله، إنّ هذا التمرّد هو اغرب حكاية جالت في عقل انسان واحسن مثل لما جال ويجول في الفكر الانساني من تصوير المحال.
هل يعقل عاقل أنّ الله يمهل الّذي يتمرد عليه الى يوم القيامة ولا يفنيه والادهى من ذلك يعينه في وظيفة اغواء خليفته في الارض والّذي نفخ فيه من روحه؟
لتكون الحكاية محبوكة بصورة تامّة ظهرت حاجة الى كبش فداء، وكبش الفداء في هذه الحكاية هو الشيطان او ابليس، فوجود الشيطان في العقيدة الدينية ما هو إلّا لدرء التهمة عن الله بانّه خالق الشر في نفوس البشر.
لنفترض أنّ الشيطان غير موجود في العقيدة الدينية، فماذا سيحدث؟
كل البشر سيكونون اسوياء ومؤمنين وصالحين وسينتفي الحاجة الى وجود جهنّم وسعيرها وعذابها في يوم القيامة والى الجنّة بحورياتها وخمرها ولبنها وعسلها.
هنا قد يرد تساؤل: ما معنى الشيطان في عقل محمّد؟ الجواب سنجده في هذا الحديث المنقول عنه، يقول محمّد في حديث: ((لا تشربوا من ثلمة الاناء فانّها مركب الشيطان)).
وقد وافقه على هذا القول علماء الصحّة في هذا العصر حيث اوصوا في كتبهم بترك استعمال الاناء المكسور او المثلوم لانّ موضع الكسر او الثلمة منه يكون عشّا للجراثيم المضرّة. واللبيب من الاشارة يفهم. وخلاصة القول هو أنّ الحكاية كلّها رموز وتصوير وتمثيل، فلا ادم سجد، ولا شيطان رفض السجود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شئ غريب
السيد ( 2010 / 7 / 7 - 09:02 )
تحيه لك استاذى كامل
فعلا كلامك يلامس الحقيقه ويكشفها واليك باقى القصه فكيف الشيطان يتحدى الخالق الذى لايعصى له امر من الملائكه وهذا كان وجها لوجه وامام جميع الملائكه اين هبة الخالق
بل يتحدى ويقول لأغوينهم اجمعيا يعنى هابوظ كل خططك ولهذه اللحظه لم يكن الله قد خلق حواء وقال انظرنى الى يوم يبعثون فكيف عرف ان ادم سيخلق له أمرأة وسيتزوجها وينجب منها اولاد وسيتكاثرون ويبقوا امم والمهم ادام واقف لاحول ولا قوه وليس له ذنب فى هذه المنافسه بين الخالق وكبير الملائكه فما دخل ادم فى الموضوع
سؤال استاذى هل كان ابليس او الشيطان من الملائكه ام من الجن لان فى هذه الايه فى سورة الحجر وسورة الاعراف الله بيكلم الملائكه وسجدوا جميعا الا ابليس واذا قال للملائكه اسجدوا فسجدوا الا ابليس يعنى ابليس من الملائكه وهم لا يعصون لله امرا فكيف ذلك ومن بعد فى سورة الجن قال ان ابليس كان من الجن فأيهما اصح
كلام مش محبوك وكله عبط
تحياتى لك استاذى كامل


2 - انها ضرورة
محمد البدري ( 2010 / 7 / 7 - 09:05 )
كان ادخال الشيطان او اختراعه ضرورة للعقل البشري الذي اخترع قبلها فكرة الله الواحد الاحد والفاعل لكل شئ. فمع اكتشاف ان الامور في الحياة لا تجري كلها لصالح الجماعة التي تعيش في كنف ذلك الاله وتحت رعايته وبتدخله الدائم حيث تجري انكسارات وهزائم بل ومعارك ومشاكل داخل الجماعة لا يمكن شرحها في ظل الرعاية الالهية ذاتها فان اضافة شخوص جديدة يحال اليها هذا المسمي سيئا او ضررا او شرا كان ضرورة حتي تستوي الصورة البانورامية وتصبح عقلانية علي الورق ومن خلال النص وتتطابق مع ما يحدث امام البشر والرعية في الواقع. فالرعية تؤمن بالغيب بوجود اله خير ورحيم فلماذا لا تؤمن ايضا بوجود اله للشر لاستعدال صورة العالم الرباني المشوهه.


3 - عبثا
ميشيل بكر ( 2010 / 7 / 7 - 10:54 )
عبثا تلعبون وعبثا تكنبون وبنار افكاركم اكتويتم


4 - إجابات
كامل علي ( 2010 / 7 / 7 - 11:05 )
عزيزي ألسيّد
تساؤلك منطقي وورد إلى ذهن ألكثيرين وهو واحد من ألتناقضات ألعديدة في ألقرآن
لحل هذا ألإشكال قال بعض ألمؤّلين أنَِّ ألشيطان من ألجن ولكنه أندّس بين ألملائكة وهنا ألعذر أقبح من ألذنب كما يُقال في ألمثل ولإكتشاف حقيقة ألأديان يتوجب ألتعمّق في ألتفاصيل فألشيطان يكمن في ألتفاصيل كما يُقال وشكرا للأضافة
عزيزي محمّد ألبدري
اؤيدك في كلِّ ما جاء في أضافتك وشكرا


5 - وهل يعقل
خيري يوسف ( 2010 / 7 / 7 - 13:39 )
السيد كامل
وهل يعقل ان يتمرد ابليس وهو من الملائكة ويعصى اوامر ربه وهو لا عقل له وان وجوده للخدمة وان الله قد خلقه فقط لكي ينفذ الاوامر بدون ان يفتح فمه هذا اذا كان لديه فم, واذا كان قد حصل على جزء من العقل بطريقة ما فانه لديه كل الحق في تمرده لانه عرف الموقف المحرج الذي وقع فيه ذلك الاله بامره هذا ومدى غلطته...وشكرا


6 - تحياتي للكاتب
رعد الحافظ ( 2010 / 7 / 8 - 20:57 )
أنّ الحكاية كلّها رموز وتصوير وتمثيل، فلا آدم سجد، ولا شيطان رفض السجود
والتكملة لهذا السطر عزيزي الكاتب , سيكون التالي
لعبت هاشم بالملك فلا *** ملَكٌ جاءَ ولا وحيٌ نزل
ويُقال هذا البيت / ليزيد بن معاوية بعد قتلهِ للحسين .. ماعلينا
***
من الملاحظات العامة , أنّ لكل شيء وقت وأوان يصعد فيه ثم يخبو نجمه ويأفل
وعندنا في العراق , يصبح ذلك الشيء تهمة بعد حين وحسب الحاكم بأمرهِ
ففي عهد صدام كان الناس إذا كرهوا أحداً يقولون له إذهب فأنتَ شيوعي أو أنتَ من حزب الدعوة
أغلب الظن سيأتي زمان يقول الناس فيه للساذج أو الجاهل / إذهب فأنتَ غيبي تؤمن بالخرافات , وفعلاً من يؤمن بألاعيب إبليس وأولاده مع آدم الطويل / 60 ذراع وأحفادهِ
يحتاج الى مراجعة نفسهِ ولو قليلاً


7 - خرافة
ناهد ( 2010 / 7 / 8 - 22:40 )
كما هو الاله خرافة ووهم كذلك هو الشيطان وانما كان اجابة او محاولة للخروج باحتيال من بعض المواقف والمآزق التي استعصت على العقل في الفهم في حينه .
تحياتي للكاتب ومقال مميز فعلا
سلام

اخر الافلام

.. ندوة توعية للمزارعين ضمن مبادرة إزرع للهيئه القبطية الإنجيلي


.. د. حامد عبد الصمد: المؤسسات الدينية تخاف من الأسئلة والهرطقا




.. يهود متشددون يهاجمون سيارة وزير إسرائيلي خلال مظاهرة ضد التج


.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان




.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل