الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ولاية المتغلب : حكم فقهي لا يرضي الله عنه

محمود طرشوبي

2010 / 7 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من أمد بعيد و اشعر إننا مصابون من داخلنا بالهزيمة النفسية , و أن مواريثنا الفكرية لا تنبع من ديننا بل من تعاليم دخيلة علي هذا الدين ,, حقاً إنه منذ الهجمة العسكرية علي بلاد المسلمين و الدين في كل محالات الحياة في تقهقر , بدء من النظم السياسية مروراً بالتجارة و الفنون و العلوم الإنسانية و الآداب , و لكن يظل الين هو المكون الأساسي للفرد خاصة العربي و المسلم منه و لقد رأيت ملحدين كثير عندما تمر به الأيام و يقترب من حافة الموت يتذكر الموت و البعث و الحساب , و لكنه يظل محافظاً علي إلحاده ظاهريا حتى لا يقول الناس انه حدثت له ردة فكرية في نهاية حياته .
إن القضايا الكثير المعاصرة التي تحتاج إلي نظر عميق و اجتهاد جديد كثيرة و متشعبة إلا إننا يمكن أن نشير إلي أن أهم هذه القضايا , إذا لا يمكن أن بناء نهضتنا دون البت فيها بصورة أو بآخري , و من هذه القضايا مسألة ولاية المتغلب أو المتسلط , و المقصود بها هو أن يقوم حاكم و يستولي علي الحكم بالقوة , ثم يطلب من الناس أن يبايعوه , أو تكون البيعة و الاختيار بالإكراه و حتى لو بويع لا يصبح حاكما شرعيا للمسلمين , لان البيعة عقد مراضاة و اختيار , و هو ما يشبه الحاكم الذي يأتـي عبر انقلاب عسكري أو أن يأتي عبر انتخابات مزورة أو يتسلط علي الناس بإجبارهم علي انتخابه باعتبارهم موظفون في الدولة و هو الحاكم الحالي , فكل الاشكال التي تصب في النهاية الي ولاية حاكم بدون بيعة شرعية من الناس ليس إجبار أو إكراه او استخدام للقوة فهي ولاية غير شرعية و هو حكم ليس عليه أي دليل من كتاب أو سنه . و كان سبب انتشار هذا الحكم هو الاستسلام للواقع الكئيب الذي سيطر علي فقهنا عدة قرون , فرضي باغتصاب السلطة , و أعطي الحكام المتغلبين صفة شرعية ! ورضي بانحرافات ثقافية و اجتماعية أخري .
و يخيل إلي إن انهزام دولة الخلافة الراشدة , ثم انهزام القوي المعارضة كلها في عصور و أمصار شتي ترك في النفوس عقدة لا تحل .
بيد أن الله لا يرضي أن تهمل هداياته علي هذا النحو ثم يترك المفرطون دون عقاب . و نحن مسلمي العصر الحديث , نذوق ثمار تفريط قديم , و لكننا ورثنا نظرية ً الوحي الإلهي مصوناً , كما ورثنا رغبات عميقة في العودة إلي الحق .
و أري و نحن نبني مستقبلا ً جديداً لديننا و دنيانا , أن نعيد النظر في ما ورثناه من عقود مضت في أحكام فقهية لم تستند إلي نص من كتاب أو سنة , و لا يجب أن نعظم هذا القول أو الرأي لأن فلان من العلماء المسلمين قد أفتي به . فان الحق حجة لنا و علينا , و ليس قول أو فثوي لا نعلم مصدرها غير الرضا باغتصاب قيادة الأمة من شخصيات غير مؤهلة لقيادة حارة في شوارع القاهرة .
و لقد فزعت عندما رأيت فقهاء و علماء السلطة في تاريخنا المعاصر تتبني حكم ولاية المتغلب لفرض حكام علي الأمة أتوا عبر انتخابات مزورة أو لأنهم من نسل بيوت لا يوجد ما يميزها من الشرف أو المروءة .
إن نحن شباب هذا الجيل المعاصر نعاني من فتنة مزدوجة فنحن ننظر إلي الممارسة السياسية للجيل الأول في صدر الإسلام , و رجلا قام إلي عمر ليقاوم اعوجاج عمر بالسيف , و حرية سياسية تمارس في الغرب الغير الإسلامي في مصدر تشريعاته , و بين خطباء و علماء محسوبين علي الإسلام يعرضون عليه أفكار مستبدة باسم الإسلام و يطلبون منا أن نستسلم إليها لأنها من عند الله و هم كذبه .
إن الإسلام في عصره الأول يقول بالشورى و البيعة و علماء هذا الزمان يقولون لا يجوز الخروج علي الحكام بدعوي إنه متغلبون , و هذا لا يوجد عليه دليل إلا سيطرة الأنظمة علي عقول و مقدرات الشعوب في العالم الإسلامي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - القفز فوق حفرة لا ينفي وجود الحفرة
شيرزاد همزاني ( 2010 / 7 / 10 - 11:02 )
تحياتي أخي العزيز كاتب المقال .. يبدوا أنكم لم تقرؤا التاريخ الاسلامي أو قرأتم ما تتمنون لو كان وليس ما كان حقيقةً. ألأسلام ليس فيه نظام حكم وليس فيه ما يقنن الدولة وتركيبها وهيئاتها . لذلك فأن المتغلب والقابض على السلطة كان ينادى وليا لامر المسلمين . أما دولة ما تسميها بالخلافة الراشدة فأرجوا أن تفكر بكيفية توسع هذه الدولة... ملاحظة فكر بها واقعيا دون اللجوء الى الخيال .. مع تقديري لكم


2 - الخلاص من الاستبداد يحتاج الى شغل كثير
سعيد عثمان جابر ( 2010 / 7 / 11 - 02:51 )
مامن شك ان الاسلام الصحيح قد جرى الاستيلاء عليه وتدجينه عن طريق الاستبداد وعن طريق مما يسمون وعاظ السلاطين ، وفي فترة تاريخية سابقة استبد المستبدون وراحوا يقتلون الناس بدون تحفظ حتى كاد الناس ان يفنون وفيهم فضلاء وحكماء وعلماء ومن هنا كان المدخل الى تسويغ القبول بـ حكم المتغلب من اجل الحفاظ على الذات وعلى مصالح الناس وعلى امل ان يخرج من اصلاب هؤلاء المستبدين من يكون به لمسة من صلاح تصلح به الاحوال على اننا يجب ان لا يستغرقنا التاريخ كثيرا ويجب العمل وفق الاليات المتاحة حاليا
من اجل مقاومة الاستبداد بالطرق السلمية كالاعتصامات والاضرابات ومراكمة الجهود سنة بعد اخرى لان ازالة الاستبداد تحتاج الى شغل كثير وتضحيات
من اجل نظام حكم صالح ورشيد مرضي عليه من الامة

اخر الافلام

.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية


.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟




.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي




.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ