الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العِلموية والإسلام (2)

وليد مهدي

2010 / 7 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هل العلمانيـــة هي الحل ؟

ربما يكون من الإجحاف التنكر لفضل الحضارة الغربية على البشرية ، لكن ايضاً يكون ُ من فادح الخطأ اعتبارها آخر حضاراتنا ..!

فالتاريخ هو تاريخ حضارات ، والحضارة الغربية مليئة بالعيوب التكوينية في هيكلها الاقتصادي والثقافي ..
فمن ناحية الاقتصاد , كشفت ازمة المال عن راسمال ملغم قابل للإنفجار في اي زمان ومكان من عالم الراسمالية ، وسياسة براكماتية متلونة متقلبة لاهثة وراء راس المال ..

ولعل العلمانية هي اهم غطاء تستتر به الفلسفة السياسية الغربية ..

العلمانية كمنتج ثقافي أوروبي معاصر ليست بالعقيدة كما يتصور اغلب المثقفين في فضائنا الافتراضي العربي ( الإنترنت ) ، ما هي إلا مفهوم هجين يعبر عن التحرر من القيود الدينية والإيديولوجية إلى درجة الترادف مع مصطلح " الليبرالية " ( التحررية ) فيتمظهر في يافطة عريضة بتعريف ٍ كلاسيكي مبسط : فصل الدين عن الدولة ، بينما يخفي تحت طي تعريفه الاستهلاكي هذا لا قيمية الرأسمالية الغربية ، فالأخيرة غنية تحرك الاقتصاد العالمي برمته ، لأنها تمسك مقاليد اقتصاد الكون عبر الورقة الخضراء ( الدولار ) والسيطرة على جل مصادر البترول العالمي والذهب ، أي هي تمسك بكل شيء مادي في العالم ..

لكنها رغم ذلك أكثر من مفلسة في رصيدها القيمي الأخلاقي ، بل هي اليوم " مدينة ٌ " للإنسانية بجرائم ارتكبتها في طريق تنافسها المحموم وربحيتها الفاحشة لبناء الحضارة في الغرب والشمال على حساب امتصاص دماء الكادحين وثرواتهم الطبيعية في الشرق والجنوب .

إن الدائنية الكبيرة للرأسمالية المروجة للعلمانية في العالم الإسلامي هذه الأيام بالنسبة إلى الحيز القيمي الأخلاقي للفكر البشري على مر التاريخ يجعل منها احد أهم أسباب تخلف و تأخر الجزء الأكبر من سكان هذا الكوكب ، فأوروبا والولايات المتحدة وكندا مدينة للإنسانية بامتصاص دماء وعرق الفقراء والذي لا يمكنه معادلة ما وهبته أوروبا في نهضتها من تكنولوجيا ومنتجات حديثة التقنية لما تسميه العالم الثالث ، إذ يعتقد الغرب كوعي جمعي كلي بأنه نال مكان السيادة في التاريخ عن جدارة واستحقاق لما يمتاز به من تفوق في تجذرٍ واضح من الوعي الجمعي الإسرائيلي .

لهذا السبب , نطرح العـِـلموية Scientismفي هذه السلسلة كبديل ٍ حيوي لزيف اصطلاح " العلمانية " الذي تتمترس به الرأسمالية سواء لدى اليساريين أو المحافظين من قوميين وليبراليين في أوربا والعالم الإسلامي .

العـِـلموية هي عقيدة العلم الطبيعي والإنساني التي تتبنى طرح رؤية جديدة للدين من جوانب متعددة طبيعية و تأريخية إنسانوية انثروبولوجية ، فهي تدرس الإنسان بكل أبعاده الفردية و الإجتماعية والتاريخية ضمن إطار وجوده القيمي المجتمعي والطبيعي البيولوجي الفردي .

فبدلا ً من أن تتبنى موقف الرأسمالية اللاقيمي من الدين بمحاولة تفكيكه وسحقه بصورة مطلقة لتحقيق غاياتها الهستيرية المستترة ، تعمد العـِـلموية إلى تبني إعادة دراسة الدين وتعريفه من جانبه الخفي الآخر الذي تعمدت وتتعمد العلمانية – الرأسمالية السياسية الإعلامية و غير الأكاديمية ألا وهو :

البعد السيكولوجي – العصبي و الإنثروبولوجي للاعتقاد

العـِـلموية تؤكد بأن كل البشر بحاجة ٍ للاعتقاد ، بصرف النظر عن كون هذا الاعتقاد دينيا ً أو سياسياً ، وكل العقائد بصرف النظر أيضا عن تراجعيتها أو اسطوريتها إنما هي انعكاس للذات الجمعي الكلي الإنساني ..

فالدين والمعتقد بصورة عامة ووفق ما سنحلله بموضوعية علمية في سلسلتنا هذه وفي جانبه المخفي هو تعبير عن هوية اجتماعية كلية أسهمت المتغيرات البيئية التاريخية في تشكلها بغض النظر عما إذا كان المصدر ميتافيزيقيا ً أم لا ، وبالتالي سندرس في هذه السلسلة الدين ابتداءاً في بعده الانثروبولوجي كإطار عام قيمي محدد للسلوك الفردي والمجتمعي ما يجعلنا قريبين أكثر من فهم الأسباب التي تقف وراء تخلف العالم الإسلامي المحافظ على قيمه و موروثة
فيما نجد المجتمع الصيني و الياباني مجتمعات متقدة وسائرة في طريق التقدم مع إنها محافظة على موروثها وقيمها الإجتماعية ..!

إن العـِـلموية ستدرس : لماذا يتراجع العالم الإسلامي ؟

وكيف يمكن للدين أن يكون إيجابياً في تبني مسار ومنهج يرتقي بالأمة ِ المسلمة إلى مصاف أمم ٍ محافظة ٍ مثل الصين واليابان ؟؟

هذا هو ما تبحثه وتدعو إليه العـِـلموية من منطلق إعادة إنتاج تعريف ٍ علمي جديد للدين كهوية ومكون ثقافي اجتماعي بصرف النظر عما إذا كان هذا الدين مصدره الله الخالق أم الإنسان ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -روح الروح- يهتم بإطعام القطط رغم النزوح والجوع


.. بالأرقام: عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان بعد اغتيال الاح




.. عبد الجليل الشرنوبي: كلما ارتقيت درجة في سلم الإخوان، اكتشفت


.. 81-Ali-Imran




.. 82-Ali-Imran