الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مولانا أخطبوطي بركاتك

عبدالجليل الكناني

2010 / 7 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أثارت توقعات الإخطبوط العراف بول دهشة العالم واحتل بول الصغير واجهات الصحف ولغط الأدباء والعلماء ورجال الدين وعامة الناس منا . ويبدو أن بركات بول تحققت بالكامل في اكبر محفل إعلامي رياضي يتابعه الجميع على سطح كرتنا الأرضية . مما جعله في الواجهة وتحت أنظار الملايين . ولعل قضية بول في الواقع هي قضية الإنسان ذاته على مر العصور . وقد أكدت الميل الغريزي ، للبشر عامة ، للاعتماد على القوى الغيبية للتخفيف من وطأة الضياع واحتواء المجهول . وسواء كان من وراء نبوءات بول عقل مدبر أو أنها خيارات ثنائية أصابت بمحض الصدفة فان تدوالها بهذا الاهتمام إنما نابع من رغبة البشر أنفسهم في أن يلقوا عن كاهلهم صعوبة أو حتى استحالة التنبؤ بالنتائج مقدما . ولو لم يكن الإخطبوط الألماني بول لكان الببغاء السنغافوري ماني الذي فشل في التوقع الأخير او السمكة الذهبية الدانيماركية كيلبيرت التي توقعت صعود هولندا وأسبانيا وفوز أسبانيا ولو لم يكن أي من تلك لكان غيرها والأمر أشبه ببطاقة الحظ التي لابد ان يحملها شخص ما . وما كان من هذه الحيوانات الغبية سوى التوجه غريزيا لتناول غذائها من احد الصناديق دون علم بما يجري حولها من ضجة مثلها مثل شجرة السدر التي تسمى بالعلوية والتي يباركها البعض ويطلب منها ألاماني ويخصها بالنذور . ومع أن لبول أو ماني أو كيلبرت فوائد عملية بزيادة عمليات الرهان على الفرق . فان ميل الإنسان للاعتقاد بالقوى الخارقة التي تجنبه مصاعب التفكير بالمجاهيل المستحيلة أو شبه المستحيلة أو العواقب غير المأمونة يجعل منها وجهة أو ملاذا للإحساس بالطمأنينة حين اتخاذ القرار أو بالأمان حين تشتد المصاعب المستحيلة كمثل الآلهة القديمة والطواطم والتعاويذ . أو كمثل من يحتار في أمره ف( يذبها براس عالم ويطلع منها سالم ) وان كان هذا العالم في واقعه (لا يهش ولا ينش) ولعله يلجأ أخيرا إلى مسبحته ويطلب قرارها . او قد يكون من المستفيدين من الميل الغريزي هذا للناس ولا أقول غباءهم إنما في الغالب جهلهم بالأمور وحيرتهم وخصوصا في الأمور المصيرية كاختيار القائد الذي يتسلم دفة أقدارهم المستقبلية ، وحيث لا تكون ثمة ثوابت حقيقية وعلمية واقعية للاختيار أو تجربة مسبقة يلجأ المواطن إلى ثوابت فطرية وايحاءات واعتقادات هي الأرسخ والأكثر ثباتا وأمانا ، كما يرى ، يغذيها ارث تاريخي من الغريزة والممارسة . أن الحاجة لمثل تلك الملاذات إنما بدواعي طفولية المجتمعات فكلما كان وعيها وإدراكها ضئيلا كان شعورها الطفولي أكثر رسوخا لتبحث عن راع أبوي فكما يرى الطفل في أبويه قدرات لا متناهية من القوة والأمان فان الفرد حين عبوره سن الطفولة بيولوجيا يكتشف ضعف والديه ليبحث عن أب بديل أكثر قوة . وإنما الأكثر قوة وأمانا من يكون ذي قدرات فائقة تمنحه الدعم والتواصل في عالم المجاهيل التي تهدد وجوده. ومن المؤكد أن لاشيء أكثر قوة من الإله المطلق الذي يقول للشيء كن فيكون وهو الأحق بالطاعة والعبادة وهو الملاذ والملتجأ وذلك ما تتفق عليه كل الأديان فهو الحاجة المثلى البالغة الكمال إلا أن إدراك المطلق بكل تفاصيله ومديات قدراته وامكانات التواصل معه بشكل ملموس أمر يصعب على فكر محدود ضيق ، نسبة إلى المطلق اللانهائي ، لقصور ما يمتلك ذلك الفرد من خبرة وخيال تحده التجربة والوعي والثقافة العلمية ولضعف وهشاشة جسده الذي تؤطره الأخطار من كل صوب ، ومن هنا تنبثق الحاجة إلى الوسيط الملموس والذي يمكن للفرد التعامل معه والوصول إليه بشكل مباشر ومن هنا قال الجاهليون عن أوثانهم إنما نعبدها زلفى ( أي تقربا ) إلى الله ، ومن هنا ، أيضا ، يلجأ الفرد إلى طقوس ملموسة كالتقرب من الأولياء أو الطواطم رمز الأبوية أو المقدسات التي تتجسد بصورة كائن حي أو جماد كالشمس منبع النور والقمر قاهر ظلام الليل وكلها يمكنها أن تقترب من الله كرسل وتشفع عنده أو لعلها تمتلك ، بما انزل الله بها من روح خفية ، بعضا من قدرات الخالق وبركاته كالتنبؤ والهداية وتحقيق الغايات الدنيوية . ولعل الإخطبوط بول ، أو غيره ، هو الطوطم النائم في ضمير الناس والمجسد للميل الغريزي لكل البشر باختلاف مواردهم وتجاربهم وأصولهم لتوكيل المهام التي يعجزون عنها إلى قوى غيبية بقدرات إلهية تعفيهم من عناء بلا طائل وجهد لا يقدرون على حصد نتائجه وبنفس مبدأ السلامة ( ذبها براس عالم ... )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ألقدرات المتناهية للاب وقارنته بألإله
كامل علي ( 2010 / 7 / 12 - 13:29 )
تحية عطرة
فكما يرى الطفل في أبويه قدرات لا متناهية من القوة والأمان فان الفرد حين عبوره سن الطفولة بيولوجيا يكتشف ضعف والديه ليبحث عن أب بديل أكثر قوة
تعليقا على عبارة الكاتب اود ان اذكر حادثة حقيقية
سألني ابني الصغير السؤال التالي في احد الايام
اذا تصارعت مع الشيطان يا ابي فمن سيغلب؟
فأجبته بأنّي لم اتصارع مع ألشيطان لحد ألآن لهذا لا املك ألأجابة على سؤالك أليوم تمنياتي للجميع بالسعادة ومزيد من ألشهرة للاخطبوط بول .


2 - رجاء
عادل السيد ( 2010 / 7 / 12 - 19:22 )
نداء الى رجال الدين
ارجو منكم بأن تسرعوا وان تعلنوا بأن هذا الاخطبوط هو من اولياء الله الصالحين وان تدعوا حكومة المانيا بأن تسلم هذا الاخطبوط الى اهله اهل الذكر لكي يكرموه فى حياته وفى مماته يقام له ضريح ويتم زيارة ضريحه طالبين الرحمه والرزق والشفاء وبالذريه الحسنه
لأن هنا فى هذه الارض سوف يكرم لأننا نعرف كرامات هذا الاخطبوط
ولأننا نملك الألاف من نفس النوع

اخر الافلام

.. 121-Al-Baqarah


.. 124-Al-Baqarah




.. 126-Al-Baqarah


.. 129-Al-Baqarah




.. 131-Al-Baqarah