الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أي الحدود أهم؟ حدود الوطن أم حدود الله؟

نارت اسماعيل

2010 / 7 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هل عند الإنسان المتديّن وطن؟ أقصد الشخص المتديّن المنظّم والنشيط والذي يدعو لإقامة مملكة الله على الأرض، وليس الإنسان البسيط الساذج والذي انساق مع التيار بدون وعي
كلنا نذكر الكلمات التي تفوه بها مهدي عاكف المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين في مصر والذي قال ( إني أفضّل مسلمآ اندونيسيآ على مسيحي مصري) وقال أيضآ (طزّ في مصر وأبو مصر ويللي في مصر) والغريب أن أحدآ لم يحاسبه على طزّته تلك.
إذا شاءت الظروف وتسنى لأحدنا الدخول إلى أحد العوالم الخاصة بالمتدينين مثل عالم الاخوان المسلمين، أو عالم القبيسيات أو أية جماعة إسلامية أخرى وعاش معهم عدة أشهر، يا ترى كم مرة سيسمع في أحاديثهم كلمات مثل: وطن، مواطن، حدود، حرية رأي، حقوق الإنسان؟
أكثر من 90% من حديثهم سوف يدور حول أشياء لا قيمة لها، وإذا تحدثوا عن الحدود فإنهم لن يقصدوا حدود الوطن ولكن حدودآ أخرى مثل حد الردّة، وحد السرقة، وحد الزنا، وحدود الله الأخرى التي ليس لها حدود، ستراهم يتجادلون حول جزئيات وتفاصيل، وتفاصيل التفاصيل مثل: هل الحيوانات مكلّفة يوم القيامة؟ هل النوم على البطن جائز؟ ماذا تفعل إذا نتفت شعرة من إبطك أثناء الحج أو العمرة؟ هل يجوز ارتداء لباس مخيط أثناء الحج أو العمرة؟ وكأن الثوب الذي يرتدونه أثناء الحج والعمرة ليس مصنوعآ من خيوط بل مصنوع من شعاع الشمس!

إذا دخلت عالم القبيسيات ستدهشك التفاصيل التي يهتمون بها، وتفاصيل ملابس كل درجة من درجات تسلسلهم الهرمي، وألوان الحجاب والمانطو والجوارب والأحذية، لقد رسموا حدود الحجاب بدقة هندسية، لا أحد يعرف كم من الوقت صرفوه وهم يرسمون تلك الحدود، الفاصل بين المنطقة التي يمكن كشفها والمنطقة التي لا يجوز كشفها أقل من مللمتر واحد، هنا تجد منطقة يمكن كشفها وبعد مللمتر واحد تصل إلى منطقة لا يجوز ولا مجال في حال من الأحوال، ولا بأي شكل من الأشكال أن تكشف للأغراب!
لا نعرف من وضع تلك الحدود ولا من رسم تلك الخرائط ولكنها أهم الحدود عند هؤلاء القوم، إنها أهم من حدود الفقر وحدود الحريّات وربما تكون أهم حتى من حدود الوطن
هل يمتلك هؤلاء المتدينون تصورآ حقيقيآ للوطن؟
وطن يعني ( شعب، لغة، حدود)، هل عندهم حب للوطن الذي ولدوا فيه؟ هل غنّوا مثل بقية الناس: وطني حبيبي، وطني الأكبر؟ هل غنّوا: سوريا يا حبيبتي، أعدت لي كرامتي أعدت لي هويتي؟ مثل كنّا نغني أيام حرب تشرين وقلوبنا يملؤها الفخر ونحن نشاهد صواريخ سام تسقط الطائرات الاسرائيلية في سماء دمشق؟
هل يسعى هؤلاء الناس لبناء وطن حقيقي يتسع لكل أبنائه ولكل مذاهبه وتياراته وأفكاره؟ أم يهدفون لبناء مملكة الله على الأرض والتي لا تتسع إلا لطائفة ضيقة من الناس؟ وليفرضوا بعد ذلك قوانينهم الظالمة وليتحولوا إلى عدو داخلي أشد أذى وفتكآ من العدو الخارجي؟
إذا أقام هؤلاء(وطنآ) على مفاهيم مثل:
نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنّى شئتم( سورة البقرة، آية 223)، أو : قاتلوا الذين لايؤمنون بالله ولا باليوم الآخر( سورة التوبة آية 29).
فعن أي وطن نتحدث؟
هل هناك وطن إذا كان نصف المجتمع حرثآ لنصفه الآخر أو كان نصف المجتمع يعتبر كافرآ وتجب مقاتلته؟!
بئس الوطن الذي تكون فيه خرائط الحجاب أهم من خرائط الوطن
وما أجمل الوطن المتحرر ليس فقط من العدو الخارجي وإنما أيضآ من العدو الداخلي والذي يشعرك بغربة أشد وأقسى من ألف غربة خارج حدود الوطن
هل هناك غربة أكبر من غربة إنسان غير متديّن يعيش في وطن متزمت دينيآ؟ وقد يكون هذا الإنسان مبدعآ أو مفكرآ كبيرآ وله مساهمات عظيمة لصالح الوطن
يا ترى من مزّق الوطن العربي أكثر؟
خرائط سايكس بيكو أم خرائط الدين؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
سيمون خوري ( 2010 / 7 / 13 - 02:46 )
أخي نارت العزيز ، تحية لك كافة الديانات هي دولة بلا حدود ، ثم أن لماذا لم يحاسب أحداً الأخ عاكف على قوله السبب هو أننا لا نملك شخصية مثل ريغان عندما ترجموا له قول القذافي المشهور رد عليه بقصف منزله . مع التحية لك


2 - ما تخاف يابه لست المقصود بسورة التوبة
القوصي مصطفى ( 2010 / 7 / 13 - 02:53 )

جعل الاسلام حب الاوطان من الايمان والرسول الكريم يخاطب مسقط رأسه قائلا يا مكة ما كنت لاخرج منك لولا ان قومي اخرجوني
اذا ان الصراع بين حدود الاوطان وحدود الايمان مشكلة مفتعلة ، لا اعرف لماذا انتكس الامميون اليساريون الذين يرون العالم كله وطنا لهم ولدعوتهم
ما كان اليساريون يرون في اعمال العنف اي بأس بل انهم يبرررون لها
ليس من الموضوعية في شيء اقتطاع كلمة هنا وعبارة هناك من السياق العام ثم صناعة دعوى او مشكل او حكاية
وليس كل تصريح يلزم الجميع وليس كل تصرف كل شخص مسئول عن تصريحه وتصرفه
بالواقع نحن نريد وطن العدل والعدالة ولا يهم بعد ذلك المسمى سمه جمهورية امبراطورية امارة ولاية لايهم
اما الاية الكريمة من سورة التوبة والتي تثير الرعب في اكثر الرجال شجاعة فهي خاصة بالوثنيين من العرب وبالمثلثة من الرومان المحتلين للشرق القديم
فا ما تخاف يابه لست انت المقصود بها ولا غيرك
لقد كانت لكم فرصة تاريخية لاقامة نظام فماذا فعلتم بالشعوب والاوطان عد الى التاريخ
الى الارشيف السلام عليكم


3 - قلت الحقيقة
عهد صوفان ( 2010 / 7 / 13 - 12:17 )
اخي العزيز نارت اسماعيل
تحية لك لصدق مشاعرك التي تفيض بالمحبة والانسانية
في بلادنا الوطن كلمة تكتب على ورقة لأهداف وغايات هو اسم فقط اما الحقيقة المرة فهي ان الدين افترس الوطن واغتصبه وما زال يلتهم مكوناته الدين عند البعض هو الجامع والرابط الحقيقي اما الوطن فصار من الذكريات نتغنى به ونتذكره لأنه لم يبقى منه شيء
اين هو الوطن الذي يحب الجميع ويطعم الجميع وينعم بالخير على الجميع؟؟
الوطن صار دارا وبيتا خاصا للبعض مفصل بكل قوانينه على قياسهم وقياس مصالحهم
هل رأيت وطنا يطرد ابناءه؟؟ نعم انت رأيت
لم يبق من اوطاننا إلا الاسم صرنا عبيدا عند الله وعند جنوده الذين احتلوا كل مساحة الوطن
اشكرك يا صديقي


4 - ردود
نارت اسماعيل ( 2010 / 7 / 13 - 14:05 )
الأخ سيمون المحترم، نعم إنهم دولة بلا حدود، وياليت كانت لهم حدود حتى نتركهم ويتركونا ونرتاح منهم ويرتاحوا منا، شكرآ وتقبل تحياتي

الأخ القوصي مصطفى، لا أدري من أين أتيت بهذه المعلومة وهي أن الإسلام جعل حب الوطن من الإيمان، أرجو أن تدلني على كلمة الوطن في القرآن، شكرآ لمشاركتك

الأخ عهد صوفان، أشكرك على مشاعرك وكلماتك اللطيفة، نعم صرنا عبيدآ عند الله وعند جنوده وعلينا تحرير أنفسنا وتحرير أوطاننا منهم، سلام حار لك يا أخي


5 - حدود كروشهم
رعد الحافظ ( 2010 / 7 / 13 - 15:28 )
أظنّ أنّهم تدخلوا في جميع الحدود , وفرضوا علينا نظرتهم المريضة
ماعدا حدود كروشهم ولحاهم وأشياء أخرى لا يسعني ذكرها إستحياءاً , حيث أنّي لا أميل الى معتقد القوم الذي يقول / لاحياء مع الحقّ وبإسم ذلك يناقشون حتى قوة صوت الريح الخارج من مؤخرات المصلين في حالة سجودهم وخلال الجماعة .. ما علينا
نعم عزيزي الكاتب الألمعي / نارت إسماعيل , إنّ القوم قد تدخلوا في جميع حدود حياتنا ورسموها بأشكال بائسة ومقرفة
وإنّي لأحسدكَ على صبركَ بقراءة ومشاهدة ما يتقيؤنهُ في فضائياتهم , التي إستفادوا من علم وإختراعات الكفار , لكنّهم قلبوا إستخدامها الى شرّ مطلق أو يكاد
أنا أجزم بأنّ لحى المشايخ وتابعيهم من أهل الزبيبة المصطنعة تحتاج الى وضع حدود معقولة حتى لا يبقها طولها وتشتتها يثير قرفنا جميعاً
***
تحياتي لكَ ولجميع المُعلقين الكرام


6 - الوطن للأسوياء ، لا للأغبياء
الحكيم البابلي ( 2010 / 7 / 13 - 19:34 )
تسلم يدك على هذا المقال الصفعة على وجوه لم تعد تستحي
كتبت واحدة من النساء العراقيات مقالاً عن الزيارة المليونية في العراق لرجل مات قبل آلاف السنين ، ولم يكن له أي فضل على العراق ، بل العكس هو الصحيح ، وتقول الكاتبة في مقالتها العصماء بأن عشرة ملايين أنسان خرجوا مشياً على الأقدام لزيارة ضريح هذا المقدس الذي أصبح مقامه أكبر من مقام الرب الذي يعبدونه
لا أعرف إن كان الرقم صحيحاً أو لا ، لكني أعرف بأن أغلب الذين مشوا في هذه المسيرة المليونية هم من جهلاء الناس والذين يؤمنون حتى بالغول والعنقاء
وأعرف أن أشرفهم وأحسنهم لن يمشي مسافة مائة ( تقرأ مئة ههههه ) متر من أجل الوطن العراقي النازف بسبب رعوناتهم وإعتقاداتهم وغيبياتهم وسخام وجوههم
هم عشرة ملايين من مغسولي الدماغ والذاكرة والوطنية والغيرة ، ولو كانوا يملكون أي غيرة لمشوا من أجل الذل الذي أوقعهم فيه دينهم ومن يمثله من سماسرة السوق والمنافع الشخصية
عشرة ملايين ممكن أن يُسقطوا أكبر أمبراطورية للشر ، لكنهم مُسيرين ومسلوبي الإرادة ومغسولي الدماغ ولا يفهمون أي معنى للوطن والكرامة وعزة النفس ، لأن المقدس جردهم من كل ذلك ، فتحنطوا
تحياتي


7 - الاخ العزيز نارت
سالم النجار ( 2010 / 7 / 13 - 20:36 )
يسعد مساك
المجاهد في حالة حل وترحال مستمر المسؤولية التي تقع على عاتقه بنشر الدعوة في كل بقاع الارض تحتم عليه التنازل عن مفهوم الانتماء لوطن والتمسك بالانتماء للدين , اي قطعة ارض عربية أو اسلامية بالنسبة لهم هي ارض وقف اسلامية منها ستنطلق الرسالة المقدسة
الغريب في الامر ان تهم التكفير والفسق والردة جاهزة لمن يطالب بالديقراطية وحرية المرأة والتعايش السلمي , بينما تجد الافواه مطبقة وتبحث عن الاعذار لتبرير الهجمات الارهابية الدموية في الاردن وسوريا ومصر والعراق والسودان والسعودية...الخ


8 - ردود
نارت اسماعيل ( 2010 / 7 / 13 - 22:56 )
الأخ رعد الحافظ، لم أكن أعرف أنهم يناقشون صوت الريح الذي يخرج من مؤخراتهم، هذه شغلة جديدة عليّ وسأبحث عنها، شكرآ جزيلآ لك وتقبل تحياتي

الأخ الحكيم البابلي، إلى متى سيبقى هؤلاء الناس يخرجون بمسيرات مليونية ومن أجل أشياء لاقيمة لها؟ كم هو بائس حالنا يا صديقي، تحياتي وشكري لك

الأخ سالم النجار، الوضع كما ذكرت أنت وعلينا توعية الناس وأشكرك على جهودك القيمة، تحياتي لك


9 - مقال قوي
ناهد سلام ( 2010 / 7 / 13 - 23:18 )
الدين دولة بحد ذاته حدودها دم ونار تتسع رقعتها ، دولة دينيه اتمنى الا تقوم لها قائمة
بالانسانية كل الدول موطني وبالدين كل الدول اعداء المتدين الا اذا انضمت لرعيته
تحياتي للكاتب المتألق
سلام


10 - الأخ ناهد سلام
نارت اسماعيل ( 2010 / 7 / 14 - 08:31 )
أتمنى مثلك أن لا تقوم دول على أساس ديني فهي أسوأ الدول، شكرآ لإضافتك وتقبل تحياتي

اخر الافلام

.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية


.. الخلود بين الدين والعلم




.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل


.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي




.. - الطلاب يحاصرونني ويهددونني-..أميركية من أصول يهودية تتصل ب