الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(الإسلام...والمواضيع الراهنة (2

علي مرعي

2004 / 8 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ثانيا: الإسلام والحداثة
ليست هناك حداثة واحدة, ولا يمكن للعالم أن يعيش بحداثة واحدة, فلكلّ أمّة حداثتها الخاصّة, ولكل ظرف تاريخي شروطه في الحداثة.
الحداثة في الغرب من المنطق ومن الموضوعية أن تختلف عن الحداثة التي تحتاجها مجتمعات أخرى , كإفريقية مثلا, أو مجتمعات في آسيا أو حتى مجتمعات في أمريكا , كدول حوض البحر الكاريبي.
وهذا ما برهنت عليه تجارب المفكر الألماني ( شاخت) الذي نجح في تجربته الإقتصاديّة في ألمانيا ومن بعد الحرب العلمية الثانية, وفشل في تجربته في أندونيسيا , لا لسبب إلا لاختلاف الشروط التاريخيّة والموضوعيّة, واختلاف الثقافات والهويّات الحضاريّة.
فلا يستطيع الغرب ان يدّعي بأنه هو مصدر الحداثة في العالم, وان لا طريق اليها الا عبر بوابته, وتتبع خطواته, بحيث تكون القاعدة أن لا حداثة بدون الغرب, ولا تقدم خارج عنه , ومن يريد الحداثة عليه ان ياخذ بالقيم الغربية ونموذج حياتها , وقد انتقد هذا التصور( هانتيغتون) بقوله:" إن الإفتراض الشائع لدى اهل الغرب بان الشعوب الأخرى التي تأخذ بالتحديث لا بد لها أن تصبح مثلنا, هو نوع من الغرور الغربي الذي يوضّح بنفسه صدام الحضارات."
وقد أثبتت اليابان عدم صحّة مقولة الغرب حين ابتكرت لنفسها تجربتها الخاصّة في الحداثة والتقدم, وهي اليوم تقدم الى العالم نموذجها الذي لا ينتمي جغرافيّا وعرقيّا وروحيّا الى الغرب ... وهذا ما أحرج الغرب الذي كان يريد أن يحتكر الحداثة لنفسه , والتي يؤسسها على قاعدة القطعيّة مع التراث , على خلاف الحداثة اليابانيّة التي تؤسس حداثتها على قاعدة التواصل مع التراث.
وفي الغرب ظهرت دراسات تحذر دول العالم الثالث من اتباع النموذج الغربي في الحداثة والتقدم, وفي هذه الدراسات ما أصدرته جامعة ( سومكس) في جنوب بريطانيا, نقدا لتقرير ( نادي روما) حول دراسته لـ ( حالة البشريّة ومستقبلها ) فقد جاء في تلك الدراسة: " إن مستقبل الدول النامية لا يكمن في اتباع نموذج التطور الغربي الرأسمالي الذي نستطيع رفضه باطمئنان بعد 30 عاما من الدراسة باعتباره فشلا تاما. ولكنه يكمن في تقريرها لمستقبلها بنفسها وتطويرها خطة للحضارة خاصة بها, وذلك العمل يتطلّب تغييرا كاملا وجزئيّا للإتجاهات الحالية في الدول النامية"
فالغرب ليس هو نهاية التقدم, ولا تجربته هي الوحيدة في العالم , وليس من الموضوعيّة ان يفرض حداثته على العالم , وبالشكل الذي هو يريد , الأمر الذي قد يتسبّب في تفتيت المجتمعات, ويدفع بها نحو الصدام مع الغرب.
والإسلام الذي هو صاحب حضارة عريقة , وله رؤية كونية شاملة, ليس بحاجة الى ان يأخذ من الغرب حداثته, قد يستفيد من تجربته ومن علومه ومن أشياء كثيرة عنده , من غير أن يكون ناسخا وتابعا أو مقلدا له.
وهذه الحقيقة ينبغي أن يدركها الغرب في علاقته بالإسلام وحتى بالعالم , تجنّبا للصدام.

( من كتاب الإسلام والغرب للدكتور زكي الميلاد)
ونلتقي في الحلقة المقبلة مع الإسلام والعلوم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حتة من الجنة شلالات ونوافير وورد اجمل كادرات تصوير في معرض


.. 180-Al-Baqarah




.. 183-Al-Baqarah


.. 184-Al-Baqarah




.. 186-Al-Baqarah