الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموتُ الآخر ل نصر حامد أبو زيد

وهيب أيوب

2010 / 7 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


“ إن الذين يجعلونك تعتقد بما هو مخالف للعقل ، قادرون على جعلك ترتكب الفظائع." فولتير

توفي الأديب طه حسين عام 1973، لكن الموت الحقيقي لطه حسين وآخرين من المفكرين والكتاب المصريين والعرب لم يكن ذاك اليوم الذي فارقوا فيه الروح ووريت أجسادهم التراب....
لقد انطلق طه حسين في مسيرة الموت البطيء منذ محاكمته على كتابه الشهير "في الشعر الجاهلي" عام 1926، حين أُجبِر على تغيير كتابه إلى آخر هو "في الأدب الجاهلي" وحين أُقصي عقله عن التفكير الحر والبحث الديكارتي "ديكارت" المُتجرِّد من الأوهام. ثم بدأ الموت مع علي عبد الرازق حين كتب كتابه الشهير عام 1925 "الإسلام وأصول الحكم" الذي دعا فيه إلى فصل الدين عن الدولة، فتمت محاربته من قِبل الأزهر وفصله منه بعد انتزاع شهادته كونه عالماً، ثم طرده من وظيفته كقاضٍ. وقبلهم وفي العام 1902 دُسّ السُمّ في فنجان قهوة لصاحب كتاب "طبائع الاستبداد" عبد الرحمن الكواكبي فمات على أثره. فنقش حافظ إبراهيم بيتين من الشعر على قبره:
هنا رجل الدنيا هنا مهبط التقى*** هنا خير مظلوم هنا خير كاتـبِ
قفوا وأقرؤوا (أم الكتاب) وسلّموا*** عليه فهذا القبر قبر الكواكبي
وعاش هؤلاء وسواهم موتاً فكرياً سريرياً حتى آخر حياتهم.
يستطيع أي معتوه أو تافه أو حاقد في مصر، أمثال الشيخ يوسف البدري وأشكاله، أن يُقيم دعوى بتفريق كاتب أو مفكر عن زوجته في المحكمة بواسطة قانون ما يُسمى "الحسبة" بعد أن تُثبت المحكمة أن المُدعى عليه كافرٌ وخارجٌ عن دين الإسلام، رغم عدم إقرار المُدعى عليه بذلك.
هذا ما حصل للمفكر الراحل نصر حامد أبو زيد وزوجته الدكتورة ابتهال يونس، وكذلك نوال السعداوي وزوجها شريف حتاته.
ولو قرأ أي إنسان قائمة الأسماء المُدعى عليها بالكفر والمروق، لأدرك مدى التقهقر والانحطاط الذي وصلت إليه هذه الأمة التعيسة بعيشها وتعايشها وخذلانها المستمر.
وإنك لن تجِد كاتباً أو مفكراً أو فناناً مُبدعاً في مصر إلا وكان ضمن قائمة هذا الفكر العنصري الإرهابي، الذي راح ضحيته غيلة واغتيالاً المفكر فرج فوده، وكاد يلحق به نجيب محفوظ، الذي نجا من طعنةٍ بسكينٍ في رقبته.
في دساتير مصر وسائر البلدان العربية –لا أريد أن أطلق عليها دُوَلاً، لأنها ما دون الدولة بعد- هناك شيء يسمونه دين الدولة، ويحدّدونه بالإسلام، مع أنه هنالك من هم غير مسلمين ولا عرباً أيضاً. والمهزلة الكبرى في هذا النص، أن يُحدّد للدولة دين، وكأن الدولة تصوم وتصلي وتؤّدي الفرائض وتدفع الزكاة، أو أن للدولة أصلاً دينٌ أو ربٌ أو إلهٌ تعرفه وتعبده سوى السلطة والعرش..؟!
مسيرة التقهقر والانحطاط الفكري والحضاري، ليست طارئاً جديداً على المجتمعات العربية والإسلامية في هذا القرن أو الذي سبقه، بل هي استمرارٌ لما بدأه الإسلام منذُ لحظاته الأولى، خلال الدعوة ذاتها وما تلاها من كرّ القرون حتى يومنا هذا. تخللتها مراحل تنويرية وجيزة، تم القضاء عليها وعلى أصحابها بالحرق والقتل والإبادة والتعذيب.
فمنذ تم قتل واستئصال كل فكرٍ حرٍّ واجتهاد؛ منذ أن ذُبِح الجعد بن درهم ومعبد الجهني وغيلان الدمشقي، منذ القضاء على حركة المعتزلة وإخوان الصفا، وتصفيتهم ثم حرق كتبهم، منذ استطاع الأصوليون استخدام سلطان الحكم لمصلحتهم وإثارة الغوغاء للاقتصاص من أي مفكّر أو فيلسوف حاول إعمال العقل والمنطق للبحث في شؤون الدنيا والدين، ومسيرة التقهقر والانحطاط في تقدم. حتى أنك لن تجِد عالماً طبيعياً أو فيلسوفاً أو متصوفاً أو شاعراً أو أديباً، إلا ورُميَ بتهمة الكفر والزندقة، فقُتل ابن المقفّع وأُحرِق، وجُلد الشاعر بشار بن برد حتى مات، وسُجن جابر بن حيان عالم الكيمياء حتى فارق الحياة، وصُلِب الحلاج وقُطّعت أوصاله، وأُعدِم أيضاً السهروردي؛ الفيلسوف المتصوف، ورمي بالكفر والزندقة طبيب العصور أبو بكر الرازي وابن الراوندي والمعري والكندي والفارابي وعمر الخيام، وأُحرِقت كتب ابن رشد في قرطبة وطُرِد منها. وما أولئك إلا جزءً يسيراً من مذبحة بدأت وما زالت مستمرّة.
في عصرنا هذا يُطرد المفكرون والفنانون والكتاب المبدعون في بلداننا، من أوطانهم، ليعودوا إليها جثثاً أو في صراعٍ مع الموت الأخير. والمفارقة الكبرى أن يُستقبل هؤلاء في دول الغرب "الكافر" وجامعاته أفضل استقبال ويمارسوا أعمالهم وإبداعاتهم في تلك الجامعات.
فلا تبكوا نصر حامد أبو زيد ولا سواه، بل ابكوا أنفسكم ونوحوا على حاضركم ومستقبلكم بعد أن قبلتم ورضختم بأن يُنتزع العقل منكم وتُجرّد إنسانيتكم من أهم حقوقها في التفكير الحرّ.
فيا أمّة الجهل والتخلف، لا بل التقهقر والانحطاط، أما من خجلٍ أو ضمير، أما من قليلٍ من ماء الوجه أمام تلك الأمم التي تسخر وتضحك من فعلكم وجهلكم..؟؟
لقد أسمعتَ لو ناديتَ حياً ولكن لا حياة لمن تنادي

لجولان المحتل - مجدل شمس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لقد أسمعتَ لو ناديتَ حياً ولكن لا حياة لمن تناد
سرسبيندار السندي ( 2010 / 7 / 14 - 19:23 )
عجيب أمر أمة ترضى أن تضحك لجهلها كل ألأمم ... تحياتي


2 - انت غريب يا ايوب
عادل السيد ( 2010 / 7 / 14 - 22:01 )
الف تحيه لك استاذى
اسمح لى بسؤال هل اسمك وهيب ام غريب
اما ايوب فكلنا مشتركون فى هذا الاسم نعم استاذى لقد نفذ صبرنا
من هؤلاء المتسلطين علينا بأسم الدين وكأنهم خلفاء لله فى الارض يقتلوا ويجلدو ويطلقو
يفعلوا بنا كما يشاؤن انها سخريه القدر اللعين الذى اوجدنا هنا فى هذه الرقعه النجسه من الارض
ماذا فعلت بنا ايتها الرحمة المهداه الينا
لقد ضاقت بنا الحياة
لماذا خلقنا هنا هل هذا قدرنا
هل كتبا على ابناؤنا كما كتبا على اباؤنا
لقد كرهت اسمى لانه مكتوب بأسمك
ايها المتصلعم الجبار
وانتم ياشعوب باقى الارض اننا نستغيث بكم
انقذونا انقذونا انقذونا


3 - لم تقل الا الصدق
محمد البدري ( 2010 / 7 / 15 - 00:41 )
شكرا وتحية لفصاحة القول ووضوح الرؤية وصدق المعني. امة ودول ومجتمعات يتم ذبحها بالعروبة والاسلام وتتمسك بتلك اللغة وبهذا الدين، فاي جنون وعته هذا؟ التخلص من هذين العنصرين المدمرين قمين بتحرر المنطقة كلها. المصيبة الافدح ان الولايات المتحده تتحالف مع هذين العنصرين المدمرين لتصل المنطقة بدفعها الذاتي الي عصور البربرية والوحشية القديمة.


4 - آه ثم آه يا أستاذ وهيب
مايسترو برتو ( 2010 / 7 / 16 - 10:32 )
وقد أوجزت مقالك كله في بيت الشعر الذي ذكرته في الختام، فهذا هو حال هذه الأمة التعيسة، نعم ياسيدي (لقد أسمعت لو ناديت حياً، لكن لا حياة لمن تنادي)، وشكراً جزيلاً لك على هذا الكلام الذي لا يشق له غبار، وتحياتي أيها المبدع


5 - تحياتي ومودتي لشخصك النبيل يا سيد وهيب
عــيــسى ابراهـيـم كردستان سوريا ( 2010 / 7 / 17 - 21:57 )
استاذي الفاضل ...ان كل الذين ذكرتهم هم بالنسبة لي كانبياء حقيقيين....واما بالنسبة للامة الاسلامية فهي امة الكذب ...اي ان الكذب الذي هو بين المتسلط والانسان المقهور والمتخلف يعمم على كل العلاقات الاجتماعية والسياسية والعقائدية...اي كذب في الرجولة ،كذب في المعرفة،كذب في الايمان،كذب المسؤول على المواطن،كذب رجل الشرطة حين يدعي الحفاظ على القيم والامن والنظام،وكما يكذب التاجر على المشتري....اي معظم العلاقات زائفة ،فلذلك ترى بان العظماء والمفكرين واصحاب الضمائر هم على قائمة الارهاب والقصاص والحد منهم...مع خالص التحيات من ابو عصام الى الضمير الحي وهيب الرائع والمتألق..


6 - لن نهادن أو نساوم على قول الحقيقة
وهيب أيوب ( 2010 / 7 / 18 - 07:20 )
أشكر جميع الأخوة الذين قرأوا أو علّقوا على المقال، مع حفظ الألقاب..
متابعتكم تعطيني القوة والعزم دائماً على الاستمرار، لما فيه خير لشعوبنا وشعوب العالم وإنسانيتنا...ا
تحياتي لكم جميعاً
الجولان المحتل


7 - الإسلام باق
عصام الدين ( 2010 / 9 / 2 - 20:35 )
مت بغيظك إن الإسلام باق ما بقيت الحياة على الارض فكم مر عليه من أمثال هؤلاء والإسلام لايزيدإلا قوة وإنتشارا ،


8 - ليمت الحاقدون بغيظهم
عصام الليبي ( 2010 / 9 / 4 - 02:57 )
واضح ان الكاتب ليس مسلما ويحمل للإسلام حقدا كبيرا ،وقد دفعه الحقد والجهل إلى القول إن -مسيرة التقهقر والانحطاط الفكري والحضاري، ليست طارئاً جديداً على المجتمعات العربية والإسلامية في هذا القرن أو الذي سبقه، بل هي استمرارٌ لما بدأه الإسلام منذُ لحظاته الأولى، خلال الدعوة ذاتها وما تلاها من كرّ القرون حتى يومنا هذا-.
فهو لايعلم كيف كاان حال العرب قبل الإسلام وكيف أصبحوا بعده صناعا للحضارة التى بنت عليه اوربا حضارتها الحديثة ،اما إستقبا ل الغرب لمن ذكرهم فليس غريبا أن يحتفي الغرب بأعداء الاسلام كما فعل مع سلمان رشدى من قبل وكما نرى منتديات النصارى الحاقدين الذين لاهم لهم سوى سب الإسلام ونبيه قد امتلأت برثاء هذا الأبوزيدوتمجيده والثناء عليه. أماقوله- أما من خجلٍ أو ضمير، أما من قليلٍ من ماء الوجه -فهو يذكرنى بالمثل القائل -رمتنى بدائها وانسلت- ولاادري كيف يتكلم عن الحياء وماء الوجه وهو يشتم دينا يعرف ان معظم من سيقراء كلامه يدين به ويقدسه ولكن الحقد والجهل ونضوب ماء الوجه وإنحطاط الأخلاق إذا اجتمعن فى مخلوق فماذا ننتظر منه .


9 - فليمت الحاقدون بغيظهم
عصام الدين الليبي ( 2010 / 9 / 4 - 02:59 )
واضح ان الكاتب ليس مسلما ويحمل للإسلام حقدا كبيرا ،وقد دفعه الحقد والجهل إلى القول إن -مسيرة التقهقر والانحطاط الفكري والحضاري، ليست طارئاً جديداً على المجتمعات العربية والإسلامية في هذا القرن أو الذي سبقه، بل هي استمرارٌ لما بدأه الإسلام منذُ لحظاته الأولى، خلال الدعوة ذاتها وما تلاها من كرّ القرون حتى يومنا هذا-.
فهو لايعلم كيف كاان حال العرب قبل الإسلام وكيف أصبحوا بعده صناعا للحضارة التى بنت عليه اوربا حضارتها الحديثة ،اما إستقبا ل الغرب لمن ذكرهم فليس غريبا أن يحتفي الغرب بأعداء الاسلام كما فعل مع سلمان رشدى من قبل وكما نرى منتديات النصارى الحاقدين الذين لاهم لهم سوى سب الإسلام ونبيه قد امتلأت برثاء هذا الأبوزيدوتمجيده والثناء عليه. أماقوله- أما من خجلٍ أو ضمير، أما من قليلٍ من ماء الوجه -فهو يذكرنى بالمثل القائل -رمتنى بدائها وانسلت- ولاادري كيف يتكلم عن الحياء وماء الوجه وهو يشتم دينا يعرف ان معظم من سيقراء كلامه يدين به ويقدسه ولكن الحقد والجهل ونضوب ماء الوجه وإنحطاط الأخلاق إذا اجتمعن فى مخلوق فماذا ننتظر منه .


10 - احترموا معتقدات الآخرين
عصام الدين الغنيمي ( 2010 / 9 / 4 - 04:35 )
كيف تنشرون لهذا الحاقد الموتور ،حتى إن كنتم غير مسلمين فيجب أن تحترموا معتقدات المسلمين ولاتنشروا هذا الكلام الذى شتم فيه قائله الإسلام وأهله


11 - متى ييأس الوعول
محمد الليبي ( 2010 / 9 / 4 - 11:06 )
والله يا كاتب هذا الهراء المليئ بالشتم الذى هو سلاح الخائبين الحاقدين، ولا مليارات من أمثالك وأمثال ابي زيد قادرون على هدم صرح الإسلام العظيم -كان غيركم أشطر منذ فجر الإسلام والوعول تحاول فلم تنل إلا تهشم قرونها فدين الله باق إلى يوم القيامة


12 - اذا لم تستح
عادل المصري ( 2010 / 9 / 4 - 20:59 )
الى كاتب هذا الرغاء إذا لم تستح فاصنع ما شئت ،وانت دللت بكلامك هذا انك من جنس زكريا بطرس وعادل حمودة وفاروق حسني


13 - إذا غابت الرجولة
محمد حسين ( 2010 / 9 / 5 - 08:01 )
إلى عادل المصرى صدقت فيما قلت فهو من أمثال من ذكرت لأنه لو لديه ذرة من الرجولة لخجل واستحى وما قال ما قال


14 - وقاحة
عادل علي ( 2010 / 9 / 6 - 08:56 )
ووالله انى لم اسمع في حياتى بوقاحة و وإنحطاط كالذى رأيته من كاتب هذه المقالة من كلام لايقوله الا المخنثون


15 - موتوا بغيظكم
علاء الدين ( 2010 / 9 / 13 - 03:39 )
اقول للكاتب ومن ايدوه بتعليقاتهم موتوا بغيظكم فالإسلام لايزيدالا قوة وإنتشارا

اخر الافلام

.. شاهد: المسيحيون الأرثوذوكس يحتفلون بـ-سبت النور- في روسيا


.. احتفال الكاتدرائية المرقسية بعيد القيامة المجيد | السبت 4




.. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية برئا


.. نبض أوروبا: تساؤلات في ألمانيا بعد مظاهرة للمطالبة بالشريعة




.. البابا تواضروس الثاني : المسيح طلب المغفرة لمن آذوه