الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مأساة سورية و الأكراد السوريين

فراس سعد

2004 / 8 / 21
القضية الكردية


الدعاية التخريبية المحمومة التي أطلقتها بعض الصحف السورية وبعض الأبواق بحق الأكراد هي بداية فعلية لتقسيم سورية , لأنها_ هذه الدعاية_ ستؤدي لخلق الظرف النفسي لحصر الأكراد في الجزيرة أو لهجرتهم إلى العراق _ هذا ما يخطط له المخططون ويساهم ياببغاوات الأعلام الرسمي وا شوفينيي النظام من ذوي الرؤوس الصفراء في نجاح هذا التخطيط , لأن من يتهم الأكراد بالعمالة لجهة خارجية يحقق بذلك غايات هذه الجهة التي تريد صنع شرخ في المجتمع السوري بين أكراد سوريين وباقي السوريين , ويساهم في التأسيس لنفور عميق لدى الأكراد من جهة و باقي السوريين من جهة ثانية , كلُ تجاه الآخر و بذلك يقيم معسكرين متضادين و ذاتين متفارقتين , فإذا رفض الشعب السوري جماعة منه_ السوريون الأكراد_ فهذا يعني أن هذه الجماعة _الأكراد السوريون_ سيرفضوا باقي السوريين و يصبح أمل الأكراد الوحيد لخلاصهم من النظرة و المعاملة العنصرية هو أن يستقلوّا في دويلة لهم خاصة في الجزيرة و يصبح همّ باقي السوريين التخلّص من "الخطر" الكردي بأعطاء الأكراد دويلة لهم أو ترحيلهم إلى العراق , و إلاّ ماذا يعني تصريح أو تصريخ مسؤول سوري مؤخراً أنه مستعد لارتكاب مجزرة بحق الأكراد و إعادة حماة جديدة ؟!!
السلطة السورية , الأجهزة , الإعلام حينما ترفض جماعة ما و تضطهدها نفسيا و عمليا , تدفعها للأرتماء في أحضان المتربصين بالبلاد ,هذا قانون اجتماعي و نفسي صحيح عموماً , لذلك الذنب ذنبكم أيها المسؤولون عن الإعلام السوري و عن خطابات المسؤولين !! , المسألة خطيرة حقاً و لا تتحمّل الأستغلال السياسي لغايات إطالة عمركم فوق الكراسي , فليس من الوطنية و لا القومية المتاجرة بوحدة و استقلال البلاد و أمنها القومي في سبيل البقاء في الحكم أطول مدّة ممكنة .
الذي يتهم اليوم الأكراد بسبب حادث وقع في مدينة أو بلده _ و كان السبب الأقوى لحصوله رجال الشرطة المسلحين الذين ارتكبوا مجزرة بحق أطفال أصيبوا برصاص في الصدر أو الرأس _ سوف يتهم غدا أقليات أخرى قومية أو طائفية لأسباب أوهى و أبسط .
لنفترض جدلاً ان بعض السوريين الأكراد قد تعاملوا مع جهاز مخابرات معادي عن جهل أو عن قصد مضطرين أو باختيارهم , هذا لا يعني أن نقوم بحملة أعلامية تتهم الأكراد كلهم , فيذهب الصالح و هم كل الأكراد السوريين بالطالح و هم عدد من المتعاملين قد لا يتجاوزوا العشرة أو المئة مثلاً , بل يتم توقيف هؤلاء المتهمين بالتعامل و التحقيق معهم , أليس ممكناً في ظروف مشابهة يمكن أن تمرّ بها أية جماعة سورية سواء كانت قومية أم طائفة أم حزب , أن يقع بعض أفرادها ضحية اختراق أمني من قبل جهاز مخابراتي خارجي ؟! الجواب نعم هذا وارد , السؤال هل نقوم باتهام كل من ينتمي إلى هذه الجماعة بالعمالة و التعاون مع هذا الجهاز؟! بالطبع لا , لسبب بسيط و هو أن كل أو معظم الجماعات السورية عبر تاريخها قد تعرضت لاضطهاد الجماعات السورية الأخرى و كان دائما هناك اختراق خارجي عبر أشخاص كثر عددهم أو قل , فهل يكون السوريون كلهم عملاء للخارج ؟!
إن للأكراد تاريخ مشرّف في وطنهم سورية و عددهم اليوم مليوني مواطن باستثناء ثلاثمئة ألف لم يمنحوا الجنسية حتى الآن , و لن ننسى للأكراد أنهم رفضوا الأنفصال عن سورية حينما كان بأمكانهم الأستقلال في دولة أيام الأحتلال الفرنسي لسوريا التي عرضت عليهم تأسيس دولة كردية في الجزيرة , فلماذا يبدّلون رأيهم الآن ؟ إن كل الأحزاب الكردية تؤكّد انتماءها لسورية على الرغم من محاولات السلطة السورية منذ 1962 و حتى اليوم دفع الأكراد للهجرة و للتنكّر لانتمائهم السوري و على الرغم من سياسة التعريب التي تشبه سياسة التتريك .. و على الرغم من الهجمة القومية العربية الشوفينية البدوية على الأكراد و ممارسة سياسة التمييز العنصري بحقهم و بحق الأقليات عموماً و هي سياسة درج عليها و تدرّب ذوي الرؤوس الصفراء القابعون في مؤسسات الأعلام و الدعاية في بلاد العرب أوطاني و في رأسها سورية , أقول رغم كل ذلك بقي الأكراد أوفياء لوطنهم سورية , وهم من طبعهم الوفاء و الكرم و هي صفات مشتركة بين الأكراد و العرب و معظم أهل الشرق الفقراء , و لن ينسى العبد الفقير زيارته أوائل التسعينيات إلى رأس العين حيث أقمت في ضيافة أسرة كردية لثلاثة أيام , كانت من أجمل الأيام لم أشعر فيها أني خرجت من بيتي , حيث أن الأسرة الكردية العزيزة كانت تفضّلنا على نفسها في الطعام و الشراب والنوم , بل أن صديقنا الكردي كان يتحدث مع زوجته بالعربية في حضورنا كي لا نشعر بالغربة , وهي أخلاق اسلامية أنسانية رفيعة لم أر مثلها في حياتي .
إن من يرفع صوته بالنهيق على الأكراد كأنما ينهق على الشعب السوري كله, و إن من يتوعّد الأكراد بحماة ثانية كأنما يتوعّد السوريين كلهم بالمجزرة , فيا أيها العقّال في الحكم و المعارضة الجموا حميرالفتنة التي بدأت تثير النقع مهددة على الطريقة الصدّاميّة اليزيدية الوجود السوري كله , الجموها قبل أن يفوت الأوان, لأن البعض بل الكثير من الواهمين المنتشرين في البلاد و خارجها ما زالوا يحنون لمشاريع الدويلات الطائفية , و هم سيدفعون الأكراد بالقوة لإقامة دويلتهم كي يتسنّى لهم هم بدورهم _ هؤلاء الواهمون _ أن يقيموا دويلاتهم الطائفية التي لم يفلحوا بإقامتها زمن الأحتلال الفرنسي , و اليوم يجدون الظرف مناسباً لإعادة أحياء مشاريعهم , التي ستلقى من اسرائيل و الصهيونية و اليهودية الدولية كل المساعدة عبر خلق الأجواء المناسبة أقليمياً و محليّاً, و هم يتناسون أو لا يعلموا أن اسرائيل و العقلية اليهودية من بعد أن تؤسّس لهم دويلاتهم الطائفية سترحّلهم إلى بلاد العالم في ترانسفير فليسطينوي جديد و سترمي من يبقى في البحر أو في غيتويات محاصرة ليتم استخدامهم كعبيد لدى سادتهم اليهود , و فقط من كانت أمه يهودية يقبل كمواطن يهودي , و لا نعرف إن كان هؤلاء كثر, الله وحده يعلم و الراسخون في العلم ؟!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جولة لموظفي الأونروا داخل إحدى المدارس المدمرة في غزة


.. اعتقال أكثر من 1300 شخص في الاحتجاجات المناصرة لغزة في عموم 




.. العالم الليلة | الآلاف يتظاهرون في جورجيا ضد مشروع قانون -ال


.. اعتقال طالبة أمريكية قيدت نفسها بسلاسل دعما لغزة في جامعة ني




.. العالم الليلة | الأغذية العالمي: 5 بالمئة من السودانيين فقط