الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عادات وهمية

ماريو أنور

2010 / 7 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


- إذا ما مكثت برهة قصيرة فى حجرة مظلمة أشعر بوجود خيال – أيمكن أن يكون شبحاً , ام أن هناك رفيفاً من الحركة أراه بطرف عينى , غير أنى حين أدير رأسى لا أجد شيئاً هناك . أخر صوت رنين التليفون , أم محض (( تخيل )) منى ؟ يبدو لى أنى أشم رائحة الهواء المالح فى نسمات الصيف على شواطىء البحر .... و أنعطف حول إحدى النواصى فى مدينة أجنبية أزورها للمرة الأولى فإذا بى أرى أمامى شارعاً شديد الألفة بالنسبة لى لدرجة أشعر معها أنى عرفت هذا الشارع طوال حياتى ...
فى هذه الخبرات الشائعة عادة ما نكون غير متيقنين مما نفعله بعد ذلك . وأجدنى أتساءل : هل عيناى ( أو أذناى أو أنفى أو ذاكرتى ) تخدعانى ؟ أم أننى رأيت حقاً و صدقاً شيئاً خارجاً عن مجرى الطبيعة المألوف ؟ وهل يتعين على أن ألزم الصمت حيال ذلك ... أم أروى ما أرى ؟...
تعتد إجابة هذا السؤال اعتماداً كبيراً , على البيئة التى أعيش فيها , وعلى أصدقائى و أحبائى و كذلك على ثقافتى . ففى مجتمع متهوس بالتوجه العلمى الصارم ... قد أكون حذراً فيما يتعلق بالتسليم بأنى مررت بهذه الخبرات ... ذلك أن الناس قد يعتبروننى خفيف العقل أو معتوهاً أو شخصاً لا يوثق به .... ولكن فى مجتمع هو فى الأساس على استعداد للاعتقاد بوجود الأشباح ... مثلاً ... فإن سرد روايات عن تجارب كهذه ربما ينال القبول و قد يكون مجلباً للحظوة ... ففى حالة المجتمع الأول .... اجد إغراءً قوياً بإبقاء الموضوع بأكمله طى الكتمان ... أما فى حالة الجتمع الثانى فقد أجد إغراء على المبالغة أو الاستفاضة قليلاً لمجرد أن أجعل الرواية أكثرً إعجازاً مما تبدو ...
- ليس من الصعب العثور على الدوافع الممكنة لاختراع القصص و قبولها .... فهذه القصص توفر الوظائف للكهنة و الشيوخ و الشخصيات الهامة و غيرهم ... مما يدفع الاقتصاد العام فى وقت يسوده الكساد... وتعزز المكانة الاجتماعية للشهود و أسرهم ... كذلك فإن الصلوات تتلى مرة أخرى من أجل الأقارب الذين دفنوا فى مقابر هجرت فيما بعد بسبب الطاعون أو الجفاف أو الحرب ... كما كان ذلك يؤدى إلى رفع روح الجماهير المعنوية ضد الأعداء ... بالإضافة إلى ذلك ساعدت هذه الشهادات على تهذيب السلوك و دعمت طاعة تعاليم الدين كما ثبتت من إيمان الأتقياء .... وكان حماس الحجاج لتلك الأضرحة حاراً و مؤثراً .... إذ لم يكن من غير المألوف أن يمزج الناس حكاكة الصخر المتخذة من هذه الأضرحة بل و القاذورات فى الماء و يشربونه كدواء ....
أن الخطر الأكبر يأتى من شخص بلغ من الوقاحة حد الاعتقاد بأنه يلقى مثل هذه الأشباح و الكشوف الروحية ... وعلى ذلك يكذب فى أمور تتعلق بالله ... ويشيع نبوءات و أوامر إلهية زائفة ... ليس من المعروف أنها من لدن الله ... وإنما هى ملفقة ... ويتبع ذلك تغرير بالشعوب و نشأة طوائف جديدة و الكثير غير ذلك من الأعمال الدالة على عدم التقوى ... التى يمكن أن تحدث انقلاباً فى الفكرة ...
كل حالات الهراء المثبت أو المفترض .... هناك عملية خداع تنشأ , و أحياناً يحدث ذلك بحسن نية و لكن بنوع من التعاون .... واحياناً عن سابق تدبير خبيث ... وعادة ما تصاب الضحية بحالة من الانفعال الطاغى – كالدهشة أو الخوف أو الطمع أو الحزن .... ويمكن للقبول الساذج بالهراء أن يكلفك مالاً : وهذا ما عناه ب.ت بارنوم حين قال : (( فى كل دقيقة يولد مغفل )) ... غير أن الأمر يمكن أن يكون أكثر خطورة من ذلك ... وحين تفقد الحكومة و المجتمع القدرة على التفكير النقدى ... يمكن أن يفسر هذا عن نتائج و خيمة تبلغ حد الكارثة ... مهما بلغ تعاطفنا مع أولئك الذين اشتروا ذلك الهراء ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم


.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا




.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است


.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب




.. الفوضى التي نراها فعلا هي موجودة لأن حمل الفتوى أو حمل الإفت