الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النفط و لدم

بطرس بيو

2010 / 7 / 20
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


“ترجمة الفصل تحت عنوان النفط و الدم "Oil and Blood”" من كتاب "تأريخ البشرية في العالم" A People’s History of the World” لكريس هارمان من الإنكيزية

في النصف الثاني من القرن العشرين كان الشرق الأوسط بمخزونه الهائل من النفط غنيمة لا تثمن لأية دولة إستعمارية. فإمتد نفوذ بريطانيا إلى الشرق الأوسط أثناء الحرب العالمية الأولى بالتعاون مع الشريف حسين حاكم مكة في حينه بقيام الأخير "بثورة عربية قومية" لقاء منحه السلطة على كافة الأقطار التي كانت في حينه تحت الحكم العثماني. و في نفس الوقت تعهدت الحكومة البريطانية إلى الصهاينة منحهم فلسطين لإستيطان اليهود المهاجرين من أوربا فيها، و جعلهم سداً منيعاً ضد أي تهديد من قبل العرب لقناة السويس. و كما وضح السياسي الإسرائليي ابا أيبان "نحن نساعد بريطانيا أن تكون السلطة المهيمنة في المنطقة لقاء إنشاء و طناً قومياً لليهود".

و قد نجح هذا الإتفاق المزدوج إلى حد ما. فسيطرت الشركات البريطانية على آبار النفط في العراق و ايران و تطوع المهاجرون اليهود لقمع ثورة الفسطينيين العرب و كانت هذه أخطر ثورة واجهتها بريطانيا في الثلاثينات من القرن الماضي. و لكن بعد وهلة من الزمن ظهر فشل هذه السياسة. فقد كان عداء الفلسطينيون العرب للصهاينة المهاجرين بإزدياد مستمرعندما باع بعض الفلسطينيون العرب الأغنياء أراضيهم للصهاينة و شرد الصهاينة الفلا حين العرب من مزارعهم و التي كانوا يحرثونها لقرون عديدة. فاليهود الذين قاسوا الإضطهاد في أوربا و جدوا أنفسهم أن عليهم أن يضطهدوا غيرهم في فلسطين. فإضطر البريطانيون أن يوقفوا هجرة اليهود إرضاءً للعرب الأمر الذي جعلهم يواجهون العنف من الجانبين. وعند حلول عام 1946 بدأت جماعات اليهود الشبه عسكرية الذين زودوا بالسلاح لمحاربة العرب بمهاجمة أفراد الجيش البريطاني ومنشآتهم.

و لتفادي المشاكل التي كانت تجابهها في فلسطين قررت بريطانيا الإنسحاب منها و تم ذلك عام 1947 معتمدةً في حماية مصالحها النفطية على الحكومات العميلة اتي كانت قد أسستها في العراق و الأردن و مصر. و بعد تخلي بريطانيا عن الشرق الأوسط قررت الولايات المتحدة و الإتحاد السوفيتي التدخل في المنطقة بمساندة قرار من هيئة الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين و إنشاء وطن صهيوني فيها (بمنحهم نصف مساحتها لثلث عدد سكانها). و كان الصهاينة يتزودون بكميات ضخمة من الأسلحة من جيكوسوفاكيا الشيوعية و بمساندة الولايات المتحدة الأمريكية. و حين جرى قتال بين الفلسطينيين و الصهاينة ارهب الصهاينة الكثير من السكان العرب الذين أضطروا أن يهربوا من ديارهم كما حصل في قرية دير يسن و المذابح اتي حصلت فيها، ثم تغلبوا في المعارك التي جرت مع جيوش سيئة التنظيم مرسلة من قبل الملوك العرب بحجة مساعدة الفلسطينيين، تلك الجيوش التي سيطرت على جزء من فلسطين ( ما يقارب 20% من مجموع الأراضي الفلسطينية) و تم تقاسمها بين ملك مصرو الأردن. و هكذا تم تأسيس دولة صهيونية قوية، راغبة و قادرة في دعم المصالح الغربية - و التي غالباً ما تعني مصالح الولايات المتحدة الأمريكية - لقاء تزويدها بالأسلحة و المساعدات المالية.

و لم يؤدي الوضع هذا إلى إحلال الإستقرار في المنطقة. فالمرارة التي تسببت من هزيمة الجيوش العربية في حربها مع الصهاينة ادت إلى حدوث إنقلاب عسكري في مصر سيطر بعدها ضباط قوميون برآسة جمال عبد الناصر على الحكم و قضى على النظام الملكي الموالي لبريطانيا. ثم أدى تأميم قناة السويس الذي تملكه بريطانيا و فرنسا من قبل عبد الناصرإلى محاولة إمبريالية أخيرة في المنطقة من قبل بريطانيا. ففي نوفمبر عام 1956 قامت جيوش بريطانية و فرنسية و إسرائيلية بمهاجمة مصر. و كادت هذه الحملة أن تنجح عسكرياً و لكنها فشلت سياسياً فشلاً ذريعاً. فالولايات المتحدة الأميركية إستغلت مشاكل بريطانيا المالية و رمت بثقلها لأيقاف الحملة و حلت محل بريطانيا في السيطرة على الشرق الأوسط ثم أدى التهجم الإعلامي على بريطانيا في المنطقة إلى القضاء على النظام الملكي الموالي لبريطانيا في العراق بعد سنتين.

و إتبعت الولايات المتحدة الأمريكية في سياستها نفس السياسة البريطانية في الإعتماد على إسرائيل و النظم العربية الموالية لها. فجهزت إسرائيل بالسلاح بكميات تفوق على الكميات التي كانت تجهزها لغيرها كما تعاونت تعاوناً وثيقاً مع المملكة العربية السعودية و ساندت سيطرة شاه ايران على مملكته سيطرة تامة و ساهمت في تمكين حزب البعث أن يسيطر على الحكم في العراق بقيادة الشاب صدام حسين عام 1962. و نجحت الولايات المتحدة الأمريكية نجاحاً باهاراً في إحكام سيطرتها على المنطقة و نفطها و ذلك بتشجيع دول المنطقة من إحداث النزاعات بينهم و التي أدت إلى سلسلة من الحروب – الحربين العربية الإسرائيلية عام 1976 و عام 1973، و الحرب الأهلية في لبنان بعد عام 1976 و الحرب الهمجية بين العراق و ايران خلال الثمانينات من القرن الماضي، و غزو لبنان من قبل إسرائيل عام 1982 و الحرب التي قادتها الويات المتحدة الأمريكية علي العراق عام 1991. فالقرن العشرين يشاهد مرة أخرى أن الثروة، و في هذه الحالة الثروة النفطية، تستحيل إلى دماء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائقة تفقد السيطرة على شاحنة وتتدلى من جسر بعد اصطدام سيارة


.. خطة إسرائيل بشأن -ممر نتساريم- تكشف عن مشروع لإعادة تشكيل غز




.. واشنطن: بدء تسليم المساعدات الإنسانية انطلاقاً من الرصيف الب


.. مراسل الجزيرة: استشهاد فلسطينيين اثنين بقصف إسرائيلي استهدف




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش إرهاق وإجهاد الجنود وعودة حماس إ