الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وإذا أوتيتم المنكرات..

سعد تركي

2010 / 7 / 21
المجتمع المدني


نفخر دوماً أننا أمة نتقدم على بقية أمم الأرض بأخلاقنا وقيمنا ومبادئنا وندرة الفضائح التي تزلزل(في أمم غيرنا) عروش حكومات ومؤسسات مدنية ودينية.. نفخر دوماً أننا أمة، على الرغم من فقر شعوبها وجهلها وتسلط حكامها، حبيبة على الله، قريبة منه، ملتزمة بوصاياه وأوامره..
لم يكن علينا أن نشعر بنقيصة أمام هوة عميقة تفصلنا عن بقية الأمم بين تقدمهم العلمي والتكنولوجي وجهلنا وتخلفنا علميا عنهم، ذلك أن الله جلّ وعلا إنما ينظر إلى قلوبنا العامرة بحبه وجباهنا التي تآكلت من كثرة السجود تقرباً من جنانه وخشية من السعير.
غير أن ما لم يكن يدور في خلد أكثرنا تشاؤماً، أن تكون منتوجات التكنولوجيا التي غزتنا بها الأمم وجعلت من حياتنا لا تسير من دونها، سبباً في انكشافنا وعرينا أمام أنفسنا أولاً، وأمام بقية خلق الله ثانياً. عدسات الفضائيات لم نكن قادرين من منعها في تسجيل أدق أدق أسرارنا، وشبكة الانترنيت فضحت رجولة بعضنا وفتوحاتهم الذكورية، فضحت عشق بعضنا لتسجيل سويعات التذاذهم بتصوير عوراتهم وهي تفتض بكارة وطهر من وثقن أنهن بمنأى عن الفضيحة، والهواتف النقالة تتجول في بيوتنا وتؤرشف ـ بوعينا أو من دونه ـ لحظات تهورنا ومجون بعضنا.. معول التكنولوجيا كسر ـ لغفلتنا وجهلنا في التعامل مع منجز حضاري لم تكن لنا أي إسهامة فيه ـ قشرة رخوة لناصح حكيم بلا حكمة، حكمة تحولت بفعل قداسة الماضي والتكرار إلى قانون عام يحكم ويتحكم بحياتنا، معول التكنولوجيا أزاح غطاء بالوعة بقي مغلقاً لقرون عديدة بحكمة (وإذا أوتيتم المنكرات فاستتروا)، لنكتشف أننا نعالج المرض بادعاء الصحة، وأن علامة التقوى عند بعضهم ليست أكثر من حرق متعمد للجبهة، وإذا بصلواتنا ليست أكثر من اتكيت اجتماعي أو جزء من حركات نؤديها من دون أن نفقه لها معنى ومن دون أن تنهانا عن الفحشاء والمنكر..
يتصفح كثيرون منا مواقع الانترنيت ويُذهلون من حجم فضائحنا المكشوفة أمام عالم احتقرناه وادعينا أفضليتنا عليه، من دون أن نفقه إن المنكر لا يمكن أن يستتر طويلاً في العالم المتحضر، فالخطأ يتحول إلى خطيئة حين لا يكشفه أحد ولا يردعه القانون والمجتمع. من منا لم يسمع عبارة مألوفة( والله سبع كدر ايكون نفسه) إعجاباً بمن سطا على مال عام!!
نفخر دوما أن لنا حضارة عميقة في التاريخ، نفخر أن بغداد هارون الرشيد كانت تعيش عصراً ذهبياً، وننسى( أو نتجاهل) في زهونا أن ثمة فرق كبير بين ما كان يعيشه هارون في قصره مع غلمانه وجواريه وشعرائه الماجنين وبين ما تعيشه غالبية سكان عاصمة الدنيا، ثمة فرق كبير وواسع جداً بين الحالين كما الفرق بين قصور الطاغية المقبور وسبع قصور..
نشمخ بأنوفنا عاليا حين نتحدث عن المتحضرين وفضائحهم، وندفن وجوهنا في الرمال عن رؤية بشاعة أنفسنا وتردي أخلاقنا، لأننا كالبعير الذي يعيب على الآخرين عدم استقامتهم حين يعجز عن رؤية حدبة كبيرة تعلو ظهره!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة اعتقال مسلحين اثنين ومقتل آخرين من منفذي هجوم داغستان


.. شبكات | اعتقال عارضة أزياء يمنية بعد جدل أثارته صور زفافها




.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - الأونروا: 69% من مدارس النازحين ف


.. الأونروا: 69% من المباني المدرسية التي كانت تؤوي نازحين في غ




.. مشاهد للحظات الأولى بعد قصف مقر تابع للأمم المتحدة في غزة