الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجتمع والسلطة في المغرب

حميد المصباحي

2010 / 7 / 23
المجتمع المدني



من المؤكد أن لكل منهما سلطة على الآخر،من حيث التأثير المتبادل،فإذا كان المجتمع فكر في خلق الدولة،فهي خرجت من رحمه،وكانت كما أرادها هو،لكنها نظمته،ووجهته،حفاظا عليه وعلى ذاتها،وفي صيرورته خففت من عنفها وصرامة رقابتها عليه،لأنه تمثل ما ينبغي أن يكونه،ليس فقط بقوة القانون،بل بإقناعية القيم وفعالية مؤسساته،التربوية والتعليمية والإعلامية وحتى الأسرية،لكن المجتمعات تختلف باختلاف الحضارات،والتجارب التاريخية،فكان لزاما أن تختلف الدول،في نظرتها لمجتمعاتها،علاقتها بها وتفاعلها معها،فما هي علاقة السلطة بالمجتمع في المغرب؟كيف يتفاعلان؟أيهما أكثر تأثيرا في الآخر؟وكيف يتم هذا التأثير؟
1المجتمع المغربي
هو مجتمع السلط بما فيه من ولاءات،تستند إلى النسب،كالأسرة والقبيلة في البوادي حيث الأولياء والناس بدواويرهم،إما شرفاء ذوي بركات أو عوام في حاجة إليها،والأولياء كأموات يورثون أسرارهم لأحفادهم،فينشئون الزوايا،هنا يتفاعل العرقي كنسق مغلق مع الديني الصوفي في انفتاحه على كل الناس،لاكتساب رضى الشيخ بالتنافس عليه عبادة وعطاء،إنها سلطة قوية،في نبذها لكل ما ينازع الدولة شرعيتها من منطلق ديني،إنها خصك عنيد للإسلام السياسي،بما تمثله من سلطة روحية على أفرادها،الذين يكتسبون مناعة بحجاجيتهم الشرعية والصوفية ضد الإستغلال السياسي للديانة الإسلامية،وقد انتشرت الزوايا في كل المدن المغربية العتيقة،وهي أكثر السلط فعالية في مواجهة الحركات الإسلامية،بل هي من يحد من قوتها وانتشارها،ولذلك تدعمها الدولة،وتتجاهل بعض الخروقات في المواسم التي تشرف عليها لحيويتها واتساع قاعدة أتباعها رغم تفاوت درجات وعيهم بالبعد الصوفي في الزوايا،وتداخله مع التصور الشعبي للأولياء نوهم ذوي العزم من رجالات التصوف السني.
إن هذه السلطة قوية اجتماعيا بجذورها ومرتكزاتها التعبدية وتماسك أفرادها حتى في علاقاتهم التجارية ومختلف أشكال تآزرهم المشروع دينيا،أما السلطة المواجهة لها،فهي الحركات الإسلامية،لأنها توظف الإسلام سياسيا وكل المعارضين للطابع الديني للدولة من الأحزاب السياسية،سواء كان توجهها اشتراكي أو ليبرالي،وهي سلط حديثة مقارنة معها،لكن تأثيرها الإيديولوجي أثر في سلوكات الفئات الوسطى،بل حتى الفقيرة منها من حيث نمط العيش والتفكير ودرجات الإنفتاح والعلاقات التي تراجع فيها التمييز الجنسي،لتحل محله الفعالية الإقتصادية،وأحيانا حتى السياسية،كما أن سلطة الأبوة خفت نسبيا،ولم تعد حاضرة بقوتها المعهودة،أو كما هي في سلطة الزاوية والحركات الدينية السياسية والدعوية،التي تعول عليها كفاعل في التوجيه والتأطير,إن المجتمع المغربي تتنازعه سلط،قديمة متنافسة فيما بينها،دينيا وأحيانا اقتصاديا،وأخرى حديثة،تحاول فرض ذاتها إيديولوجيا من خلال الأحزاب والجمعيات والنقابات،تتنافس هي الأخرى مع بعضها،لكن فكرها وقيمها غير مختلفة،لأنها تدعو لنمط عيش واحد،أكثر انفتاحا على ماهو غربي،قد يصل حد التماهي معه ورفض الطقوس الإسلامية دون إعلان ذلك صراحة،وهي تعيش اغترابا وتناقضا،بين ما تعيشه لكنها لاستطيع الدفاع عنه إلا في حدود الشخصي.
2السلطة السياسية
السلطة السياسية في المغرب،على مستوى القيم تصرح بأنها دينية منفتحة على الغرب،وكل مالا يتناقض فيه مع الإسلام،السني الشعبي والصوفي،مالا يناقضه في الغرب،هي الإشتراكية بدون إلحاد أو عنف أو تأميم وسائل الإنتاج،والحداثة بدون علمانية ولا تعاقد دنيوي قابل للتعديل،هكذا استحضرت الدولة في ذاتها واختياراتها،كل سلط المجتمع،لتصير معبرا عن كل ما يموج في داخله،ولكنها في الوقت ذاته،ليست ميالة لأي اتجاه،هي إسلامية ديمقراطية،حداثية بطريقتها،هي كل المجتمع،وليست لبعضه،ممثلة لهم،وممثلو لها،وكل اتجاه يعتقد أنه الأكثر تأثيرا عليها وقربا كسلطة اجتماعية لها حضورها في الدولة كاختيار وقرار.
لكن لماذا لا تحتكم السلطة لآليات حديثة لمعرفة ميولات المجتمع؟
إذا كان المقصود هو الإستشارات الإنتخابية،فلم تكن معبرا عن اتجاهي المجتمع،المحافظ والمجدد،لأن الداخلية كانت تتحكم في خريطة التصويت،أم حاليا،فإن نسبة العزوف تحول دون استقراء توجهات المصوتين،كما أن ذلك إن أمكن لن يغير لاختيارات السلطة السياسية في المغرب،المراد لها ألا تكون واضحة،فيطالبها الديني بتطبيق الشريعة،والحداثي بالعلمانية إن ادعت الحداثة كما هي في الغرب،وهي أي الدولة تطمح لأن تتماهى مع المجتمع في ازدواجيته،وتعايشه الثقافي مع التقليدي والمستحدث،فكرا وسلوكا ومعتقدا،لتظل حكما على الجميع،في تأثيرها وتأثرها،محددة لما عليها تجديده أو تكراره في ممارساتها ومؤسساتها.
حميد المصباحي عضو اتحاد كتاب المغرب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تقطع الطريق بين دمشق وبيروت أمام النازحين


.. مشاهد تظهر تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين اللبنانيين إلى سوريا




.. منظمة في ليبيا تمنح الأمل لذوات الاحتياجات الخاصة وتفتح أبوا


.. صور متداولة لوصول عدد من النازحين اللبنانيين إلى الحدود مع س




.. فيديو يظهر عددا كبيرا من اللاجئين السوريين يدخلون الأراضي ال