الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لست مع البابا و لست مع هؤلاء

مرثا بشارة

2010 / 7 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هل الدين قيود و فروض وضعت لتُقيد حرية الإنسان و تُعكر صفو حياته ؟ سؤال كثيراً ما يتردد علي أذهان الكثيرين ، البعض قد يُؤِد السؤال داخل الذهن حتى لا يشعر الآخرين بتجرئه علي الدين ، و البعض قد يطلق السؤال من ذهنه ليتشارك و يتحاور به مع من حوله حتى يجد الإجابة ، أما البعض الأخر فقد يتجرا و يرفض بل و أيضا ربما يتطاول علي مبادئ الدين ، و هذا ما لمسناه مؤخرا بسبب الجدل الشديد حول قضية الطلاق و الزواج الثاني في المسيحية.
فالتيار الأول و يمثله هؤلاء الذين يكتفون فقط بما يمليه عليهم رجال الدين من مبادئ و تشريعات وتحليل و تحريم دون الرجوع لما بأيديهم من كتب مقدسة لمراجعة ما يقدم لهم من تعاليم ، ظنا منهم بان رجال الدين هم الاعلي شانا و الأكثر علما و لا يجوز تحليل و تمحيص ما يعلّمون و ينادون به أو وضعه تحت مجهر الحق و الحقيقة ، و هؤلاء هم عميان لقادة عميان ، يعيشون و يموتون دون أن يدركوا ما هو الحق من الباطل ، و ما هو الغث من الثمين ، فلا يجهدون أنفسهم في استغلال طاقة العقل المعطلة عن التفكير ، إذ يسلمون تسليما كاملاً بأنها من اردة الله و احسانته أن يثبتوا حتى الموت علي ما ولدوا عليه ،
أما التيار الثاني ، فهم أناس عاديون جدا ، لكنهم مفكرون ، إذ يستخدمون نعمة العقل في نقد و تحليل الأمور دون أن يأخذوها علي علتها دونما تفكير أو تدبير و كأنها مسلمات واجبة الطاعة و النفاذ ، فيشاركون و يتشاركون أفكارهم و آرائهم في كل ما تعج به الحياة من مشاكل و قضايا حتي و لو كانت في عمق الدين و ثوابت الأيمان ، و ذلك عملا بالقول الذهبي – فتشوا الكتب لأنكم تظنون أن لكم فيها حياة - و هؤلاء هم من يلتمسون الحق فيعرفونه و الحق يحررهم من عبودية الفكر المظلم لحرية اليقين ،
أما التيار الثالث ، فهم من يظنون أن الدين بالضرورة هو ضد حرية الفرد ، و يؤثر بالسلب علي التعايش بين الإفراد ، لذا فيجب منعه من التواجد علي ارض الواقع الاجتماعي أو علي الأقل ترويضه حسبما مايوافق منطقهم و أفكارهم وأحيانا أهوائهم ، و هذا ما حدث فيما يتعلق بقضية الطلاق و الزواج الثاني ،
فنتيجة لتمسك البابا بعدم التصريح بالزواج الثاني للمطلقين رغم إهماله لقضيتي التبني و الميراث - و لا ندري سببا لذلك سوي لأنهما يتعارضان مع الشريعة الإسلامية و هو لا يريد الدخول في صراع قضائي تشريعي جديد – كان رد هؤلاء ، هو المطالبة برفض سيطرة النصوص الدينية و التحرر من سجنها ، فلا يجب تقديس المسيحية علي حساب المسيحيين - علي حد تعبير احدهم – و كأن المسيحية تحمل سيفاَ لتطيح برقاب المعارضين و الضالين بعيدا عنها ، و نسي هؤلاء ، انه لولا ما تحمله المسيحية من قيم سامية تنشدها كل المجتمعات الباحثة عن التحضر و الرقي الإنساني ، لكان السيف في انتظار هذا أو ذاك ، و المشكلة الحقيقية لهؤلاء ، أنهم يُسقطون ما يُسيء به بعض المنتمين للمسيحية علي المسيحية نفسها ، أما المشكلة الأكبر فهي ، تبنيهم الخاطئ لمبدأ – السبت لأجل الإنسان ، لا الإنسان لأجل السبت – حتى يستبيحون هدم المثل و القيم المسيحية من منطلق أن المسيحية لا تشرع و إنما تقدم وصايا دون أن تكره أحدا علي العمل بها ،
و هنا سؤال هام ، أليست شريعة الحب و السلام والمُثل ، أحب و أجدر بالإتباع لتكون منهج حياة ؟ و كيف للإنسان أن ينتمي لعقيدة و هو يريد التنصل من مبادئها ؟ ، ففي هذه القضية وجدت نفسي لست مع البابا لعدم مطالبته بالحق كاملاَ ، و لست مع هؤلاء لأنهم يريدون قلب الحق باطلاَ ، بدعوة التحرر من الدولة الدينية و المطالبة بدولة مدنية علمانية ، ناسيين أن المسيحية لم و لا و لن ترتبط بالسياسة أو الحكومات لان ذلك مبديء أصيل من مبادئها ، فهل ستكون العلمانية هي الدين الجديد الذي سيحارب كل الأديان ، الحق منها و الباطل ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تجريد الاديان من الاطماع والاهواء
السيد العربي ( 2010 / 7 / 23 - 21:59 )
اظن انه اذا جرى تجريد الاديان من الاهواء وادخالها في معترك السياسة او الاطماع الشخصية فيمكننا ان نعيش في سلام جميعنا


2 - جميلة هى إنسانيتك عزيزتى مارثا
سامى لبيب ( 2010 / 7 / 25 - 00:00 )
تحياتى عزيزتى مارثا ..

جميلة هى إنسانيتك ونظرتك الشمولية للدين كقيمة إنسانية هى من المفروض أن تكون لخدمة ورقى الإنسان ...هذا إذا إعتبرنا الدين يقدم رسالة إنسانية .

ولكنها ياعزيزتى هذه نظرة مثالية لن تستطيع أن تنمو على أرض الواقع .
فرفض الزواج الثانى والطلاق يتكأ على أقوال للمسيح ..
وما تحلونه على الأرض يحل فى السماء هى سلطة منحها المسيح للكهنة .
الإشكالية أننا فى واقع يفرض متطلباته وإحتياجاته وبتصادم مع نصوص كانت صالحة لزمانها .
لذا تجدى بعض التطور فى الكنيسة البروستانتية كمرونة فى تعاملها مع الواقع ...بينما الإتجاهات المحافظة مازالت تتشبث بالنص .

أمور كالزواج والطلاق وما خلافه ليس شأنا بعيدا ً عن العلمانية كون المتعارف عليه أن العلمانية تطلب فصل الدين عن السياسة .
العلمانية تطلب أبضا علاقات غير مجحفة ولا قاهرة بالإنسان فى علاقاته الإجتماعية والإنسانية .
بالطبع لن أعتبر حكم المحكمة هو ترسيخ لمفاهيم مدنية وعلمانية ..بل ممارسة دور ما ..وإلا كان الأولى النظر لترسانة التشريعات التى تقوض المجتمع المدنى .

خالص مودتى ..


3 - تعاليم المسيح
مرثا بشارة ( 2010 / 7 / 25 - 12:57 )
تحية عطرة لأخي سامي لبيب
رغم اختلافنا في وجهة النظر ، الا انني اشكرك علي هذا التعليق القيم لانه يتيح لي ، الفرصة لتوضيح بعض الامور ،
فاولا ، تعاليم المسيح قادرة علي الصمود في حياة كل من يؤمنون بها لانهم عرفوها و اختبروها انها صخرة يثبتون عليها في مواجهة الانجراف و التدني الاخلاقي في كل زمان ، اما كل من ولدوا مسيحيين ولم يعرفوا عن المسيحية شيئا ، فليقرؤا ما بها من تعاليم واذا لم تنال استحسانهم يتركوها ليعتنقوا اي عقيدة اخري تتفق و اهوائهم و ميولهم ،
ثانيا المسيح لم يعطي اي سلطة لاي انسان علي اخر ، بل علم انه من اراد منكم ان يكون اولا فيكون خادما للكل ، فالسلطان هو سلطان الايمان بهذة التعاليم و ليس سلطان الانسان اي كان شانه او منصبه،
اخيرا انا لست ضد العلمانية او اي مذهب اوعقيدة ، بل و اؤيد فصل الدين عن السياسة ، لكني اري انه من غير المنطقي ان يتبع الانسان عقيدة و هو يرفض بل و يحارب مبادئها


4 - الزواج سر مقدس
خلدون ( 2011 / 6 / 27 - 19:44 )
اجمل ما في الديانة المسيحية انها تعتبر الزواج سر مقدس بين الرجل والمراة فالعلاقة بينهما بنيت على اساس روحي وليس مجرد عقد بين شخصين مقيد بشروط مادية فاذا فشل بعض الاشخاص في بناء عائلة مسيحية صحيحة لايعني تغير احد ثوابت ايماننا والتي نطق بها حرفيا السيد المسيح ولا داعي للجدال فيها ليس ذلك لاننا جامدين في تفكيرنا بل لان الزواج المسيحي اثبت انه الحل الوحيد للبحث عن حل المشاكل العائلية لا الهروب الى الحلول المتطرفة التي تؤدي الىتفسخ المجتمع وفقدان قيمة الروابط المقدسة بين افراد العائلة فالزواج الثاني اذا حل مشكة احد الاطراف ممكن ان يعقد مشكلة الطرف الاخر اذا فما الفائدة منه وماذا عن الاطفال

اخر الافلام

.. مشروع علم وتاريخ الحضارات للدكتور خزعل الماجدي : حوار معه كم


.. مبارك شعبى مصر.. بطريرك الأقباط الكاثوليك يترأس قداس عيد دخو




.. 70-Ali-Imran


.. 71-Ali-Imran




.. 72-Ali-Imran