الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وإذا مرضت.. فمن يشفيني؟

سعد تركي

2010 / 7 / 25
المجتمع المدني


يعتقد كثيرون، وهم غالباً على حق، إن الموت خير من الابتلاء بمرض مستعص، خصوصاً لمن كان ذا دخل محدود بالكاد يفي متطلبات العيش في بلد يشهد تصاعداً وغلاء في كل ما تمس الحاجة إليه. ففضلاً عن ندرة الأطباء الاختصاصيين البارعين في مهنهم، فأن أغلبهم ـ سواء أكانوا بارعين أم لاـ رفعوا أجورهم إلى أرقام فلكية، مستغلين غياباً شبه تام لدور فاعل وحقيقي كانت تقوم به مؤسسات صحية حكومية تغني الفقراء عن اللجوء إليهم، لكونها كانت تنافسهم في مستوى الخدمات وفاعليتها بأجور رمزية.
حين تطأ قدماك مدينة الطب في بغداد، وهي أهم مؤسسة صحية في البلاد، يريحك جداً أن ترى مستوى الاهتمام الكبير الذي بذلته وزارة الصحة في تحديث أبنيتها، فما تراه من نظافة الأرضية ولمعانها والإنارة والتكييف يعطيك انطباعاً أنك في مؤسسة صحية عصرية بامتياز.
انطباع الوهلة الأولى يزول تدريجياً بدءاً من الاستعلامات، حيث الاستقبال الفج والتعالي على المرضى ومرافقيهم، فغالباً ما يتم اختيار وجوه تحسن لبس(الجينكو)، وتستخدم لغة استعلائية تتجاهل مشاعر مريض ينوء بثقل مرضه وبه حاجة إلى ابتسامة ترحيب وكلمة تشجيع..
لا يخفى على أحد انتشار الأمراض السرطانية في العراق بشكل مخيف، ولسنا هنا في سبيل تعدادها أو البحث عن أسبابها، ما يعنينا هو مرض واحد منها فقط هو سرطان الثدي الذي انتشر انتشاراً غير مسبوق دعا إعلام وزارة الصحة إلى تبني حملة إعلامية للتعريف به وبمخاطره وسبل مكافحته، ودعت المصابات به إلى مراجعة مؤسسات الوزارة للعلاج.
وحدة البحث عن أورام الثدي تحتل الطابق الثاني من مدينة الطب، وعلى من أصيبت بورم أن تجلس أولاً في الاستعلامات لغاية الساعة التاسعة صباحاً حيث يبدأ الدوام، وحيث يسمح موظفو الاستعلامات للمرضى بالصعود من دون مرافقيهم(أحياناً) ومن دون مراعاة لأسبقية الوصول، لتشتعل حمى المنافسة بين المرضى أملاً في الوصول إلى باب الطبيب أسرع من الباقين، هناك تحاول النساء الانتظام في طابور أمام بابه، غير أن هذا الطابور سرعان ما تنهيه الفوضى ، فالجميع يرغبن في الدخول أولا، وتشعر بعضهن بالغبن لأنها وصلت المدينة قبل الأخريات لتجد نفسها في نهاية الطابور.. ظهور مساعد الطبيب يقضي على بقية النظام حين يبدأ بجمع أضابير المريضات بصورة عشوائية لعدم اهتمامه بأسبقية الوصول.
لا يسمح لأي مرافق لمريضة بالدخول معها إلى الطبيب، مما يجعل بعضهن يحجمن عن الدخول لكون المرض نسائي في منطقة حساسة يطلب منهن أن يبرزنه للفحص. ولا ندري لماذا لا يزاد عدد الأطباء مع وفرة الخريجين العاطلين، ولماذا لا يتم تعيين طبيبات؟
الرحلة لا تنتهي هنا، فقد يصف الطبيب علاجاً لا يتوفر في صيدلية المؤسسة، لتعود ثانية إلى الطابور فالدخول على الطبيب ليصف لها علاجاً آخر تشتريه من الصيدليات الأهلية.
الارتياح النفسي نصف العلاج من المرض، في حين أن إهمال المريض والتعامل معه بخشونة ووضع العراقيل أمامه يجعله يائساً ومستسلماً يفضل أن يموت في بيته بهدوء على أن يتحمل عذاب وجحيم مراجعة مؤسسة صحية حكومية.
اهتممتم كثيراً ببناء وتحديث المؤسسات الصحية، وصرفتم ببذخ أحيانا عليها.. ما أجمل وأصح وأفضل لو اهتممتم أكثر بالمريض.. الرخام والإنارة وأجهزة التكييف مهمة جداً في جلب الراحة للمرضى، لكنها ليست أهم إطلاقاً من احترامه وتقدير آلامه وأوجاعه والعمل بجدية على تقديم العلاج الناجع له، ونظن أنكم في وزارة الصحة تعرفون ذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة اعتقال مسلحين اثنين ومقتل آخرين من منفذي هجوم داغستان


.. شبكات | اعتقال عارضة أزياء يمنية بعد جدل أثارته صور زفافها




.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - الأونروا: 69% من مدارس النازحين ف


.. الأونروا: 69% من المباني المدرسية التي كانت تؤوي نازحين في غ




.. مشاهد للحظات الأولى بعد قصف مقر تابع للأمم المتحدة في غزة