الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل هناك حاجة لتنقيح وتجديد الاديان الابراهيمية؟

كامل علي

2010 / 7 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لنفترض انّ الاديان السماوية هي مؤلّفات بشرية وانّ الله لم يرسل الانبياء لهداية الانسانية وانّ الاديان السابقة كالدين اليهودي هي من بنات افكار ابراهيم وموسى وانّ الاديان الابراهيمية اللاحقة كالدين المسيحي والدين الاسلامي اقتبست تعاليم الدين اليهودي واضافت تعاليم جديدة عليه كما عدلّت وحورّت بعضها بما يتناسب مع تطوّر العقل الانساني واكتشاف بعض قوانين وسنن الطبيعة وبما يتناسب مع خواص المجتمعات الّتي ظهرت فيها زمانيا ومكانيا، ففي هذه الحالة يمكن القول أنّ محمدا قد ارتكب خطأ جسيما بحق الانسانية بقوله بأنّه خاتم الانبياء والرسل وذلك لانّه اغلق باب السماء وبالتالي باب تطوّر التعاليم الدينية والتي يتوجب مواكبتها لتطور العقل الانساني.
إنّ الانبياء والرسل هم مصلحون ادّوا للانسانية خدمات جليلة وساهموا في تطوير التشريعات الّتي تنظّم العلاقات بين الناس في المجتمعات الانسانية بالرغم من انّ بعض هذه التشريعات سببت وتسبب وستسبب في نشوب الصراعات والحروب بين منتسبي الاديان المختلفة.
إن فكرة الثواب والعقاب في يوم القيامة ساهمت وتساهم وستساهم في بعض الحالات في ردع شريحة من النّاس وخاصة الجهلاء منهم من ارتكاب الجرائم والتجاوز على حقوق الآخرين، لكنّ بعض تعاليم الاديان السماوية لا تواكب تطوّر العقل الانساني وتطوّر المجتمعات الانسانية وحضارته، لذا يثار سؤال ملح وهو:
هل هناك حاجة لتنقيح وتجديد الاديان الابراهيمية بما يتلائم مع متطلبات العصر الحديث؟
الجواب ياعتقادي هو نعم، ولكن العقبة بالنسبة للمسلمين هو ادعاء محمّد بانّ الدين الاسلامي هو آخر الاديان السماوية وانّه خاتم النبوّة واعتقاد معتنقوا الاديان الابراهيمية ( اليهود والمسيحيون والمسلمون ) بانّ انبيائهم ورسلهم مرسلون حقا من قبل الله.
لحل هذه المعضلة العويصة نجد بانّ معظم المجتمعات والدول الاسلامية والمسيحية واليهودية اوجدت تشريعات جديدة سميت بالدساتير اقتبست بعض بنودها من الاديان السماوية وحذفت بعضها واضافت بنود اخرى لتواكب عقلية ومتطلبات هذا العصر.
المعضلة الّتي تواجه الانسانية في العصر الحديث هي التوفيق بين فكرتين، فلو آمنّا بانّ الاديان هو وحي من الله فيتوجب علينا ان نطبّق جميع التشريعات الواردة في الكتب السماوية بالرغم من انّ قسم من هذه التشريعات لا تتماشى مع متطلبات العصر الحديث وتبدو متناقضة مع العقل والمنطق والمكتشفات العلمية، امّا إذا آمنّا بأنّ الاديان السماوية هي مؤلفات بشرية قابلة للتطوير والتعديل فستواجهنا معضلة اخرى وهي كيفية تطويع جموع غفيرة من البشر ومنعهم من الظلم والكذب والنفاق والقتل وارتكاب بقية الموبقات من دون وجود خوف من العقاب في يوم القيامة بالرغم من أنّ الدساتير الموضوعة تشرّع عقوبات رادعة لمثل هذه التجاوزات والجرائم كالنفي والسجن والاعدام.
العالم النفسي ومكتشف التحليل النفسي لعلاج الامراض النفسية سيجموند فرويد بحث هذه المعضلة في كتابه ( المستقبل وهم ).
يقول فرويد في هذا الكتاب: لو افترضنا عدم وجود دين ارضي او سماوي في مجتمع ما، فماذا سيحدث؟
بعض الاذكياء او الاقوياء من هذا المجتمع سيتمكنون من فرض سلطانهم على الجهلاء والضعفاء وسيستغلون هؤلاء لتحقيق مآربهم واطماعهم الشخصيّة وذلك بإيجاد تشريعات وتعاليم تخدم مصالحهم.
بعد فترة سيتحّد هؤلاء المظلومين والمستغَلين وسيثورون على ظالميهم ومستغِليهم ويقتلونهم او يسجنونهم او يبعدونهم عن السلطة. بعد هذه المرحلة سينشآ صراع في هذا المجتمع ويعمّ الفوضى، فالكل يسرق ويرتشي ويقتل ويحاول تحقيق اكبر المكاسب. بعد فترة من الفوضى في هذا المجتمع سيكتشف افراده بانّ الحياة لا يمكن ان تستمر بهذه الطريقة ويتوجب عليهم وضع قوانين وتشريعات تنظّم العلاقات في هذا المجتمع الانساني، وفعلا يتم وضع دستور ينظّم المجتمع ويحتوي على قوانين رادعة بحق المخالفين وهاتكي حريات وحقوق الاخرين.
بعد هذه العجالة يمكن اثارة الاسئلة التالية:
- إذا كان العقل الانساني وحاجاته في تطوّر مستمر عبر العصور وانّ هناك حاجة لتشريعات مستجدّة تواكب هذا التطوّر، هل اخطأ محمّد بغلق باب السماء؟
- هل أنّ المنظّمات الجديدة كالماسونية والرائيلية تستغل نقاط الضعف في الاديان السماوية وعدم تمكّن هذه الاديان من مواكبة تطوّر العقل الانساني والمجتمعات الانسانية لنشر افكارها بهدف الوصول الى السلطة والتحكّم بمصائر الشعوب؟
- اليس من الافضل اعتماد دستور يشارك في وضعه عقلاء القوم المنتخبين من قبل الاكثرية لتنظيم العلاقات في المجتمع بدلا من اعتماد تشريعات تمّ وضعها من قبل شخص واحد وفي مكان وزمان لا هي مكاننا ولا هي زماننا؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مفاتيح فهم الأديان الإبراهيمية
Amir Baky ( 2010 / 7 / 25 - 12:46 )
لابد من الفصل بين الوصية و التعليم العام الذى يصلح لكل زمان ومكان و أى مجتمع بشرى وبين النصوص التشريعية التى تختلف من مجتمع إلى مجتمع و من زمن إلى زمن. عند وضع المعايير لفصل ما هو تاريخى و ما هو دينى و ما هو وصية عامة و ما هو تشريع خاص بالمجتمع المعاصر لكتابة هذا الكلام سيضع الجميع يده على مفاتيح فهم الأديان الإبراهيمية. التعصب لفهم معين هو أكبر دليل على فشل و نقص الأديان. أما الفهم المتفتح لهم هو ضمان لإستمراريتهم


2 - ليس نبى الإسلام وحده عزيزى كامل
سامى لبيب ( 2010 / 7 / 25 - 13:58 )
تحياتى عزيزى كامل ..وتحية لهذه الفكرة الرائعة

ليس نبى الإسلام وحده من أدعى أنه الخاتم .
اليهودية لا تعترف بما بعدها وأنهم شعب الله المختار ولا توجد أديان بعدهم ..والمسيحية نفس الشئ لا تعترف إلا بالتوراة ولا تعترف بأى رسالة وبشارة بعدها .
الأديان هى عنصرية الهوى والهوية ,,هى إستقصائية وإستئصالية بالضرورة ..هى تتوقف مع لحظة زمنية محددة ولا تتجاوزها بحكم المقدس .
أى محاولة للتطوير ستفشل لأن المقدس سينكسر ولن تجد من يرممه .
لا تستطيع أن ترمم الثوب البالى فسيبقى ثوبا قديما مرقعا ً ومهلهلا .

هناك رؤية أحب إضافتها بأن الدين والمعتقد لم يأتى كمجموعة أفكار وأساطير مجردة ..بل له علاقة وثيقة مع فئات نخبوية ورؤية طبقية أرادت الهيمنة من خلال المقدس لتفرض سطوتها وتمرر مصالحها .
مثال بسيط أن الأديان على ما تدعيه لقيم الحق والخير كرست وأسست مجتمع العبودية ..بل ساهمت بتشريعات من الإله لطاعة العبد لسيده .
لا تكون الأمور أكثر من تمرير وهيمنة طبقات معينة ولتأتى طبقات أخرى تكرس للهيمنة من تحت المظلة الدينية المقدسة .

الأمور تحتاج مراجعة وثورة على كل الموروث الذى يقنن الإستغلال ويغيب الإنسان

مودتى ً


3 - كيفية التغيير
sir. Galahad ( 2010 / 7 / 25 - 15:55 )
عزيزي الكاتب شكرا علي مقال جيد يفتح مجال الحوار

رأيي أن الاديان فرضت فرضا علي الشعوب التي هي دائما علي دين ملوكها في منطقتنا

ولذلك أري أن الحل يجب أن يأتي من أعلي أي من الحكومات والسلطة ولا ينبغي ان نخدع انفسننا بأن هناك شيئ اسمه الديموقراطية في بلادنا بعد

لا يجب ان يخشي حكامنا ان كان لهم رغبة حقيقية في الاصلاح (او من سيخلفونهم باذن اللات) رجال الدين وكهانه فهم اصحاب مصلحة وسيعلوا صراخهم في البداية ثم يخبوا ويتحولون كعادتهم الي الدعوة للدين(الجديد) فعلها جمال عبد الناصر من قبل وجعلهم يغنون بالاشتراكية علي انها روح الاسلام الحق والاشتراكيون كان محمد إمامهم! ثم فعلتها أموال الخليج الوهابي مرة اخري عندما فتح لهم السادات الباب علي الغارب فداروا 180 درجة بالتمام والكمال

الخلاصة انه علي المثقف ان يعمل لخلق الفرصة لوصول عقول متفتحة للسلطة وايجاد الظروف التي تتيح لهم فرض الدين المنقح المجدد ولا بد ان يباع لهم علي انه الدين الاصلي الذي عليه بصم الالاه بكلتا يديه اليمينتين
وتحياتي


4 - تأملات في الفرآن
جاسم الأصيل ( 2010 / 7 / 25 - 16:21 )
إستاذي المحترم
أقرأ مفالاتك منذ شهر تقريبا وقرأت كتابك : الدوله الإسلاميه بين النظريه والتطبيق وفهمت من ذلك بعدم إعترافك بأن القرآن كلام منزل من الله على الرسول محمد وأن آيات القرآن من تأليف محمد وبمساعده من ورقه بن نوفل نقلا عن التوراه والإنجيل , سؤالي هو كيف يمكن لشخص بدوي لا يقرأولا يكتب تأليف القرآن بآياته المتعدده المواضيع , ما إمكانيات هذا الشخص العلميه والفكريه وقوة الذاكره لتأليف القرآن حسب رأيك , ولمذا لم تأتي بأدله وبراهين تثبت بأنه من تأليف محمد أو نقله من التوراه والإنجيل, وماهي الآيات القرآنيه المنقوله من التوراه والإنجيل , هل كتبت كتب أو مفال حول هذا الموضوع
شكري وتقديري لسعة صدرك وتقبلك لملاحظات الآخرين


5 - تصحيح - تأملات في الفرآن
جاسم الأصيل ( 2010 / 7 / 25 - 16:24 )
إستاذي المحترم
أرسلت لك التعليق السابق ضنا مني بأن كاتب المفال هو د كامل النجار
أكرر إعتذاري ويمكنك الرد على ملاحظتي إذا رغبت
تحياتي


6 - ملاحظات على التعليقات
كامل علي ( 2010 / 7 / 25 - 16:52 )
عزيزي امير باقي
لم افهم بالضبط ما قصدته في تعليقك هل تدعو الى تاويل النصوص التي تتناقض مع العقل والعلم؟ شكرا للاغناء
عزيزي سامي
شكرا على اغناءك الموضوع بافكارك النيّرة صحيح باننا بحاجة الى ثورة على ألموروث الّذي سبب تخلفنا
عزيزي سير كالاهاد
مثال جمال عبد الناصر له شبيه في تركيا وهو مصطفى كمال اتاتورك ولكن ألاثنان ركزا على الشعور القومي لانجاح اطروحتهم برأيي الحل هو بنشر الثقافة والعلم وتغيير مناهج التعليم بحيث يركّز على الانسانية وحقوق الانسان وقبول الاخر اضافة الى الاسرة والقدوة الحسنة للوالدين
لاباس ان يتم التنفيذ من قبل حاكم عادل او مجموعة تؤمن بالتعددية وفصل الدين عن السياسة
وشكرا للجميع


7 - اجابة للاخ جاسم الاصيل
كامل علي ( 2010 / 7 / 25 - 23:21 )
عزيزي جاسم
سعدت بادراكك الالتباس و دكتور كامل النجّار عزيز علينا وله باع طويل في نقد الاديان
اعرفك بنفسي
انا مهندس معماري عراقي مغترب وتستطيع الحصول على اجابات لبعض الاسئلة التي طرحتها في كتابي ثورة الشك المنشور في حقل مكتبة التمدن في هذا الموقع
في الخامس عشر من عمري وبعد وفاة شقيقي الاكبر بمرض السرطان بدات اتسائل من اين جئنا ولماذا وكيف؟ وجدت راحة نفسية في الدين والتزمت بتعاليمه لفترة عشر سنوات ولكن بعد اطلاعي على كتب تحوي افكار مغايرة ونتيجة لنضوج عقلى بدات الشكوك تراودني حول حقيقة الوحي والانبياء فدرست القران وتفاسيره بتمعن ووجدت فيه تناقضات فيما بين الايات ومع العلم لذا بدات بالتفكير بصوت عالي في كتابي ثورة الشك وشكرا


8 - تطوير الاديان وايضا ذهابها الي دورالعبادة
اقبال حسين ( 2010 / 7 / 26 - 03:00 )
الاديان ضروريه للبشريه ،اهم مافعلته الاديان والاعراف هو بروزالضمير الانساني بقمعها للانانيه والحيوانيه في البشر وذلك ادي لظهور المجتمع المدني والمحافظه عليه،مايتسبب في الاساءة للاديان هو اصرار اهلها لجر عجلات الزمن للخلف بتطبيق تشريعاتها التي اصبحت ضاره للمجتمع،كذلك عدم اعترافها بوحدة الاديان لذلك تسبب في زرع الفتن بين الناس بدلا ان تكون سببا في محبتهم،اري الحل في تطوير الاديان اولا ثم ذهابهاالي دور العبادة وقيام الدوله المدنيه ثانيا، الذين نادوا بوحدة الاديان هم الصوفيه وعلي رأسهم محي الدين بن عربي،علينا البحث والدراسه لهؤلاء الشيوخ لتطويرالدين الاسلامي بدلا عن هؤلاء الشيوخ الجهلاء امثال القرضاوي وغيره ،الذين ينشرون الجهل والفتن

اخر الافلام

.. ندوة توعية للمزارعين ضمن مبادرة إزرع للهيئه القبطية الإنجيلي


.. د. حامد عبد الصمد: المؤسسات الدينية تخاف من الأسئلة والهرطقا




.. يهود متشددون يهاجمون سيارة وزير إسرائيلي خلال مظاهرة ضد التج


.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان




.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل