الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل دام حكم العباسيين حتى يدوم لكم؟؟؟

طلعت الصفدي

2010 / 7 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هل دام حكم العباسيين حتى يدوم لكم؟؟؟

تاريخ أى شعب أو أمة ليس عرضا للوقائع، ولا سردا للمعارك والمذابح، وليس استعراضا لوهج المنتصرين او لدماء المهزومين، ليس سجلا للملوك والخلفاء والامراء وقطاع الطرق واللصوص، بل دروسا وعبرا من الماضي الى الحاضر الى المستقبل، فهل تعلم القادة العرب والمفكرون والمنظرون من التاريخ الاسلامي من شواهد الأولين من الراشدين، والامويين، والعباسيين، والفاطميين، والموالي والعثمانيين ؟؟ وهل يظن القادة ملوكا وامراء وضباطا، أنهم يصنعون التاريخ بمفردهم، ووحدهم؟؟

عندما نتحدث عن تاريخ أمة او شعب، فان التاريخ يصنعه الناس، الغلابا، والمسحوقين والفقراء، والتاريخ هو تاريخ الناس يدونوه بدمائهم وقهرهم، عبر معاركهم الوطنية التحررية ضد الغزاة والمحتلين، ومعاركهم الطبقية ضدالمستغلين والطفيليين والانتهازيين، ونشاطهم وحياتهم وعرقهم، مرتبط بظروفهم السياسية والاقتصادية، وبقوانين الثورة الاجتماعية، وبدور الافكار والمؤسسات والاحزاب، والقوى المجتمعية التى تشكل البنية الفوقية للنظام السياسي، وعلى الرغم من دور الفرد في التاريخ، فان تاريخ المجتمع ليس تاريخ الافراد ونشاطهم وحده، بل نشاط الجماهير العريضة، هذا النشاط هو الذي يدفع حركة التاريخ والمجتمع والحضارة الانسانية الى الامام.

الجماهير الشعبية هى القوة الاساسية التي تقرر مصير الثورات الاجتماعية والحركات السياسية، وحركات التحرر الوطني والاجتماعي، ونضالها ضد مضطهديها القوميين والطبقيين، ضد الظالمين والامبرياليين والديكتارتورين . لقد ساهمت الجماهير الشعبية مساهمة ضخمة فى تطور الثقافة الروحية للمجتمع، فالعامل والمزارع والفيلسوف والشاعر والعالم والكاتب والصحفي والمهندس والطبيب والمبدع والطالب والمرأة الذين يضمون الملايين من البشر، هم جميعا مصدر العلم والثقافة، وأساس التطور فى المجتمع.
لقد سطر تاريخ البشرية على صفحاته اسماء الكثيرين، ولكن ليس كل منهم كان عظيما حقا، فشهد التاريخ رجالا وقفوا ضد شعوبهم، وحاولوا ارجاع عملية التاريخ الى الوراء، هؤلاء الرجال عبروا عن مصالح الطبقات الرجعيةفي مجتمعهم، احتقرتهم شعوبهم، وتمردت عليهم، واذاقتهم طعم الهزيمة،كالحجاج، وهتلر وموسيليني وبونيشيه.
الانسان العظيم حقا من يساهم بفكره وبأفعاله فى تقدم المجتمع ، يناضل دون أن يبخل بقواه فى سبيل كل ما هو طليعي جديد، ويساعد بكل كلل الطبقات التقدمية فى المجتمع لاقامة نظام اجتماعي ديمقراطي انساني وتقدمي خال من القهر والظلم الاجتماعي والفقر، ولن يثنيه عن تحقيق أهدافه الانسانية النبيلة الاعتقال والمطاردة، والشبح والنفي وحتى الاغتيال.

فهل عدنا للحظة، وسلطنا الضوء، ولو قليلا على حقبة تاريخية هامة من التاريخ الاسلامي، للعبرة وتعلم الدروس على ما ذكرته وسردته امهات الكتب الاسلامية، والمعتمدة لدى كافة المؤسسات التعليمية والتربويةالعربية فى الجامعات والمكتبات العامة؟؟
لقد شكل الهاشميون معارضة وثورة على الخلفاء الأمويين، بدعوى أن مساوىء الخلافة الأموية كانت بعدم الحكم بالشريعة، أو بشرع الله، ولكن عودوا لدراسة الحقبة التاريخية من التاريخ الاسلامي عن الدولة العباسية...السفاح ابو العباس عبدالله بن محمد، كان أول خلفاء الحكم العباسي الذي بدأ حكمه باصدار مرسومين: أولهما اخراج جثث خلفاء بني أمية من قبورهم وجلدهم وصلبهم وحرق جثثهم، ونثر رمادهم فى الريح، والثاني، تعهده باعطاء الأمويين المعارضين، الأمن والأمان على حياتهم، ثم النكوص عن تعهده ،وقتلهم جميعا، ولم يفلت منهم الا رضيع او من هرب الى الاندلس ( مذبحة بكل معانيها ). وبعد تولي أخيه الخلافة افتتحها بالقتل، وانتم تعرفون الرسائل المتبادلة، بين أبي جعفر المنصور، وبين محمد بن عبد الله، كل منهم يتكلم عن أحقيته فى الخلافة باعتبارها ارثا، وميراثا، وليست من حق الشعب، وتفاخرهما بالعصبية والعنجهية، ولم يتحدث أحدهما عن قيم الدين واخلاق الاسلام، فهل بعد هذا يمكن الحديث عن خلافة ربانية وحكومة أبدية؟؟

وعندما تركز حكم العباسيين لم يضبطهم معيار وقانون، ولم يقيموا عدلا، ولهذا كانت دولتهم شمولية وديكتاتورية، ونتيجة هذا الواقع فقد تدهوت الخلافة العباسية وتحلل نظام الحكم ،وتخلف الشعب، ودارت الدوائر عليهم وضعف نفوذهم، وبدا الفساد ينخر فى جسدهم حتى صاروا العوبة بيد الاخرين، وتقطعت أوصال الخلافة والجاه والسلطان، وتفككت أجهزة الدولة وصارت دويلات وزادت الفتن والقلاقل، وتأججت الصراعات والثورات ضدها كثورة الزنج، وثورات الشيعة، وثورة القرامطة، والحشاشين، واشتعلت حروب الروم، وحروب التتار، ودمرت بغداد، وعم الاستبداد والقهر والظلم والتعذيب حتى طال الفقهاء والعلماء والائئمة الامام ابو حنيفة، ومالك ابن انس، واحمد بن حنبل، وابن المقفع،ولحق الالاف من المعارضين ... الخ وحاولوا استغلال الدين لصالح الحكم، وتزايدت فى هذه الفترة الاغتيالات على نطاق واسع والقمع السياسى والتعذيب، وتم استحداث فنون جديدة للتعذيب لم يشهد التاريخ مثل بشاعتها وعدوانيتها، فزالت دولتهم كما زالت دولا اخرى.

تلجأ الي القمع السياسي الحكومات التي لا تملك قاعدة شعبية تضمن تثبيت حكمها، وتعتمد وسائل التعذيب والملاحقة كوسيلة تظهر عزلة حكامها، بهدف ردع وتخويف القوى السياسية والمجتمعية والجماهير الشعبية التي تهدد سلطة الحاكم والحكم، واذا كان التعذيب السياسي والاعتقالات السياسية والملاحقة، موجهة فى اساسها ضد الطبقات المنتجة لصالح الطبقة الحاكمة، فان الصراع يمكن ان ينتقل ويتعدى الى داخل الطبقة الحاكمة للاستئثار بثمار عمل المنتجين، ونهب المزايا والامتيازات والمغانم التي توفرها سلطة الحكم، مما يعمق حدة التناقضات داخل المجتمع، ويفاقم من الصراعات الداخلية،ويفتت الجبهة الداخلية،ويضعف مقومات مواجهة الاحتلال.

ان الفرق بين الانسان والحيوان أن الاول يتعلم من تجاربه، يختزنها مكونا الثقافة والمعرفة واشكال الوعى الاجتماعي المختلفة الاخلاقي والسياسي والحقوقي والديني والفلسفي، ومجتمعنا بكل المقاييس مجتمع لا يتناقض مع جوهر الدين، وحقوق الانسان لا يتناقض مع حقوق الاسلام، والتناقض فى محصلته مع من يستخدم الدين وسيلة لتحقيق هدف سياسي، ومكاسب ذاتية .

فهل يمكن أن نستوعب جميعا دروس التاريخ، ونستعيد لغة العصر، ونعيد الاعتبارلمصالح الجماهير الشعبية،ولسلطة العقل والتنوير، ونعي التطور الهائل فى بداية الألفية الثالثة، ونستلهم من ثورة المعلومات والاتصالات، والتطور التكنولوجي الهائل آفاق المستقبل الذي سيلفظ كل المعيقين لتطور البشرية؟؟؟ وهل عدنا الى الشعب صانع التاريخ والحضارة، القوة الحاسمة فى التطور الاجتماعي، باعتباره القوة المحركة الاساسية للتقدم، ووفرنا له كل امكانيات الابداع والتطور، وشجعناه على الانخراط فى معارك النضال القومية والطبقية، على طريق بناء مجتمع الحرية والديمقراطية والعدالةالاجتماعية؟؟ وهل تتوقف القيادات والنخب عن اضطهاد المواطن، وتحقيره، وعن نعت شعوبنا بالتخاذل وبعدم المبالاة تجاه الواقع من كل جوانبه، وهى التي سلبت حقوقها السياسية والاجتماعية والديمقراطية، واعتدت عليه ؟؟ان على قادة المجتمع أن يتحملوا مسؤوليتهم التاريخية، وان تفسح المجال للجماهير بالتفاعل مع قضاياها، وتشركها فى صناعة القرار السياسي، فمهما طال من عمر الحكام فان آجالهم قصيرة، ولا يبقى سوى الشعب وتاريخه، ولن يطيل من عمر الطغاة والمستبدين كل انواع الاستبداد، ووسائل الترهيب والاعتقال والتعذيب، فالمعركة التحررية لا يمكن أن تنفصم عن معركة التحرر الاجتماعي، والانسان الفلسطيني هو أغلى قيمة للوطن، وبدونه لا يمكن حماية الارض، والهوية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 155-Al-Baqarah


.. 156-Al-Baqarah




.. 157-Al-Baqarah


.. 158-Al-Baqarah




.. 159-Al-Baqarah