الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وداعا رفيقة ليلى

جلال محمد

2010 / 7 / 27
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


وداعا رفيقة ليلى

في الساعة الثانية و اربعة و عشرون دقيقة من صبيحة5 2/7/ 2010 توقف و الى الابد قلب المناضلة الشيوعية منى علي الجوهري المعروفة ب ( ليلى محمد) عن الخفقان( اثنان واربعون عاما) و اودعت الحياة التي ابدعت في حبها وداعا لارجعة فيه.
السيرة السياسية لليلى محمد، و انا اتحدث بوصفي رفيق دربها لسنوات طويلة، تبين بانها التحمت بالعمل الحزبي منذ السنوات الاولى لتفتح ادراكها السياسي ، فهي انظمت الى صفوف الحزب الشيوعي العراقي عند دخولها جامعة الموصل ، الا انها اضطرت لترك الجامعة لتوسع نشاطها و ملاحقة سلطات البعث لها و في بداية التسعينات تكتشف الخط البرحوازي للحزب الشيوعي العراقي و تترك صفوفه و تتعرف على الشيوعية العمالية لتؤسس مع مجموعة من رفاقها الاخرين عصبة تحرير الطبقة العاملة تمهيدا للانظمام الى الحزب الشيوعي العمالي العراقي الذي تاسس في 1993.
انظمت ليلى الى صفوف الحزب الشيوعي العمالي العراقي وهي في المهجر، (تركيا) الا ان نشاطها الدؤب اوصلها الى قيادة اللجنة الحزبية في مدينة اسطنبول. و عند استقرارها في استراليا بدا نشاطها السياسي المفعم بالحيوية و النشاط الدؤبين لتصل بسرعة الى قيادة اللجنة الحزبية و الى تسلم مسؤليتها لسنوات عديدة خلال دورات متكررة و تواصل صعودها في السنوات اللاحقة الى قيادة الحزب .
تمحور نشاط رفيقتنا الراحلة في الخارج حول مسالة الدفاع عن الحريات السياسية و فضح نظام البعث الفاشي و ضد الحصار الاقتصادي و تركز على الدفاع عن الحركة التحررية للمراة في العراق و انخرطت لهذا الغرض بنضال المراة في استراليا و ارتبطت بعدد كبير من المنظمات النسوية و السياسية الناشطة في هذا الميدان على اساس علاقة واعية انتقادية حيث كانت تعرفهم على المسائل الانية و الملحة للحركة النسوية في العراق و تضعهم امام مسؤولياتهم تجاهها و تنتقد الجوانب التي تراها خاطئة في سياسياتهم و طروحاتهم ، توجت ليلى النضال في هذه الميدان بتأسيس جمعية المرأة العراقية لتصبح مركزا للدفاع عن المرأة التي تتعرض الى اي شكل من اشكال الظلم و العنف ليس في استراليا و العراق فحسب بل و في بلدان اخرى مجاورة للعراق ، و كان اخر هذه المسائل التي تعمل عليها هي مسألة المراة الايرانية التي تزوجها احد اقربائها في استراليا الا انه عاد و بعثها الى ايران و هي حامل لتلد طفلة لاتعترف بها السلطات الايرانية و لاتقبل استراليا باعادتها! .
بعد سقوط النظام عادت ليلى الى العراق مع قيادة الحزب الشيوعي العمالي العراقي وعدد من كوادره لتركز نشاطها في بغداد في صفوف الاعداد الهائلة من المشردين الذين سكنوا في خرائب النظام السابق لتعبئهم حول مطالبهم الاساسية المتمثلة في حق السكن اللائق و توفير فرص العمل و التعليم لاطفالهم و الدفاع عن نساء تلك المجمعات السكنية التي كانت ظروف تلك الحياة الصعبة اشد قسوة عليهن ، و الاهم من هذا هو الوقوف بوجه التيارات الدينية التي حاولت استغلال اوضاع تلك العوائل البائسة لنشر سموم الخرافات الاسلامية و الطائفية بينها، اثناء تلك الفترة كان عملي الحزبي متمركزا في البصرة الا انه خلال زياراتي المتعددة الى مقر الحزب الرئيسي في بغداد كنت اصحب الرفيقة ليلى الى المجمعات المذكورة حيث كانت تصطحب افرادا من منظمات الاغاثة الدولية لتعرفهم على اوضاع تلك العوائل وتساهم في توزيع المساعدات الانسانية كالمواد الغذائية و المستلزمات الطبية الاساسية و القرطاسية و غيرها و عاينت كيف كانت تواجه ليلى ممثل التيار الصدري الذي كان قد فتح مقرا في احدى تلك الخرائب لنشر الخرافات الدينية والطائفية ، و كيف كانت تعمل على تعبئة سكان المجمعات المذكورة لطرده و غلق مقره وقد توجت هذه المرحلة بتنظيم و قيادة تظاهرة جماهيرة ضخمة لمواجهة قرار مجلس الحكم الذي كان يقضي باخلاء تلك الخرائب و تشريد سكانه المشردين اصلا حيث فرض التراجع على مجلس الحكم و الوعد بتوفير مساكن لائقة بالبشر لهم، يهمني ان اشير هنا الى ان نضال العزيزة ليلى بهر اثنين من ممثلي منظمات الاغاثة الامريكية( زوج و زوجة) حيث اعجبا بما يقوم به الحزب و ليلى الى ان وصل بهما الامر الى طلب االانظمام الى الحزب و اصبحا من اعضائه.

بوصفي رفيق درب العزيزة ليلى لسنوات طويلة و في اوضاع سياسية و اجتماعية متباينة، اقول جازما بان حبها الواعي للحياة كان يشكل السمة الرئيسية لشخصيتها السياسية و الاجتماعية ، احبت منى الحياة بكل جوارحها ورات ما فيها من ظلم و قسوة و ادركت من خلال اوضاعها العائلية و الاجتماعية و الظروف السياسية في العراق خلال حكم البعث الاستبدادي، ان الطريق الوحيد للتخلص من هذه الماسى و بالذات ما تتعرض له المراة هو الانخراط في العمل السياسي ولانها اعتقدت بان الحزب الشيوعي العراقي سيحقق لها هذا الهدف انظمت الى صفوفه، الا انها عندما ادركت بانها مخطئة بتصورها عن الحزب المذكور لم تتردد في تركه و البحث عن بديل اخر ، حيث شاركت، كما اشرت، مع رفاقها الاخرين بتأسيس ( عصبة تحرير الطبقة العاملة )والانخراط في صفوف الشيوعية العمالية و الحزب الشيوعي العمالي العراقي لاحقا، بهذا المعني ان انخراط ليلى في العمل السياسيى ، انظمامها للحزب الشيوعي العراقي و تركها لصفوفه و التحاقها بالحزب الشيوعي العمالي العراقي لم يكن نتيحة لخلافات فكرية و ايدولوحية، بل نتيجة لخلافات سياسية واقعية حيث ادركت بان الحزب الذي تركته لايحقق ماتطمح اليه و بان الاهداف السياسية و الواقعية التي يعمل الحزب الشيوعي العمالي العراقي على تحقيقه يتطابق تماما مع ما تصبو هي اليه. ان اختيارات ليلى السياسية كانت ترتكز على المسائل الاجتماعية السائدة في العراق و العالم الراسمالي " الواقف على راسه" اكثر من كونها على المسائل الفكرية و الايديولوجية، و لذلك كانت ليلى عملية الى اقصى حد في حياتها السياسية و الاجتماعية. في كل المسائل الفكرية و الايديولوجية القديمة و الجديدة و التي شاركت معها في بحثها معها طوال سنوات نضالنا المشترك، كان الهم الرئيسي لها هو: الام الذي سيؤدي بنا هذا البحث و ماهوالعمل؟
اضفت هذه الميزة مجموعة من الخصائص الشخصية و السياسية على منى الانسانة و الناشطة السياسية و المدافعة عن حقوق المرأة و عن السنن و التقاليد المتمدنة و الحضارية ، حيث جعلت منها شخصية حيوية متجددة و جسورة لها هوس دائم بكل ما هوانساني جديد ومعاصر و عدوة لدودة للتقاليد و السنن البالية لا تخفي معتقداتها في احرج الظروف و المواقف، لاتتردد في نقد ما تراه خاطئا حتى و ان صدر من قيادة الحزب او من كوادره القيادية و بالمقابل كانت بنفس الجرأة تنتقد ممارساتها و ارائها ان قتنعت بخطئها .
كانت ليلى شيوعية مناضلة مفعمة بالحياة قبل ان تكون حزبية، ناضلت حتى الرمق الاخيرمن حياتها من اجل ترسيخ عالم افضل و جسدت في حياتها جل ما كانت تدعو اليه. كنا نردد دوما بان الشيوعية ليست مجموعة من الافكار و التطلعات التي تتعلق بالمستقبل فحسب، بلها مجموعة من القيم و الممارسات الي يجب تجسيدها في السلوك اليومي لمن يقتنعون بها، فالثورة الشيوعية، كما يقول ماركس، لايمكن تحقيقها دون سيادة افكارالمساواة و العدالة الاجتماعية في المجتمع .
لقد فقدت برحيلك يا منى رفيقة شيوعية حميمة و فقد الحزب برحيلك يا ليلى كادرا اجتماعيا جسورا صلبا لايعرف الكلل و فقدت الحركة النسوية قائدة بارزة لم تعرف للمساومة على حقوق النساء سبيلا . عزائنا فيك ان رفاقك لايزالون مصرين على مواصلة الدرب.
جلال محمد
سدني 28/7/2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لقد انصفتها بهذا الوصف الدقيق
نادية محمود ( 2010 / 7 / 27 - 22:56 )
العزيز جلال.لقد وصفتها فعلا كما هي، محبة للحياة قبل ان تنتسب لاية احزاب، و اصرت على تغيير هذه الحياة الكالحة من اجل حياة اجمل،و لا اتخيل هناك شخص التقاها ان لم تكن قد تركت اثرا طيبا في قلبه، و ان لم تكن قد اغاذت الرجعية اعداء الحياة و التقدم والانسانية
نعم عزائنا فيها هو اننا سنتواصل و باصرار اكبر طريقها
شكرا لك


2 - خالدة
حسن سقراط ( 2010 / 7 / 28 - 16:34 )
لقد تعلمنا منكم ايها الشيوعيين ان نكون اصلب من الصخر في مواجهة الموت لما وضعناه على عاتقنا من اهداف سامية ولكن قد نستسلم له حين نعلم ان هناك من هم سيكملون النضال ... فهنيئا للطبقة العاملة ولدعاة المساواة عمق مبادئهم ولن نتخاذل في اكمال ما بدأه السابقون


3 - الى الراحله البقيه التي لا اعرفها سابقاً
عبد الرضا حمد جاسم ( 2010 / 7 / 28 - 19:32 )
ما جئت أرثيك وهل.....ترثى الشجاعة والشيم
ما جئت أرثيك وهل.....ترثى الثرى والنجم
ما جئت أرثيك وهل.....يرثى عالياً غالياً علم
ما جئت أرثيك وهل ......لمثلي في رثائك فم
يامن بصم يا من وشم....في حاظر الأيام والقِدَم
طعم الحياة مسيرها......ولذكركم غير طعم
أبيات من قصيده لم تكتمل وهناك قصيده على الموقع بعنوان الشهيد اهديها الأن للمناضله ليلى أرجوا أن تطلعوا عليها
لهاورفاقها ومحبيها وعراقها المجد

اخر الافلام

.. VODCAST الميادين | علي حجازي - الأمين العام لحزب البعث العرب


.. حزب العمال البريطاني يخسر 20% من الأصوات بسبب تأييده للحرب ا




.. العالم الليلة | انتصار غير متوقع لحزب العمال في الانتخابات ا


.. Mohamed Nabil Benabdallah, invité de -Le Debrief- | 4 mai 2




.. Human Rights - To Your Left: Palestine | عن حقوق الإنسان - ع