الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجهل المقدس

شريف حافظ

2010 / 7 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يتلاعب الكثيرون بأذهاننا، لأننا سمحنا لهم بذلك! فلقد تشددنا مع الزمن، لأن "صورة" الزمن الغابر سقطت! سقطت الخلافة الإسلامية، وغزتنا إرساليات التبشير الغربية، فتشدد المسلمون خوفًا من تردي دينهم، وتشدد المسيحيون خوفًا من السطو على منهجهم! وفي قلب هذا الشعور، خرج رجال، يقتاتون لدغدغة أحاسيس الناس،
بالقول بأساطير الأديان، حتى اختُلِقت مُعجزات جديدة، ليعيش الناس في نستالوجيا (الحنين إلى الماضي) عميقة، ويبحثون عن تطبيق الأصل الذي تغير ظرفه تمامًا. وفي إطار الرغبة في تغيير الناس لا يستطيع هؤلاء تغيير الظرف نفسه، فتفشل التجربة جيلاً بعد جيل، فيستمسكون هم بتطبيق القوانين على العباد، بعيدًا عن كل الظرف الماضوي، فيثور العلماء عليهم، بينما يعبدهم العامة من الجُهال، حيث دومًا وعبر الأزمنة، الجهلاء، أكثر عددًا ونفيرًا من العلماء!

لقد أُسست علوم جديدة في الدين، في إطار جُرعة زيادة التدين، حتى يقترب الناس من دينهم، مثل "إعجازات" الكتب المقدسة، ولكن الغريب أن الناس اقتربت من شيء آخر، وأطلقت عليه تدينًا. فالتدين ووفقًا لمنطق الأشياء في الماضي، كان يعني التسامح. أما اليوم فنحن على مشارف حروب دينية، بدأت صغيرة، بين الأشخاص، وستنطلق قريبًا لتكبر ما لم يُكبَح جماحُها! وبينما الدين أصبح "بضاعة" مثلما يشير الشيخ خالد الجندي والأب متياس، فإن الترويج أصبح يتم من خلال سب دين الآخر، بينما هذا جهل صريح، بتعاليم الكتب المقدسة، ليصبح السب والسب المُضاد، دينًا جديدًا، حيث يتخذه الجُهال، من قدوتهم "الدينية" المزيفة، ويعملون به!

إننا نمضي، غير آبهين، بمرونة النصوص، ونعبد بعضًا منها ونترك أغلبها! إن هذا نتيجة تصوير الكثيرين لنا، بأن الدين في خطر! وهو ما يُعبر عن أن من يصورون هذا، ليسوا متدينين ولا أقوياء الإيمان، ولكنهم يرفعون عناوين - كما سبق أن كُتِبَت – ويدافعون عنها، بغض النظر عن فحوى مضمونها الديني. إنه الدفاع عن "الجهل المقدس" باسم الله! حيث يعرف المؤمن، بأن الله يدافع عن دينه، وبالتالي تسقط أطروحة من يصور نفسه مدافعًا عن المؤمنين!

إن الفرضية الأولى التي انطلقوا منها بالأساس، إنما هي فرضية واهية! حيث لا يمكن أن يُقضى على الدين، لأنه فكرة عميقة الأثر، لها مؤسساتها في قلوب الناس، وليس مجرد فكرة عبر عنها كتاب طواه الزمن. إن الدين لفكر أعمق من أن يزول، مع قدوم فكر آخر، وها هي الأديان الأخرى، غير السماوية من بوذية وغيرها، تحيا وتنتشر، رغم أنها قديمة قدم الأزل، ومهما حاربها الناس، توجد وتستشري في الجسم البشري، تمامًا مثل الإسلام والمسيحية!

إن إشعار الإنسان في مصر والدول المجاورة، بأن الأديان السماوية، إنما تحارب وهي مهددة بالزوال أو التشويه، إنما هي فكرة، تزيد البعض القليل سطوة، فوق كل الآخرين، حتى يصبحوا آلهة، فيقررون نصوصًا فوق نصوص، ويمسكون بعصا الإيمان وحدهم، يكفِّرون ويحرِّمون ويشلحون ويهرطقون، من يريدون هم، لا الله! والله بريء منهم! إنهم لا يشعرون بأي خوف، إلا على مكانتهم وكراسيهم وعطايا تمنح لهم! إنهم ينقلون لنا الخوف، على ديننا، وفي ظل الخوف من الزوال، لا يملك الناس إلا أن يستمسكوا بالعناوين، دون فحواها، فيضيع المضمون في ظُلمة الخوف، ويضيع معه التدين، فيصبح المتطرفون في جعل الناس تستمسك بالدين، هم أكبر أعداء لهذا الدين!

يجب علينا جميعًا أن نحارب من يُخيفنا، ويقوم بدور الله، بعيدًا عن وصاياه المرنة، الإرشادية وليس الإلزامية! يجب علينا أن نطرد الجهل من حياتنا ونزيل عنه القُدسية! فلنعُد إلى الدين أو نتركه دون أن نبدد أفكاره الطاهرة! فإما أن نتدين أو لا، ولكن تشويه الدين في ظل التخويف من زواله، إنما هو فكرة، وضعها الجُهلاء، الذين نصبوا أنفسهم ملائكة لله، وما هم في الحقيقة إلا شياطين!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا


.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس




.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا