الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلطة الدين في الخير والشر

صاحب الربيعي

2010 / 7 / 31
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يفرض الدين قيمه على المجتمع لاستناده إلى ثنائية الخير والشر، والفضيلة والرذيلة وبإختلاف قيم الأديان النسبي ومجتمعاتها فإن القيم الاجتماعية والدينية تصبح إلى حد ما متباينة، فثنائية الحلال والحرام لا يمكن أن تفرض قيودها على كل أفراد المجتمع لاختلاف دياناتهم فما هو حرام عند ديانة ما قد يكون غير حرام عند ديانة أخرى، كذلك الأمر للخير والشر والفضيلة والرذيلة بصورها النسبية.
كما أن قيم كل دين على حدا لا يمكن عدّها دالة على التزام الفرد بمبادئ الدين ذاته، فالكثير من المتدنيين يمارس أفعالاً متعارضة تماماً مع قيمه الدينية لكنه متمسك بقشورها ويتعصب لها. ولا يقتصر ذلك على عامة الناس فقط وإنما يشمل القائمين عليه، فالكثير من الحكام في التاريخ أستغلوا سلطاتهم، وبدعم رجال الدين، وارتكبوا مجازر وحشية باسم الدين فأساوا إلى مبادئه ما جعل المعتدلين منهم يشعر بالحرج من وقائع تاريخية دموية ارتكبها أسلافهم باسم الدين فلا يمكن تبريرها لا أخلاقياً ولا بأحكام الدين ذاته القائم على ثنائية الخير والشر ولا بالأحكام الاجتماعية التي تمثل أعرافاً وتقاليد خاصة بكل مجتمع.
يقول (( بيخو باريخ )) : " إنه لا يوجد دين لا يشعر أتباعه بالحرج والارتباك نتيجة التصرفات الشريرة والأحكام الجائرة التي ارتكبها بعض ممثليه أو الناطقين بلسانه في العصور السالفة ".
إن تصنيف أفعال البشر إلى أعمال خيرة وشريرة بعدّها من قيم الفضيلة والرذيلة ليست منوطة أحكامها بجهة دينية ما لكنها مغروسة في وجدان المجتمع الذي تمنحه القدرة على التمييز بين فعل الخير والشر خلال حراكه اليومي لكن ليس لأحد الجرأة على انتقاد الأفعال المشينة للحكام ورجال الدين، ولا هم يسمحون بذلك لاعتقادهم معفيون من المساءلة لأن سلطتهم الدنيوية مستمدة من سلطة سماوية فلا يحق للبشر محاسبتهم لكن من حقهم محاسبة البشر على أفعالهم.
إن الزمن الحاضر ليس أقل شراً من الزمن الماضي بأفعال حكامه ورجال دينه بل هو صورة أكثر بشاعة من الماضي في اصدار فتاوى القتل والتكفير وقطع رقاب المخالفين بالسيف فإن كانت الغالبية من رجال الدين في الماضي ينأون بأنفسهم عن سلطة الحكام، ففي الزمن الراهن أصبح الغالبية منهم جزءاً من سلطة الحكام ينفذون رغباتهم بإصدار فتاوى بالتكفير أو تبرير لفعل القتل والاضطهاد والاستبداد لتحقيق مصالحهم الخاصة على حساب مصالح الدين والمجتمع.
يعتقد (( بيخو باريخ )) " أن الدين بناءاً إنسانياً قائماً من دون شك على الوحي الإلهي، لكن القائمين عليه لا يحق لهم الاختباء خلف السلطة الإلهية لتبرير الأفعال المشينة وإنما يجب عليهم تحمل المسؤولية عما يقولون ويفعلون باسم الله ".
إن استغلال رجال الدين لمكانتهم الدينية والعمل على تأجيج العواطف الشريرة الكامنة للعامة من الناس ضد جماعة أو طائفة دينية وزجهم بمعارك دموية طاحنة، ومن ثم تبرير أفعال القتل وانتهاك الأعراض وسلب الممتلكات بالتأكيد ليس من مبادئ الدين فكل الأديان في الأرض تدعو إلى التسامح والمحبة والتعايش بين البشر.
فكلما قل الوعي في المجتمع زادت سطوة رجال الدين، وكلما زاد الوعي في المجتمع قلت سطوة رجال الدين لأن معظمهم يعتاش على جهل أفراد المجتمع وتخلفهم. إن دور رجال الدين الأخطر في تربية الأجيال والأكثر تأثير على العامة من الناس، فمن دون ضبط سلوكياتهم وممارساتهم ما يتناسب ومبادئ الدين وأحكامه السمحاء سيختل النظام الاجتماعي وتسوده الفوضى وتزداد جرائم القتل والسلب والاعتداء التي غالباً ما يستغله رعاع المجتمع ليفرضوا سطوتهم على بقية أفراد المجتمع متسلحين بفتاوى دينية تبرر أعمال القتل والاعتداء على أبناء الديانات والطوائف المغايرة.
يتساءل (( شكسبير )) " كيف ارتكب كل منكم بحق الآخر جرائم القتل المرعبة هذه ؟ ".
إن المطالبة بفصل الدين عن الدولة يعدّ إجراءاً عقلانياً لفك ارتباط أحكام الدين عن أحكام الدولة لتباينهما على نحو كبير فما يصلح للدين لا يصلح للدولة والعكس صحيح لأن الدين شأن سماوي ويعدّ من خاصة الفرد وربه، والدولة شأن دنيوي يعدّ من خاصة الفرد والدولة أي كان دينه ومذهبه. إن الإله هو رب جميع البشر لكن الدولة رب جميع أفراد المجتمع في الوطن الواحد. وسلطة كل دين أو مذهب تخص مؤيديها فقط لكن سلطة الدولة تفرض أحكامها على كل أفراد المجتمع لذلك تعدّ أحكام الدولة الدنيوية أكثر عدالة وإنصاف لأفراد المجتمع من أحكام كل دين أو مذهب على حدا، فاللدولة قانون يسري أحكامه على كل المواطنين بعدّها السلطة العليا لدولة المواطنة.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيناتور أمريكي لنتنياهو: نقف بجانب إسرائيل في حربها ضد حماس


.. نحو نصف الديمقراطيين يدعمون استبدال الرئيس الأمريكي جو بايدن




.. ناشط يوثق اشتعال النيران في مستوطنة -كفار عتصيون- شمال الخلي


.. فوضى في شوارع العاصمة الهندية جراء سقوط أمطار قياسية




.. منافسو الرئيس الموريتاني يتهمونه باستغلال موارد الدولة لتحقي