الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطقوس المذهبية والأحزاب الإسلامية

مالوم ابو رغيف

2010 / 7 / 31
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ارض السواد اسم أطلقه القرشيون مجازا على العراق بسبب خضرة وكثرة نخيله وأشجاره وإعشابه ومراعية وبساتينه، وعندما غزوا ارض العراق نهبوها وصادروها ونقلوا خيراتها إلى المدينة واحتكروها لهم ولأولادهم ولورثتهم من بعدهم وتركوا أهلها يتجرعون أصناف العذاب. وكما فعل أسلافهم، حول قادة الأحزاب الإسلامية الحالية العراق إلى ارض السواد، هذه المرة فعلا وليس مجازا، لم تحول الأحزاب الإسلامية العراق إلى جنة عدن كما وعدت ونظرت قبل أن تتسلم السلطة، فحين آل لها الأمر، أهملت زراعته وصناعته أنهاره وأراضيه. نهبت أثاره وثرواته وهربوها إلى بنوك الدول الأجنبية. أهملوا ناسه وأهله وبساتينه ونخيله والبسوا نساءه السواد وخيم الحزن والألم على القلوب فحجب هو والغبار شمسه الساطعة.
لم تقدم الأحزاب الإسلامية إي منفعة للمواطن إذ انقطع شريان الحياة العصري الكهرباء وشح أساس كل كائن حي الماء وانعدم الدواء، ورغم إن الصراع بين الأحزاب الإسلامية هو جزء من طمعها للسيطرة على مراكز الثروة والحكم وفرض الإيمان على الناس بالقوة، إلا انه أيضا جزء من لعبتها للضحك على ذقون الفقراء بتحميل هذا الطرف أو ذاك مسؤولية التدهور المعيشي والأمني، لا فرق بين زيد ولا عبيد، ولا يختلف حزب المالكي عن حزب الحكيم أو حزب الفضيلة أو حزب الصدر أو الحزب الإسلامي في الحكم، جميعهم وجوه لأيدلوجية دينية تقسم الناس إلى قسمين، الخاصة والعامة، الخاصة هم رجال الدين وأصحاب الامتيازات والعامة هم عامة الشعب الذين عليهم تحمل المعاناة والعذاب في الحياة لأنها ابتلاء من الله ليختبرهم أيهم أحسن عملا، ومع إن القرآن يشير إلا إن الذين تحملوا العذاب ليس عامة الناس بل خاصة الناس مثل الأنبياء وعلى رأسهم أيوب، إلا إن رجال الدين قلبوا الآية وأصبح على عامة الناس تحمل صعوبات الحياة وعذاباتها بينما هم يتمتعون بنعم الحياة والجاه والثروة والحكم والسيطرة.
وإذا كان الخوف واتقاء شر عذاب الله هو أساس الإيمان، فان أساس تبعية الناس للأحزاب الإسلامية هي الطائفية والخوف من الثاني المختلف وإشغال الناس في الروتين ألطقوسي الشعائري وإبعادهم حتى عن التفكير العميق في إبعاد الإيمان والدين وفلسفته.
الطائفية تقسم الناس إلى معسكرات متنافسة يجد المواطن نفسه حتى دون إرادته، بل غالبا ما يفرضها الأخر عليه، محشورا في كونتاناتها سائرا تحت رايتها حتى وان رفضها، وما التهجير ألقسري للمحسوبين على الطائفة الشيعية من المناطق السنية والعكس صحيح إلا نموذج لهذه التبعية المفروضة على المواطن رغم انفه. وهنا يكمن احد المبررات المفتعلة لوجود الأحزاب الإسلامية التي ليس لديها برنامجا اقتصاديا ولا سياسيا ولا ديمقراطيا ولا مدنيا ولا تفهم سوى بتعليمات الدين والمذهب، إذ تبرز وكأنها الحامية والمدافعة عن المواطنين المحسوبين على الطائفة الذين يملكون مفاتيح حل الأزمة، لكن ليس عن طريق حل النزاع والاحتراب الطائفي بل عبر إبقاءه وإذكاءه والفصل بين المعسكرين وتفعيل المحاصصة.
بينما تعلب الطقوس الدينية دورا كبيرا في السيطرة على الناس عبر إثارة العواطف والمشاعر وإبقاء شعلة الانتقام والحقد والأسف والحزن مشتعلة في نفوس الناس على أشخاص انقطعت اخبارهم، درسوا وانقرضوا ولم لهم اجداث، وأحداث مرت عليها مئات السنين ابقيت حية في النفوس لنوازع سياسية.
ليس هناك ضررا كبيرا من هذه الطقوس لو أنها بقيت ضمن الاعتقاد الديني الحر للمواطن، لكنها في عهد الأحزاب الإسلامية تحولت إلى سياسة حكومية تخصص لها ملايين الدولارات وتخصص لها الفضائيات لنقلها حيا وعلى الهواء مباشرة، بينما تقطع الطرق العامة لعبور ألاف السائرين على الإقدام وتخصص الجيوش لحمايتهم من الإرهابيين الذي رغم كل هذا التجنيد الهائل من اجل ضمان سلامتهم، يستطيعون قتل عشرات أو مئات منهم في كل مرة.
إن تحويل هذه الطقوس إلى برنامج عمل لحكومة الأحزاب الإسلامية هو احد المرتكزات الأساسية لتبرير حكمها وسيطرتها على ثروات البلاد. لذلك تخصص هذه الأحزاب ميزانيات هائلة لدعم الإعلام الديني المخصص لإدخال فكرة أهمية هذه الطقوس الدينية للمواطن، وان أهم انجازات الأحزاب الإسلامية هو حرية ممارستها وتحويل مناسباتها إلى عطل رسمية وإعطائها بعدا طائفيا خاصة إذا ما عرفنا إن المعسكر المقابل يحاول ان يفرض طقوسه المذهبية أيضا حتى بوسائل إرهابية لتبرير وجوده هو الأخر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نعم صدقت
مايسترو برتو ( 2010 / 8 / 1 - 14:28 )
في كل حرف ذكرته في هذه المقالة الرائعة، فلايوجد هم للأحزاب الاسلامية سوى فرض الطقوس الدينية على الناس ، لكي تظل مسيطرة عليهم، ويتخذون من عقدة الخوف وسيلة لفرض إرادتهم على الناس الذين للأسف يصدقون ما تقوله لهم هذه الأحزاب ، رغم أن الأخيرة لم تجلب سوى الخراب والدمار والفقر والمرض للعامة، وشكراً لك يا أستاذ مالوم على سردك لهذه الحقيقة التي لا يختلف عليها اثنان.


2 - شكر وتحية
مالوم ابو رغيف ( 2010 / 8 / 1 - 21:54 )
الاستاذ العزيز مايسترو
شكرا لك على الاطراء والتعقيب وعلى اتفاق الاراء
تحياتي


3 - بحاجة لجيل جديد لا يؤمن بقصص العجائز
الحكيم البابلي ( 2010 / 8 / 1 - 23:37 )
العزيز مالوم أبو رغيف
ترجمة صحيحة ودقيقة لكل ما جرى ويجري في أرض السواد التي إبتلت بهؤلاء الأجلاف الذين زَوَروا كل ما حولنا وحولوه لتسطيح عقلي كالذي جاء بهم وبنصوصهم الوسخة
ولكن الذي يُدمرنا أكثر هو الأرضية الخصبة التي يُلاقيها هؤلاء في العراق ، والتي تُمثلها الطبقة الكبيرة والأكثر إيماناً وجهلاً بنفس الوقت ، والتي لولاها لما نجح شيئ مُقرف كالطائفية وحتى التدين المتطرف
في كثير من الحالات حول العالم قام الثوار بتحريض وتعليم الناس ليكونوا قاعدة لهم ولثورتهم ، ولكن أية قاعدة ممكن أن يبني أي ثائر عراقي ، عندما يكون معظم الشعب من نوعية اللطامة والبجاية والمطبرين !!!؟
يا سيدي شعبنا بحاجة إلى أن يحترق تماماً ، ومثل طائر الفينيق يتجدد ويُبعث للحياة من بين الرماد ، نحنُ بحاجة إلى شعب من أجيال جديدة ، شعب لا يؤمن بالجن والمهدي ويوم القيامة والحور العين ، بحاجة لشعب يؤمن بأن المجد كل المجد للإنسان ولا أحد سواه
وأعرف بأنني أحلم
تحياتي


4 - الخرافة محتلة للعقل
كوريا الرابن ( 2010 / 8 / 2 - 07:16 )
عندما الخرافة تحتل العقل فلا مجال للمعقول.0


5 - تحية وتعقيب
مالوم ابو رغيف ( 2010 / 8 / 3 - 08:46 )
العزيز الحكيم البابلي
ان الشعب العراقي هو ضحية الحروب والامية والجهل..
اكثر من ثلاثين سنة من الحروب المدمرة ومن القمع الدكتاتوري
خلفت لنا شعب يبحث عن منفذ للخلاص حتى لو عن طريق الاوهام
المرضى المصابين بعلل صعب شفائها يقصدون حتى الدجالين على امل ان
يجدوا علي ايديهم الخلاص..اوهام بالطبع لكن هذه الاوهام يخدع بها الناس انفسهم
ولا فرق في هذا بين الدول المتقدمة او الدول المتحضرة...
ملاعب كرة القدم الامريكية او الهولندية تكتض بالناس لحضور حفلة شفاء على يد
وكل ما يفعله انه ينفخ على الاعرج او الاعمى لينهض متشافيا متعافياBenny HInn .
وسط تهليل الجماهير المحتشدة..


6 - مركز الابحاث العلمانية العربية
محمد خضوري ( 2010 / 8 / 3 - 10:24 )
تعتبر الاحزاب الدينية السبب الرئيسي في تخلف اي دولة لان هذه الاحزاب تعمل على المصالح الشخصية فقط دون النظر الى المصلحة العامة وهذه الاحزاب مستعدة للتعاون مع الشيطان اذا اقتضة المصلحة الشخصية ذلك لذلك اخذت شعبية هذه الاحزاب بلزوال بعدما عرف الناس حقيقة هذه الاحزاب مشكور موضوع جميل


7 - الايمان والارهاب
مالوم ابو رغيف ( 2010 / 8 / 3 - 14:42 )
الزميل كوريا
لقد تغير العراق وتحول الى الخرافة منذ ان قاد المقبور صدام حسين
حملته الايمانية وجعل الصلاة واجبا وطنيا وقوميا وحزبيا..
كما ان صوره الايمانية وهو يصلي وهو يحج وهو صائم وهو يقرأ القرآن
ملأت الشوارع والعقول... واغلتها بالتافه البليد من الاقوال والافعال..
وبعد ان اطيح به ولم يحمه الله ولا القرآن ولا حزبه، استلمت الاحزاب الاسلامية سدت الحكم
وتبرعت على عرشه واستمرت تنهج نهج المقبور صدام، حملة ايمانية موشومة بالطائفية وارهاب والقتل..
لا ارهاب بدون ايمان والحملة الايمانية هي حملة ارهابية مهما كانت الدوافع والمبررات، ليس بالضرورة القتل قد تتخذ طابع الارهاب الفكر او الارهاب الاجتماعي
تحياتي.......


8 - تحية وتعقيب
مالوم ابو رغيف ( 2010 / 8 / 4 - 09:55 )
السيد محمد خضوري
لفت انتباهي جملتكم القائلة بان الاحزاب الاسلامية مستعدة للتعاون مع الشيطان اذا اقتضت
المصلحة الشخصية ذلك.
اتفق معك في ذلك على اني ارى ان الله اكثر قسوة من الشيطان، الشيطان لا يملك قانون للعقوبات ولا للمحرمات ولا للنواهي والاوامر ويعامل الجميع سواسية اقلها في فن الغواية
والاغراء
اما الله فان قوانينه التي تعمل الاحزاب الاسلامية على تطبيقها هي اكثر ما يعاني منها الانسان، نواهي واوامر لا تطاق وحجاب ونقاب وجلد ورجم وقطع الايادي والارجل وسمل العيون
لا يوجد اسوء من رداء الايمان في تبرير المصلحة الشخصية، اذ ان رداء الايمان يعطيها طابعا دينيا عاما وشرعيا لا يسع الانسان البسيط الا ان يخدع به بطيب خاطر لنيل الجنة
تحياتي...

اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم


.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس




.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي


.. بعد قرار المحكمة العليا تجنيد الحريديم .. يهودي متشدد: إذا س




.. غانتس يشيد بقرار المحكمة العليا بتجنيد طلاب المدارس الدينية