الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف جسدت منى علي( ليلى محمد) فحوى الشيوعية العمالية بالكلمة والعمل.

نادية محمود

2010 / 8 / 3
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


كلمة نادية محمود في الحفل التابيني الذي اقيم في سيدني في 1 اب 2010 للمناضلة الشيوعية العمالية ليلى محمد

الحضور الاعزاء

باسم المكتب السياسي للحزب الشيوعي العمالي العراقي، اتوجه بالتعازي القلبية الحارة لفقدان العزيزة منى علي المعروفة بليلى محمد الى السيدة قدرية رحيم و الى زوجها اسعد و ابنتها لينا، و كل افراد اسرتها و اصدقاءها.

نحن في الحزب الشيوعي العمالي العراقي، فقدنا بموت ليلى محمد عضوة حزبية من طراز خاص، رفيقة لم تعرف التعب و لا الياس في حياتها السياسية رغم تعريض البشر في العقدين الاخيرين الى العديد من " الصدمات والرعب" على الاصعدة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية. لم تعرف اليأس و لم تفقد الامل رغم اشتداد هجمة القوى الرجعية من اجل اخضاع البشر، تيئييسهم و تعجيزهم، و ثنيهم عن الحلم بامكانية نيل حياة افضل.

لقد بقيت ليلى محمد صامدة، و بايمان منقطع النظير بامكانية انتصار ارادة البشر الحرة و الانسانية و العادلة. كانت دائبة التفكير و العمل على ايجاد " مصادر الانتصار" لتسخيرها لتحقيق الحلم باقامة عالم افضل، عالم المساواة و الحرية و الرفاه للبشر.

في هذا المسارالذي امتد لقرابة ربع قرن كانت ليلى دائبة التجدد و الابداع في عملها السياسي و الاجتماعي. متفتحة العقل و الذهن و المخيلة لابتداع اعمال جديدة.

لانها كانت تعشق الحياة، لم يكن مقبولا لديها الخضوع للامر الواقع. لم تقر بان هذا الواقع "امر عصي عن التغيير". بل كانت تؤمن بعمق بامكانية تغييره، في هذا المسار كانت فرحة و نشطة و سعيدة. لم يكن النضال بالنسبة لها عبء، تضحيات او الام، بل كان عملية تحدي و اثبات قدرة على ان بامكان البشر الانتصار.

و لانها كانت تسعى من اجل التغيير، فقد عملت و بجد بالغ في كل صغيرة و كبيرة في حياتها السياسية. خلقت و اسست لثقافة و تقاليد جديدة، تقاليد تناهض كل ما هو رجعي و غير انساني. بدءا من الطريقة التي ربت بها ابنتها، التقاليد التي اسستها داخل اسرتها و في بيئتها الصغيرة المحيطة بها، في عملها لمساعدة الشباب في حل مشاكلهم، و بنضالها كعضو في قيادة الحزب الشيوعي العمالي العراقي.. عملت ليلى على ترسيخ ثقافة متقدمة و انسانية.

في هذا السياق اريد الاشارة الى بعض الخصال التي تمتعت بها ليلى، و التي عكست مدى تشربها بقيم الشيوعية، ليست فكرا و تعاليما و دروسا تستقى من الكتب فحسب بل جمالا و حبا يستقى من الحياة المتجددة ذاتها.

الشعور بالمسؤولية عمن و عما يجري حولها:

اود اولا ان ابدأ من تجربتي الشخصية معها، حين كنا نعيش معا في مدينة كفري حيث كنا مطاردين من قبل اجهزة الامن، في ايلول من عام 1992، كنت اريد فطام ابني البالغ من العمر 15 شهرا انذاك، كنت اناقشها في الامر، و حين بدت لي كل الطرق لفطامه صعبة لي و له علقت بكلام ساخر: يبدو انك انت التي بحاجة الى فطام و ليس ابنك، اتركي الامر لي و ساتدبره. احتضنت طفلي لثلاثة ايام في عنايتها و هو يمر بمرحلة الفطام. لقد اخذت المسؤولية على عاتقها و لن انسى هذا ما حييت و اخبرت ابني البالغ من العمر الان 19 عاما بالامر. ابني الذي يصفها بالامراة المتواضعة والمرحة . "She is down to earth and funny lady ".


اذا كان ذلك في عام 1992، و هي بكامل صحتها و شبابها، فهي في شهر تموز من عام 2010 و قبل بضعة ايام من التقاط انفاسها الاخيرة و بحضور والدتها السيدة قدرية رحيم سالتني برجاء ان اتابع قضية اراس و طفلتها، التي ابعدت الى ايران، فالطفلة لم تمنح المواطنة الايرانية و لا الاسترالية، قالت انه يجب انقاذ تلك الطفلة التي ولدت في ايران من ام ايرانية و اب استرالي بالجنسية. انها ذات الروح و ذات الشعور بالمسؤولية الذي امتد كخيط حريري بالغ القوة على امتداد حياتها، و كانه يسري في شرايينها و بدون توقف.


مبدأ اخر جسدته ليلى بشكل واضح كالكريستال في شخصيتها السياسية و الشيوعية هو انه ليست هنالك شيوعية بدون عمل:

حيثما تواجدت، في اسيا و اوربا او استراليا، كانت تضع برنامج عملها و تشرع بالعمل، حيث هنالك ما يتوجب عمله، تقوم به بنشاط وحيوية و لتكون الهاما لرفاقها في ذات الوقت. العمل الحزبي لم يكن بالنسبة لها، تنفيذ التوجيهات التي تاتي من قيادة الحزب فحسب، بل النظرالى الجوار و تشخيص ما يتوجب القيام به و القيام به فعلا، هذا كان فهمها، و هو بالغ الصحة، للعمل الشيوعي.


ليست هنالك شيوعية بدون عمل. الشيوعية لديها عمل في كل مكان تتواجد فيه، وليلى كنت شيوعية عملت في كل مكان تواجدت فيه، و اتبتت تميزها بجدارة. الشيوعية تعني العمل على احداث تغيير. و ليلى كانت نموذجا حيا على احداث تغيير. بعفوية و بوعي قامت بتجسيد هذا المبدأ.

في اسطنبول و في اوساط الجالية العراقية عملت على دعم قضايا اللاجئين، في سيدني عملت ضد الحصار الاقتصادي اثناء حكم النظام السابق، في بغداد و بعد الحرب عملت على دعم الاسر المحتاجة الى السكن، و الدواء و الاطباء، لقد كان الاطباء يتوجهون الى الاحياء السكنية تلبية لنداءها.

لقد كانت تعمل على طريقتها و مع رفاقها على توفير مستلزمات " الرفاه"، و اول هذه المستلزمات هو حق السكن، لقد واصلت العمل شهورا على تامين حق السكن للمواطنين المهددين بالترجيل في التجمعات السكنية في بغداد.

ببراعة كبيرة قامت بالجمع بين العمل الاصلاحي و التغيير الثوري.

في الوقت الذي كانت تساعد المحتاجين و بشكل مباشر و تحاول توظيف المصادر التي تراها متواجدة هناك من اجل سد حاجاتهم عن طريق توفير المعونات و الملابس و الدفاتر و الكراريس للاطفال، الا انها و بذات الوقت لم تغفل حقيقة ان هذا العالم يجب قلبه. لا يمكن القبول به. كانت تؤمن ان اصلاحة لا يعني الابقاء عليه، بل يتوجب تغييره، تتوجب الثورة عليه.

من هنا، لم تكن تعمل كناشطة خيرية توزع الهبات، بل كانت تعمل في ذات الوقت مع اعضاء حزبها و مع اولئك الذين يشاطرونها تطلعها ممن هم خارج صفوف الحزب، تشاطرهم النضال اليومي من اجل احداث تغيير حقيقي و جذري.

هنالك ميزة اخرى تعكس مدى جدية ليلى محمد في عملها ورغبتها الحقيقية في احداث تغيير الا وهو ايمانها بان الطبقات تتجابة و تتصارع سياسيا ممثلة في احزابها في حلبة الصراع السياسي والاقتصادي و الاجتماعي، و يخاض الصراع عبر هذه الاحزاب، لذلك لدخول الطبقة العاملة بصراعها ضد الطبقة الرأسمالية،و انهاء النظام الرأسمالي لا بد ان يتم على ايدي حزب سياسي طبقي عمالي شيوعي منضبط و جاد . و لانها كانت امرأة لا تتلاعب لا بحياتها و لا بحياة حزبها و لا بحياة الجماهير الذين عملت معهم، اظهرت و بوضوح انه لخوض صراع جاد، في اوضاع في منتهى الصعوبة، لا بد من التحزب، لا بد من الالتزام و الانضباط في كل ما يتوجب القيام به، لذلك كانت نموذجا للتحزب الشيوعي العمالي.

ان سعادتنا نحن الذين تعرفنا اليها و عملنا معها كانت كبيرة لتواجدها بين صفوفنا، وان ذكراها لن تمحى من ذاكرتنا، ونعاهد رفيقتنا المناضلة على ادامة الطريق الذي شرعت به هي قبل سنين لتكليله بالنصر.

عاشت ليلى محمد خالدة في قلوبنا و قلوب الجماهير.

و شكرا لاصغائكم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - احي فيك وفائك
سمير فاضل ( 2010 / 8 / 4 - 02:12 )


السيده المحترمه ناديه،


احي فيك وفائك لصديقتك ورفيقة دربك الفقيده ليلى محمد.

عندي مقترح ان تبادروا بأصدار مطبوع كتاب بهيئه واخراج جيد متضمن مراحل حياتها بالاتفاق مع السيد اسعد زوجها تخليداً لذكراها وتأكيداَ لحضوركم امام الشارع العراقي، ويمكن فتح باب التبرع بشكل محدود لتمويل هذا المطبوع.

تحياتي وتقديري الأخوي لك ولكل رفاقك

اخر الافلام

.. فرنسا: كيف نجح اليمين المتطرف بالصعود؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. هل يتداعى -السد الجمهوري- أمام اليمين المتطرف؟




.. الانتخابات التشريعية الفرنسية: اليمين المتطرف على أبواب السل


.. فرنسا: ماكرون -يخسر الرهان- واليمين المتطرف -على أبواب السلط




.. هولاند يدعو إلى -الواجب الحتمي- للتغلب على حزب التجمع الوطني