الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آلية عمل العقل

صاحب الربيعي

2010 / 8 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


إنها أنعكاساً أو تقبلاً ما هو متاح من دون إفراط أو خروج على الواقع الاجتماعي، ولعدم وجود وسيلة احتكام أخرى غير العقل تصلح لتفسير كل الأحداث والظواهر العامة فإن الخروج على الواقع يعدّ عملاً لا عقلانياً خاصة إن ليس في مقدور العقل إدراك كل العوامل المحيطة وتفسيرها بصورة دقيقة لطرح تصورات مغايرة.
إن العقل الواعي غالباً ما يُخضع الآراء والمواقف إلى مرشحات خاصة قبل أن يبت بها ويكون جاهزاً لاعطاء تفسيرات مقنعة إلى حد ما عن التصورات المطروحة، لكنه في الوقت نفسه يُرحل الآراء والمواقف التي لا تتفق ومرشحاته إلى العقل اللاواعي للحصول على إجابات مقنعة بشأنها. ولربما يرفض أحياناً استقبال الآراء والمواقف الغامضة لعدم قدرته على استيعابها وإدراكها تبعاً لمستوى وعي المتلقي.
إن الآراء والمواقف المعقدة تجهد العقل البسيط لذا يتحاشى قبولها بل في كثير من الأحيان يرفضها ليس لعدم قناعته بها لكن لصعوبة اسيتعابها، على خلافه يستقبلها العقل الواسع الإدراك ويرفض الآراء والأفكار البسيطة فالذي يتفق ومداركه العامة يناقش والأفكار المعقدة جداً يخزنها في اللاوعي لحين حصوله على اجابات واقعية بشأنها ليستوعبها ثانية.
يرى (( سمير شيخاني )) " أن العقل الواعي أشبه ما يكون بالغربال الذي لا يدع كل الأشياء تنفذ منه من دون تنقيته لما ليس ثمة رغبة فيه، فكل ما يركز عليه العقل الواعي يسجل على شكل صورة ذهنية تخزن في العقل اللاواعي ويمكن استعادتها في المستقبل ".
إن الآراء والأفكار المتعلقة بحياة الفرد اليومية تكون غالباً حاضرة في الذاكرة يستخدمها العقل ويطورها ويستذكرها كلما دعت الحاجة إلى ذلك، لكن الآراء والأفكار الثانوية التي لا ترتبط بحياته اليومية تخزن في الذاكرة البعيدة لحين الحاجة إليها يستحضرها العقل وهي غالباً ما تكون معرضة للنسيان عند عدم استخدامها لفترة طويلة أو لم يجر تطويرها على نحو دائم.
بدليل أن الكثير من ذكريات الطفولة يمكن استذكارها بعد مدة طويلة من الزمن لكن ليس بالتفاصيل الدقيقة ذاتها، فالذاكرة تشيخ وجزء منها يتعطل بتقدم العمر. وفي المقابل أي فكرة مهما كان عمرها الزمني متداولة بصورة مستمرة لا تتعرض للنسيان، بل يضاف إليها الجديد لتصبح حاضرة ومتجددة خاصة إن كانت تحقق للفرد مصلحة ذاتية على نحو دائم.
يستقبل العقل الفطري الآراء والأفكار المتعلقة بشؤون التربية والتعليم والأعراف والتقاليد الاجتماعية ليكتسب الفرد خلالها الاعتراف الاجتماعي بكونه كائناً يصلح العيش في المجتمع مع أقرانه من البشر، لكن حين يتطور عقل الفرد الفطري ليصبح عقلاً ناضجاً متوافقاً مع الواقع الاجتماعي فإن آلية تحكمه تصبح أكثر فعالية في تقبل الآراء والأفكار الملائمة لتحقيق مصالحه ولا يتقبل كل الآراء والأفكار من دون انتقاء دقيق لاكتمال قدراته على الفرز والتمييز بين ما هو نافع أو ضار أو ذي القيمة الضئيلة.
يقول (( دانيال ساجكتار )) : " إن العقل ينتقي ما تلقطه الحواس وما يرغب به فيحفظ في الذاكرة التي هي ليست آمنة ولا أمينة لفقدانها المعلومات بالنسيان، فهي مجرد وعاء خامل لحفظ الأشياء ".
كما أن العقل لا يشتغل وحده من دون الحواس في إلتقاط الآراء والأفكار من الواقع ولا يعمل على تسجيلها في الذاكرة من دون تمريرها خلال مرشحات الإدراك والاستيعاب فما تتعارض منها ومصالح الفرد في الحياة العامة يحجبها العقل الناضج حتى لا تعرض الذات للتهديد والفناء. وقد يسمح العقل لفكرة ما وفي زمان ما أن تمر إلى المجتمع وقد يحجب الفكرة ذاتها في زمن آخر لتعارضها مع مصالحه، فالعقل الناضج لا يسمح بطرح فكرة ما تناهض السلطة المستبدة مثلاً لتعارضها مع مصلحة الفرد والخشية من تعرض الذات للأذى، فآلية التحكم العقلي غالباً ما تكون نشطة وفعالة وتعمل على تحقيق مصلحة الفرد إن لم يصبها خلل ما.
يعتقد (( منذر حلوم )) " أن العقل محطة تفتيش، آلية غبية تحجز كل الأشياء التي لا تفهمها وتحرر الأشياء التافهة لمجرد أنها تفهمها ".
إن فعالية آليات الضبط العقلي وتحكمها مرتبطة بمستويات وعي الفرد فكلما زادت زاد وعيه بمصالحه فيصعب على الآخرين خداعه، وعلى الضد من ذلك كلما انخفض مستوى وعيه قل مستوى وعيه بمصالحه فيصبح سهل الخداع. وهذا ما يفسر استغلال النخب السياسية عواطف الجمهور الجاهل غير المدرك لمصالحه لتحقيق مصالحهم الخاصة.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل قانون الجنسية الجديد في ألمانيا| الأخبار


.. صحيفة العرب: -المغرب، المسعف الصامت الذي يتحرك لمساعدة غزة ب




.. المغرب.. هل يمكن التنزه دون إشعال النار لطهو الطعام؟ • فرانس


.. ما طبيعة الأجسام الطائرة المجهولة التي تم رصدها في أجواء الي




.. فرنسا: مزدوجو جنسية يشغلون مناصب عليا في الدولة يردون على با