الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دعاة على أبواب جهنم

سامي جاسم آل خليفة

2010 / 8 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لا أعرف سببا لازدياد وتيرة السطو المسلح عند الدعاة ومدعي العلم والفضيلة في الدول العربية فمع حلول الصيف واقتراب شهر رمضان تثور شهية هؤلاء القوم للاستيلاء على الملايين وزيادة أرصدتهم في البنوك المحلية والعالمية فهذا يطلب عشرين ألف لإلقاء محاضرة على مجموعة من الشباب العاطلين ممن يعيشون على خط الفقر في درجة حرارة تزيد على الخمسين درجة وآخر يطلب مائة ألف للمشاركة في خيم رمضانية كل مقوماتها محاضرات عقيمة لا يزيد حضورها عن العشرات وبكلام لا يخرج عن روى وقال وثبت وقيل ونُم إلي.

عجيب أمر هؤلاء الدعاة وغريبة شؤونهم ففي الوقت الذي يطالبون الناس بالزهد وترك الدنيا والتعلق بالآخرة نجدهم يتناقضون مع أنفسهم ويتبركون بالدرهم والدينار ويتعلقون بالريال ويطلبون الأجور العالية ويلبسون أرقى الماركات ويسكنون القصور الفخمة والفلل الأوروبية ويملكون الشاليهات في شواطىء جدة وشرم الشيخ واللاذقية مع علمهم التام أن الباقيات الصالحات خير وإلا ما بالهم وهم يقرؤون "اتقوا النار و لو بشق تمرة " تناسوا ذلك كله وأخذوا يتطاولون في البنيان وبناء المجمعات التجارية والسكنية في ضواحي العواصم ثم يطالب أحدهم الشباب في برنامجه أن يضعوا بصماتهم على علب الزبادي التي قاربت على الانتهاء وتوزيعها على الفقراء والمحتاجين حتى يساهموا في عمل الخير ولا أدري هل السيارة الفارهة التي يركبونها لتصوير هؤلاء المحتاجين والتنقل بها من مكان إلى آخر من أعمال الخير أم ماذا ؟!

في ظني أن المتأسلمين يعانون أزمة أخلاقية وفكرية وما التناقض في سلوكياتهم سوى صورة من صور متعددة يشوبها السواد ويضربها الاستغلال وتطفح بالحيل على البسطاء والمحتاجين وبيع الوهم والأماني لهم ومطالبتهم بالصبر على أوضاعهم حتى ينصلح حالهم وتتبدل معيشتهم من بعد خوفهم أمنا.

يتبجحون أن محاضرتهم ودعوتهم تجارة مع الله والحقيقة أنها تجارة مع الشيطان ومؤسساته فالله لا يطلب الملايين ولم يوصِ بخداع الناس ولم يأمر بلبس المشالح الباهضة الثمن ولا السيارات الأمريكية والألمانية ولا يبرر الخروج على الفضائيات ببرامج أقل ما يقال عنها إنها برامج ثرثرة واستفراغ لعقول متخمة بشوك الصحراء وبعر الإبل وموروث الدم والكراهية لكل مخالف .

أحسب التجارة مع الله محبة الخير للكل والدعوة للمساواة في النعم والعطايا والهبات التجارة مع الله ياقوم تتوجب التواضع لا الزخرفة والبهرجة وتكديس الملايين في بنوك سويسرا التجارة مع الله تدعو أن تصلي بالناس بلا أجر وتدعوهم لوجه الله لا لوجه الفضائيات والصحف التجارة مع الله أيها السادة أن نشتري مرضاة الله مخلصين له الدين لا مرضاة النفس الأمارة بالسوء والانغماس في شهوات الدنيا.

هؤلاء الدعاة مع ظهورهم بمظهر التدين في القول إنما هم نماذج مهترية لفكر مشلول أخذ يبحث أحدهم في خواطره عن نماذج سوية في اليابان وآخر أخذ يصور برنامجه في تركيا وبلدان أفريقيا وكأن المشكلة في المكان وقلة المسلمين ولم يدر هؤلاء أن المشكلة تكمن فيما يطرحونه ويتناولونه ويقيمون عليه حججهم وأدلتهم وأمثلتهم الورقية وهي في مجملها صور مكررة وممجوجة تُشعر المتلقي بالرتابة والملل والنفور منها ومن أصحابها مهما حاولوا تغيير الديكور ومكان التصوير والأسلوب.

صدقوني أيها السادة إن الدعوة عند هؤلاء أصبحت تجارة للمكاسب الشخصية الدنيوية فهذا أحدهم يُصرح أن إحدى الدول الخليجية "خربتهم" بفنادق السبع نجوم ومقاعد الدرجة الأولى ومن أجل ماذا من أجل برنامج إو محاضرة تضيف رصيدا آخر لأرصدتهم البنكية ويعلق فضيلته أن هذا المال والنعم هم أولى به من غيرهم لما يحملونه من فكر وقيم وإني لتعروني لذلك دهشة عن أي فكر وقيم يتحدثون في برامج جل ما فيها إجابات سطحية تفوق في سطحيتها السؤال نفسه وبعد أيام يحل رمضان وستجدون ذلك جليا في معظم البرامج والمحاضرات وستسمعون معي الحوار التالي:
المتصل:يا شيخ داعبت زوجتي في نهار رمضان وش حكم صيامي
جواب الشيخ: الله يصلحك وراك ما صبرت لـ الليل ..... لا بأس عليك طيب طيب صيامك مقبول.
متصل آخر:ما حكم مصافحة غير المسلم الذي يجاهر بالأكل في نهار رمضان؟
جواب الشيخ:عليك أن تنهاه وتزدريه وتعرض عنه حتى يشعر بسوء ما يفعل.
هذه هي ثقافة الدعاة إباحة للمداعبات وتنفير للآخرين وتكريس للكراهية وأتساءل أين الله والتقرب إليه بالصيام والابتعاد عن تجريح الآخرين وفعل الحسن من الأفعال والأقوال.

حينما يكون الدين مطية للثراء يفقد روحانيته وتأثيره ويصبح كلاما كأي كلام ولا يقع منه في النفس شيئا غير أنه يخرج على اللسان ولا يتجاوز الأذنين ولعل استغلال عواطف الناس وتجميع الأقوال من هنا وهناك وتخديرهم بها وتحقيق مبيعات ضخمة جراء تلك الكتب والبرامج إنما هو من هذا الباب إذ لا يملك هؤلاء المساكين من طلاب الدعاة غير اللجوء لأي وسيلة تدفع عنهم الضر والبلاء والتمسك بخيوط الحياة وهذا ما أدركه أحد الدعاة ممن تربع ضمن مجموعة على أعلى عرش لمدخول الدعاة مستغلا الشباب ومآسيهم لتحقيق ثروته وبشعار لا يخلو من المادية "التنمية بالإيمان" وأظنه يقصد التنمية بالجنيهات الذهب ويا عيني على التنمية الإسلامية.

في ظني أن هؤلاء يعيشون انقساما واضحا فيما يحملونه من محفوظات الكتب وبين واقعهم واستغلاله بما يعود بالفائدة على أنفسهم فلا غرابة أن يطلق أحدهم فضائية جديدة مع إطلالة رمضان لزرع الأمل في نفوس الملايين من البشر في المنطقة العربية وإني لأتعجب أن يكون هذا هدف القناة مع وجود القران والأحاديث وأقوال السلف التي يدرسها أولاد المسلمين قبل دخولهم المدارس وإني لأتساءل إذا تلك الآيات والأحاديث والأقوال لم تزرع الأمل في نفوسهم هل تحقق هذه القناة هذا الأمل في النفوس سؤال أوجهه لفضيلته مع التحية وأقول له لا تحزن من هذا السؤال.

أحب الدين بفطرته بصفائه بروحانيته بقيمه برسالته بتواضع شخوصه وتضحياتهم من أجل الآخرين بدعوته للسلام والمحبة ونبذ العنف وأن تُستثمر هذه الأهداف في خدمة الإنسانية جمعاء وتحقيق الصلاح على الأرض ولا أفهم كيف ينفصل هؤلاء الدعاة عن ذلك كله ويغلبون منافعهم الشخصية عليها فقراءة القران بالريال والدعوة بالدينار والخطبة بالدرهم والآذان بالجنيه وتفقيه الناس بالدولار ولا أدري هل سنجد بحلول رمضان تسعيرة لصلاة التهجد باليورو ربما .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سلم يراعك ـ انهم دعاة على ابواب جهنم
سميح الحائر ( 2010 / 8 / 8 - 05:25 )
هؤلاء الدعاة ينطيق عليهم قول ابي العلاء المعري رحمه الله
اراعيك فلبغفر لي الله زلتي *** فديني ودين العالمين رياء

شكرا لك


2 - مكرمة
حمورابي سعيد ( 2010 / 8 / 8 - 08:23 )
اخي سامي....هؤلاء قوم اذا سمعوا بالحج مكرمة حجوا لها قبل الحجيج بعام .تحياتي


3 - حياك في خيمتنا الرمضانية
فاروق خالد ( 2010 / 8 / 8 - 13:19 )
يبدو ان مشايخنا الافاضل قد اثاروا غيظك حياك الى خيامنا الرمضانية تسمع فيها ما قد يهديك وما ينجيك ولا تغتر بتصفيق الملاحدة والكنسيين لك كمسلم يهجو دينه


4 - فاروق خالد ـ وللناس فيما يعشقون مذاهب
فهد لعنزي ( 2010 / 8 / 8 - 14:27 )
من هم مشايخك الافاضل؟؟؟.ومن اين اتاهم الفضل؟؟. اهو الضحك على الذقون ؟؟. الى متى تغييب العقول؟؟. اقرا مايقول شاعر العراق في مشايخك!!
ليتني اسطيع بث الوعي في هذي الجماجم
لاريح البشر المخدوع من شر البهئم
واصون الدين عما ينطوي تحت العمائم
من مآسي تقتل الحق وتيكي ــ اين حقي
يذآبا فتكت بالناس آلاف القرون
اتركيني ما انا والدين هل انت بديني
امتن الله قد استحصلتي صكا في شؤوني
وكتبب الله في الجامع يشكو ـــ اين حقي
حرروا الامة ان كنتم دعاة صادقينا
من قيود الجهل تحربرا يرد الطامعينا
واقيوا لوزن في تامين حق العاملينا
ودعوا الكوخ ينادي القصر دوما ــ اين حقي
ان مشايخك هم من دجنوك وجعلوك دمية بايدي حكامك هم المنتفعون وانتم الخانعون وكله باسم الدين والدين منه براء
اطع الامير وان جلد ظهرك وهتك عرضك-
اغاية الدين ان تحفوا شواربكم *** يا امة ضحكت من جهلها الامم
سلم قلمك ياسامي والى المزيد من فضح اؤلائك الاوياش.
نحن مسلمون ولسنا ملاحدة او كنسيين ولكننا لسنا مدجنين.

اخر الافلام

.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است


.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب




.. الفوضى التي نراها فعلا هي موجودة لأن حمل الفتوى أو حمل الإفت


.. مقتل مسؤولَين من «الجماعة الإسلامية» بضربة إسرائيلية في شرق




.. يهود متطرفون يتجولون حول بقايا صاروخ إيراني في مدينة عراد با