الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نفوس للحياة... وأخرى للموت

أحمد البغدادي

2010 / 8 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الخالق واحد, هو الله سبحانه وتعالى, لكن خلائقه من بني آدم يتفاوتون ويتباينون في سعيهم الدائب أبداً لتعمير هذه الحياة أو تدميرها. وحيثما يلتفت الإنسان اليوم ناظراً إلى هذا الخلق, سيجد فيهم من يحيا الحياة ويسعى لحفظها في الحاضر والمستقبل, من أمثال الأوروبيين الغربيين, ومنهم من يحياها بالدم والقتل, متفانياً في تدمير الخلق, وكأنه يرى في نفسه عزرائيل دنيوياً, أقسَم أن لا يجيد سوى صناعة الموت للآخرين, وهم العرب - المسلمون.

إن سعي الأوروبيين أو الغربيين بشكل عام, مع احتفاظ الأميركيين بقصب السبق في هذا الشأن, لحفظ الحياة وتطويرها حضارياً يتمثل في المئات من الشواهد الحياتية, فإليهم يعود فضل إطالة المدى الزمني للإنسان, حيث وصل متوسط العمر للإنسان اليوم، فيما لو تلقى التطعيمات الطبية الوقائية منذ لحظة ولادته, إلى السبعين عاماً, بعد أن كان متوسط العمر لا يتعدى الـ35 عاماً, وكذلك الأمر مع انخفاض نسبة وفيات المواليد, والقضاء على مختلف الأمراض, بل ولا يزال الطب الغربي العلماني يوفر الأدوية لمرضى ما كان لهم أن يعيشوا عمراً أطول لولاها, تأتي على رأسها أدوية علاج مرض السكري وسيولة الدم والضغط, ولولا الغرب, لأصبح العالم جثثاً تملأ المقابر. واليوم تورد الصحف لنا الأنباء بالجهود الغربية لـ"حفظ 100 مليون بذرة زراعية في قبو عند القطب الشمالي تفادياً لانقراض أنواعها في العصور التالية"، ويتم حالياً تحضير عينات من آلاف الأنواع الأخرى في محاولة من المنظمين لإدخال عينات لكل نباتات العالم. وقد تم حفظ هذه البذور في قبو مكون من ثلاث غرف على عمق 125 متراً داخل جبل قريب من النرويج, وفي درجة حرارة تبلغ 18 درجة مئوية تحت الصفر. وستبقى هذه البذور في مأمن لمدة 200 عام بعيداً عن كل الكوارث الطبيعية المحتملة في مستوى مياه البحر. وقد افتتح رئيس الوزراء النرويجي هذا المشروع, بالتعاون مع عالمة البيئة العالمية وانغاري ماتاي، التي استهلت الافتتاح بقولها "هذا الاهتمام الكبير بمشروع قبو البذور يدل على أننا معاً نغير طريقة تفكيرنا في الحفاظ على البيئة".





ولننظر الآن إلى الصورة "النجاتيف" من هذا المنظر, أقصد نحن العرب والمسلمين حول العالم, والذين يمثلون اليوم عبئاً وعالة على الغرب, ماذا يقدمون للعالم اليوم؟ باختصار شديد يقدمون صناعة الموت سعياً وراء الحور العين في الجنة, غير عابئين بقتل الأبرياء من النساء والرجال والأطفال. ومدمرين الحياة القائمة. وليت الأمر يتوقف عند هذا الحد, بل نصرّ إصراراً عجيباً على إشغال الناس ولأطول مدة ممكنة بقضايا الموت, وكأننا نسعى إلى إهلاكهم وهم أحياء. في مثل هذا التفكير المهلك لكل ما، ومَن يعيش على الأرض, بما يشغل الناس عن التفكير في حاضرهم ومستقبلهم، وللأسف أن تتم هذه الجرائم باسم الإسلام... وضد المسلمين, وكأن هذه الأمة التي تمتد من المحيط إلى الخليج قررت أن تعيش على الدم ومن أجله. لا خير فينا لأنفسنا ولا للآخرين. بمعنى "لا من خيرنا, ولا من كفاية شرنا"!

نعم، الخلق واحد في الشكل, لكنهم يتفاوتون في طريقة خلافة الله في أرضه, ولاشك أن المسلمين لم يفهموا، وربما لا يريدون أن يفهموا, إلى الآن أن خلافة الله في أرضه تعني الحياة، وليس التلوث الدائم بالدم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يسلم قلمك...!؟
سرسبيندار السندي ( 2010 / 8 / 10 - 00:12 )
أولا : كلام واقعي ومنصف وهذه هى بدايات معالجة أمراضنا عندما نقر بوجودها ونحذر من مدى خطورتها لوقاية أنفسنا منهاومجتمعاتنا ...!؟
ثانيا : أول ماتحتاجه مجتمعاتنا لوقايتها من صناع الموت وخفافيش الدم وأساتذة ألإرهاب نفق كالنفق الدنماركي وكون على إمتداد الطريق بين بين مكة والمدينة وبأعماق تصل إلى الجحيم حيث درجات الحرارة العالية جدا لتجميع كل صناع الموت وخفافيش الدم وأساتذة ألإرهاب ألإسلامي ألذين حولو بلداننا إلى سجون وخراب ومعه العالم المتحضر ... وليكن بإشراف ألأمم المتحدة وليس بإشراف جامعة الدول ألعربية لا لإنعدام الثقة فقط بل لبطئها في التنفيذ ..... !؟
ثالثا : أنصحك بعدم الوثوق حتى بالقريب والحرص من باب الحيطة والحذر من مدمني الإرهاب ... !؟
مسك الختام : لك مني ألف ألف تحية سلام .....!؟


2 - نعم الاسلام يعيش على الدم
حكيم العارف ( 2010 / 8 / 10 - 02:51 )
ينصب بعض المسلمين ومنهم المشايخ كأوصياء على خلق الله وكتابه....ولايحدث اى شئ فى المدينه الابأذنهم .... وحياة الناس لاتسير الا بفتاويهم لان الثعبان الاقرع تحت الطلب....



- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ -

اليس الشيوخ هم -واولى الامر منكم-


3 - الف رحمة عليك يا دكتور
سوري علماني ( 2010 / 8 / 10 - 07:52 )
اليوم رحل الدكتور بغدادي عن هذا العالم .
رحم الله هذا الانسان العظيم والقلب الصادق والمفكر الباحث عن الحقيقية .

شكرا لك دكتور بغدادي على كل ما قدمته وتعازينا الحارة لعائلتك الكريمة ستبقي كتابات وذكرة الدكتور شعلة حياة في المقبرة العربية الجماعية من المحيط إلى الخليج .


4 - يتفقد روحك الأله المحب برحمته
أتــور أفـــرام ( 2010 / 8 / 10 - 10:10 )
الخـــالق الــمحب يتفقدك بالرحــمة ويــكون لروحــك ولنفســك النقية في أجــمل مــكان...لأنك أنــسان مــحب للمــظلوم وهذه المــحبة ســتحملك على جناحيها نــحو الســماوات ومالك الســــموات


5 - رحلت سريعا من ارض النفاق
الفى المصرى ( 2010 / 8 / 10 - 15:23 )
الدكتور الراحل الباقى..ادمى مدمعى خبر انتقالك الى عالم افضل و اطهر .خالى من العنف و الارهاب و التخلف...ما قدمته خلال وجودك على الارض سيظل نبراسا و مناره للاجيال القادمه ..رحلت عنا مبكرا.و بغته..و لم ترى احلامك وهى تتحقق و البزار الذى غرستها بيديك تنبت..و لكن عزائنا انك فى موضع الراحه و السعاده و النور الابدى....لكل الاهل والاحباء احر التعازى و المواساه.. 


6 - الرحمة لروحك النقية
مريم نجمه ( 2010 / 8 / 10 - 21:46 )
التعازي الأخوية القلبية لعائلة وأصدقاء الراحل الدكتور أحمد البغدادي ..
والخلود لروحه الطاهرة

الكاتبة مريم نجمه / هولندة


7 - ما مات من حاز الثرى آثارهُ
كمال يامولكي ( 2010 / 8 / 10 - 23:25 )
هدا الرجل لم يمت، ولكن الكويت تيمت وكل البشريه العاقله برحيله, فالى عائلته الكريمه من أعماق قلبي الدي تبرعتُ به يوماً ونشرتهُ في القبس الكويتيه الغراء لأمنحهُ قلبي، من دلك القلب الدي أحبهُ أعزيهم


8 - سيبقى خالدا فينا
ليندا يازجي ( 2010 / 8 / 11 - 01:37 )
فجعت لخبر وفات البغدادي ، أحب هذا المفكر لانه مختلف عن كثير من مفكرينا ، فهو شجاع وحر ولايجامل على حساب الحقيقة والواقع .
صاحب فكر تنويري وهو ان فارقنا اليوم فهو سيبقى بفكره دائما فينا حيا لايموت .
وردة على قبر الراحل


9 - وداعا استاذ أحمد
أثير العراقي ( 2010 / 8 / 11 - 15:59 )
كل التعازي مني لاسرتك الكريمة

لقد ارتاح من الحياة في هذه المنطقة من العالم التي يتواجد فيها الاسلاميون -عشاق الموت..


10 - رحمك الله
طارق زهدي -نيويورك ( 2010 / 8 / 12 - 21:19 )
شكرا لك دكتور احمد على كل ماقدمته لي..
شكرا لانك جعلتني انسانا

شكرا لانك علمتني كيف احترم الآخر واحترم رأيه
شكرا لانك جعلتني حرا في تفكيري
شكرا لانك حررتني من الافكار المتخلفة المتطرفة
شكرا لك لانك جعلتني احب الحياة
شكرا لان الحياة مع افكارك النيرة اجمل وانقى
شكرا لك من كل قلبي
والف رحمة ونور عليك ايها القديس

اخر الافلام

.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟