الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تاريخ العرب الهباب في حرق الكتاب

أحمد البغدادي

2010 / 8 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



قبل الدخول في الموضوع نود إيراد النص التالي لأستاذ اللغويات الأميركي والتر أونج، حيث يقول: "النص الذي يقول ما يعرف العالم كله أنه باطلٌ، سيظل يقول هذا البطلان للأبد، ولهذا ظهرت فكرة حرق الكتب".

برغم صحة هذه الفكرة أو النظرية الإنسانية، إلا أن العرب المسلمين هم الأمة الوحيدة من دون الأمم التي تصور تاريخها بصورة ملائكية في قضية حرق الكتب, حيث يأخذ المهووسون بما يسمى خطأ بالحضارة الإسلامية، بالتشدق بفضيلة تكريم الخلفاء للعلماء، وأن هذه الحضارة التليدة لم تشهد حرقاً للكتب, ثم يأخذون بالتشنيع على الحضارة الغربية التي شهد تاريخها فصولاً سوداء ضد العلماء والمفكرين. لكن، هل التاريخ الإسلامي بهذا النقاء الذي يدعيه هؤلاء المتشدقون؟ هل يمكن القول فعلاً إن تاريخنا في قضية حرق الكتب لا وجود له؟ والحقيقة بخلاف ذلك تماماً, ولهذا السبب أسميت المقال "تاريخ العرب الهباب في حرق الكتاب", والهباب هو الوسخ الأسود الناتج عن الدخان, أيّاً كان مصدره, لأن هذه الحقيقة يتجاهلها المكابرون والمعاندون للحق والقول الفصل في هذه القضية المهمة. وقد أعفانا الكاتب السعودي ناصر الحزيمي من مشقة البحث، ووفر للقارئ العربي فصولاً سوداء من تاريخه الهباب في حرق الكتاب, وذلك في كتابه الموجز "حرق الكتب في التراث العربي", ننقل للقارئ على أي نوع كان، إسلامياً أو ليبرالياً أو حتى " نص ..نص ", بعضاً من هذه النصوص، لعل هناك من يسمع ويعقل، وتنتهي عنده حالة النوستالجيا (على القارئ مهمة البحث عن معنى الكلمة) التاريخية. وعملية حرق وإتلاف الكتب في تاريخنا الأقصر عمراً بين تواريخ البشرية، متنوعة ولله الحمد، يعني مثل حال أسواقنا وجمعياتنا التعاونية اليوم, حيث قسّم الكاتب الحزيمي عملية الحرق والإتلاف إلى نوعين : الأول، ما قامت به السلطة، والثاني، ما قام به العلماء والفقهاء بأنفسهم! ولا أدري إن كانت أوروبا قد شهدت الحدث الثاني, وربما تفرد العرب المسلمون به، أليسوا أمة خارج نطاق التغطية البشرية؟ ولنسرح ونمرح في ظلال تاريخنا المجيد.





يقول الكاتب الحزيمي: "تعددت طرق إتلاف الكتب في تراثنا، إلا أنها لم تخرج عن أربع طرق معروفة ومعهودة:

أولاً: إتلاف الكتب بالحرق.

ثانياً: إتلاف الكتب بالدفن.

ثالثاً: إتلاف الكتب بالغسل بالماء والإغراق.

رابعاً: إتلاف الكتب بالتقطيع والتخريق.

(ما شاء الله على هذا التنوع التاريخي الشيق، وللحق هذه الزيادة من عندي حتى لا نتقول على الكاتب ما لم يقله). ويهنا في كل هذه التفاصيل الجانب الأول, أي جانب الحرق.

في سنة 82 هجرية أمر الخليفة سليمان بن عبدالملك بحرق نسخ مكتوبة ورد فيها ذكر الأنصار في غزوة بدر وبيعتيْ العقبة, لأنه لم يكن يرى للأنصار هذا الفضل!

في سنة 163 هجرية أمر الخليفة المهدي بتقطيع كتب أنصار المُقنَّع الذي خرج عليه بخراسان، وذلك بعد أن قتلهم وصلبهم.(على فكرة كانوا من المسلمين).

في سنة 322 هجرية: قال ابن الأثير في كتابه "الكامل في التاريخ"... وفيها أحضر أبو بكر بن مقسم (وهو من النوابغ في عصره) ببغداد وقيل له إنه: قد ابتدع قراءة لم تعرف وأحضر ابن مجاهد والقضاة والقراء، وناظروه فاعترف بالخطأ وتاب منه، وأحرق كتبه.

ولمن يرغب في التعرف على المزيد من تاريخ العرب الهباب في حرق وإتلاف الكتاب، قراءة هذا الكتاب القيِّم، الذي فضحنا فيه على رؤوس الأشهاد اعتماداً على ما ورد في تاريخنا، الذي لم يقرأه المسلمون قط.

09 أكتوبر 2007








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا لكم
محمد الرديني ( 2010 / 8 / 9 - 07:09 )
الاستاذ الكريم احمد البغدادي
شكرا
فقد عثرت على هذا الكتاب وانا اعلم انه سيزيد وجع الراس وجعا ولكني ساقرأه
والفضل لك
ملاحظة اخوية
اذا استمريت في هذا النهج من الكتابات فسوف يوجهون اليك تهمة وضع الصليب خلفك
اما اذا كنت بعيدا عنهم فضع ما تريد واحرق السنتهم واقلامهم
ودمت


2 - حرق الكتب فى العراق
على عجيل منهل ( 2010 / 8 / 9 - 10:49 )
في واحدة من المرات وحين شكل النظام الحاكم فرقا للبحث عن الكتب الإسلامية وتلك المعبرة عن توجهات لا تتلاقى و رؤية السلطة كان الرعب يدب في النفوس وكان وجود كتاب في احدى الدور كافيا لإصدار حكم اعدام للشخص مالك الكتاب .. عمل اقرباء لي على جمع العشرات من نسخ كتب كان ابن لهم يحتفظ بها واضطر لتركها وغادر البلاد ووضعوها في حقيبة سفر كبيرة ، ورموها في نهر ديالى وكانوا حذرين من اكتشاف امرهم ما يعني ذهابهم جميعا الى المجهول. كانت مطاردة الكتاب تبدأ من الفاوفي اقصى الجنوب الى زاخو مرورا بالفرات الاوسط وبغداد ، وحتى قرية شرخان في الموصل .. ومضت تلك الحقبة السوداء ، لكن العار التصق بالنظام البعثي ..انه (نظام حرق الكتب) استاذنا البغدادى شكرا لهذ الموضوع المهم..


3 - حرق الكتب
على عجيل منهل ( 2010 / 8 / 9 - 10:55 )
- الآن في العراق - نعيش عصور ما قبل التاريخ ربما سيأتي اليوم القريب، سيصبح فيه -مقتدى الصدر وزيرا للثقافة - ليحيي متحف بغداد الشهير ويعيد المكتبات الى سابق عهدها بل اكثر.


4 - احر التعازي للجميع
سالم النجار ( 2010 / 8 / 9 - 18:08 )
أبوظبي: رحل عن عالمنا ليلة أمس الكاتب والمفكر الدكتور احمد البغدادي الذي كان يعالج في مستشفى خليفة في أبوظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة.


5 - الغريب
مايسترو برتو ( 2010 / 8 / 9 - 18:12 )
أن بني عرب يفتخرون بتاريخهم الأسود الهباب كما قلت، وهذه هي الطامة الكبرى والمصيبة الأكبر، فحدث ولا حرج عن تاريخ العرب الهباب علينا نستزيد.


6 - بقاء الكلمة
شيرزاد همزاني ( 2010 / 8 / 9 - 19:02 )
اليس تجريم وتكفير وتحريم الرأي ألأخر هو حرق أشد من حرق الكتاب ,إذ أنه حرق لمصدر تأليف الكتاب .. قدمت الكثير الى وكتاباتك لن تـُحـْرَق لأنهم لا يستطيعون حرقها .. الى الخلود بفكرك وكلمتك


7 - احمد البغدادى- المجد والخلود
على عجيل منهل ( 2010 / 8 / 9 - 20:20 )
المجد والخلود لروح السيد الشريف احمد البغدادى وتبقى اعماله الخالدة مشاغل خالدة فى تطور فكر الامة والهم ذويه ومحبيع الصبر والسلوان


8 - مفاجاة مؤسفة
عذري مازغ ( 2010 / 8 / 9 - 21:13 )
قرأت مقالة الدكتور أحمد البغدادي هذا الصباح وافاجأ في موته في مساء هذا اليوم، من يصدق؟ ، خبر مؤسف حقا، تعازي الكبيرة لذوي الفقيد والمجد والخلود لروحه الطاهرة


9 - اروع ما يكن ان تحرق الكتب الدينية
mazin 199 ( 2010 / 8 / 13 - 17:01 )
اروع ما يكن ان تحرق الكتب الدينية ان دل هذا فهاذا يدل ان المجتمعات بداءت تعترف الدين هو خرافة ولا عقل يقبل بالتخلف الفكري لرواد الدين ولا مكان لهم في العقل .اتمنئ ان يحرقُ كل من يتطرف او يحاول ان يدرس هذه المادة السامة للاطفال يجب حرقهم والئ اخر مخرب للعقول المتدينة في افة الشعوب ..شكرأ للكاتب

اخر الافلام

.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟