الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنت غليظ؟ انضم إلينا

فاديا سعد

2010 / 8 / 10
المجتمع المدني


تذكرت هذا المقال بعد استقبالي صديقة، جاءت من بلاد ندعوها ب: بلاد الغربة.
على خلاف ما نعتقده تجاه المهاجرين، كانت سعيدة بتلك الغربة، إنما سؤال واحد كان يتردد طوال فترة حديثها عن
بعض سلوكيات المغتربين وتخجل أن تقول عنهم : أنها وأنهم من بطن واحد يدعى: بلادنا..
خجلت أن تقول أنها وإياهم من بطن أم واحدة ندعوها: وطننا..
وأنها رضعت من ذات الثدي، الذين رضعوا منه.
هل حمل بعض المغتربين محتوى هذا المقال معهم ليمارسوه في بلاد الغربة حتى يشوهوا سيرة جميع المغتربين؟
هذا ما كان سؤالي.

أنت غليظ؟.. انضم إلينا
2007
فاديا سعد

لا أعرف إن كان هناك تعريفٌ أكاديميٌ يتعلق ببعض المصطلحات الحياتية التي تلتصق بجلدنا الروحي كاللطف ونقيضه الخشونة والجلفة. لكني سأستخدم مصطلح الغلاظة "الشامي"، وأحشر أنفي بصفتي الإنسانية وأحاول الاجتهاد، رغم أن أصحاب الاجتهاد، سيعتبرون هذا تدخلاً فيما لا يعنيني، وأن هذا الاجتهاد ما هو إلا غلاظة:
"اللطف سلوك فردي مكتسب يتأثر طرداً بالمناخ البيئي العام".

وتساهم في ترسيخه الفلسفة المتبناة تجاه الضعاف والمساكين سواء في الحي أو البيت أو المدرسة فهذه العناصر الثلاثة تدخل بشكل مباشر في تكوين الفرد
وقد وجدت منتديات بأكملها من أجل الغلاظة!! وأن تكون غليظ السلوك والكلام والرد شرط أساسي لاعتبارك عضواً في المنتدى!!
وتنوعت مصادر الغلاظة. فإن كنت مهتماً لتعلم المبادئ الأساسية في علم الغلاظة إليك التالي:
تطحش أثناء صعودك الحافلة عجوزاً، توقعها أرضاً وتتبارى مع السائق في قذف الشتائم التي تعلمتها في الشارع ويمكنك اعتماد مصطلحات يبدعها خيالك.
- تعتبر عرض الآخرين مباحاً للشتم والقدح بينما أمك وأختك أشرف من أن تسمع همساً حولهما
وما عليك في هكذا حالة غير أن تحمل شبرية -سكيناً حاداً- لتنتقل إلى مستوى أعلى من الغلاظة.
هل سمعتم بالنكتة التي تروي أن: ثلاثة شبان تباروا من منهم الأسوأ خلقاً. انتظروا حتى واجهوا عجوزاً مقبلة عليهم فأسمعها الأول أنواع شتى من الشتائم أما الثاني فقام بضربها بعصا وبقى الثالث على صمته فاستغرب رفيقاه بأنه لم يقم بواجبه ليعرفوا الأكثر سوءاً فقال لهم: هذه أمي.

- يمكنك أيضاً ومن باب الغلاظة أن تقوم بما يلي: سيارة واقفة تطحش عليها وتهشم زجاجها بسيارتك وتبادر بأنواع شتى من التهديدات وتجبر سائقها على دفع ما أصاب سيارتك على اعتبارك تنتمي إلى شريحة المرغوبين في المجتمع وصاحب تلك السيارة من المغضوب عليهم.

يمكنك أن تدخل صيدلية أو بقالية أو محال لبيع الحلويات أو ما ترغب وتطلب حاجتك، فترمى طلبيتك بوجهك مع ما تبقى من المال المدفوع، على اعتبارك شحاذ ابن شحاذ وهو يتعطف عليك ببعض مما أنعم الله عليه. أو كأنك من الممسوسين وهذا المس الشيطاني سينتقل عبر يدك للبائع، وإذا ما حصل ولا مست أصابع يد متدين متعصب راحة يدك –إن كنت أنثى- فلن تستغربي أن يهرول البائع للوضوء وغسل راحتيه بالماء والصابون على اعتبار نظافته الروحية تبدأ من استنكارك كإنسان يحق له البيع والشراء. ثم لن ينس الصلوات التي تمنع عنه المس الإنساني الذي حل عليه. وإن كنت محظوظة بنوع آخر من غلاظ السلوك فقد يرسل عبر أصابعه بمئات الرسائل الجنسية، وكأنك عاهرة تحتاج إلى رب عمل يسير شؤونها.
- من مبادئ الغلاظة أن تسأل عن وجهة معينة، تحتاج التوجه إليها بطريقة توحي للآخر بأنك من أحد فروع الأمن حتى توقع الخوف بأوصاله، أو تجيب على السؤال إن كنت أنت المجيب بعدم مبالاة بمن أمامك، كأنه حشرة يجب أن تدهسها، وأن لا تنسى العبوس فهذا الأمر وحده يمنحك الهيبة والوقار وفي أفضل الحالات الرعب من شخصك.

من أسس تكوين الشخصية الغليظة ستأخذ عبرة من خلال المستويات الرسمية وغير الرسمية، في التعامل مع الطبيعة لترمي نفاياتك البلاستيكية والمحارم الورقية وتنشرها فوق العشب الأخضر لتلونه بما لديك، على اعتبار أن كليات ومعاهد الفنون الجميلة قاصرة أعمالها وتماثيلها وبهاء الألوان المستخدمة على أماكن محددة وقليلة، والدارج الآن ذاكرة بصرية تعتمد على رؤية ألوان الطبيعة بنفايات شخصية، أو أسمنتية.
- يمكنك أن تجعل من الآثار مراحيض عامة فلا تفرق بين تمثال الملكة زنوبيا أو تمثال جندي شجاع أو جدار أثري ملطخ بالفسيفساء ومخلفاتك البشرية.
- من إحدى المفارقات أن تعتبر اللطف اتهام بالأرستقراطية وأنت مطالب بمباركة أخلاقيات، وسلوكيات الطبقة المهشمة، كأن تبصق على أرضية مشفى وأنت تسير مسرعاً على اعتبارك مشغولاً بأهم من النظافة العامة، ترمي القمامة قرب الحاوية لا داخلها، وأن تخجل من السير قرب امرأتك في الشارع، وأن تعتبر اللقاءات الرومانسية مباحة مع أية أنثى عدا زوجتك.
- السلوك المسالم أو القانوني في حل الخلافات جبن، وضرب الزوجة رجولة، وذرف دموع الرجل عيب، ولو كان ذرف هذه الدموع على وطن! ألم نأخذ درساً في دموع الرجال؟

هذه السلوكيات مجتمعة ستجعل منك شخصاً غليظاً ومرغوباً، تباركه دوائر الدولة وموظفوها وفلاحوها الكادحون وعمالها وأحزابها وصحفها الرسمية وغير الرسمية، والناطقة والإلكترونية.

وقد تصبح من وجهاء البلد وتكافأ على كل تخريب تقوم به، وكل سلوك خشن، وكل استباحة لأخلاقيات المهنة، ولخزائن الدولة، بمنصب أفضل مما تحلم، وإذ ذاك تتبارك خطواتك، وتجعلك جزءا هاما من نسيجها الحي لتعمّر ما خربته اللطافة السورية في سنوات سابقة من عمر المواطن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظمة هيومن رايتس ووتش تدين مواقف ألمانيا تجاه المسلمين.. ما


.. الخارجية السودانية: المجاعة تنتشر في أنحاء من السودان بسبب ا




.. ناشطون يتظاهرون أمام مصنع للطائرات المسيرة الإسرائيلية في بر


.. إسرائيل تفرج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين عند حاجز عوفر




.. الأونروا تحذر... المساعدات زادت ولكنها غير كافية| #غرفة_الأخ