الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موجبات الانصياع للعقل

صاحب الربيعي

2010 / 8 / 10
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لا يوجد نظام اجتماعي من دون مرجعية للاحتكام عند تباين الآراء للوصول إلى الحقيقة، والعقل مرجعية أساسية للأفراد والجماعات لتقييم السلوكيات والممارسات العامة واستنباط الأفكار العقلانية التي تحظى بقبول الأطراف التي تعدّ المنظومة العقلية مرجعاً للتسويات العامة بين أفراد المجتمع على الرغم من أنها ليست مقبولة في كل مناحي الحياة خاصة حل الأزمات المعقدة لعدم قدرتها إعطاء تفسيرات واضحة ومقنعة عن ظواهر وأزمات عالم التطور والحداثة المتسارع الذي يصعب على العقل إدراكه بسهولة.
لكن ذلك لا يقلل من أهمية الاحتكام للعقل في فض الكثير من المنازعات العامة طالما يعدّ السبيل الأمثل للجميع للمقارنة بين رجاحة كفة العقل على كفة الجهل في حل الكثير من القضايا العامة، فلا مناص الاحتكام إليه لمناصرة الخير والاحتكام إلى الشر لن يؤدي إلا إلى مناصرة الشر.
يعتقد (( علي بن أبي طالب )) " أنه لا غنى كالعقل، ولا فقر كالجهل ولا ميراث كالأدب ولا ظهير كالمشاورة ".
وبما أن العقل هو زينة الإنسان لقدرته التمييز بين مصالحه في الحياة العامة أو ضررها، فالشقاء خلال مسيرة حياته ليس مرده سوء الحظ وإنما في قسمه الأعظم يعود إلى ضعف قدرات العقل على معالجة مسببات الشقاء الذي يتطلب إرادة وجهد مضني لتغيير مجريات الواقع غير الملائم لحياة الفرد إلى واقع يحقق الحد الأدنى من طموحه بإستخدام العقل الراجح الذي يعي مصالحه بإعتماد السبل الصحيحة لتحقيقها.
تقول (( حكمة قديمة )) : " إن الشقاء صورة من الخراب النفسي سببه العقل لا ظروف الحياة ".
كما لا يمكن ايجاد الحلول لمشكلات الحياة ومتطلباتها من دون بذل جهداً عقلياً للتفكير بمسبباتها لتلافيها، حيث تقل حاجة الإنسان العاقل طلب المساعدة من الآخرين لحل مشاكله على نحو عام، وطلبها لحل مشكلات معقدة ليست نقيصة لكن اللجوء إليها لحل المشكلات البسيطة في الحياة اليومية دالة ضعف قدرات الفرد العقلية على حل مشكلاته بنفسه جراء عدم الثقة بالنفس أو بدافع الاتكالية المفرطة على الآخرين لرفض الذات في اللاوعي تحمل المسؤولية فتسعى إلى الجماعة لتقرر عنها.
إن الارتقاء بمستوى الوعي عبر الدراسة والتحصيل والثقافة العامة والاكتساب من تجارب الحياة العامة ينمي القدرات العقلية ويحفزها على التفكير بإيجاد الحلول الصائبة لمشكلات الحياة اليومية. وليست بالضرورة أن تكون جميع الحلول حلولاً صحيحة أو ناضجة لدى كل البشر لأن العقول ذاتها غير متساوية بمستوى وعيها ونضجها فبعضها يكون مثالياً والآخر ناقص ولربما بعضها خاطئ.
لذلك من الحكمة الاستشارة وليس الاتكال والعزم على اتخاذ القرار في الظروف الاستثنائية الذي لا سبيل لتأجيله أو طلب مشورة الآخرين به، فالوقت عامل مهم إن جاء الحل بغير وقته فقد أهميته حتى لو كان صحيحاً، فلا يجوز أن يعطل قائد معركة في ساحة الحرب مثلاً تفكيره فقط بطلب النجدة للفوز بالحرب، وإنما تشغيل عقله للتفكير في كيفية كسب المعركة بالامكانات المتاحة لحين حصوله على النجدة لتحقيق النصر الحاسم.
يحذر (( إفلاطون )) قائد المعركة في ساحة الحرب قائلاً : " إياك أن تلجأ في أيام الحرب إلى طلب النجدة وتهمل العقل، فقدرات العقل تفوق بمرات كثيرة قدرات طلب العون والنجدة لكسب المعركة ".
إن موجبات استخدام العقل في الحياة العامة بعدّه مرجعاً للبشر يتطلب تنميته وتطويره ليكون أداةً فعالة لاصدار الأحكام الصحيحة تحقق العدالة والأنصاف.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل قانون الجنسية الجديد في ألمانيا| الأخبار


.. صحيفة العرب: -المغرب، المسعف الصامت الذي يتحرك لمساعدة غزة ب




.. المغرب.. هل يمكن التنزه دون إشعال النار لطهو الطعام؟ • فرانس


.. ما طبيعة الأجسام الطائرة المجهولة التي تم رصدها في أجواء الي




.. فرنسا: مزدوجو جنسية يشغلون مناصب عليا في الدولة يردون على با