الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العقل والتفكير

صاحب الربيعي

2010 / 8 / 12
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يعدّ التفكير عملية مزاوجة بين الأفكار داخل خزان العقل لإنتاج فكرة ما، ولا تقتصر مهام العقل على التفكير لانتاج الأفكار وحسب، بل الاحساس والشعور والسلوك. وتعود دقة التفكير إلى مستوى وعي الفرد فكلما كان مكتسباً للخبرات والعلوم الحديثة زادت قدرته على طرح أفكار دقيقة والتصرف بسلوك صحيح متوافق مع أعراف المجتمع وقيمه، ما يزيد شأنه الاجتماعي ويقل شأنه خلاف ذلك.
لا تعدّ آلية التفكير متشابهة في عقول كل البشر حيث يعاني البعض قصوراً في آلية تفكيره تفقده قدرة العيش كذات مستقلة تفكر وحدها وتقرر، فتوكل شأنها إلى ذات أخرى أو تنتمي إلى جماعة ما لتفكر عنها وتقرر. وفي المقابل هناك كائنات بشرية آلية تفكيرها سليمة، فهي تميز بين الآراء المختلفة بعدّها مستهلكة للأفكار وليست منتجة لها. لذلك يحتاج معظم البشر إلى اكتساب الخبرات على نحو متواصل للارتقاء بمستوى وعيهم لادراك الأفكار الجديدة، لتزداد قدرتهم على إنتاج أفكارهم الخاصة فكلما كانت الخبرات والعلوم المكتسبة كبيرة وحديثة وآلية التفكير سليمة كانت الأفكار المنتجة ناضجة ودقيقة.
يقول (( نبيل علي )) : " إن من مهام العقل التفكير، والشعور، والسلوك... ونحن نعي شعورنا وندرك سلوكنا بينما يصعب علينا تصويب تفكيرنا على الرغم من إدراكنا له، فعلى التفكير وحده تقع مسؤولية شعورنا ودوافع سلوكنا ولا يجري ذلك إلا إذا وضعناه تحت مجهر التفكير ".
لا يجري انتاج الأفكار في العقل أتوماتيكياً بإكتساب الخبرات والعلوم وإنما الارتقاء بمستوى الوعي، فكل فرد قادر على انتاج الأفكار البسيطة لأنها أفكاراً متداولة ومطروقة ويحتاجها لانجاز مهامه اليومية في المجتمع. وهذا الأمر لا علاقة له بقصور آلية التفكير في العقل من عدم قصورها وإنما يتعلق بحفظ الأفكار المتداولة في المجتمع لاستخدامها في انجاز المهام اليومية. لذلك من الطبيعي أن تكون ماهية الأفكار المتداولة لدى معظم الناس هي ذاتها من دون تغيير خلال عقود من الزمن لأن آليات الحفظ في العقل غير آلية التفكير، فالأولى تحفظ الأفكار من دون تغيير في خزان العقل وتستردها كما هي عند الحاجة، في حين أن الثانية تستخدم الخزين الفكري للعقل وتزاوج بين الأفكار لانتاج الأفكار الجديدة.
كما أن عملية الاكتساب للارتقاء بمستوى وعي الفرد ليست بالمستويات ذاتها لدى كل البشر وما جرى خزنه منها داخل العقل ليس بالدقة ذاتها، فعملية مزاوجة الأفكار الدقيقة المكتسبة داخل العقل خلال آلية التفكير الفعالة فقط يمكن عدّها منتجة لأفكار دقيقة وصحيحة لأنها مرت بكل مراحل مخاضها.
يعتقد (( سبيتوزا )) " أنه ليس في مقدور العقل توليد الأفكار أتوماتيكياً، فالنفس ليس في وسعها وحدها أن تخلق الاحساسات والأفكار غير المرتبطة بالأشياء ذاتها ".
على الرغم من ذلك لا يمكن التعويل على نحو كامل على العقل لانتاج الأفكار المعقدة جداً بدليل هناك الكثير من الظواهر الطبيعية لا يجد العقل تفسيراً أو وجد تفسيراً لها لكن سرعان تبين أنه تفسيراً ساذجاً، وهذا لا يقلل من قدرة العقل على ابتكار الكثير من التقنيات المتطورة للإجابة على الأسئلة الصعبة.
ابتكر الإنسان تقنيات كثيرة لسد عجز عقله على إدراك ما يحيط به من ظواهر طبيعية، فكلما تطور العلم زادت الحاجة إلى ابتكار تقنيات حديثة تبحث في مجاهيل الظواهر والعلوم لاعطاء تفسيرات منطقية يدركها العقل بسهولة.
يرى (( لوك )) " أنه لابد من التسليم عدم قدرة العقل البشري الخوض في المسائل التي تتجاوز إدراكه، فبعد الفحص الدقيق لكل القضايا تبين أنها تفوق قدرة العقل على استيعابها ".
تعدّ آلية التفكير جزءاً من آليات العقل الكثيرة وبما أنها ليست بالفعالية ذاتها لدى كل البشر فمن الطبيعي أن تكون دقة الأفكار المنتجة متفاوتة، وفي المقابل ليس بالضرورة أن كل الأفكار المنتجة صحيحة وإن ادركها العقل لأن آلياته قاصرة قياساً بآليات التقنيات الحديثة لتحقق من صدقها.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل قانون الجنسية الجديد في ألمانيا| الأخبار


.. صحيفة العرب: -المغرب، المسعف الصامت الذي يتحرك لمساعدة غزة ب




.. المغرب.. هل يمكن التنزه دون إشعال النار لطهو الطعام؟ • فرانس


.. ما طبيعة الأجسام الطائرة المجهولة التي تم رصدها في أجواء الي




.. فرنسا: مزدوجو جنسية يشغلون مناصب عليا في الدولة يردون على با