الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بكاء وعويل على النقاب

شبلي شمايل

2010 / 8 / 14
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


رغم قدرته الخارقة على طمس الوجوه والهوية والدواهي تحت السواهي، كشف النقاب كل عورات المثقفين وجماعة حقوق الإنسان والسياسيين. العلمانيين منهم والمتدينين، الوسطيين منهم والمتطرفين. وكشف سخافة التحالف العائم الغائم القاتم النائم بين أزواج المنقبات وأزواج المزلطات (إعلان دمشق-بردى، بردى-دمشق) في غياب برنامج علماني ديمقراطي له موقف واضح من حقوق المرأة وأولها حقها في الهوية الشخصية التي كفلها الإسلام الثوري الأول وطمسها ما تلاه من إسلام الخلافة. ولو تركنا نصوص وكتب الفقهاء والمحدثين ذات الطابع الايديولوجي المسبق، وسألنا علماء اللغة كالجوهري والليث والأزهري عن البرقع لوجدنا عندهم: "تلبسه الدواب ونساء الأعراب وكان اسمه الوصوصة ثم أحدث النقاب".
ويقول عالم اللغة ابن منظور في لسان العرب في كلمة نقاب: "وفي حديث ابن سيرين النقاب محدث، أراد أن النساء ما كن ينتقبن أي يختمرن". ويؤكد منصور فهمي في كتابه أحوال المرأة في الإسلام فصل "التاريخ الاجتماعي للحجاب" الذي ترجمه ونشره هيثم مناع في كتابه "الحجاب" (الذي حصلت على نسخة منه بقدرة قادر لأن رفيقنا "أبو سعيد" لم يعد طباعة الكتاب لأسباب سياسية أو نفعية بعد أن ارتفعت أسهمه في صفوف الإسلاميين): "يمكننا أن نجزم، بشكل شبه قاطع، وفقا لمعرفتنا بالحياة والأخلاق في الفترة التي سبقت محمد بأنه لم يكن موجودا في تلك الحقبة قطعة ملابس غايتها ستر وجه المرأة عن أنظار الرجل، ويمكننا أن نوضح هذا التأكيد، بشكل أكثر قطعية عند الحديث عن المجتمع العربي في عهد محمد، والذي طبق قوانينه فيه".(...)"لم يكن في عهد محمد عند العرب قطعة ملابس خاصة غايتها تحديدا حجب وجه المرأة".
النقاب الصاعد الجديد هو ابن فترة كسر العظم وهد الحيل بين النظام السوري وحقبة قميص الحريري الأمريكي-الفرنسي. في هذه الفترة تطاولت الجماعات المتدينة في جلسات القبيسيات وحلقات النساء الملثمات ومبايعة شيوخ الأحياء والزواريق بحيث صار لكل مؤمن ثلاث مشايخ على الأقل واحد لدينه وواحد لعمله وواحد لقصصه تحت الزنارية على طريقة (الاعتراف المسيحية والفرويدية). وللمؤمنات أربع شيخات زيادة في الورع والطاعة والعفة وكره الجمال والحياة، خوفا من الحرام في الباه والنظر والمشرب والطعام. وصارت الشعوذة السلعة الأكثر مبيعا وانتشارا في البلاد. لكن حوادث سرقة تمت بنقاب أم نظارات سوداء ونقل في الامتحانات عبر الموبايلات قامت بهن المنقبات وصار اذا سائق قال كلمة لمنقبة كلمة يأكل علقة إهانات باعتباره فاسق ومتحرش بالعفيفات. طبعا الحركة الإسلامية بشعابها كانت سعيدة لهذا التقسيم لأبناء المجتمع. فبدون إحصاء أو استفتاء رأي يمكن معرفة أهل السنة من العلويات والدرزيات والإسماعيليات والمسيحيات، وبذلك لا يختلط أهل الكفر بأصحاب الفرقة الناجية. أما من ضلّ من أهل السنة الطريق من السافرات، ورفض النقاب والمشتقات، فإلى جهنم وبئس المصير مثله مثل الباطنية والكتابيات. وهكذا بضربة نقاب، جرى التخلص من المواطنة والتقدم دون طلقة رصاص أو سؤال أو جواب، لنعود إلى المستنقعات العثمانية التي صارت على الموضة عند مثقفي الموجة الإسلامية.
لم تمنع السلطات النقاب في الشارع بل في المدارس الابتدائية حيث المعلمة "الذكية" تخفي عورة وجهها عن تلميذها الصغير في مزاودة على القرآن والآية "أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء"، ولم تعد المرأة للبيت عاطلة بل أعطيت عملا غير تعليميا. فكفى الأطفال عُقد الدولة الدكتاتورية ليضاف لها عقد الشمولية الدينية. استيقظ عدد كبير من السياسيين والحقوق انسانيين الذين لم نسمع صوتهم يوم حدث غش في الامتحانات أو إكراه على نقاب من زوج متحجر يضرب امرأته أكثر من مرة بالنهار. والأنكد أن كل من أعطى دروسا في الديمقراطية وحقوق المرأة في الإسلام من الإخوان وأعداء الرافضة السوريين الطالبان انتفضوا ينتقدون النظام الطائفي. وكأن ليبيا ومصر وتونس أنظمة علوية وهي جميعها سبقت سورية لاجراءات منطقية ضد نقاب ظلامي.
لكن أخر صرعة مبتكرة جاءت من القيادي في جبهة الخلاص الذي جاور بيانوني وخدام بالأمس في بروكسل يوم تحالفا (السيد وليد سفور). الذي انتظر شهر رمضان لتحريض المؤمنين من أصقاع الأرض على النظام الكافر عبر قصة مدير مدرسة يتحرش بامرأة بشكل أجبرها على النقاب، ثم عوقبت كيدا. ولا يصدر البيان باسم الخلاص أو الإخوان، بل باسم اللجنة السورية لحقوق الإنسان. طبعا يتلقف الإعلام الإخواني (الجزيرة أولا) للبيان. علما بأن حركة حماس لا تلفظ حرف على الموضوع لأن رضا الله من رضا قصر الشعب.
آه يا شعب سورية ما أكثر المتاجرين بك.. وأخ يا حقوق الإنسان أية آخرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لقاء يسلط الضوء على رعاية الناجيات من العنف في إطار الأزمات


.. ممثلة منظمة إيد منى كيديري




.. الباحثة في السياسة العامة لمياء مجاهد


.. ممثلة منظمة التحالف من أجل التضامن انتونيا كاريون




.. ممثلة جمعية تاماغارت نوردرار سميرة الرحيوي