الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عرس البغدادي

كريم الهزاع

2010 / 8 / 15
المجتمع المدني


" هنيئاً لك يا طالب المولي قدرت تروح المقبرة وتبكي البغدادي "..
وهنيئاً للأصدقاء الذين عبروا عن مشاعرهم بكتابة المقالات أو الكتابة بالفيس بوك ، لم تستطع رسائلك أخذي من يدي ولاصوت الصديق عبدالله الفلاح المشحون بالشجن ، الجبناء مثلي هربوا بشكل أو آخر من تلك اللحظة ولم يستطيعوا أن يعبروا اللحظة ، الخوف أربكهم ، الخوف الذي حدثني عنه البغدادي حينما كنت في بيته الجميل روحاً ودفاً ، وبين يديه كتاب " دوائر الخوف " لنصر حامد أبوزيد :
- .. الدوائر كثيرة ياكريم أكثر مما تتصور ، ربما يكون الخوف أصغر دائرة فيها ، الدوائر مثل حبال تطوق عنق الإنسان ، الواعي وحده من يستطيع أن يفلت منها ، أعتقد أنك فهمت مغزى كلامي ؟ إذا كانت لديه الإرادة طبعاً .
نعم أيها الجميل ، البهي ، الإنسان الإنسان ، وأنت واحد من أولئك الذين تجاوزوا تلك الدوائر ، بوعي وإرادة ، وحرقة كبيرة خطفت منك قلبك الطيب ، وصوتك الذي لم يجامل ورأسك الذي لم ينحني لغير الله ، وضميرك الذي لم تبعه لأحد ، وتلك الجراءة والشجاعة التي لايمتلكها الكثير من المثقفين الذين يتمطقون بعلكتهم ويتفاخرون بـ " ......." فوق كراسيهم الوثيرة كما وصفهم ذات يوم الشاعر مظفر النواب ، ولا حتى أنصاف المثقفين الذين يعيشون في أبراجهم العاجية ويكتبون الكتابة المسمارية بشكل أو آخر ، هنيئاً لك كل هذا المجد وهذا البياض الناصع ، وتلك السيرة الذاتية التي ثبتها بأوتاد لاتهزها الريح ، لقد كنت تقرأ مابين السطور بحذاقة ، وتكتب بواقعية حادة ومباشرة لكي تقول للأعور أنت أعور ولست بزرقاء اليمامة ، واقعية فمها يقول : أن اللغة أو الكلمات ، إذا لم يتم شحذها بالمبرد جيداً لن تكون أسنانها قاتلة أو حادة .. حيث بالمنهجية الواقعية يمكننا محاربة المافيا التي حددت مكاننا ، وصادرت أوراقنا الثبوتية وحقوقنا الإنسانية .
لقد كنت تطالب بروح التجديد وبالمدنية وبالفرح وبالبساطة ، لذا أتذكرك كلما قرأت ماهية الدين لفيورباخ ، وكلما قرأت التفكير العلمي لفؤاد زكريا وفلسفة التأويل لنصر حامد أبوزيد وكلما قرأت كتابات فيلسوف الفرح سبينوزا ، ألم يكن حلمك بأن ينتشر الفرح بين الناس في وضح النهار بدلاً من خفافيش الظلام وثقافة الحزن ، لقد كنت تقرأ الرواية والقصيدة والقصة والمسرحية واللوحة التشكيلية وكل أنواع المعرفة الشمولية ، وتنصت لصوت الطبيعة والموسيقى ، ولقد بعث لي الدكتور فارس الوقيان رسالة هاتفية بعد تلويحتك الأخيرة تقول : " توفي المفكر أحمد البغدادي وكانت أغنية البجع آخر نغمات هاتفه ، ولعله يعلم بأن البجع لاينشد الأغنية الإ قبيل الموت ! لقد كان رحمة الله عليه ممن يكتبون ماتجدر قراءته ويعمل ماتجدر كتابته ، لأنه كان يحلم بعصر تقدمي وأمة عظيمة لبلده " . هكذا كنت وأكثر لذا أستل الفرح وهذا العرس من سيرتك أيها الفارس الذي ترجل وصوته ظل يعبر الزمن بفضل نبتة الخلود التي كان يبحث عنها جلجامش ، " الكلمة " و " الفكرة " و " الفن " ، وفات الكثير من الأغبياء أن يفهموا ذلك لأنهم مازالوا يعتقدون بأنها نبتة تؤكل ، وأرصدة من المال تتراكم ، وكراسي وتكايا وتحالفات مع القبيلة وشاهبندر التجار واللحية السياسية وصوت القطيع والصحف الصفراء التي باعت ضميرها بمقابل ، ولأنك لم تكن من ضمن تلك الجوقة ، نقول لك : نم قرير العين يا من عرفت ما هي رسالة الإنسان في الحياة وكيف يموت وهو مرتاح وناصع البياض ، نم قرير العين فلا نامت أعين الجبناء ولا طالت أعمارهم ، ولا أعمار الحاقدين عليك أيها البهي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كم بلغ عدد الموقوفين في شبكة الإتجار بالبشر وهل من امتداداتٍ


.. لحظة اعتقال طالبة رفعت علم فلسطين بيوم تخرجها في أمريكا




.. مجلس الشيوخ الأميركي يرفض مقترح بايدن باستقبال اللاجئين الفل


.. موريتانيا الأولى عربيا وإفريقيا في حرية الصحافة | الأخبار




.. الأمم المتحدة تحذر من وقوع -مذبحة- جراء أي توغل إسرائيلي برف