الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلسلة المقالات 2

شامل عبد العزيز

2010 / 8 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الجزء الأول من سلسلة المقالات كان عن " العَلمانية " ألتي نشأت في القرن السادس عشر / كوبر نيكس ودوران الأرض / .
هذا هو الجزء الثاني والخاص بنشأة " نظرية العقد الاجتماعي " ولكن في القرن السابع عشر .
نظرية العقد الاجتماعي كما يقول الدكتور " مراد وهبة " مردودة إلى مفهوم ( الموافقة ) للفيلسوف الانكليزي " جون لوك "
إذن العَلمانية هي " المكون الأول " للديمقراطية والعقد الاجتماعي هو " المكون الثاني "
ولكن ما هي العلاقة بين العقد الاجتماعي والموافقة ؟
يقول الدكتور " أثَار " جون لوك " هذا السؤال في كتابه / رسالتان عن الحكومة / .
الفكرة المحورية للرسالة الأولى سيداتي – سادتي تدور حول " تدمير مبدأ الحق الإلهي للملوك " وهذا معناه / أنه ليس من حق الملك الزعم بأن سلطانه مُستمد من سلطان الله / . لأن الحقيقة أنه مستمد من سلطان الشعب . / هل مُلوكنا على مر التاريخ كانت لديهم هذه القناعة أم لا ؟ أي أنها مُستمدة من الله وإلى الآن ؟ 40 عاماً لا تكفيهم ؟
الفكرة المحورية للرسالة الثانية تدور حول " أصل المجتمع " مع بداية وجود بني البشر لم يكن هناك مجتمع .. الذي كان موجوداً هو ما يُسميه " جون لوك " حالة الطبيعة . حيث كل إنسان هو قانون نفسه – شريعة الغاب - .. ولذلك لم يكن هناك ثمة سلام , الضعفاء لم يكن لديهم ما يحميهم من الأقوياء , وفي نفس الوقت كان الأقوياء في ذعر من المنافسين . إذن كيف ؟
هذا الأمر أدى إلى تكوين مجتمع ب ( عقد اجتماعي ) . على ماذا ينص هذا العقد ؟
ينص على ( موافقة ) البشر على التنازل عن بعض حقوقهم لحاكم يأتي بإرادتهم " وليس على ظهر دبابة أو بثورة عامة تكون الدماء هي الحصيلة وتشوه وتلطخ وجه التاريخ .
مقابل ماذا ؟ مقابل أن يُحقق لهم الأمن والأمان , وليس بفرض قانون الطوارئ وحظر التجوال والاعتقالات والمداهمات وخراب البيوت وتكميم الأفواه وسلب الخيرات وتجويع الناس ..
ولكن هناك شرط : أن يكون سلطان الحاكم سلطاناً نسبياً وليس سلطاناً مطلقاً ..
إذن أحبائي : هذه هي نظرية العقد الاجتماعي , ومن هنا تكون مؤسسة على العَلمانية ..
في المقالة السابقة ذَكرنا تعريف العلمانية عن الدكتور مراد ولا بأس من التذكير بها لأجل ربط الفكرة : هي التفكير في النسبي بما هو نسبي وليس بما هو مطلق .
وهناك سؤال " كيف تكون المفاهيم المترتبة على العقد الاجتماعي ؟
لا بد أن تكون مفاهيم نسبية بالضرورة , أول المفاهيم لنظرية العقد الاجتماعي هو :
مفهوم التسامح .. جون لوك لديه رسالة في التسامح نشرها عام 1689 قَبل كتابه / رسالتان عن الحكومة / بسنة ,, مع ملاحظة بأنه تم نشر الكتاب والرسالة دون ذكر المؤلف , لماذا ؟
لأن جون لوك مُتهم بالتورط ضد الملك , هرب من انكلترا إلى هولندا , الملك كان جيمس الثاني , كان كاثوليكياً متعصباً إلى الحد الذي أراد فيه أن يتحالف مع فرنسا وروما ,, بسبب تعصبه قام الشعب بثورة وخلعه عن عرشه .. اسم الثورة هو / الثورة الانكليزية المجيدة / على غرار ثورات أمتنا المجيدة ؟
ما هو التسامح عند جون لوك ؟ يقول الدكتور مراد وهبة ونقلاً عن رسالة التسامح :
أولاً : ليس من حق أحد أن يقتحم باسم الدين الحقوق المدنية والأمور الدنيوية .
ثانياً : فن الحكم ينبغي ألا يحمل في طياته أية معرفة عن الدين الحق .
ثالثاً : خلاص النفوس من شأن الله وحده .
رابعاً : الله لم يفوض أحداً في أن يفرض على أي إنسان ديناً معيناً .
" بشرفكم مو مثل حالنا في الشرق . ليس هناك فرق . ؟ أويلاخ يابا ( بالعراقي ) .. آه يا ربي ؟
ما هو المغزى من هذه العبارات – مهمة جداً - :
( أن التسامح يستلزم ألا يكون للدولة دين . منذ الخلافة ولحد الآن والدين حتى في المنام ؟
حتى لو كان هذا الدين من بين الأديان الأخرى – هو دين الأغلبية – لماذا ؟ لأنه لو حدث عكس ذلك – أي لو كان دين الأغلبية – مثل ماضينا وحاضرنا يا مسلمين يا أغلبية – فتكون هذه الأغلبية طاغية بحكم طبيعة الدين حيث هو مطلق ) .. هل أصبحت واضحة يا مسلمين ؟
الطاغية يحكم كونه إفرازاً من المطلق ( هو مطلق بالضرورة ) عندئذ لا تسامح و لا بطيخ ..
لأنه يمتنع بحكم أنه نسبي ولأنه من إفراز – العقد الاجتماعي – المؤسس على العَلمانية ..
إذن هناك علاقة عضوية بين التسامح والعَلمانية .
سبب خراب البلاد والعباد – فكرة الأغلبية – ومن خلالها تم إقصاء الأخر وأصبح بدرجة أدنى – لا يحق له أن يكون في أعلى السلطة حتى لو كان أعدل الناس و لا يكون حاكماً حتى لو كان أفضل من الأنبياء . وبذلك تسلطوا علينا وعلى الأقليات وعلى كل شيء ..
هذا التسامح لا يمكن أن يكون بلا حدود .. على رأي جون لوك ..
" ينبغي على الحاكم ألا يتسامح مع الآراء المضادة للمجتمع الإنساني " أو مع قواعد الأخلاق الضرورية للمحافظة على المجتمع المدني ...
هذا معناه أن التسامح " ينطوي على نقيضه وهو اللاتسامح .
أثَار الدكتور مراد وهبة هذه – الاشكالية – في مؤتمر إقليمي عقدته جامعة الدول العربية في نوفمبر عام 1981 تحت عنوان " التسامح الثقافي " وبسبب هذا العنوان كان هناك تخوف من المؤسسة الغربية التي كانت الداعم الأساسي لهذا المؤتمر ..
( تناول قضية التسامح يستلزم تناول قضية التعصب ) ..
وقد قِيل أن التعصب هو الذي أغتال السادات – وهو الذي يهدد الدولة بإحداث انقلاب .
هذا ما أشار إليه الدكتور مراد وهبة في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر .. قال :
هذا المؤتمر سيواجه تناقضات عديدة .. من هذه التناقضات أن التسامح بلا حدود يدمر التسامح – وأن الإبداع إفراز من التعصب على نحو ما حدث لإبداع كوبر نيكس الخاص بنظرية – دوران الأرض –
هذه النظرية تم إبداعها في زمن كان محكوماً بمحاكم التفتيش في العصور الأوربية الوسطى .
كان هناك سؤال مطروح : هل بالإمكان رفع هذه التناقضات ؟
أجاب الدكتور مراد :
هذا السؤال يستلزم العودة إلى الجذور ولكن أية جذور ؟
هل هي جذور التسامح أم جذور عدم التسامح ؟ أو ألأدق التعصب لأنه هو الذي كان سائداً و لا يزال ..
أحبائي "
البحث عن جذور التعصب لم يكن من مهمة – نظرية العقد الاجتماعي – بل من مهمة المكون الثالث ألا وهو – التنوير – وسوف نتناوله في المقالة القادمة .. مع ملاحظة أن التنوير كان في القرن الثامن عشر .
إذن العَلمانية في القرن السادس عشر .
العقد الاجتماعي في القرن السابع عشر .
التنوير في القرن الثامن عشر . وهو موضوعنا القادم .
/ ألقاكم على خير / .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاعتراف بالاخطاء اولا ثم تعلم فن التسامح
راصد المترصد ( 2010 / 8 / 15 - 12:13 )
تحياتي اخي شامل في الواقع ان النقطه الاولى من التسامح تقول بان ليس من حق احد ان يفرض او يقتحم الحقوق المدنيه او الامور الدنيويه وهنا تكمن خطورة الاديان وخصوصا الدين الاسلامي الذي يفرض نفسه كنظام كامل متكامل فالدين الذي يتدخل بكل مفصل من مفاصل حياتنا هو مشكلتنا وهو العائق امام كل الابداع والتحضر والعلم اذ كيف ستنتج هذه المجتمعات المحكومه بالدين علماء ومثقفين وهم مقيدون بافكار جامده لاتتزحزح ولا تعرف التسامح وتمتاز بالتكفير والضلال ثم ان فن الحكم كما ذكرت سر نجاحه يكمن بعدم تبني اي دين مهما كان لانه تلقائيا سيظلم بقية الاديان الاخرى العلمانيه هنا هي الحل لان العلمانيه تحمي كل الاديان وتضمن لكل دين حريته في طقوسه وتشريعاته دون ان تؤثر على بقيه الاديان الاخرى وضمن احترام القانون ثم ان جذورنا اخي شامل كلها للاسف حقد وكراهيه وتطهير عرقي وحروب تاريخنا دموي يا سيدي فكيف سنعرف التسامح اذا احتكمنا للتاريخ يجب الاعتراف اولا بان تاريخنا غير مشرف ويجب ان نعترف بان فتوحاتنا الاسلاميه هي حروب وغزوات واستعمار لشعوب كانت تمتلك الحضارة والمعرفه عندها فقط سنتخلص من التعصب وسنتعلم فن وثقافه التسامح شكرا


2 - وصلنا إلى النقطة الحرجة
مايسترو برتو ( 2010 / 8 / 15 - 13:52 )
فهنا يتوقف ما يمكن أن يرد به علينا تاريخ الاسلام وغزواته، نعم عند التسامح تتوقف وتتعطل حركة الدين الاسلامي، لأنه مسألة التسامح لديه بعيدة كل البعد عما ينادي به من غزو واجبار الناس على دخوله، إذن بعد العلمانية العدوة الأولى للاسلام يأتي العقد الاجتماعي الذي من أهم مبادئه التسامح، وبانتظار ما سيكتب عنه الكبير شمال في مسألة التنوير التي نشأت في القرن الـ(18)، ونحن بانتظار اكتمال العقد كما يقولون، وحينها ستكون لنا كلمة أخرى نضيفها على درر شامل وشركاءه.


3 - دين الدولة
المنسي القانع ( 2010 / 8 / 15 - 19:49 )
أخي العزيز شامل المحترم
لعل واحد من أكبر الترهات التي ثبتت في الدساتير العربية ، هي عبارة دين الدولة الرسمي --- هذه العبارة معنى في فراغ لأن الدولة كيان معنوي وتسمية في الفراغ . في كل بلد من البلدان هناك سلطات تنفيذية وتشريعية وقضائية وهؤلاء لا يسمون الدولة . هناك إدارة لتمشية الأمور وتقديم الخدمات إبتداءاً من الزبالين وإنتهاءاً بكل محصلي الضرائب وباقي قطاعات الخدمات فهل يهم دين من يكنس شارعك ومن يقرأ عداد الماء والكهرباء ( وبالمناسبة لا يوجد مثل هكذا أشخاص في الدول التي تعتمد التكنولوجيا ويتم كل شيء من خلال الكومبيوتر المسيحي ولو إعتمدناه سوف يصبح مسلماً .) فهل هو الدولة؟؟؟ أما العاملين في الوزارات فمن الممكن أن يكونوا من عقائد وأديان مختلفة وهؤلاء هم الشعب وليسوا الدولة . وأنا لم أعرف دولة حملت صفة دينية عبر التاريخ ، ولو أخذنا أي من الدول الإسلامية من الراشدين حتى العثمانيين لوجدنا أن قطاع الخدمات ليس حكراً على دين أو طائفة معينة . ولعل من ألطف الأمور أن تعاليم الأديان كلها إعتمدت على رؤية في المنام . إنها حقاً أديان الحالمين !!
تابع عزيزي هذا الخط التنويري فهو ضرورة .
محبتي ومودتي


4 - الاخ العزيز شامل
سالم النجار ( 2010 / 8 / 16 - 01:03 )
يسعد مساك
، بنُيت الإمبراطورية الإسلامية على مركزية فريدة وقف على رأسها الخليفة وأسرته ، فعجز العرب المسلمون عن تطوير إمبراطوريتهم وإدارة دولتهم المترامية الأطراف جغرافياً ولم يمض وقت طويل حتى انهارت سلطة المركز ونشأت دويلات صغيرة متناحرة، تقوم في بنيتها الأساسية على نفس النظام الخلافي المركزي وعلى انعدام حصة الفرد من وطنه ، وعلى تملك طبقة السلاطين والجيش لمعظم موارد الدولة. هذه لمحة مختصرة عن التاريخ العتيد الذي مازال قائما في اغالب بلادنا حتى في القرن الواحد والعشرين, فعن اي تسامح نتكلم بغياب حقوق المواطنة للافراد والجماعات والتي بغيابها هيئة التربة الخصبة لنمو كل مظاهر التخلف والفساد والتعصب


5 - تعقيب 1
شامل عبد العزيز ( 2010 / 8 / 16 - 14:40 )
الأخ راصد تحياتي - من المؤكد ان جذورنا وكما جاءت في تعليقك والتي هي عبارة عن موروث لم نُحسن التعامل معه وأخذناه على علاته وكان في نظر الكثيرين هو المنقذ .. مع الأسف لم يكن موروثاً صالحاً ولم يعد يجدي وخصوصاً وأن الإنسان أبن بيئته .. المهم السلسلة مهمة جداً لتوضيح ما جرى عند الدول المتقدمة ولماذا لم يكن له تأثير على بلداننا .. شكراً جزيلاً مع تقديري
الأخ مايسترو - تحياتي أخي الكريم .. نعم التسامح ..نحنُ نتعامل بعكسه وهو اللاتسامح ولذلك هناك فرق كبير في بلدأننا مقارنة مع البلدان الأخرى ..الجميع يتعامل باللاتسامح وكما جاء في ردّي على الأخ راصد سوف تتوضح مفاهيم
السلسلة بالأجزاء التالية .. شكراً صديقي مايسترو


6 - تعقيب 2
شامل عبد العزيز ( 2010 / 8 / 16 - 14:49 )
الأخ المنسي شكراً جزيلاً للتواصل لم نصل بعد للمرحلة التي وردت في تعليقك ذهنياً فكيف سوف نصلها واقعياً .. الأديان لا تستطيع ان تكون مُسيرة للحياة مهما بلغ شانها .. لأنها ببساطة هي لا تصلح لتسيير الدفة هي أشياء روحية يقتنع ويحتاجها غالبية الناس لأمور نفسية مثل الطمانينة اما عجلة الحكم والسياسة والأدارة فهي لا تعترف بلون وجنس وطائفة وهذا هو الواقع .. تحياتي وتقديري لك أخي الكريم .
الأستاذذ الصديق سالم مع تقديري لمرورك وشكراً للتواصل نعم التاريخ بالنسبة للسلطة لا زال قائماً على الموروث القديم في غالبية البلدان المتخلفة .. ولذلك لم يكن هناك مفهوم أو مفاهيم عصرية تلائم العصر فبقى الحال على ما هو عليه .. شكراً اخي الكريم مع تقديري


7 - التسامح والتساهل
على عجيل منهل ( 2010 / 8 / 16 - 22:16 )
الاستاذ شامل عبد العزيز السلام عليكم - لقد عرف الفكر العربى منذ وقت مبكر فكرة التسامح- ودعا الى-- التساهل-مع الافكار المعارضة الى افكارنا- واشار الى ذلك المفكر فرح انطون1874-1962 ودعا الى هذه الافكار القيمة وهى بتاثير الثورة الفرنسية -وهكذا تلاحظ --اخى شامل ان الامور واضحة وافكار التسامح عرفت وليس الامور الفكرية غير متصلة مع العالم الخارجى تحياتى لك


8 - السيد علي عجيل
شامل عبد العزيز ( 2010 / 8 / 16 - 22:27 )
تحياتي شكراً لمرورك .. لا شك في كلامك ولكن سوف تعرف ماذا اقصد أو ماذا فعلنا نحنُ بالديمقراطية في الحلقة الخامسة او السادسة وسوف أتناول فرح أنطون في ذلك ومجلته ومناظرته المشهورة .. عند ذلك سوف تتكشف الأمور والعنوان هو الاغتيال للرباعية في وطننا .. أنا شاكر لفضلك في التعليق .. دمت سالماً سيدي مع التقدير

اخر الافلام

.. د. حسن حماد: التدين إذا ارتبط بالتعصب يصبح كارثيا | #حديث_ال


.. فوق السلطة 395 - دولة إسلامية تمنع الحجاب؟




.. صلاة الغائب على أرواح الشهداء بغزة في المسجد الأقصى


.. -فرنسا، نحبها ولكننا نغادرها- - لماذا يترك فرنسيون مسلمون مت




.. 143-An-Nisa