الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحمة بنا وبآثارنا يا سيادة الوزير!

كمال يلدو

2010 / 8 / 16
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


نشرت العديد من المواقع الالكترونية يوم 9 آب 2010 خبرا على لسان السيد وزير السياحة والآثار قحطان الجبوري بأن دائرة الآثار تمكنت من اكتشاف 12 الف موقع أثري خلال عملها لمدة ثلاث سنوات وبطاقم متكون من 30 فرقة اكتشافية .
والحق يقال ان انجازا بهذا الحجم كان يســتحق تغطية اعلامية اكبر وربما حتى منح جوائز للوزير ولطاقم العمل ، لكن بوضع هذا الخبر تحت المجهر ربما نتوصل الى واقع آخر .
فمافتئت مجالس البلديات في المحافظات ومسؤولي الآثار من الصراخ والاستنجاد بالدولة لتوفير الحمايات لمواقع الآثار الموجودة من سطوة السراق ومافيات الآثار ، ناهيك عن تعرض العديد من المواقع والصرح الى خطر الانهيار ( قلعة كركوك ، قصر سرجون ، ضريح النبي حزقيال، البوابة التأريخية لمدينة واسط ، الآثار المكتشفة قرب مطار النجف ،التجاوزات على المواقع الأثرية في محافظة المثنى وغيرها) نتيجة تسرب المياه الجوفية والاهمال او الاستحواذ على الاراضي واستخدام الطابوق الموجود في اعادة البناء للسكان المحليين ، هذا اضافة الى ما تتناقله وكالات الانباء عن قيام الجهات المختصة اما بالقاء القبض على عصابات تهريب الآثار ، او ان تقوم باسترداد قسم من اللقى ، او ان يقوم المواطنون (مشكورين) بأعادة قسم من الآثار التي تركها السراق خلفهم ، هذا اولا .
وثانيا ، استنجاد مؤسسة الآثار بالدولة التي بخلت عليهم ليس بالميزانية الشحيحة انما حتى بالشرطة والحرس الخاص بالمواقع الآثارية ، اذ كان من المقرر تخصيص ما لا يقل عن 1200 شــرطي لحماية الآثار لم يتم توفير الا النزر اليسير منهم ، وأسوق هذا المثل عن جريدة الحياة اللندنية :
((أوعز رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الى وزارة الداخلية بتشكيل سرية خاصة من قيادة الشرطة في ذي قار لحماية موقع اثري ، بعدما اعلنت اللجنة المشكلة للتحقيق في سرقة موقع تل جوخا أن قلة الحرس وعدم وجود سور حول الموقع كان سبب السرقة.وقال مدير الآثار في ذي قار عامر عبد الرزاق ان «قيادة الشرطة اكدت أنها سوف ترسل سرية خاصة للمرابطة وحماية موقع تل جوخا الأثري بعد تلقيها اوامر عليا». ولفت الى ان «موقع جوخا يقع غرب مدينة الرفاعي، وتعرض لسرقات متواصلة وهو من دون حماية»..وكان موقع تل جوخا تعرض لعمليات نهب وسرقة متكررة آخرها قبل شهرين، ما استدعى تشكيل لجنة للتحقيق في عمليات السرقة. وأعلن نائب رئيس اللجنة جميل يوسف شبيب ان «التحقيقات الأولية بينت وجود حارس واحد يتولى الاهتمام بمساحة محيطها 9 كيلومترات، علماً ان عدد حراس الآثار في المحافظة 98 حارساً فقط يتوزعون على اكثر من 1200 موقع ، فضلاً عن ‏ضعف امكانات المراقبة «.‏وأضاف «شكلنا مع مفتشية الآثار في ذي قار لجنة تحقيق في ‏عملية النهب المتتالية لتل جوخا ( 80 كم شمال الناصرية) بعد ان تعرض ‏لعملية نهب مبرمجة».‏وأوضح انه «خلال عام 2003 أنهت القوات البريطانية تدريب اكثر من200 عنصر لحماية الآثاروتقديم الدعم ‏لهم إذ تمكنوا من كشف اكثر من 73حالة نهب الا ان قلة الدعم ادت الى تحويلهم الى مهمات ‏اخرى ما فتح المجال امام المهربين ولصوص الآثار».‏ 2010/07/03 الجيران - ذي قار - الحياة - فاضل رشاد))

فالســؤال الذي يرد على البال والحال الأمني كما نعرفه ، هل هذا الاعلان هو دعوة لمافيات الآثار وعصابات التهريب لترتيب امورها ودعوتها بسـبب وجود مواقع أثرية جديدة ام مــاذا ؟
ثالثا: لقد حمل الخبر بين طياته معلومة تقول بوجود 21 الف موقع أثري في العراق ، ومن ضمنها ال 12 الف موقع اثري التي اكتشـــفت في عهد الوزير قحطان الجبوري ، وتعليقي ،ان هذه المعلومة منقوصة ويراد بها الاستيلاء على اتعاب الآخرين والمتاجرة بها ، اذ ان الباحث "علي النشــمي" كان قد ذكر ومن منبر الفضائية العراقية في العام 2009 بأن العراق يملك ما لا يقل عن 50 الف موقع اثري جرى التنقيب في 5 آلاف موقع فقط ، وكل ما نشاهده في المتاحف العراقية والعالمية هو من هذه المواقع ، فياترى ماذا سيكون الحال لو جرى التنقيب في المواقع الأخرى ؟
ناهيك عن ان دائرة الآثار قد تأسست عام 1920 (اي قبل تأسيس الدولة العراقية عام 1921) وتحت اسم الدائرة الآريكيولوجية ، ومنذ ذلك الحين خرجت مئات العراقيين الذين عملو بالتنقيب وبالآثار واصدروا الدراسات والكتب والبحوث ، ولقسم كبير منهم ســـمعة دولية راقية ، وأن عملهم لأكثر من ثمانين عاما قد انتج وضع خارطة مفصلة بأغلب المواقع الأثرية في عموم العراق ، فمن اين اتى السيد الوزير بهذه الارقام عن المواقع الموجودة والمكتشـفة ؟
رابعا: لو كان الرقم (12 الف موقع جديد) حقيقة ، فما هي ، وما قيمتها التأريخية ، وما هي الآثار المكتشـــفة؟ ومتى عرضـت مقتناياتها؟
خامســا : بالعودة الى لغة الارقام ، ذكر الوزير بأن دائرة الآثار اكتشــفت 12 الف موقع بغضون 3 سنوات ، اي بمعدل 4 آلاف موقع في السنة ، وبوجود 30 فرقة استكشــافية ، تكون كل فرقة قد اكتشــفت 134 موقع في الســـنة ، وبأعتبار ان ايام العمل ( وفق كل الظروف المناخية والحياتية وبمعدل 365 يوم في السنة ) فأن كل فرقة استطاعت اكتشــلف موقعا أثريا كل 3 ايام!!!

دعوة مخلصة للسيد الوزير ، ان يرحم الثقافة العراقية ويحافظ على ما موجود منها من ايادي السراق والعابثين ، ومن الاهمال المتعمد وغير المتعمد ، وان يسعى جاهدا لأستحصال الاموال اللازمة للحفاظ على هذا الموروث الذي تحســـدنا عليه الشـــعوب ، وأن يرحمنا اكثر بأن يترك هذه الآثار تحت التراب ، الذي يبدو انه ارحم من هذه الاجيال ، فقد حافظ عليها لآلاف الســـنين ، واليوم ، ما ان ترى النور حتى يكون مصيرها اما السرقة او العبث او التخريب .

آب 2010/ الولايات المتحدة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - THE LAND OF CIVILIZATION
ELIAS ASHOR ( 2010 / 8 / 16 - 21:38 )
لاشك أن المسؤولين العراقيين مشغولون بنهب وسلب خيرات العراق. ولماذا يهتمون فهم لا يعترفون بأصولهم الآشورية البابلية. بل بأصولهم العربية أو الفارسية


2 - شكرا
مازن فيصل البلداوي ( 2010 / 8 / 17 - 01:38 )
العزيز كمال يلدو
لايسعني الا ان اشكرك على هذا المقال،فقد أطلعتني شخصيا على الكثير مما كنت اتوق لمعرفته،وللأسف فاني لااملك الا ان أضم صوتي الى صوتك مؤازرة.

والموضوع اخي الياس لايخص الأشوريين وحدهم فهذا تراث انساني لايختص بقوم معينين او فئة مخصصة، بل الأنسانية، فالحادث المفجع الذي أصابت به طالبان تمثال بوذا في أفغانستان لازال يؤلمنا عند ذكره، فكيف بما هو موجود في العراق.
الموضوع يتعلق بالثقافة المجتمعية والفردية انطلاقا من الشعور بالمواطنة لاأكثر ولاأقل

تحياتي لكما

اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-