الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سخرية فكرية

ماريو أنور

2010 / 8 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أن الإنسان اعتاد أن ينظر إلى الكون من خلال إطار فكرى يحدد مجال نظره ... وأنه يستغرب أو ينكر أى شىء لا يراه من خلال ذلك الاطار ... فالانسان بهذا المعنى يشابه الحصان الذى يجر العربات حيث قد وضع على عينيه إطار لكى يتوجه ببصره إلى الأمام فلا يرتبك أو يتطوح فى سيره .. ليس هناك فرقاً أساسياً بين المتعلمين و غير المتعلمين فى هذا الخصوص ... فالفرق – إن وجد –إنما هو فرق بالدرجة لا بالنوع ....

يروى البروفسور ( وليم باريت ) : ان الحاكى الذى اخترعه ( اديسون ) حين عرض لأول مرة فى اكاديمية العلوم بباريس أعلن العلماءالحاضرون جميعاً انه مستحيل حيث لا يمكن فى زعمهم أن يسجل صوت الانسان على اسطوانة من المعدن ... وهم قد اتهموا حينذاك صاحب الحاكى بأنه يخفى تحت المنضدة رجلاً ينطقمن حنجرته ليخدع الحاضرين ... وقد وقف مثل هذا الموقف البروفسور ( تيت ) من جامعة ( أدنبره ) حين سمع عن اختراع التليفون ... فقد قال : (( إن كل ما فى الأمر هو طنين ... ذلك أن اختراع مثل هذا الشىء مستحيل ... فيزيائياً )) ....

ومن الأقاصيص الظريفة التى تروى فى هذا الصددأنه عندما اكتشف ( مسمر ) طريقته المعروفة فى التنويم المغناطيسى فى أواخر القرن الثامن عشر و نبه الأذهان إلى أهمية الايحاء فى شفاء بعض الأمراض قابله العلماء بالسخرية و الأذى وقد كتبت احدى الصحف الانجليزية حينذاك وصفات للهزء به كالوصفة التالية : (( الاكسير المغنطيسى : خذ من زيت الخوف و الرعب أربع أواقى ومن روح الوهم رطلين وضع المادتين فى زجاجة الخيال و اتركها فيها أياماً و اشرب من ذلكاربعين نقطة فى الصباح فتشفى من كل الأسقام )) ....

ومن الممكن القول بأن كل جديد فى العلم يقابله المتعلمون وغير المتعلمين من الناس بالهزء ... والتاريخ مملوء بقصص العلماء و المخترعين و المكتشفين الذين قاسوا من الاضطهاد و الحرق و الاستهزاء و التحقير ما قاسوا من جراء ما جاؤا به من جديد فى خدمة التطور العلمى و الاجتماعى ... وهنا ينبغى أن نميز بين المتعلم و المثقف ...فالمتعلم هو من تعلم أموراً لم تخرج عن نطاق الاطار الفكرى الذى اعتاد عليه منذ صغره ... فهو لم يزد من العلم إلا ما زاد فى تعصبه و ضيق من مجال نظره ... هو قد آمن برأى من الآراء أو مذهب من المذاهب فأخذ يسعى وراء المعلومات التى تؤيده فى رأيه و تحرضه على الكفاح فى سبيله .... اما المثقف فهو يمتاز بمرونة رأيه وباستعداده لتلقى كل فكرة جديدة و للتأمل فيها و لتملى وجه الصواب منها ...

ومما يؤسف له أن المثقفين بيننا قليلون والمتعلمين كثيرون ... ومتعلمونا قد بلغ غرورهم بما تعلموه مبلغاً لا يحسدون عليه... وهذا هو السبب الذى جعل أحدهم لا يتحمل رأياً مخالفاً لرأيه ....

يقال إن المقياس الذى نقيس به ثقافة شخص ماهو مبلغ ما يتحمل هذا الشخص من آراء غيره المخالفة لرأيه ... فالمثقف الحقيقى يكادلا يطمئن إلى صحة رأيه ... ذلك لأن المعيار الذى يزن به صحة الآراء غير ثابت لديه... فهو يتغير من وقت لآخر ... وكثيراً ما وجد نفسه مقتنعاً برأى معين فى يوم من الأيام ثم لا يكاد يمضى عليه الزمن حتى تضعف قناعته بذلك الرأى ... وقد تنقلبأحياناً ضده انقلاباً شنيعاً ...

ومن يدرس جمهور المتعلمين فى تطور أفكاره مبين حين و آخر يرى عجباً ... فطالما رأيناهم يسخرون من فكرة فى هذا اليوم ثم يقدسونها غداً ... فإذا سألناهم عن سبب هذا الانقلاب المفاجىء قالوا : (( إنهم كانوا يبحثون عن الحقيقة ثم وجدوها أخيراً )) ... ومن يدرينا فلعلهم يتحولون إلى غيرها بعد زمن طويل أو قصير ... هذا و لكنهم فى كل مرحلة يمرون بها نراهم مؤمنين ايماناُ قاطعاً بأنهم قد وصلوا إلى الحقيقة النهائية التى لا يمكن التحول عنهاأبداً ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا


.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم




.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا


.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است




.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب