الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسلمة الجزيرة: صراع سلطة أم استغلال مناصب

شبلي شمايل

2010 / 8 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لا يمكن أن تمر عملية أسلمة الجزيرة المتصاعدة دون تحليل لهذه الظاهرة الخطيرة التي ستترك آثارا تحطيمية على حرية الإعلام وصورة الإعلام العربي. وللأسف ولأسباب تتعلق بمنعي من السفر والمرض، لا أستطيع القيام بتحقيق دقيق حول ما يجري، وأنا مدين لصحفي سابق في الجزيرة بقسم هام من المعلومات التي أثق بدقتها كونه لم يبعد من الجزيرة بل اختار عملا آخر ويعرف في مداخل ومخارج المطبخ الداخلي وغرف الاتصال بين الثلاثي حمد (حمد بن خليفة، حمد بن جاسم وحمد بن ثامر) ومركز التنفيذ والإدارة العامة (وضاح خنفر).
قال أحمد كامل مدير مكتب الجزيرة في بروكسل يوما أن أمير قطر يعتبر مشروع الجزيرة أهرامات العصر، لأن الأهرامات اليوم لم تعد حجرية بل افتراضية وفضائية. أحمد كامل وميشيل الكيك وحافظ الميرازي ومنتهى الرمحي وعدد من الصحفيين الذين شاركوا في بناء الجزيرة يشاركون اليوم في بناء فضائيات أخرى. وهذا ليس عيبا أو مأخذا على الجزيرة، فالإعلام اليوم يتعامل مع الصحفي كنجم كرة القدم يبيعه ويشتريه. وبالتالي لا يلام زين الدين زيدان إن تحول من جيوفانتوس الإيطالي إلى ريال مدريد الإسباني، لكن المشكلة عندما ينزل المدرب للتسوق فيختار للغرفة الخلفية لإعداد البرامج ملتحين إخوان أو إخوان سابقين تحت الراية القرضاوية أو سلفيين، ويراقب طالب العمل إن كان يصلي أو لا، وتكثر النميمة والتهم على غير أهل السنة ويعاد برنامج شاهد على العصر رغم كل الإنتقادات والإعتراضات على أحمد منصور الذي يدير برنامجين وهو مؤذن سابق في مسجد ولم يحضر في حياته درس في التاريخ المعاصر (كان قد قبل به جاسم العلي ليدير برنامج الشريعة والحياة، ثم بنى شبكة علاقات مع أصحاب القرار وأمسك ببرنامجين ومخصصات كبيرة). رغم أن هذا الصحفي عنده مهمة أولى هي تشويه صورة جمال عبد الناصر وثانية التجريح بغير السنة من المسلمين.
جرى إبعاد عدد هام من الرعيل القديم (كل من أبعد غير إسلامي وكل من جرى الاحتفاظ به إسلامي) أحيانا باسم السرقة والفساد وأحيانا باسم ضعف البرامج (مثلا الحجة في إبعاد سامي حداد أن برنامجه تراجع في الاستماع والمستوى في حين معروف أنه لم يكن يتحمل ما يسميه هيمنة التنظيم الدولي للإخوان على الجزيرة). وقد تم تخصيص مبالغ كبيرة لأشخاص يغازلون الخط الإسلامي ويعملون على مشاريع حصرية بالإسلاميين (برنامج الإسلاميون، وبرنامج مسلمي فرنسا وبرامج خاصة بأوضاع المسلمين وبرامج ومتابعات تتعلق بنشاطات حماس والتركيز على شخصيات إسلامية في الدعوات في مواضيع لا علاقة للإسلاميين بها وكأنهم المشرف العام على كل القضايا).
وإضافة لذلك، زادت عمليات التحرش والاعتداء على الصحفيات السافرات فصار يطلب منهم اللبس المحتشم وعدم كشف اليد وتغطية أعلى الصدر بل ووصل الأمر بأيمن جاب الله للتحرش الكلامي بالصحفيات، وكون جاب الله المنفذ الشخصي لأوامر المدير العام خنفر، يمكن أن نقول أن من طبق ونفذ كل هذا كان بتعليمات المدير العام. وما القرار بإبعاد رئيس ونائب رئيس التحرير لإخماد الاحتجاجات ووقف استقالة المذيعات في القصة المعروفة اليوم للقاصي والداني إلا مثل بسيط على استفادة الإسلاميين من كل أزمة للتخلص من مذيعات قديرات مثل جمانة نمور ولينا زهر الدين ولبنة الشبل لأنهن لسن تحت السيطرة الإسلاموية.
في الجزيرة نت يلاحظ أسلمة الموضوعات والتكفير عن كل مقالة لعلماني بأربعة لإسلاميين. فأستاذ خنفر السيد فهمي الهويدي له مقال أسبوعي ينشر في مصر بنفس الوقت ولا يحترم قواعد النشر، وهو يغيّر أحيانا ثلاثة أسطر في مقالات قديمة لكسب المستطاع من المال (الحلال). بل ينشر له على وجهات نظر مقابلات صحفية نشرت في الصحافة القطرية (ما يسميه كاتب سوري يساري تجار المقال الإسلاموي). نفس الإمتيازات تعطى لراشد الغنوشي الذي حوّل وجهات نظر إلى منبر حزبي للنهضة ومنبر يحارب به العلمانية (آخر صرعاته تحويل وجهات نظر إلى برنامج للشريعة والحياة بنشره مقال: ماذا يجدد رمضان في حياتنا!! يستفيض فيه في نقد العلمانية وهو لم يجد دولة إسلامية يعيش فيها ويعيش في بريطانيا العلمانية؟). كذلك يلاحظ تضخيم والتركيز على الأخبار الإسلامية أكثر من غيرها في خروج واضح عن الموضوعية الإعلامية وتقاليد احترمتها الجزيرة عند ولادتها.
طبعا ضمن المجموعات الإسلامية المنفذة لهذه السياسة في الجزيرة المجموعة الفلسطينية والمجموعة السورية (تحت الطاولة خوفا من إغلاق مكتب دمشق) ومجموعة النهضة التونسية. ويحتاج الموضوع لدراسة ميدانية نعكف على تحضيرها عند ورود إجابات كافية على عدد من الأسئلة التي وجهتها لعاملين سابقين في الجزيرة.
لكن السؤال المحوري الذي أطرحه على القارئ والمسؤولين في قطر: هل قرر أمير قطر هدم الإهرامات المسماة شبكة الجزيرة بقبوله بأسلمتها أم أن هناك صراع بين ولي العهد ووزير الداخلية من جهة يدعمهم التيار السلفي في قطر ومن جهة ثانية اتجاه غير متدين (شوية عروبية شوية ليبرالية وشوية إسلام) يمثله الأمير والشيخة موزة ورئيس الوزراء ؟ هل هناك من يستفيد من مرض الأمير لأسلمة القناة، هل الأمير نفسه موافق على الأسلمة لغاية في نفس يعقوب أو ضمن الحسابات المطلوبة داخليا وخارجيا؟
الجواب الوحيد الأكيد من تجربة الجزيرة هو أن الإسلاميين إذا وضعوا يدهم على بيت قضوا على التعددية فيه (إن الإسلاميين إذا دخلوا مؤسسة أمموها ثم أفسدوها)
بانتظار من يعطي الجواب، تستمر عملية الأسلمة مغطاة بثوب شفاف يستحضر عزمي بشارة كلما فاض العيار الإسلامي ويعطي متنفس أكبر لفيصل القاسم كلما ازدادت الاحتجاجات على السيطرة الإسلامية في القناة ويتذكر عبد الباري عطوان من وقت لآخر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لم تعد الجزيرة جزيرة زمان
فواز محمد ( 2010 / 8 / 19 - 14:08 )
اخي الكاتب لم تعد قناة الجزيرة بنفس تأثيرها السابق لكونها كانت القناة العربية الثانية بعد الام بي سي انذاك اكتسبت شهرتها لانها انطلقت بنفس به حرية لم يتوفر بالاعلام الرسمي انذاك ولكن اليوم اختلفت الامور واصبحت القنوات الاخبارية متعددة


2 - الجزيرة قناة احترافية ذات بعد انساني
وجدي وهبه سمير ( 2010 / 8 / 19 - 23:39 )
لا يعيب الانسان ان يكون مؤذنا او حتى فراشا مادام عصاميا واستطاع ان يتقدم الصفوف باجتهاده وكده واخلاصة هذا الكلام عيب وعنصري ولا يجوز قوله لماذا لا تقول انك تكره الجزيرة وتكفينا مؤنة هذا لتدوين الطويل ا لممل الجزيرةقناة اخبارية احترافية واستطاعت ان تكسر تابوهات الاعلام العربي وان ينسج الاخرون على منوالها وان بدو نسخ كربونية باهتة عنها وهي قناة ذات بعد انساني ولن تشم فيها رائحة الطائفية التي تفوح منك


3 - من أمة ضحكت من جهلها الأمم
محمد أمين ( 2010 / 8 / 20 - 04:16 )
أنتم دائمي الوقوف على أطلال الفشل و البكاء عليه.ثمة من يسابق الدهر نجاحا و عطاء و انتاجا,,,ولا نسمع لكم سوى نعيق متتال...
كفوا ألسنتكم عن الهجاء يا قوم وشمروا عن سواعد الجد ...
هلا أطلقتم العنان لأقلامكم تفضح المؤامرات المبيتة من صهيون و ماسون؟؟؟


4 - لتكن قضية المقال موضوع النقاش
محمد سعيد (بريد مشترك مع عدة اشخاص في جمعية وعليه تسلمت السؤ ( 2010 / 8 / 20 - 10:26 )
لن أكون محامي السيد شبلي لكنه بالحقيقة فتح عيني على قضايا هامة وتحتاج لتوضيح أو تصحيح بمعلومات مقابل معلومات مثلا في سورية أحمد منصور مكروه لأنه أهان الشعب السوري على الهواء مباشرة وكان اعتذاره أقبح من ذنب وهو من روج لمقولة حكم عدس أي علوية واسماعيلية ودروز وهو من يهاجم القوميين بالحق والباطل بسبب ايديولوجيته الإسلامية وهذا ليس من مبتكرات شمايل ثم العصامية أن تبني نفسك بنفسك ماذا يمنع السيد منصور من أن يسجل في جامعة بالمراسلة ويتعلم قليل من التاريخ ومناهجه وأن يتوقف عن ادعاء أنه دكتور ثم هل يوجد إسلامي واحد أبعد عن الجزيرة في فترة وضاح خنفر رغم سوء الأداء أم كلهم ترقوا
المقال يطرح سؤال عن أسباب أسلمة الجزيرة ويجب الرد عليه اولا بنفي الأسلمة بأدلة أو
قبول الأسلمة كانتصار للإسلاميين على الديمقراطية


5 - قناة ظلامية بامتياز
محمد بودواهي ( 2010 / 8 / 22 - 16:37 )
قناة الجزيرة - ومنذ نشأتها الأولى - كانت قناة إسلاموية بامتياز
غير أن استخلاص هذا الحكم لا يمكن أن يستشفه إلا من يمارس السياسة ويفرق بين الخطابات الإيديولوجية المتباينة من ليبرالية واشتراكية وإسلامية وما تفرع عن هذه التوجهات الرئيسية الثلاتة من روافد سياسية أصبح يطلق عليها بالتيارات الوسطية أو المعتدلة
فقناة الجزيرة هي إحدى الجهات التي تبنت مبكرا الخطاب الإيديولوجي الإسلامي الوسطي وكانت تمرره بكفاءة عالية لاعتمادها على صحفيين ومنظرين إعلاميين مهرة. غير أن هذا التوجه سرعان ما بدأ يتغلغل بداخله تيار ينزع نحو الراديكالية الإسلاموية بقيادة الصحفي الظلامي أحمد منصور ومن ورائه وضاح خنفر وربما جهات رسمية متنفذة
لقد كانت هناك أسئلة وجيهة يطرحها الملاحظون والرأي العام حول السر في انفراد قناة الجزيرة بإمكانية الوصول إلى معاقل القاعدة وطالبان لاقتناص الخبر من مصادره الرئيسية ، إنها بالفعل تساؤلات وجيهة
قناة الجزيرة قناة ظلامية بقناع عصري كاذب
تحياتي للكاتب

اخر الافلام

.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في


.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج




.. 101-Al-Baqarah


.. 93- Al-Baqarah




.. 94- Al-Baqarah