الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نضال اليسار.. الماركسي الشيوعي ..بين مطرقة الواقع وسندان الممكن..!

دهام حسن

2010 / 8 / 19
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها


إننا في المعسكر اليساري، طالما جاء عزمنا وكان خيارنا النضال السياسي في هذا المعسكر، ليس أمامنا إلا أن نتوقع من خصومنا هنا وهناك، ومن نقاد الماركسية عموما هجوما علينا، فهم سوف يتغابون عن النقاط الإيجابية والمضيئة، ويتسقطون زلاتنا، يركزون على أخطائنا القليلة، ويتغافلون عن إيجابياتنا العديدة، وبينهم هناك من يقفون في الوسط، فيحاولون أن يساووا بيننا وبين الرجعية كما كان الحال في بدايات القرن الماضي، حيث مضى من ساوى بين القيصرية والبلشفية، لنفاجأ اليوم من يساوي بين النازية والشيوعية، وبين اليمين واليسار المتطرف، في حالات عديدة من خلال قراءاتنا ومتابعاتنا، ومثل هذه المقاربة هي نفي للطبيعة الطبقية، وطمس لدور اليسار التاريخي من خلال هذه القوى، أي اليمين واليسار والنازية والشيوعية وسوى ذلك من تسميات، فعن اليسار حتى المتطرف منه يمكن أن تلتقي معه خلال مسيرة النضال حيث من المتوقع جدا أن يصحح من مواقفه النضالية، وأن يقوّم سلوكه، ويصحح من أسلوبه ليلتقي بشكل منطقي مع رديف النضال الطبيعي له، فما بينهما من اختلافات هي في غالبيتها تكمن في أشكال النضال وطرائقها، وليس بالهدف النهائي، أما اليمين فلا يمكن أن تلتقي معه لتنافر الطبيعة الطبقية بين اليمين واليسار، حيث الجسور مقطوعة بينهما، فهذا يمثل معسكرا معلوما والآخر يمثل معسكرا مغايرا ولا يمكن بالتالي الجمع بين المعسكرين في النضال السياسي لما بينهما من (فلاة إلى غير لقاء تجاب)..

ثمة من يقول إن اليمين واليسار المتشدد أو اليسار المتطرف يلتقيان، نقول هذا قد يكون صحيحا في بعض المحطات التاريخية، أو في بعض المواقف السياسية، ولكن ليس للآخر ولا بد لهما أن يفترقا، فلا يمكن لليسار أن يكمل المشوار مع اليمين لما بينهما من اختلاف في القيم والمبادئ وأيضا في الأهداف والغايات..

نعود فنقول الخصوم كثيرون، وهم آتون من جهات عديدة ومواقع سياسية مختلفة، ونقدهم فيه شيء من المكر، فمنهم من يقول إن الشيوعية كمبدأ جيد لكن، فيها أناس سيؤون، وهذه الحقيقة يراد بها باطل، وثمة من يقول عكس ذلك أي الشيوعية سيئة لكن فيها أناس جيدون، وأصحاب كلا الموقفين يهاجمون الأحزاب الشيوعية ولهم غاياتهم من وراء هذا التهجم، أو نفاد صبرهم حيال مسائل وإشكالات طارئة، وأحيانا عديدة يكون التهجم من هنا وهناك، من المحكوم كما هو من الحاكم ربما لنفاد صبرهم السياسي، وضعف قراءاتهم للواقع، أو قصر نظرهم كما قلنا قبل قليل، فلماذا يا ترى..!

الشيوعيون كما هو معلوم يهتدون بالماركسية، وينطلقون من المبدأ الذي يقول: (التحليل الملموس للواقع الملموس) وهم ليسوا كأصحاب عقائد دينية (رفعت الأقلام وجفت الصحف) فالماركسية بنت واقع يختلف عن واقعنا، فقد جاء ميلادها في زمن غير زماننا، وفي مكان غير مكاننا.. جرّاء كل ذلك فقد كانت أشكال النضال مختلفة من مكان إلى آخر ومن زمان إلى آخر، أي بعبارة أوضح كانت التعددية في النضال السياسي من قبل اليسار عموما قائما، وهذا ما أشرت إليه في مقالة سابقة لي، وكان قد سبقني إلى الفكرة ذاتها آخرون عن (التعددية في الماركسية)، فالماركسية كما هو معلوم جاء ميلادها في أوربا الغربية، وكانت طرائق النضال والعمل تختلف من حيث مسقط رأسها في أوربا الغربية إلى النضال في روسيا أو في الصين ناهيك عن العالم الثالث ومنها منطقة الشرق الأوسط من حيث التراث التاريخي والوعي الاجتماعي والدين وطبيعة من يحكمون، هذه حقيقة ينبغي ألا يتغافلها أحد، ففي المجتمعات المتخلفة عادة ما تمارس السياسة فيها بشكل متخلف، ففي بعض الدول ترى فيها أكثر من قومية ودين وطائفة ومذهب، مازالت لها سيطرة أكيدة على أذهان شعوبها، فالفرد في هكذا أجواء حتى لو أصبح شيوعيا، فمن المستحيل أن يتحرر من موروث هذه الانتماءات، إما من ناحية الاستعلاء أو حتى الشعور بالنقص أو الإجحاف بحقه أو الدونية، فضلا عن أشكال ممارسة النظام أي نظام لإدارة السلطة، أو لإدارة هذه النعرات، والمبدأ المعروف (فرّقْ تسدْ) ولهذا فالشيوعي بالتالي ابن هكذا واقع فلا يشذّ عن الآخرين جراء هذه المؤثرات والتلوينات فهو يتأثر حتما، حتى لو جاء سعيه لتحقيق ذلك أي تحرره من هذه الانتماءات والمؤثرات فالنتيجة تبقى قليلة الأثر..فالشيوعي الكوردي لا يمكن أن يفكر مثل الشيوعي العربي في دولة واحدة فلسوف يختلفون في مسائل عديدة وإن لم يجهروا بها بسبب خلفية انتماءاتهم القومية، فكلاهما قد يتحمس لقوميته، وبخلاف ذلك ربما بظاهرة الكوسموبوليتية أي العدمية حتى يظهر أمميته، ومثل هكذا حالات ومواقف ستجدها في إيران وتركيا وفي الهند فالشيوعي الهندوسي غير الشيوعي المسلم في نظرته وتطلعاته، وبالتالي ينعكس ذلك على طرائق نضاله..

ترى الشيوعي هنا في حيرة تشده انتماءات عديدة ليس من السهل التحرر منها بسهولة.. ربما لا نلمس مثل هذه الظاهرة أو بهذا الشكل من الحدة لدى الدول الرأسمالية المتحضرة، لأن مثل هذه الظواهر التاريخية لا بد لها أن تختفي في يوم من الأيام، فهي لم تكن موجودة منذ الأزل ولن تبقى بالتالي إلى الأبد..

وهذا لا يعني أن الشيوعيين منزّهون دون أخطاء، أو جاؤوا من كوكب آخر، كان لينين يقول ما معناه في هذا السياق، قد تكون لنا مئة خطأ لكن بالمقابل لنا آلاف الإيجابيات، فلماذا تركزون على أخطائنا وتتناسون ذاك الكم من الإيجابيات، إن المنتقد ينبغي أن ينزل من برجه العاجي وينظر مع من نتعامل لتكون أحكامه منصفة، وعليهم بالتالي ألا يفاجؤوا ولا يتضايقوا بهذه اللونيات من الشيوعيين أصدقاء الشعوب المضطهدة دوما وأبدا..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قول على قول
دهام حسن ( 2010 / 8 / 22 - 00:16 )
أخي الكريم شوكت خزندار تحية طيبة وبعد..
أشكرك على مرورك الكريم وتعقيبك بالتالي على مقالتي.. أتمنى أن أكون قادرا للكتابة عما تريد.. لكن للعلم أولا أنا من أكراد سوريا..ماركسي الثقافة، ومقالتي جاءت ردا لبعض المواقف من هنا وهناك.. أجدد شكري لك.. على تواصلك ..
محبتي وتقديري... دهام

اخر الافلام

.. صحة وقمر - قمر الطائي تبدع في تجهيز أكلة مقلقل اللحم السعودي


.. حفل زفاف لمؤثرة عراقية في القصر العباسي يثير الجدل بين العرا




.. نتنياهو و-الفخ الأميركي- في صفقة الهدنة..


.. نووي إيران إلى الواجهة.. فهل اقتربت من امتلاك القنبلة النووي




.. أسامة حمدان: الكرة الآن في ملعب نتنياهو أركان حكومته المتطرف