الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-يَستَفتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفتِيكم-

سمير إبراهيم خليل حسن

2010 / 8 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني




يسأل كثير من ٱلناس عمَّا يجهلون. ويتوجّهون بٱلسؤال إلى مَن يظنون أنّهم يعلمون ويملكون علما ورأيا يأملون منهم أن ينيروا لهم فيما يجهلون. وللسآئل حقّ ٱلسؤال عن أىِّ أمر أو شىء. وله أن يسمع ٱلرأى وعليه مسئولية ٱلأخذ به أو نسيانه.
وبفعل جهل أكثر ٱلناس بٱلدين عند ٱللّه يطلبون فيما يسألون رأيا ومشورة ممّن يظنونهم يعلمون بٱلدين. ولأنّهم يهربون من مسئولية ٱلتفكير وٱلدرس فى كتاب ٱللّه بحثا عما يسألون يُنصّبُ ٱلبعضُ منهم نفسه عالما فى ٱلدين فيرى ويشير ويفتى ويشرّع. وبفعل كثرة ٱلمفتين فى ٱلمملكة ٱلعربية ٱلسعودية وكثرة ما يفتون فيه بٱسم ٱلدين عند ٱللّه فقد رأى ٱلملك ٱلطّيب وٱلصالح فيها حصر ٱلفتوى بمن يسمّون "هيئة مفتين" و"علماء كبار". وتناول ٱلبعض من أولئك "الكبار" بردود مختلفة على ٱلحصر (عبد المحسن العبيكان وعلي الشبل وعادل الكلباني وعقيل العقيل وسعد السهيمي) وقد أيّده بعضهم وٱعترض عليه أخرون. وأرآؤهم بٱلحصر ٱلتى تبيّن موقف كلّ منهم معروضة على ٱلوصلة ٱلتالية (العربية. نت):
http://www.alarabiya.net/articles/2010/08/06/115874.html
ويظهر مما قاله كلّ منهم أنّ ٱلجميع مسلمون أعراب لمّا يدخلُ ٱلإيمانُ فى قلوبهم. وهم جميعهم من قوم ٱلرسول وقد قال أنَّهم "ٱتخذوا ٱلقرءان مهجورا":
"وقال ٱلرّسولُ يَـٰرَبِّ إنّ قومى ٱتَّخَذُواْ هٰذا ٱلقرءانَ مَهجُورًا" 30 ٱلفرقان.
لقد كان ٱلأمر بحصر ٱلفتوى حاجة للحدِّ من كثرة ٱلذين يفتون فى كلِّ أمر بٱسم ٱلدين. لكنّ ٱلحصر لم ينهِ ٱلتعدى ٱلقآئم على ٱلدين عند ٱللّه بما يزعم بعض ٱلناس أنّهم يفتون وأنّهم "علماء كبار" فى ٱلدين. فما قاله بعض ٱلسادة "كبار العلماء" فى ردودهم لم يكن فيه علم بٱلدين وما هو إلا نسخ من تاريخ ميِّت ولم يذكروا من كتاب ٱللّه ٱلحىّ أمرا.
فٱلذى يتمسّك منهم بزعم حقِّ له ولغيره بٱلفتوى لا يدرىۤ أنّه يخاصم ٱللّه فى حكمه ٱلمبين ويطلب هذا ٱلحقِّ لنفسه وهو لا يعلم أنّ ٱلذى يفتى ولا يشارك فى حكمه أحدا هو ٱللّه:
"ويستَفتُونَكَ فى ٱلنِّسآء قُلِ ٱللّه يُفتِيكُم فِيهِنَّ" 127 ٱلنِسآء.
"يَستَفتُونَكَ قُلِ ٱللّهُ يُفتِيكُم فِى ٱلكَلٰلَةِ" 176 ٱلنسآء.
ولا يعلم أنّ فهم ٱلدين عند ٱللّه وٱلعلم به هو تكليف للناس جميعهم. ومَن يطلب فتوى من ٱلذين يعلمون بٱلدين يأخذ منهم تأويلا بما يعلمه. لأنّ ٱلدين عند ٱللّه هو دين ٱلحقِّ جميعه the substantive law. وعلم ٱلناس بٱلدين هو علم نسبىّ يكسب ٱلتأويل فيه من يعبد ٱللّه فينظر فى ٱلحقِّ ليعلم كيف بدأ خلقه كمآ أمره ٱللّه:
"قل سيرواْ فى ٱلأرض فٱنظرواْ كيف بدأ ٱلخلق"20 ٱلعنكبوت.
ويقرأ ما رأىٰه فى ٱلحقِّ بنظره:
"ٱقرأ بٱسمِـ رَبِّكَ ٱلَّذِى خَلَقَ"1 ٱلعلق.
وبذلك يكون ٱلعلم بٱلدين عند ٱللّه هو علم عبد للّه "مسلم إبراهيمىّ" يعلم بٱلحقِّ فيزيآء وبيولوجيا وغيرها من علوم ٱلحقِّ ويؤوّل ما علم به تأويلا ولا يفتى فتوى مسلمين أعراب لمَّا يدخل ٱلإيمان فى قلوبهم.
ومآ أفهمه من كتاب ٱللّه أنّ "ٱلعبَدَ" هو مَن يطيع سيدا فيما يأمره. فهل هذا ما يفهمه "كبار العلماء" من كلمة ٱللغو "عبادات"؟
ويرى "كبار علماء" ٱلمسلمين ٱلأعراب أنّ "العبادات" ٱلتى يظنون لا تفصيل فى ٱلقرءان لها. فزعموۤا أنّ ٱلرّسول وٱلأصحاب وٱلتابعين صنعوا لها ٱلتفصيل.
أما ٱللّه فيقول عن كتابه:
"هٰذا بيان لِّلنَّاسِ" 128 ءال عمران.
"ونزَّلنا عليك ٱلكِتَـٰب تِبيَـٰــنًا لِّكُلِّ شَىءٍ وَهُدًى ورَحمَةً وبُشرَى لِلمُسلِمِينَ" 89 ٱلنحل".
"أَفَغَيرَ ٱللّهِ أَبتَغِى حَكَمًا وَهُوَ ٱلَّذِىۤ أَنَزَلَ إِلَيكُمُ ٱلكِتَـٰبَ مُفَصَّلاً" 141 ٱلأنعام.
"وَلَقَد جِئنَاهُم بِكِتَـٰـبٍ فَصَّلنَـٰهُ عَلَى عِلمٍ هُدًى وَرَحمَةً لِّقَومٍ يُؤمِنُونَ" 52 ٱلأعراف.
وما يقوله "علماء" ٱلمسلمين ٱلأعراب عن تبيان وتفصيل للرسول وللأصحاب وٱلتابعين يبيّن مفهوم شركهم للرسول وٱلأصحاب وٱلتابعين مع ٱللّه فى كتابه وبيانه وتفصيله. كما يبيّن ٱتكالا للّه على رسول أعلم منه وأصحاب وتابعين لولا حرصهم وحفظهم لضاع كتاب ٱللّه على ٱلناس.
أما ٱللّه فيبين فى كتابه لعباده ما على رسوله من فعل:
"وما على ٱلرَّسول إِلَّا ٱلبَلَـٰغُ ٱلمُبِينُ" 18 ٱلعنكبوت.
"فإن تَوَلَّواْ فإِنَّما عليك ٱلبَلَـٰغُ ٱلمُبينُ" 82 ٱلنحل.
"فإن أَعرَضُواْ فمآ أَرسلنٰكَ عليهم حفيظًا إن عليكَ إلاَّ ٱلبَلَـٰغ" 48 ٱلشورى.
وبسؤال ٱللّه يستنكر قول مَن يزعم أنّ للرسول بيانه ويبيّن ما على ٱلرُّسل جميعا:
"فهل على ٱلرُّسُلِ إِلَّا ٱلبَلَـٰغ ٱلمُبينُ" 35 ٱلنحل.
فبلاغ ٱللّه هو ٱلمبين وما على ٱلرسول هو بلاغ رسالة ٱللَّه للناس وفيها ٱلبيان:
"هَـٰذا بَلَـٰغ لِّلنَّاس وليُنذَرواْ بهِ ولِيَعلَمُوۤاْ أَنَّما هُوَ إِلَـٰه وٰحد وليذَّكَّرَ أُوْلُواْ ٱلألبَـٰب" 52 إبراهيم.
وبهٰذه ٱلبلاغات ٱلمبينة يتبيَّن للمؤمن بٱللّه وبيانه فعل ٱلرسول. ويعلم أنّ ٱلرسول قد قام بٱلفعل ولم يزد عليه ولم ينقص. وأنّ ما يلغوا به ٱلزاعمون ببيان للرسول وللأصحاب وٱلتابعين يؤسس منهاج شرك يحبطهم ويحبط مَن يتبعهم. وما يلغون به من حديث للرسول يفسقون به عن ٱلحديث ٱلمُوحَىۤ إليه وهو وحده أحسن ٱلحديث:
"ٱللَّه نَزَّلَ أحسنَ ٱلحديثِ كِتَـٰبًا مُّتَشَـٰبِهًا" 23 الزمر.
وأحسن ٱلحديث هو ٱلقرءان ٱلَّذى بلّغه ٱلرَّسول حديثا وخطًّا.
وهو أصدق حديث:
"وَمَن أَصدَقُ مِن ٱللَّه حَديثًا" 87 ٱلنسآء.
وما يزعم به ٱلمسلمون ٱلأعراب من بيان للرسول وٱلأصحاب وٱلتابعين هو على ٱللّه وحده:
"إنَّ عَلَينَا جَمعَهُ وَقُرءَانَهُ(17) فَإِذا قَرَأنَـٰهُ فٱتَّبِع قُرءَانَهُ(18) ثُمَّ إنَّ عَلَينَا بَيَـٰـنهُ(19)" ٱلقيٰمة.

أسلم ٱلمسلمون ٱلأعراب لسلطة قريش منذ ٱنقلابهم فى "سقيفة بنى ساعدة" على ٱلمؤمنين وعلى كتاب ٱلنّبىّ "ٱلصحيفة". ولغوا ويَلغُون فى ٱلقرءان وزعموا ويزعمون بحديث للرسول ينقض ٱلحديث ٱلمُوحَىۤ إليه فى كتاب ٱللّه. ولهم مثل تلك ٱلأرآء ٱلمعروضة على "العربية. نت". ويزعمون ٱلتفصيل لما يظنونه "مجملا". ويريدون من "المجمل" إبهاما فى قول ٱللّه ويزعمون أنّهم ٱلقادرون على ٱلحكم وٱلبيان بما عجز ٱللّه عن ٱلحكم فيه وبيانه. وفوق زعمهم هذا فهم يسلبون من ٱللّه ألوهته ٱلتى تنير ما فى ٱلسّمـٰوٰت وٱلأرض ومنها ما ينيره للناس بما يفتيه فى كتابه.
ومن ٱلزعم ما قاله "الدكتور علي الشبل": (المفتي منصوب من الله عز وجل بما معه من العلم الذي تعلمه). فهو زعم بإلوهة يُظلم على ما جآء فى كتاب ٱللّه من بيان لمَن يفتى وهو ٱللّه. وأنّ ٱللّهَ لم ينصّب أحدا ليشاركه فيما يفتى بما فى ذلك ٱلرّسول.
وأسأل "الدكتور علي الشبل" كيف علم ورأى وٱستنبط أنّ (المفتي منصوب من الله) ومن أىِّ مصدر جآء بقوله هذا؟
لقد رأيت فيما قاله "الدكتور علي الشبل" وأخرون من أرآء تتعلق بحقِّ ٱلفتوى أنّهم من ٱلذين لا يفرّقون بين ٱلرأى وٱلتأويل ٱلمتعلق بسؤال وبين قول ٱللّه وفيه يفتى. فمن يسأل بسبب نقص علمه يطلب رأيا أو مشورة أو نصحًا أو تأويلا ولا يطلب فتوىۤ إن كان يؤمن بٱللّه وبكتابه ورسوله. وإن أراد فتوى يعلم أنّ عليه مسئولية ٱلدرس فى كتاب ٱللّه وٱلعلم بما فيه من فتوى فيما يريده ويسأل عنه.
ورأيت بما قاله "الدكتور علي الشبل": (وأهل الذكر مبينون بأمرين: العلم بشرع الله وتنزيله على المسائل الواقعة، والمسألة الثانية الديانة) أنّه جعل من أهل ٱلذكر أولئك ٱلذين ينسخون ما قاله ٱلسلف عن شرع نسبوه إلى ٱللّه وحصروا ٱلعلم وحصره معهم بٱلمسآئل "الواقعة" نسخا لما قال به ٱلسّلف ومنعا من ٱلتفكير وٱلنظر وٱلحنف عمّا خرّصوا ولغوا فيه. وبما علم به نسخا حرّف كلمة "ٱلدِّين" بكلمة "الديانة" وجعل ٱلدِّين "ورع وتقوى" وهو "دين ٱلحقِّ" (قوانينه حسب لسان الدكتور وقومه ٱلذين ينسخون فيُوثنون ولا يحنفون).
ورأيت فيما قاله عن ٱلعلم بشرع ٱللّه وتنزيله لا يبيّن أنّه يذكر من ٱلتنزيل إن كانت كلمة "ديانة" وكلمة "ورع" من كلام كتاب ٱللّه.
وأنّ ما قاله عن ٱلضّآلِّين وٱلمغضوب عليهم يبيّن أنّ علمه بهم من مصدر لا يسنده قول من كتاب ٱللّه.
وأنّ ما قاله عن ٱلمفتين أنّهم "المنصبون من ولي الأمر" يبيّن أنّه لا يذكر أنّ ٱللّه هو من يفتى وأنّ أولى ٱلأمر إن كانوا من ٱلمؤمنين يعلمون ويؤوّلون ويستنبطون ولا يضلُّون عن ٱلذكر ولا ينصبون مفتيًّا:
"وَإِذَا جَاۤءَهُم أَمر مِّنَ ٱلأَمنِ أَوِ ٱلخَوفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَو رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰۤ أُولِى ٱلأَمرِ مِنهُم لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَستَنبِطُونَهُ مِنهُم وَلَولاَ فَضلُ ٱللَّهِ عَلَيكُم وَرَحمَتُهُ لاَتَّبَعتُمُ ٱلشَّيطَـٰنَ إِلا قَلِيلا" 83 ٱلنّسآء.
وهذا ليس عن ٱلدين. بل هو "أَمر مِّنَ ٱلأَمنِ أَوِ ٱلخَوفِ". وهذا من مسئولية أولى ٱلأمر من ٱلمؤمنين ٱلذين يحملون عبأ ٱلأمن وٱلتقوى ممّا يفعله ٱلأعدآء ٱلمتربصون.
لقد ٱعترض "الدكتور" ومعه أخرون من علمآء ٱلنسخ وٱلوثنيّة على حصر ما يظنّونه فتوى فيما يسأل عنه ٱلناس فقال:
("العبرة ليست في كبار العلماء بل في الفتوى، فيمن أذن لهم ولي الأمر في الفتيا، وهي ليست محصورة في هيئة كبار العلماء فقط بل في كل من سمح له ولي الأمر أو سماحة المفتي بالإفتاء حتى لو لم يكن من هيئة كبار العلماء).
فهو يطلب ٱلفتوى رغمًا عن ٱللّه وعمَّا قاله فى كتابه لرسوله:
"ويستَفتُونَكَ فى ٱلنِّسآء قُلِ ٱللّه يُفتِيكُم فِيهِنَّ" 127 ٱلنِسآء.
"يَستَفتُونَكَ قُلِ ٱللّهُ يُفتِيكُم فِى ٱلكَلٰلَةِ" 176 ٱلنسآء.
ويرىۤ أنّ ولىَّ ٱلأمر هو مَن ينصّب مفتيًّا وهو مَن يأذن ويسمح بٱلفتوى ويشاركه مفتى فيما يسمح. وبذلك لا يذكر ما قاله ٱللّه لرسوله "قُلِ ٱللّه يُفتِيكُم".
وبمآ أذكره من كتاب ٱللّه أرىۤ أنّ ٱلذى يطلب فتوى يُردّ عليه بتأويل عالم بٱلحقِّ ودينه كما فعل ٱلصِّدِّيق "يوسف". وقد رأيت أنّ ٱلذين يظنّون أنّهم علمآء فى ٱلدين وأنّهم "كبار" ويفتون هم ٱلضّآلِّون وٱلمغضوب عليهم وهم مَن أضلّوا ٱلسآئلين معهم ٱلذين يظنون أنّهم يفتون. وقد جعلهم ضلالهم يزعمون أنّهم علمآء دين وٱجتماع ونفس وٱقتصاد وسياسة وحرب وأمن وتاريخ وفلك وطب وزراعة وبحار وغيرها من ٱلعلوم. فأسآءوۤا إلى تلك ٱلعلوم وهى علوم فى ٱلحقِّ ودينه لا يعلم بها ويستنبط تأويلا لهآ إلا ٱلرّبَّانيُّون وٱلرّحمانيُّون ٱلذين ينظرون فى كيف بدأ ٱلخلق ميّته وحيّه. وهؤلآء لا يكتمون ما علموا به ويستنبطون تأويلهم فيه نظريةً يعقلها ٱلإهيُّون منهم مع كتاب ٱللّه ٱلقرءان ٱلبيان وٱلتبيان لكلِّ شىء مفصّلا تفصيلا عربيًّا (كتابا مفتوحا لآ إبهام فيه ولا عجم) فينيرون لولى ٱلأمر منهم بما يعلمون ويستنبطون.
لقد وصّى ٱللّه مَن يعبده من ٱلمؤمنين (وهو مَن يطيع أمره ووصيته وموعظته ولا يفسق عليه) إن سألَ عن لونِ ٱلمُوحَىۤ إليهم أن يسأل أهل ٱلذكر:
"وما أرسَلنَا من قَبلكَ إلاَّ رِجالاً نوحِىۤ إليهم فَسئَلُوۤاْ أهلَ ٱلذِّكرِ إن كُنتُم لا تَعلمونَ" 43 ٱلنحل.
وأهل ٱلذكر هم مؤمنون ناظرون فى ٱلحقِّ ويذكرون ما جآء فى كتاب ٱللّه من بيان للحقِّ جميعه وحيًا على رجل وليس مَلَكًا. ويذكرون ما فيه من أمر لعباده ووصيّة وموعظة. وأهل ٱلذكر لا يذكرون إلا ٱلحقَّ وبيانه ولا يشركون بقوله ما قاله ويقوله ٱلناس من دون ٱللّه مهما كان شأنهم وعلمهم.
وأهل ٱلذكر لا يقولون "ديانة" ولا "ورع" لأنّهم يذكرون كلمة "دين" وكلمة "رهب" ولا يلغون ولا يحرّفون.
وأهل ٱلذكر لا يزعمون أنّهم منصبون من ٱللّه ليفتوا للناس لأنّهم يعلمون أنّ ٱلذى يفتى هو ٱللّه وحده ولا يشرك فى حكمه أحدا.
ولا يقولون "ولي الأمر" من دون تحديد لوجهة هذا ٱلولىّ طاغوت هو أم مؤمن. وهم يذكرون أنّ ولىّ ٱلمؤمنين مؤمن منهم:
"يَـٰۤأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُولِى ٱلأَمرِ مِنكُم" 59 ٱلنِّسآء.
ويذكرون ما جآء فى كتاب ٱلنّبىّ "ٱلصحيفة":
"وَإِنّ ٱلمُؤمِنِينَ بَعضُهُم مَوَالِى بَعضٍ دُونَ ٱلنّاسِ".
ويعلمون بما جآء فى قول ٱللّه من تفصيل للذين ءامنوا عن ولىّ ٱلأمر منهم:
"إنَّ ٱلذين ءَامنواْ وهاجرواْ وجـٰهدواْ بأموٰلهم وأنفسهم فى سبيل ٱللَّه وٱلذين ءَاوواْ وَّنصروۤاْ أُوْلَـٰۤـئك بعضهم أوليآء بعض وٱلذين ءَامنواْ ولم يهاجرواْ ما لكم مِّن وَلَـٰـيَتِهِم مِّن شىءٍ حتَّىٰ يُهاجرواْ وإنِ ٱستنصروكم فى ٱلدِّين فعليكمُ ٱلنَّصرُ إلا علىٰ قوم بينكم وبينهم مِّيثـٰق وٱللَّهُ بما تعملون بصير" 72 ٱلأنفال.
وأهل ٱلذكر يولَّى عليهم مؤمن ومؤمنة منهم:
"وَٱلمُؤمِنُونَ وَٱلمُؤمِنَـٰتُ بَعضُهُم أَولِيَآءُ بَعضٍ" 71 ٱلتوبة.
ويذكرون ما بيّنه ٱللّه لهم "إِذَا جَاۤءَهُم أَمر مِّنَ ٱلأَمنِ أَوِ ٱلخَوفِ" ماذا يعملون:
"وَإِذَا جَاۤءَهُم أَمر مِّنَ ٱلأَمنِ أَوِ ٱلخَوفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَو رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰۤ أُولِى ٱلأَمرِ مِنهُم لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَستَنبِطُونَهُ مِنهُم وَلَولاَ فَضلُ ٱللَّهِ عَلَيكُم وَرَحمَتُهُ لاَتَّبَعتُمُ ٱلشَّيطَـٰنَ إِلا قَلِيلا" 83 ٱلنّسآء.
وأهل ٱلذكر هم ٱلذين يذكرون ويذكرنَ. وينظرون وينظرنَ. ويعلمون ويعلمنَ. ويستنبطون ويستنبطنَ. ولا يفتون ولا يفتينَ.
ويذكر أهل ٱلذكر أنّ ٱللّه بيّن سبيل قتال ٱلذين ءامنوا وسبيل قتال ٱلذين كفروا:
"ٱلَّذين ءامنواْ يقـٰتلون فى سبيل ٱللَّهِ وٱلَّذين كفرواْ يقـٰتلون فى سبيل ٱلطَّـٰغوتِ" 76 ٱلنِّسآء.
وسبيل ٱللّه هو سبيل ٱلعلم فى ٱلحقِّ. وسبيل ٱلطاغوت هو سبيل ٱلظلم وٱلجهل.
وأنّه بيّن أنّ ٱلمغضوب عليهم هم ٱلذين يعبدون ويعبدنَ ٱلطاغوت:
"قُل هَل أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ ٱللّهِ مَن لَّعَنَهُ ٱللّهُ وَغَضِبَ عَلَيهِ وَجَعَلَ مِنهُمُ ٱلقِرَدَةَ وَٱلخَنَازِيرَ وَعَبَدَ ٱلطَّـٰغُوتَ أُوْلَــٰۤـئِكَ شَرّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ عَن سَوَآء ٱلسَّبِيلِ" 60 ٱلمائدة.
وأهل ٱلذكر يذكرون أنّ ٱللّه جعل ولىَّ ٱلذين لا يؤمنون شيطان:
"إنَّا جَعَلنَا ٱلشَّيَـٰطِينَ أَولِيَآءَ لِلَّذينَ لا يُؤمِنُونَ" 27 ٱلأعراف.
فمن هو ولىّ ٱلأمر عندكم أيها ٱلسادة "كبار العلماء"؟
هل هو مؤمن ومؤمنة؟
أم هو شيطان؟
ومَن هو ٱلذى يفتىۤ أنتم أم ٱللّه؟

أملىۤ أيها ٱلسادة "كبار العلماء" أن تعودوا عمّا تظنونه علما وهو نسخ لتخريص سلف مات وعليه ما كسب. وأن تدرسوا فى كتاب ٱللّه وتجاهدوا فى سبيله حقّ جهاده. فتذكرون وتذكرن. وتعلمون وتعلمن. وتستنبطون وتستنبطن. وتحنفون وتحنفن. ولا توثنون بٱلنسخ وتوثننَّ.
وإن سألكم ٱلناس رأيا فى شؤون عيشهم فٱلمجيب منكم على ٱلسؤال يعلن علمه وخبرته ولا يكتم بيّنة علمية تنفع ٱلناس. وما يقوله ليس فتوى بل هو رأى له ٱستنبطه بما كسب من علم وخبرة ومسئولية شخصيّة. وما رأىٰه هو ما تشابه له بما كسب من علم فى وقت قوله ٱلمستنبط ويحنف عنه ولا يوثن عليه. وبذلك فمن يبيّن رأيه لسآئل فى ٱلدين إن كان يذكر ويعلم فى ٱلحقِّ يقول رأيه ٱلمستنبط بما تشابه له فلا ينصّب نفسه مفتيًّا ولا يزعم فتوى ويضلُّ بها ٱلسآئلين فى شؤون عيشهم.

وبعد أملى بأن يعود ٱلسادة "كبار العلماء" عن ٱلظنّ بحقٍّ لهم بٱلفتوىۤ. أتوجّه بأمنيتىۤ إلى جميع أهل ٱلحكم فى بلاد ٱلمسلمين وعلى رأسهم ٱلملك ٱلطيب وٱلصالح فى ٱلمملكة ٱلعربية ٱلسعودية أن يوقفوا ما يُنفقون بإسراف على مؤسسات وهيئات ٱلفتوى ٱلتى تعتدى على حقّ ٱللّه لتشاركه فيما يفتى. وأن يأمروا بنسيانها ولا يعودوۤا إلى ذكرها.
وأتمنى عليهم أن يوجّهوا ما ينفقون على تلك ٱلمؤسسات وٱلهيئات إلى بيوت ٱلعلم بٱلدين عند ٱللّه ٱلتى يبيّنها بقوله:
"قل سيرواْ فى ٱلأرض فٱنظرواْ كيف بدأ ٱلخلق"20 ٱلعنكبوت.
وهى بيوت تُدَرَسُ فيها علوم ٱلحقِّ ذاته مقدار (رياضيات فى لغو اللغة) وفيزيآء وكيميآء وبيولوجيا وغيرها من علم ٱللّه ٱلمبثوث فىۤ أشيآء خلقه "وكلُّ شىء عنده بمقدار".
وٱعلموۤا أنّه بتأسيسكم بيوت ألوهة يُعقل فيها بين علوم ٱلحقّ ودينه وما جآء فى كتاب ٱللّه من ٱلبيان وٱلتبيان لكلِّ شىء تنصرون ٱللّهَ ودينَ ٱلحقّ the substantive law فينصركم ٱللّهُ فيما تحكمون وتؤسسون.
وأنّ علمآء ٱلنسخ ٱلواثنون بعلمهم على ما ظنّه ٱلسلف من دين أوقعوكم فى ذنوب ٱلإسراف فى ٱلانفاق عليهم وعلى مؤسساتهم وعلى نسخهم لميّت. وجعلوكم تسرفون علىۤ أنفسكم ظنًّا منكم أنّكم تتعلمون من ٱلنسخ كيف تعبدون ٱللّه ٱلحىّ ٱلقيّوم. فلا تقنطوا من رحمة ٱللّه ويمكنكم ٱلبرء ممآ أوقعوكم فيه من ذنوب إن أردتم لأنفسكم عبادة للّه وحده:
"قُل يـٰعبادِىَ ٱلّذين أَسرَفُواْ علىٰۤ أَنفُسِهِم لا تقنطُواْ من رحمةِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَغفِرُ ٱلذُّنوبَ جميعًا إِنَّهُ ٱلغفورُ ٱلرَّحيمُ" 53 ٱلزمر.
وأنّكم تُكَفِّرون جميع ٱلذنوب عن أنفسكم إن عدتم إليه وٱهتديتم بٱلتى هى أقوم:
"عَسَىٰ رَبُّكُم أن يَرحَمَكُم وإن عُدتُّم عُدنَا وجعلنا جَهَنَّمَ للكَـٰفرين حَصيرًا/8/ إنَّ هَـٰذا ٱلقُرءَانَ يَهدِى لِلَّتِى هِىَ أَقوَمُ ويبَشِّرُ ٱلمؤمنين ٱلّذين يعملونَ ٱلصَّـٰـلِحَـٰـتِ أنَّ لَهُم أجرًا كبيرًا/9/" ٱلإسرآء.
وأنّكم بتلك ٱلهداية تذكرون ٱللّه وتشكرون فيذكركم ٱللّه:
"فٱذكرونِىۤ أذكُركُم وٱشكُرواْ لِى ولا تكفرونِ" 152 ٱلبقرة.
وٱعلموۤا أنّ ٱلناسخين ٱلزّاعمين بٱلعلم وٱلفتوى فسقوا على ٱللّه ونسوه فنسيهم ٱللّه:
"نَسُوا ٱللَّه فنَسِيَهُم إنَّ ٱلمُنَافِقينَ هُم ٱلفَـٰسِقُونَ" 67 ٱلتوبة.
وأنّ ٱللّه يقبل توبة ٱلأحيآء حتّى عن ٱلفاحشة وٱلسُّوء للذين يصلحون منهم:
"وٱلَّـٰتِى يَأتِينَ ٱلفَـٰحشَةَ مِن نِسَآئِكُم فٱستَشهِدُواْ علَيهِنَّ أَربعةً مِّنكُم فَإِن شَهِدُواْ فَأَمسِكُوهُنَّ فِى ٱلبِيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوفَّـىٰهُنَّ ٱلمَوتُ أَو يَجعَلَ ٱللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا(15) وٱلَّذَانِ يَأتِيَـىٰنِها مِنكُم فَـءَـاذُوهُمَا فَإِن تَابَا وأَصلَحَا فَأَعرِضُواْ عَنهُمَآ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا(16) إِنَّمَا ٱلتَّوبَةُ على ٱللَّهِ لِلَّذِينَ يَعمَلُونَ ٱلسُّوۤءَ بِجَهَــٰـلَةٍ ثُمـَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـٰۤـئكَ يَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَيهِم وكانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا(17)" ٱلنِّسَآء.
فأرجوا لأمنيتى سبيلا إلى قلوبكم. وأرجوا لكم عملا يجعلكم من أهل ٱلذكر ٱلذين يذكرون ٱللّهَ ويذكرهم ٱللّهُ.
وأملى عليكم أن توسّعوا للنور فى مجلس للشُّورى. فتأتوا بعلمآء ٱلحقِّ من ٱلرّبَّانيّين وٱلرّحمانيين وعلمآء من جميع فروع ٱلمعرفة ومنهم علمآء يذكرون ويعقلون ويستنبطون. ولكم بهذا ٱلمجلس ٱلشورى فى جميع ما يواجهكم وأنتم تحكمون. ومن بعد ٱلتنوير لما تواجهون من أمر فٱعزموۤا أمركم ولا تشاركوا فيه أحدا فتُحبطون. وٱعلموۤا أنَّ ٱلمسئولية شخصيّة فيما تأمرون:
"وَشَاوِرهُم فِى ٱلأَمرِ فَإِذَا عَزَمتَ فَتَوَكَّل عَلَى ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلمُتَوَكِّلِينَ" 159 ءَال عمران.
ولا تخشوۤا أحدا من ٱلناس إذ أنتم بما شاورتم وتنورتم وعزمتم تتوكّلون على ٱللّه وهو ٱلنور فى ٱلسّمـٰوٰت وٱلأرض:
"ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمـٰوٰتِ وٱلأرضِ" 35 ٱلنُّور.
وٱلنور يكسبه ٱلناظرون فى ٱلسّمـٰوٰت وٱلأرض وليس فيما ينسخه ٱلناسخون ٱلواثنون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلة الجزيرة ترصد توافد الفلسطينيين المسيحيين إلى كنيسة ال


.. القوى السياسية الشيعية تماطل في تحديد جلسة اختيار رئيس للبرل




.. 106-Al-Baqarah


.. 107-Al-Baqarah




.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان