الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التقليد الروماني الذي تلقفته تركيا

بلند حسين

2010 / 8 / 22
القضية الكردية


في روما القديمة، حين امتثال المتّهَم أمام المحكمة، كان القاضي يوجه له سؤالاً محدداً: أمازلت تضربُ زوجتكَ؟. فإن أجابَ بـ(نعم) فهو مدان، وإن أجابَ بـ(لا) فهو مدان أيضاً، لأن الاجابة تُوحي بأن المتّهَم لم يعد يمارس فِعْلَ الضرب في الوقت الحاضر، لكنها لاتوحي بعكس ذلك في الماضي.
ومن المفيد قوله أن تركيا تلقفت هذا التقليد الروماني تلقفته، كي تثبت أمامَ الملأ إدانتها لحزب العمال الكردستاني على الطالع والنازل، مثلما تلقفته الأنظمة التي تتحكم بأجزاء كردستان الأخرى في غضون السنوات الماضية، بهدف وصم حركة التحرر الكردية بالتطرف والارهاب تارة أو بالتمرد والانفصالية تارة أخرى !.
مامن شك أن الارهاب شكلٌ غير مشروع من أشكال العنف، لأن غايته بلوغ هدف محدد، عن طريق القتل أو التدمير أو إحداث ضرر معنوي بالآخر، دون الاكتراث بحقائق التاريخ والجغرافيا، لكِنْ من الخطأ الفادح وصم كل عنف بالارهاب أو المساواة بين المقاومة والارهاب أولاً، وليس من الانصاف بشيء الخلط بين العنف المبرّر(المقاومة)، كأداة لاستعادة حق مغتصَب أو كوسيلة للدفاع عن النفس من جهة، والعنف المدان الذي يمكن أن يصنف تحت خانة الارهاب من جهة أخرى ثانياً.
طبيعي أن يعيد هذا الأمر إلى الأذهان المفهوم الذي لم يعد متداولاً اليوم، أعني مفهوم(الحرب العادلة والحرب غير العادلة)، الذي تداولته ردحاً من الزمن أدبيات اليسار قبل إنهيار المعسكر الشرقي بزعامة الاتحاد السوفييتي. فحرب المقاومة التي خاضتها الجزائر في القرن الماضي، وَجَدَ فيها(فرانز فانون) فعلاً تطهرياً مبرراً، كما وجد فيها المسلمون فعلاً جهادياً، مثلما وجد فيها الكرد إسلوباً مشروعاً لنيل الحرية، من هنا يمكن أن نفسر سرّ الدعم الكردي المادي والمعنوي لجبهة التحرير الجزائرية آنذاك، وحريق سينما (عامودا) خير شاهد على هذا القول.
ورغم أن الأنظمة الحاكمة في العراق كانت تبرر شَنَّ حربها القذرة ضد الكرد، وتُقْدِمُ على استخدام كل الوسائل البشعة للقضاء على الثورة، لكن(البارزاني)، القائد التاريخي المشهور بحكمته وتسامحه، والحريص على الأخوة العربية ـ الكردية، كان ينهى دوماً عن إلحاق الأذى بالمدنيين، ويعامل الأسرى بالحسنى، ويبادر إلى إطلاق سراحهم في أسرع وقت ممكن، من هنا يمكن فهم الفشل الذي مُنيتْ به الأنظمة التي تعاقبت على سدة الحكم في بغداد، حين استماتَتْ لتحويل أنظار العرب وكأن الأمر ماهو سوى صراع بين العرب والكرد.
ومما يلفت النظر أن تركيا بدورها تصول وتجول اليوم، وتتلقف أيضاً هذا التقليد المترهل من النظام العراقي البائد، وتمضي في دس السم في الدسم، في محاولة يائسة لخداع الرأي العام التركي، أو النيل من حزب العمال الكردستاني ووضعه في قفص الاتهام، بغية دق إسفين بين الترك والكرد؛ لكن المبادرات المباركة لهذا الحزب من أجل وقف إطلاق النار، ومن طرف واحد، أماطت اللثام عن النفاق الذي غدا سلوكاً مميزاً لسدنة النظام وبطانته في انقرة.
خلاصة القول، ان الخصوم يُقْدِمون على تأويل وتشويه نضال الكرد من أجل الانعتاق من النير القومي، بحيث يبدو الكرد من المؤتمرين بأوامر(من الخارج)، تساوقاً مع نظرية المؤامرة التي أضحت بمثابة الماركة المسجلة، للتشكيك في مصداقية المقاومة الكردية، ووسمها بالارهاب والانفصالية أمام السواد الأعظم من الرأي العام الاقليمي والدولي، بينما الأجدر بحراس التقاليد البالية ومتلقفيها والذين يباركونهم، الانخراط في حوار مباشر مع الكرد، يقوم على الشفافية والعقلانية والديمقراطية، ويقر بالهوية الكردية دستورياً، بعيداً عن إمتلاك الحقيقة المطلقة، حقناً للدماء وقبل فوات الأوان، كما أكد الأخ مسعود البارزاني، رئيس اقليم كردستان العراق، أكثر من مرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - القافلة تسير والـ..... تنبح
شيرزاد همزاني ( 2010 / 8 / 22 - 12:29 )
سنناضل ونـُقْتَل ونـُشَّرَد ونـُنْعَت بكل ألأنعت ولكن لن نستسلم , لن نـُمْحى وسنؤسس وطننا بأيدينا ولن يكون وطن خرائط تشرشلية أو وطن ولاية فقيه أو وطن خوازيق آل عثمان .. تحياتي كاك بلند


2 - قتل الاكراد والاتراك معا
فيصل حرسان ( 2010 / 8 / 23 - 14:32 )
لماذا ياتركيا .....وهذه الحرب القذرة...

اخر الافلام

.. إخلاء مركز للمهاجرين في تونس ومظاهرة لترحيلهم ورفض توطينهم


.. الأمم المتحدة: دارفور معرضة لخطر المجاعة والموت




.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بإبرام صفقة تبادل فورية


.. طلاب نيويورك يواصلون تحدي السلطات ويتظاهرون رفضا لحرب غزة




.. نقاش | اليمن يصعد عملياته للمرحلة الرابعة إسناداً لغزة ... و