الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دورة الفساد.. في الطليعة!!

سعد تركي

2010 / 8 / 25
المجتمع المدني


حين يكون لزاماً عليه، كعاطل عن العمل، أن يدفع بضع ورقات خضر كي يحظى بوظيفة ما، فقد تجاوز بذلك خطاً أحمر يجعل من السهل، لاحقاً، تخطي بقية الخطوط والموانع والدفاعات الأخلاقية، في الغالب، بسهولة ويسر وتلقائية.. عليه أن يسترجع ـ ابتداءًـ كل سنت دفعه كي ينال الوظيفة، (ليس عن طريق المرتب الشهري فهو أقل من جهده المبذول في التثاؤب وتزجية الوقت والتملص من أداء ما وظف لأجله، وأقل بكثير من كفاءته واستحقاقه)، بابتداع طرق شتى يشرعنها بحسب أهوائه، وشعاره الدائم الجاهز: إذا ما مديت إيدي، ايد غيري تنمد!!
وحين يبتز رجل المرور ـ مثلا ـ سائق مركبة وجد فيه صيداً ثميناً، فإن هذا السائق سيعوض ما دفعه رشوة برفع الأجرة وابتداع وسائل أخرى كتجزئة الخط الواحد إلى خطين أو أكثر..
أغلبنا عاطل عن العمل، على وفق المفهوم الاقتصادي له، وأغلبنا ـ أيضاًـ لديه أعمال معظمها غير دائمة.. التزاحم الشديد على نيل فرصة عمل جعل من المنافسة تفقد شروطها الصحية والأخلاقية فانحدرت إلى منافسة غير شريفة، فالبائع يلجأ لاستدراج المشتري بعرض أجود ما عنده في الواجهة واستمالته بلذيذ الكلام والصوت العالي والسعر المنخفض قياساً إلى منافسيه، ليجد (المشتري) حين يؤوب بحمله إلى داره أن ما ملأ الكيس الأسود ودفع فيه مالاً عزيزاًُ لم يكن سوى (طماطة خايسة)!!
الموظف المرتشي لا يهنأ، في معظم الأحوال، بما حاز من سحت حرام، لأنه سيقع (ضحية)بائع غشه ببضاعة رديئة أو دلال باعه بيتاً بسعر أعلى من استحقاقه.. إجمالا فإن الجميع(إلا من عصمه الله) واقع في أحبولة الفساد المستشري راشياً أو مرتشياً وربما كليهما في آن معاً!!
المسألة تبدو غاية في التعقيد بحيث أصبح الحل أكثر استعصاءً، فقد قيل أن اليد تهدم أسهل بكثير من أن تبني.. القضية أن الفساد الإداري والمالي نخر الأسس والركائز التي تشكل عماد الشخصية العراقية، حتى أضحى من الطبيعي جداً والعادي حدّ القسوة أن أحدنا إذا ساقته قدماه ـ طائعاً مختاراً، أو مرغماً مجبوراً ـ إلى إحدى الدوائر الحكومية، يتساءل إن كان فيها ( واحد عرف)، فإن لم يجد، فالمال يتكفل بإنجاز المعاملة.. وإذا أراد شراء غرض أو سلعة ما، فهو على ثقة تامة بأنه (مطبور) لا محالة، إن لم يكن بالثمن فبنوع السلعة أو البضاعة أو الخدمة!!
هي دورة تأخذ بتلابيبنا، وتنشب مخالبها في لحومنا، وليس فينا ـ إلا القلة ـ من وقف يتأمل مفجوعاً على ما آل إليه حال من علّم الآخرين الحرف الأول، ومن أخرجهم من عماء الجهل والظلام إلى نور الهداية والعلم والعدل.. هي دورة لا تتوقف عجلتها إلا حين نتوقف قليلاً ونأخذ نفساً عميقاً ونحاول الخروج من دوامة ربما نكون نحن من صنعناها بسلبيتنا حيناً ومشاركتنا حيناً آخر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - جميل
احمد يونس ( 2010 / 8 / 26 - 19:45 )
كثيرة هي جروحك ياموطني وربما هذا هو الجرح الاكثر غوراً فابنائك يسرقون بعضهم البعض دونما خشية من هيبتك وعظمتك فشاركوا تلك الذئاب التي تنهش لحمك ودمك وعظمك وكنا ياللاسف نسميهم اخوتك
استاذنا العزيز هذه حلقة من حلقات مسلسل الالم العراقي الذي نتألم بالعيش فيه كل يوم وقد وضعت يدك بلسما شخصته واعيا على امل ان تجد من يداويه مستقبلا او من تراه قد يخفف عنه وهكذا انت عرفناك رائعا في في قلمك الجريء الذي لطالما ينفخ فينا من روحه نفحة المخلص لوطنه استمر على خطاك واثقا بان هناك دائما من يشاركك هذا الالم....

اخر الافلام

.. لحظة اعتقال مسلحين اثنين ومقتل آخرين من منفذي هجوم داغستان


.. شبكات | اعتقال عارضة أزياء يمنية بعد جدل أثارته صور زفافها




.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - الأونروا: 69% من مدارس النازحين ف


.. الأونروا: 69% من المباني المدرسية التي كانت تؤوي نازحين في غ




.. مشاهد للحظات الأولى بعد قصف مقر تابع للأمم المتحدة في غزة