الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجذير الحوار في موقع الحوار المتمدن

خليل الشيخة
كاتب وقاص وناقد

(Kalil Chikha)

2010 / 8 / 28
المجتمع المدني


أكتب في الحوار المتمدن منذ خمس سنوات وأقرأ في الموقع ربما أبعد من ذلك، لكن عندما أكون في زيارة إلى موطني سوريا لااستطيع القراءة أو الكتابة بسبب حجب الموقع هناك. خلال السنوات هذه تعلمت من هذا الموقع أن الحوار في ثقافتنا العربية ممكن. فقد ترى فيه الميول الاسلامية واليسارية والعلمانية والليبرالية. مجموعة من الأطياف سواء كانت مؤدلجة أو ذات ميول فكرية محضة. الجميل في هذا الموقع أنه لايخضع لرقابة دينية أو سياسية، والرقابة الوحيدة فيه اخلاقية ذات انطلاقات انسانية بشكل اولي. نحن في العالم العربي بحاجة ماسة إلى أن نتعلم لغة الحوار عوضاً عن لغة الجدل والعنف اللفظي وحتى البدني احياناً. كنت الاحظ اني ما إن ادخل في جدل حول قضية مهما كانت سخيفة، تحمر العيون وتتشنج العضلات وتنقلب سحنات الوجوه. حالة مشؤومة من الصفات بحاجة إلى دراسة موسعة في انبعاث اسبابها في مجتمعاتنا العربية. من الممكن أن تختلف مع احدهم على مطرب أو شاعر حتى يبدأ رأيه بتبخيس كل ماتقول. أما الحوارات الدينية أو السياسية، طبعاً ممنوعة ، لأنها ستؤدي إلى حالة من العنف اللفظي، تبدأ بتكفير المحاور لإخراجه من مأمنه الجماعي ومن ثم تسهيل إزالته جسدياً أو نفسياً. حالة لم تدرس أو تعطى مساحة لفهمها بعد. تكلم في هذا الشأن المفكر العراقي علي الوردي، بإرجاع كل هذا إلى الثقافة البدوية التي لاترى إلا الاسود أو الأبيض. وهناك محمد سعيد العشماوي الذي تكلم في احد كتبه عن ظاهرة الانفصام الثقافي الذي نعاني منه. ادركت فداحة كل هذا حين تعاملت مع المجتمع الغربي الامريكي. فأنت تدخل في اعقد الأمور محاورة معه، سواء في الدين أو السياسة، وتراه يستمع لك أكثر مايتكلم. أتذكر مرة كنت في جدل مع صديق امريكي حول مايسمى (اسرائيل الثالثة) في سنواتي الأولى هنا في الولايات المتحدة، واجتاحتني حالة من الغضب واليأس فبدأت اصرخ في وجهه وكأنه هو المسؤول عن وجود دولة اسرائيل، فصمت الشاب ناظراً إلي باستغراب ، ثم قال ببرودة اغاظتني في تلك الفترة أكثر مما اقنعتني: الصراخ والغضب لن يساهما في خلع دولة اسرائيل. هذه حالة غير ناضجة لفهم اسرائيل. إذا اردتم التفوق على اسرائيل عليكم أولاً أن تفكروا بهدوء، فلايمكن أن تربح معركة وأنت لاترى كيف يتفوق عليك عدوك ويجبرك دائماً على الاستسلام التام واليأس.
في مدة سنواتي التي تلت أصبحت اتعلم أن الانسان عليه أن يعرف نفسه قبل أن يتعرف على الاخر، تماماً كما قال سقراط مرة. تعلمت أيضاً أن الانسان الذي لايسمع هو أقل الناس تعلماً من أخطاءه وأكثر الناس وقوعاً في حالة الركود، الذي يؤدي إلى الغضب واليأس والصراخ.
وربما هناك المفكر النفسي مصطفى حجازي الذي اشار في كتابيه (ثقافة الهدر) و (وثقافةالقهر) إلى ظاهرة التركيبة القهرية في الثقافة العربية وهناك أيضاً بلا شك المفكر اللبناني علي زيعور الذي درس ميدانياً الذهنية العربية . إلا أنه تبدو كل هذه الدراسات تسبح في جزر نائية لاتأثر في هذه المجموعات البشرية. لكن كيف ستأثر كتب كهذه في جموع لاترى لنفسها مخرجاً إلا المفتي والقنوات الدينية الخليجية المتزمتة. فانت أمام قناة تضع امامك برنامج ديني يشتم كل من لايقتنع بوجهة نظره، وبعده مباشرة ترى حلقة للخلاعات الراقصة. برمجة مخيفة للغرائز. غرائز الخوف والموت المتمثلة في خطب الشيخ، وخلاعات الراقصات المتمثلة في الغريزة الجنسية. وكأن هناك برمجة مرعبة لتفريغ كل جهد عقلي للنقد، واستبداله بكل ماهو غرائزي بدائي.
في النهاية أحي موقع الحوار المتمدن على تمدنه الراقي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 3 وكالات في الأمم المتحدة تصدر تحذيرا من أزمة سوء تغذية تضرب


.. إسرائيل على صفيح ساخن.. مظاهرات واعتقالات




.. موجز أخبار السابعة مساءً- رئيس تشيلي: الوضع الإنساني في غزة


.. الأونروا: ملاجئنا في رفح أصبحت فارغة ونحذر من نفاد الوقود




.. بعد قصة مذكرات الاعتقال بحق صحفيين روس.. مدفيديف يهدد جورج ك