الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في التجربة الشيوعية الفلسطينية

جورج حزبون

2010 / 8 / 28
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها


منذ النشأة ظل الشيوعيون الفلسطينيون مخلصين لطبقتهم، وإن انضم عدد من المثقفين لهم إلا أنهم من منابت عمالية اجتماعيا، وبهذا البعد كان الشيوعيون دائما خلف إقامة الحركة العمالية والنقابية، باعتبارها قاعدة عملهم ومنطلقهم نحو حركة ثورية تطلقها الطبقة الأكثر ثورية في المجتمع.
ولقد استحق الشيوعيون الاحترام، رغم ملاحقتهم المستمرة من كافة السلطات التي قامت في فلسطين، وإن هذا الاحترام انطلق من موقفهم المبدئي وصمودهم الباسل، وتمسكهم بمبادئهم دون مساومة أو نفاق، وفي كل المعارك الانتخابية كانت الجماهير تعطي ثقتها لهم، وعلى هذه القاعدة توسعت حقوقهم، بل إن حركات سياسية وطنية أخرى أعلنت انتسابها للماركسية مثل الجبهتين الشعبية والديمقراطية، وجبهة النضال وغيرها، وقد ضغطت الجبهة الديمقراطية لتأخذ اعترافا من الحركة الشيوعية العالمية، بأنها حركة شيوعية فلسطينية تمثل الحزب الشيوعي، وهذه كانت مطروحة حين انفصل التنظيم الشيوعي الفلسطيني في الأراضي المحتلة عن الحزب الشيوعي الأردني، وبدعم عدد من الأحزاب الشيوعية العربية والعالمية، وأبرزها كوبا، وبلغاريا على سبيل الذكر.
ومع قيام الحزب الشيوعي الفلسطيني وقيادته لمنظمات العمل الاجتماعي توسعت العضوية، وتعددت المنابت الاجتماعية والفكرية، فقد أعاد الشيوعيون بناء الحركة النقابية العالمية، ثم في الثمانينات أقاموا اتحاد المرأة العاملة من خلال تنظيم النقابيات في الحركة العمالية ثم كانت هيئة العمل التطوعي التي ضمت مئات الشباب، تحمل أناشيدها وأهازيجها ومعاولها لخدمة الفلاحين في القرى، وتعاون الجماهير في المدن، وتنشئ في رحمها بحكم التجربة والحاجة لجنة الإغاثة الزراعية، حيث جرت الاستفادة من عودة المبعوثين للدراسة في الدول الاشتراكية، تماما كم أقامت النقابات العمالية الإغاثة الطبية من هؤلاء الأطباء العائدين.
فأعاد الحزب النظر في شكل العضوية وأنظمة القبول وطريقة توزيع الأعضاء والأنصار ثم كانت الانتفاضة الأولى، واتخذت قرار تنظيمي بإعطاء المناطق الحزبية صلاحيات أوسع سميت بالقطاعات حتى كادت أن تصبح العلاقة فيدرالية، فحافظ هذا الشكل على قيادة الحزب أمنة والتي ظلت بعيدة عن المشاركة المباشرة بالعملية الانتفاضية الجارية، واشتدت حملة الاعتقالات وبرز دور الشيوعيون في الساحات والمعتقلات، واستشهد الكثيرون ومنهم الشيوعي الباسل في سجن النقب الصحراوي "أسعد الشوا"
وفي هذا المناخ اتجهت قيادة الحزب متأثرة بمسألتين الأولى بروز توجه فلسطيني وعالمي وإسرائيلي لإيجاد مخرج لإنهاء الانتفاضة، والثاني إطلاق"غورباتشوف" موضوع (البيروسترايكا) واندفاع أوساط في قيادة الحزب للتعامل بروحها والخروج من مأزق وجدت نفسها فيه ،هذه ا القيادة معزولة بعد بروز قيادات في ميدان المواجهة لقيادة حزبية شابة لها امتداد شعبي كبير، مما لم يعد يسمح بتجاهلها ولا إبقاء قيادات (بيروقراطية ) في مواقعها
تحت هذه العناوين وفي سبيل العودة إلى حزب يمكن التحكم به، بدأت تظهر طروحات تحضيرية، مثل تغير اسم الحزب، وإن هذا الاسم منع الشيوعيون من الوصول إلى مواقع في قيادات الشعب الفلسطيني منذ أيام( الحج أمين) وإنه كان أفضل لو بقي اسم الحزب (عصبة التحرر الوطني) واستمر هذا يتسع حتى وصل إلى ضرورة الدعوة إلى مؤتمر، وهنا بعد أن اختارت المناطق (القطاعات) مندوبيها اتضح أن المندوبين هم الرفاق الأكثر بروزا في الانتفاضة والأكثر بسالة وعزما، لكن قيادة الحزب تحفظت بذريعة أنهم صغار السن وخبرتهم التنظيمية ليست كافية وأنهم جاءوا في ظروف معينة(الانتفاضة) وربما يساهموا في تطرف الحزب أو نشوء نزعة قومية، وعليه تأخر انعقاد المؤتمر عام كامل، ثم طلب إلى المواقع قسمة المندوبين على اثنين لإنقاصها 50% إلا أن النوعية ظلت كما هي!!!
هنا قررت قيادة الحزب انعقاد المؤتمر باللجنة المركزية ومندوبين عن المناطق تسميهم القيادة ليكون المجموع ستون عضوا فقط ، علما أن عضوية الحزب كان قد بلغت الآلاف، وهكذا انفض أغلب الأعضاء وتوزع بعضهم على التنظيمات الفلسطينية وقسم شكل (التجمع الديمقراطي) لم يستطع البقاء أكثر من عام.
لا داعي لتفاصيل تنظيمية أكثر، لكن دور الشيوعيون بهت، وهذا ساعد القيادة على حضور مؤتمر مدريد وموافقتها على اتفاقات أوسلو ودخول الوزارة للمتعطشين للزعامة والنهج البيروقراطي وضاعت تضحيات وآمال منعقدة على دور الشيوعيون، حيث عبر الكثيرون ممن عادوا بعد أوسلو ممثلي أطر تنظيمية أنهم دهشوا لمحدودية دور الشيوعيين حيث كانوا تحت انطباع أنهم يقودون الوطن، هذا صحيح لكن قبل الانقلاب.
إن الوضع الراهن يؤكد أهمية دور الشيوعيين، فالساحة الفلسطينية ترفع فيها شعارات وحدة اليسار في حين كان الحزب المكان الوحيد القادر على أن يكون حاضنة لكل تيارات اليسار، وكان يمكن أن يكون البديل القادر على إنهاء حالة التقاسم الراهنة، والأغرب أن لا تجرى مراجعة نقدية لغاية الآن، رغم وضوح الصورة، ويكفي أن نشير أن بعض الأكثر حماسة لإنهاء حالة الحزب السابقة وتغيير الاسم والمحتوى هم الآن خارج الحزب منهم من أقام تنظيما ومنهم من أقام إمبراطورية لمنظمات غير حكومية، كان أنشأها الحزب في قمة عطاءه فغادر بها من غادر، وانتفع من انتفع.
لم يكن التخلي عن اسم الشيوعية ولا الماركسية، لصالح مقولات (ألإنتاج الفكري والإنساني)......الخ... سوى ردة محسوبة لإنهاء مرحلة والدخول في مرحلة أكثر رفاهية وأكثر راحة دون خوف من اعتقال أو اضطهاد، إلا أن هذا دفع أيضا للتخلي عن مراحل المجد الشيوعي والعطاء العظيم والتضحيات للمئات من الأبطال والعائلات وأخيرا لهؤلاء الأمجاد من الشهداء الخالدين.
إن الإشارة ألان لهذا يبدو ضروريا لإعادة بناء حزب اليسار الديمقراطي حزب الشيوعيون لاستئناف مسيرتهم المظفرة نحو الدولة المستقلة والديمقراطية ، فالمناخ مناسب ألان ألان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -السيد- حسن نصر الله.. رجل عاش في الخفاء وحوّل حزب الله إلى


.. عاجل | حزب الله يؤكد مقتل حسن نصر الله في الضربات الإسرائيلي




.. عاجل | الجيش الإسرائيلي: نحن في حالة تأهب قصوى وهذا ما سنفعل


.. القبة الحديدية تعترض صواريخ في سماء رام الله أطلقت من جنوب ل




.. ‏عاجل | حزب الله: استشهاد حسن نصر الله