الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذاكرة والإرادة العمياء

صاحب الربيعي

2010 / 8 / 28
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تعدّ الإرادة العمياء الإرادة السلبية المضادة للإرادة القوية الايجابية ولا تمت بصلة للإرادة المتدنية بمراتبها، لأنها تعمل بالقوة نفسها وبالآليات ذاتها للإرادة القوية لكنها في الاتجاه المعاكس الذي يقسر الذات على ممارسة أفعال تتعارض مع العقل الواعي وتفوقه ما يؤثر سلباً في الذات. لذلك لا يمكن عدّها جزءاً من الروح طالما فعلها سلبي تجاه الجسد والروح معا. وغالباً ما تكون أسبابها وراثية ونفسية طارئة ترفض الانصياع إلى آليات الجسد، وأفعالها على الغالب تسبب ضرراً كبيراً للذات وتفصلها عن المحيط.
إن الإرادة العمياء لا تنتمي إلى العقل الواعي، ولا يمكن التنبؤ الكلي بالممارسات والسلوكيات الطارئة التي تفرضها على الشخصية لأنها تشتغل بآليات سلبية مضادة للشخصية الأصلية وبعدّها مرضاً لا يستجيب المريض للعلاج ويظهر سلوكاً مضاداً يشكل خطورة على حياته. حيث تكون نظرته سوداوية للحياة تدفعه إلى الانتقام من الذات بتدميرها لعدم قدرته على تقدير حجم الضرر الذي يمكن أن يسببه لنفسه ولربما تكون الإرادة العمياء تعي مسارها المضاد للإرادة البصيرة والواعية لمصالح الذات.
يقول (( فيغوتسكي )) : " إن الإرادة التي تدفع المريض إلى مقاومة الشفاء في المقام الأول تعدّ إرادة عمياء، لا تعي الموقف ولا ترتبط بآليات العقل الواعي ".
تؤرخ محطات حياة الفرد في الذاكرة على نحو سلسلة تربط الماضي بالحاضر والمستقبل، وهي الوحدة المتكاملة لبناء شخصيته في المجتمع لكن عند حدوث انقطاع بالسلسلة في أي محطة من محطات العمر تنفصل عن الماضي ولا تعي المستقبل.
هذا القطع في السلسلة التاريخية للذات تُحدثه الإرادة العمياء فيمحى الماضي من الذاكرة فتفقد الذات حاضرها ولا تدرك المستقبل لأن عطب أحد آليات التواصل مع ذاكرة العقل اللاواعي يؤدي إلى خلل بنظام التحكم والضبط في العقل الواعي فيفقد صلاته مع آليات الجسد والروح. ومن ثم يفقد القدرة على التعرف على الذات بعدّها شخصية مكتسبة للاعتراف الاجتماعي بماضيها وحاضرها ووعيها للمستقبل، حيث تفقد الشخصية هويتها ولا تعي ذاتها الحقيقية فتتخذ مواقف متعارضة مع مصالح الذات بتدميرها.
يعتقد (( كريتشمر )) " أن آلية عمل الإرادة العمياء تعدّ بمثابة جسم غير متجانس للشخصية الكاملة، وهي عمياء من دون ذاكرة لا تعي الماضي ولا الحاضر وليس لها تصورات عن المستقبل ".
ذاكرة العقل الواعي تحوي سجلاً تاريخياً للهوية الشخصية للفرد المدرك وجوده في الحياة والخلل الذي يصيبها يفقدها هوية الذات.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل قانون الجنسية الجديد في ألمانيا| الأخبار


.. صحيفة العرب: -المغرب، المسعف الصامت الذي يتحرك لمساعدة غزة ب




.. المغرب.. هل يمكن التنزه دون إشعال النار لطهو الطعام؟ • فرانس


.. ما طبيعة الأجسام الطائرة المجهولة التي تم رصدها في أجواء الي




.. فرنسا: مزدوجو جنسية يشغلون مناصب عليا في الدولة يردون على با