الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشرفاء بين الحقيقة والوهم: شرفاء سيدي بويعقوب نموذجا -15-

اسماعين يعقوبي

2010 / 8 / 29
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


إن دراسة وتحليل الرواية التي أتى بها عسي محا (ان كانت له فعلا) عن سيدي بويعقوب, تمكننا من الوقوف على بعض التناقضات الداخلية للرواية وكذا اختلافها البسيط تارة والجذري تارة أخرى مع روايات ومعلومات حصلنا عليها سابقا.
ودون الدخول في الخلفيات التي تتحكم في مثل هذه الروايات والتي تحاول إقصاء طرف من الأطراف أو إقحام طرف آخر غير منتمي, نسجل ما يلي:
يقول في روايته: "نحن عسي محا بن امحمد أود أن أقدم إليك أخي القارئ نبذة مفصلة عن الرحلة التي قام بها جدنا أبي يعقوب...", "ويحكون عن جدنا أبي يعقوب..." يتحدث بصيغة جدنا التي تعني التموقع والانتساب إلى شجرة أبي يعقوب يوسف وهو ما لم تأت به ولم تبرهن عليه الرواية ولم تظهر أية شجرة تؤكد ذلك خصوصا ان ما سيأتي من الرواية سيشكك في ذلك.كما أن صيغة الجمع التي يتحدث بها غير واضحة فأبو يعقوب هو جد من بالضبط? سكان أسول أم اكوراي أم ايت سيديمح أم كلهم أم طرف من كل فريق?
حيث يقول "أما عظم املوان الذي تزوج عندهم فقد التزموا الصمت فاخذ الولي الصالح يهدن عظم اكروان ويشرح لهم هذا بالتفصيل عساهم يتفهموا الوضع لكنهم تمادوا في طغيانهم الشيء الذي أثار غضب الشيخ فتوسل إلى الله عز وجل بأخذ الحق فيهم وفعلا وقع ما وقع وأخذت الأفاعي تخرج لهؤلاء السكان في منازلهم واستمر ذلك حتى هاجر هذا العظم من القصر وبقي الشيخ وعظم املوان فقط والذين قدموا لتلقي العلم وحفظ القران", هذا اعتراف صريح بان عظما لا ينتمي الى شرفاء بويعقوب قد بقي بأسول بالاضافة الى الذين توافدوا على المنطقة. فمن هم املوان حاليا ومن هم الوافدون ومن هم أبناء وحفدة سيدي بويعقوب ومن هم سكان خادمت المتواجدة بقصر اكوراي والذين نزحوا من اكوراي الى أسول بفعل الحروب, مع العلم ان الكل يتباهى بهذا الانتماء المزيف والغير مؤسس على اية حجة والغير صالح للتقرب من الله ونيل مرضاته. فدور هذا الادعاء هو فقط المشاركة في اقتسام خيرات وأراضي السكان الأصليين الذين وهبوا أو تنازلوا أو خدعوا أو هاجروا المكان او هجروا منه عنوة.
اما فيما يخص الرؤيا التي تظهر لابو يعقوب, فهناك من يقول بانها كانت تتراءى لاسماعيل وهناك من ينفي كل هذا ويقول بوجود ابي يعقوب يوسف بالمغرب كما ان هناك من يقول برواية اخرى مفادها ان ابويعقوب يوسف كان يتابع دراسته بتونس وأن شيخه هو من أمره بالتوجه الى المغرب ولنا عودة الى هاته الرواية فيما بعد.
ويورد كذلك:"وقرر ترك زوجته سارة وأبنائها في الزاوية ووصى سارة وإسماعيل بالتكفل بأمور الزاوية أما أبو زكريا فقد وافته المنية رحمة الله عليه". لم يرد في أي من الروايات السابقة انه تزوج في أسفي, كما انها لم تقل بوفاة ابو زكريا في أسفي, وجاءت في مجملها كما يلي: وقد استقر إسماعيل بتلك البلدة حتى دفن فيها رحمة الله عليه كما واصل أبو يعقوب وأبو زكريا رحيلهما الى ان وصلا ادخسال بمنطقة خنيفرة ووصل زكريا الى حجة يفرا’ ثم واصل سيدي ابي يعقوب رحيله حيث ينتقل له نوره من بلد إلى بلد وذلك من ادخسال الى تمنصورت والى وادي غريس ثم الى مكان يسمى امجران وهو أسول حاليا.
اما الابناء, فهناك من يقول بسبعة أبناء وهم مولاي اسماعيل, مولاي عيسى, مولاي احمد, مولاي عبد الكريم, مولاي مومن, مولاي عبد الواحد ومولاي عبد الرحمان وهم مدفونون الى جانب أبيهم وأمهم في الزاوية. عكس ما يقول به صاحب الأوراق: "فرزق معها بأولاد هم: مولاي عيسى وعبد الكريم وعبد الواحد. فالضريح يضم قبورهم وقبر الشيخ ولالة تودة وآخرون أجانب دفنوا بالقوة", ان هذا القول الذي سينتج عنه إقصاء العديد من الساكنة الذين يستندون إلى الأبناء الآخرين, يؤكد ولو بدون علم, ما قلناه سابقا من أن المنطقة يتواجد بها الشرفاء (بمعنى المنتسبون الى البيت) وغيرهم. فالذي يستطيع أن يدفن أبناءه بالقوة في الضريح فهو أولا موجود, وثانيا انه يملك قوة تمكنه من خرق القاعدة وهذه القوة لن تكون سوى السواعد وعدد الناس المعنيين.
كما ان الحديث عن الناقة وعجائبها يلغي الطريق الآخر الذي يقال ان بويعقوب سلكه الى المنطقة, كما يلغي دليل حذوة الفرس التي يخبرنا بها أجدادنا والتي يقال إن آثارها لا زالت قائمة لحد الساعة. فالآثار التي نجدها حاليا تحمل الكثير من الأسطورة تتناقلها الأجيال, حيث انه غير بعيد عما يقال انه ركبة ناقة ابويعقوب يتواجد مكان آخر فيه آثار سيوف تقول الأسطورة انه وقع سيف علي بن ابي طالب في مواجهة اليهود!!!.
كما يقال ان السكان المتواجدين بالمنطقة هم كروان وبني مطير, كما ان اسم زوجته هو ام سليمان وليس سمية وانها خلفت له سبعة ابناء عوض ثلاثة...
ويضيف أيضا: "حتى وافته المنية هذه مدة تتراوح ما بين 480 و 500 سنة" مما يجعل معه ابو يعقوب توفي في القرن العاشر الهجري وهو ما يتطابق مع بعض الروايات ويتناقض كليا مع روايات أخرى.
اما ما يتعلق بالزاوية والاستفادة من أرباحها وعائداتها والتي هي مربط الفرس عند جل الشرفاء, فلا حديث مفصل عن ذلك, خصوصا وان تغييرات حديثة قد مستها. فيقال ان سكان اكوراي كانوا يستفيدون منها وفق نمط التوزيع المعتمد إلى أن تخلى عنها أحد كبارهم والدليل على ذلك مصطلح "احذافن" الذي أصبح وسيلة للتحقير يعتمدها سكان أسول في مواجهة سكان اكوراي والتي تعني المحذوفين من الزاوية, ولكن الحذف أو التخلي عن الزاوية لا يلغي النسب بل يؤكده لو كان النسب مؤكدا وصادقا, أما وقد اختلط السكان الأصليون بالوافدين والزائرين والطامعين, فهذا لا يؤكد ولا ينفي شيئا. فساكنة أسول وأكوراي وايت سيدمح حاليا تحسب بالآلاف, وعدد العائلات والأسر يحسب بالمئات ويحيل إلى جميع مناطق المغرب وأعراقه بل ان الأغلبية الساحقة منها لا علاقة لها لا من بعيد ولا من قريب مع إحدى اشتقاقات اسم بويعقوب على غرار ما هو ملاحظ عند الشرفاء الآخرين يضاف إلى كل هذا الاختلاف الكبير بين السكان من حيث اللون والهيأة والسلوك فمنهم الأبيض الناصع والأسمر والأحمر والطويل والقصير وذووا الأنف العريض والأنف الطويل والعدوانيين والمسالمين والمنفتحين والمنغلقين..., فهل يعقل أن ينتج كل هذا العدد الهائل والممارسات المتناقضة والأشكال المتنوعة عن شخص واحد في ظرف خمسمائة سنة, وهل يعقل ان تختفي جميع كتب الزاوية والشجرات الخاصة بالساكنة وان ينعدم نقيب لهؤلاء الشرفاء في المنطقة.
ويضيف:"توجه إلى الناقة وأمرها شفويا بالوقوف فالطريق مازال مستمرا حتى أسول...", ولحد علمنا, فأسول لم يكن موجودا ومعروفا في ذاك الوقت وإنما كان اسمه امجران.
وحسب ما روي سابقا, فانقطاع الرؤيا في كلميمة, والتصاق ركبة الناقة لدليل على وجوب انهاء الرحلة في ذاك المكان. الا ان البعد عن الماء وصعوبة التضاريس ربما يكون وراء هذا الاستمرار الى أسول حيث الماء والطبيعة والسكان.
وهذا ما تؤكده تعليمات شيخه في تونس حسب ما هو منشور في ARCHIVES MAROCAINES PUBLICATION DE LA DIRECTION DES AFFAIRES INDIGENES SECTION SOCIOLOGIGUE الجزء 28 (المتحدث عن سياسة مولاي اسماعيل LIEUTENANT REYMERS ومولاي اسماعيل وبرابر صنهاجة ...LIEUTENANT DE LA CHAPELLE) PARIS HONORE CHAMPION ; EDITEUR , 1931 والذي يعتبر ترجمة لنص ابراهيم بن احمد الناصري الذي يحتوي على شجرة سيدي بويعقوب, ومن اهم ما جاء فيه:

- سيدي بويعقوب شريف ينحدر من المولى ادريس
- في بدية حياته, غادر بويعقوب منزل ابيه متوجها الى تونس لمتابعة دراسته حيث تفوق واحتل اعلى المراتب
- سلمه شيخه ناقة وامره بامتطائها الى مكان يسمى أسول وأضاف الشيخ بأن الناقة ستتوقف عند وصوله الى اسول.
- ايت ايمور كانوا يقطنون منطقة أسول وقد التمس منهم ابو يعقوب ان يبيعوا له مكانا لبناء زاويته فردوا عليه بالاستهزاء والرفض, وتدخل احدهم فطلب منه زرع القطعة التي يرغب فيها بالذهب والفضة. فتوجه الى الوادي وأخذ الرمل والحجارة الذين تحولا فضة, فزرع لهم منطقة كبيرة. فاخذ السكان الفضة ووضعوها في مخازنهم. وبعد عودتهم الى منازلهم, وجدوا الفضة قد تحولت الى افاعي وعقارب مما دفعهم الى مغادرة البلدة والتوجه إلى تونفيت.
- ذهب مولاي اسماعيل ابن علي (العلوي) الى ابو يعقوب خفية ليطلب منه مساعدة القبائل المنضوية تحت لوائه لواجهة القبائل المعارضة له. فطلب بويعقوب من القبائل التي يقودها الالتفاف حول مولاي اسماعيل بن علي ومساعدته. فطلبت القبائل من بويعقوب تعيين المنحدرين منه كرؤساء.
- وهكذا توجه واحد منهم الى بلاد مرابطية (حاليا دوار القايد محمد اوكابلي في زيان), وتوجه آخر الى بلاد اشقيرن (ايت يعقوب). ومن بين المنحدرين ايضا: ايت داود اموسى, ايت قدادة الذين يسكنون بالقرب من قصبة تادلة وفي بلاد ويراح والمسمون اولاد سيدي محمد بن يوسف.
- هذا كل ما رأيناه في نسخة من شجرة سيدي بويعقوب والتي علمنا بها يوم 30 يناير 1928.
...
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شرفاء ايت احديدو
امازيغ ابن املشيل ( 2010 / 8 / 30 - 12:34 )
شكرا على المجهود القيم البعيد عن كل ذاتية.اكيد ان بمنطقة اسول و ضواحيها من ينتسب الى سيدي بويقوب حسب التراث الشفهي للمنطقة.لكن من هم .وهل ايت لحسن بايت هاني ينتسبون الى بويعقوب.وما علاقة شرفاء اسيف ملول بشرفاء اسول.ربما البحث في التاريخ سياتيي بالاجوبة الشافية.وهل حقا ان ايت ابراهيم من قبيلة ايت احديدو من نسب الادارسة كما يزعم بعض كبار السن منهم وان بطش احد الامراء هو الذي دفعهم للهجرة متنكرين من فاس الى جنوب المغرب.حقا ان المنطقة مكان متميز للبحث .و تبارك الله عليك مرة ياضن.


2 - الى امازيغ بن املشيل
اسماعين يعقوبي ( 2010 / 8 / 30 - 16:55 )
اظن ان الحسم في من هو من الشرفاء من عدمه هو مهمة جد معقدة وذلك لعدة اعتبارات. ولعل ما ذكرت -بطش احد الامراء هو الذي دفعهم للهجرة متنكرين من فاس الى جنوب المغرب- حيث يقال ان ابو العافية قد لاحق الادارسة في جميع ربوع المغرب وعمل على الا يترك لهم اثرا, ومن هنا تخفى اغلب الشرفاء الادارسة وغادروا مدنهم ومساكنهم بل اتلفوا كل ما يمكن ان يكشف نسبهم الادريسي. كما ان تضارب الروايات والمصادر والمعلومات يجعل من الانتماء للشرفاء وهما اكثر منه حقيقة. وهذ الوهم (الادعاء) مرتبط اساسا بما يمكن للفرد ان يجنيه او يفقده. فتصور لو تجددت حملة ضد الادارسة بمنطقنا, لوجدت الكل يتبرأ منهم ويكشف عن نسب جديد
اما فيما يخص ايت ابراهيم فيحتاج الى دراسة معمقة والتأكد اولا من ان ابويعقوب هو من الادارسة مادامت الروايات مبعثرة ومتناقضة ويطغى عليه الطابع الاسطوري, الا ان ما يمكن ان أؤكده لك , انه حسب وثيقة اتوفر على نسخة منها, فبقصر اكوراي كان يتواجد عظم يحمل اسم ايت ابراهيم, وتعود هاته الوثيقة الى 184 سنة خلت. وهذا العظم لم يعد له وجود الآن. ربما تطور واندمج في اعظم اخرى وهذا ما يقول به البعض وربما غادر المنطقة

اخر الافلام

.. الألعاب الأولمبية باريس 2024: إشكالية مراقبة الجماهير عن طر


.. عواصف في فرنسا : ما هي ظاهرة -سوبرسيل- التي أغلقت مطارات و أ




.. غزة: هل بدأت احتجاجات الطلاب بالجامعات الأمريكية تخرج عن مسا


.. الفيضانات تدمر طرقا وجسورا وتقتل ما لا يقل عن 188 شخصا في كي




.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة ويوقع المزيد من القتلى و