الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل سيخلق ازدحام المكتبات ازدحاما للمعرفة؟

حياة البدري

2010 / 8 / 31
التربية والتعليم والبحث العلمي


أينما حللت وارتحلت إلا وتجد الازدحام هو سيد الموقف، ازدحام في المتاجر المختصة بالتغذية وبالملابس والأحذية... ازدحام لامثيل له بالمكتبات!... أول ماتلقي نظرة على هذا الفضاء- خصوصا وإن كنت لاتتوفر بعد على أطفال في سن التمدرس- ستغمرك كل أحاسيس الفخر والفرح العارم بهذا المنظر العجيب والرهيب في الآن نفسه ، نعم ستفرح كل الفرح ...وستتنبأ بفتح جديد ومرحلة جديدة، مرحلة الثقافة والعلم وطرد الأمية .

ستقول في قرارة نفسك أن الأمور ستعود إلى نصابها بعد الفلتان وبعد تغيرها نحو الأسوأ، وأن الكل سيتغير نحو الأحسن، طبعا سيتغير نحو الأحسن بفضل العلم والثقافة والقراءة التي ستعمل على غسل الأدمغة وتنظيفها من كل الرواسب والأفكار المهترئة التي علقت بها وعملت على تلطيخها وتغطيتها برداء اللاقيم والاستهلاك والعيش من أجل الأكل والهم البطني وليس الأكل من أجل العيش والاستمرارية ... حيث أصبح الهم الشاغل هو ملء المعدة والبطن دون الدماغ ، هذا الجهاز،الذي بات يرى ويتفرج في استسلام تام من كثرة التخمة البطنية، ودون أي ردة فعل اللهم ردة فعل المضغ كطاحونة همها طحن أكثر مايمكن حشوه بالمعدة...

فبفضل امتلاء المكتبات على آخرها بهذا الشكل، أكيد ستعم الفائدة على البلاد والعباد، وأكيد ستتغير الأمور وستقنن ساعات المشاهدة للتلفاز - مشاهدة أي شيء، القيم والرديء...- التي أصبحت في المنزل والعمل والصباح والمساء أثناء الفطور والغذاء والعشاء...لدرجة بات فيها المرء يدخل إلى بطنه دون إحساس ودون معرفة بالشبع، اللهم الحشو ودون نقاش جاد مع العائلة والأطفال... لدرجة بات الكل مشغولا بلاشيء...!!

فلم يبق النقاش والتطرق إلى كل القضايا لحظة التجمع على الطاولة، وبالتالي متابعة الأبناء ومعرفة كل صغيرة وكبيرة عنهم وحولهم وبالتالي توجيههم قبل وقوعهم في شراك شبكات المخدرات والدعارة وآفات أخرى... نتيجة الانشغال الذي طال الآباء والأمهات حتى بعد العودة من العمل! هذا الانشغال الذي مرده الانكباب إما على المطبخ أو المشاهدة للقنوات أو الانهماك في الانترنت دون تقنين ودون اختيار الأجود...وفقط في المسائل غير النافعة، الحديث الفارغ مع أجانب... بدل أفراد العائلة...! أو التفرج على أجساد تتماوج وتتراقص بدون صوت اللهم إلا لغة الجسد والعري ...

نعم ستتغير الأمور إلى ماهو أحسن وستعم الفائدة إن عملنا على إعادة نشر الثقافة بكل أنواعها سواء ثقافة الكتاب والقصة والرواية أو سواء الثقافة السمعية البصرية والإلكترونية مع الحرص على التوجيه والانتقاء بدل ضياع الوقت في اللاجذوى واللا منفعة التي بات يتخبط فيها العديد من أبنائنا... الذين بات معظمهم يتوجه نحو ثقافة "الفيديو كليب" وهز البطن والترنح بالجسد!... أوثقافة "الشات" وانتحال الأسماء والصفات والبلدان...! بدل اختيار الأجود و الاستفادة مماهو أحسن في الأنترنت والفضائيات من برامج ثقافية وأفلام هادفة...

وستعم أكثر لوكانت هذه المكتبات المملوءة بالتلاميذ والآباء من أجل القراءة والثقافة معا، بدل ملء اللوائح المدرسية فقط باللوازم المدرسية التي تثقل ظهر التلميذ الصغير وكاهل الأب الذي لا قوة و لا حول له أمام طلبات بعض المدارس التي تشترط ماركات وأنواع معينة من الدفاتر والألون والأدوات والمحفظات! وكأنها على علاقة وشراكة بأصحاب هذه الماركات...! في حين الهدف الأول والأخير، القراءة والتعلم وطرد الأمية والتشجيع على الدرس والتحصيل وبالتالي الثقافة وغسل الأدمغة من الأمية بكل أنواعها، الأبجدية والثقافية...

رحم الله زمن التعلم بالسبورة والقراءة! و زمن المعلم الحق الذي كان يقدم كل مالديه ولا يبخل بأي شيء، بغية التعلم والتوجيه والتهذيب... وطرد شبح الأمية بكل أنواعها، و ذاك المعلم الذي كان يحبب الكتاب لدى التلاميذ ويزرع لديهم حب القراءة منذ أول يوم لهم بالمدرسة بقراءة الحكايات... ورحم الله زمن الانكباب على الكتاب والانهماك فيه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العراق: السجن 15 عاما للمثليين والمتحولين جنسيا بموجب قانون


.. هدنة غزة تسابق اجتياح رفح.. هل تنهي مفاوضات تل أبيب ما عجزت




.. رئيس إقليم كردستان يصل بغداد لبحث ملفات عدة شائكة مع الحكومة


.. ما أبرز المشكلات التي يعاني منها المواطنون في شمال قطاع غزة؟




.. كيف تحولت الضربات في البحر الأحمر لأزمة وضغط على التجارة بال