الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفكر والمعتقد

صاحب الربيعي

2010 / 9 / 2
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تعدّ الأفكار السائدة في المجتمع نسقاً موروثاً مؤثراً بالسلوك العام وليس سهلاً تغييره لأنه أقرب إلى الوقائع الثابتة منه إلى الأفكار المرنة، فالمجتمع بطبيعته يرفض الجديد الذي يزعز قناعاته الموروثة. لأن عقل الفرد المنصاع إلى عقلانية المجتمع يحجب الأفكار المخالفة لوقائعه الثابتة، ومع ذلك لا يجوز تعميم الفرض لأن المجتمع ذاته ليس كتلة متجانسة تنصاع للوقائع أو ترفضها بالقدر نفسه لتباين وعي أفراده. تفرض الأفكار الجديدة سلوكاً جديداً على أفراد المجتمع، وتتأثر فئة المثقفين على نحو أكبر من غيرها بعدّهم مستهلكين أو منتجين لها.
يعتقد (( جوزيا رويس )) " أن الأفكار السائدة تعدّ نسقاً موروثاً تؤثر حتماً في سلوكنا ".
تعدّ معتقدات المجتمع وقائعاً ثابتة وليست أفكاراً، لأن الفكر بطبيعته مرن قابل للتجديد ويرفض الثبات، وعلى خلافه يصبح معتقداً لا يجوز المساس به أو مناقشته أو رفضه بعدّه من الوقائع الثابتة في ذهن المجتمع.
إن الفكر غير القابل للتجديد لا يعدّ فكراً، والمعتقد القابل للتغيير أما هو معتقداً ضعيف الحجة وأما صنف خطأً من الوقائع الثابتة. فلا حصانة للفكر وبسبب طبيعته المرنة يقبل النقد على نحو دائم ليتجدد فكلما تجدد الفكر صاحبه تغير بسلوك المستهلكين.
يقول (( جوزيا رويس )) : " إنه ليس سهلاً تغيير معتقدات الناس، لأنها من الوقائع الأكثر صلابة ".
كما أن الفكر يقبل صياغات متنوعة لتوضيح المعنى أو تجديده على عكس المعتقدات لا تقبل سوى صياغة واحدة تفضي إلى معنى واحد، وأي محاولة لاجراء تعديل أو إضافة عليها يعد انتهاكاً لمعتقدات المجتمع. لكن الإيمان المفرط بالفكر قد يحوله إلى معتقد لدى المؤمنين به فيفقد خاصية التجديد ويحولهم من أحرار إلى عبيد ومن حالة متجددة إلى حالة ثابتة ويصبح سلوكهم مشابه لسلوك المؤمنين بالمعتقدات الثابتة.
على خلافه قد يتحول المعتقد إلى فكر بتغير حالته من الجمود إلى الحركة ومن الثبات إلى التجديد، فيفقد مغزاه وحجته خاصة في المجتمعات المتطور فكرياً فيجري تؤويله ليقبل من أفراد المجتمع.
عليه لا يمكن الحكم المطلق على الأفكار كونها مرنة وتقبل التجديد على طول مسار الحركة الفكرية، كما لا يجوز التسليم أن كل المعتقدات غير مرنة ولا تقبل التجديد على طول المرحلة التاريخية للمجتمعات، فالزمن عامل هام لعملية تغيير الأفكار وتجديدها، فالكثير من الأفكار القديمة جرى تجديدها لتحظى بالقبول وفرضت أنماطها السلوكية على المؤمنين بها، وفي المقابل تغيرت الكثير من المعتقدات القديمة عند تأويلها فأصبحت مقبولة على نحو أكبر وفرضت أنماطاً سلوكية مغايرة على المؤمنين بها.
يعتقد (( زويا رويس )) " أن الأفكار يمكن أن تصاغ بطرق شتى لأنها مرنة، لكن الوقائع من الصعب إعادة صياغتها لأنها ثابتة ".
وبذلك لا يمكن إلغاء الحدود الفاصلة على نحو كلي بين الفكر والمعتقد، ولا يجوز تبعاً لعامل الزمن القبول بالتصنيف الصارم على أن كل فكر حالة مرنة وقابل للتجديد وكل معتقد حالة ثابتة غير قابل للتجديد.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل قانون الجنسية الجديد في ألمانيا| الأخبار


.. صحيفة العرب: -المغرب، المسعف الصامت الذي يتحرك لمساعدة غزة ب




.. المغرب.. هل يمكن التنزه دون إشعال النار لطهو الطعام؟ • فرانس


.. ما طبيعة الأجسام الطائرة المجهولة التي تم رصدها في أجواء الي




.. فرنسا: مزدوجو جنسية يشغلون مناصب عليا في الدولة يردون على با