الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأصولية والدين وحقوق الإنسان

عصام عبدالله

2010 / 9 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


حاول هابرماس أن يرصد داخل أفق الزواج الكاثوليكي بين الميتافيزيقا واللاهوت ما هو أعمق ، عن طريق إبراز الحدود الفاصلة والدقيقة بين الدين و"الأصولية"، خاصة في أعقاب زلزال 11 سبتمبر 2001 وتوابعه.

فقد لاحظ هابرماس أنه بمجرد أن حرك الإرهاب الأصولي وترا دينيا في صميم المجتمع الغربي العلماني، حتي امتلأت المعابد والكنائس والمساجد بالمصلين، وهذا التوافق الدفين لم يبحث بعد بما فيه الكفاية، ذلك أن الأصولية، رغم لغتها الدينية، فهي ظاهرة حديثة نسبيا، كما يقول هابرماس.

وهو يلفت النظر ، علي سبيل المثال، إلي عدم التزامن الحاصل بين الدوافع والأدوات أو الوسائل التي استخدمها هؤلاء الإرهابيون (الأصوليون) في تدمير البرجين، وهو ما يعكس عدم التزامن الموجود بين الثقافة والمجتمع في معظم البلاد العربية والإسلامية حيث إنه "حدث (تحديث) متسرع استأصل الجذور بشكل متطرف".

من وجهة نظر الفهم الأصولي لأي من الأديان الثلاثة - الإسلام أو المسيحية أو اليهودية - فإن ادِّعاء امتلاك الحقيقة هو ادِّعاء كلِّي، أي أن من شأنه عند الضرورة أن يفرَض بوسائل العنف المختلفة. وهذا المفهوم ذو نتائج كارثية، فالأصولية الدينية تقصي الآخر والمختلف والمغاير، ولا تستوعب أصحاب العقائد والأديان الأخري أو تمنحهم نفس الحقوق المتساوية. ناهيك عن أن أية محاولة للحديث عن الدولة المدنية وحقوق الإنسان بالمعني العالمي، أو التلميح بإمكانية فصل الدين عن السياسة، يمثل تحدياً واستفزازا كبيرا للأصوليين .

جوهر النقاش إذن - كما يؤكد هابرماس - لا يدور حول الأهمية التي تنسبها الحضارات المختلفة إلي الدين ، وإنما علي الفهم الأصولي للدين داخل هذه الحضارات.

في المقابل ينبهنا هابرماس، إلي نقطة مهمة في "خطاب حقوق الإنسان" العلماني، الدائر اليوم بين جماعات ذات خلفيات حضارية مختلفة، والذي يبدو وكأنه الحل السحري الناجع في مواجهة الأصولية الدينية . هذه النقطة هي: أن التفاهم المبني علي الاقتناع العقلاني لا يمكن التوصل إليه، مادامت العلاقات بين المشاركين في التواصل مفقودة، ويعني بها "علاقات الاعتراف المتبادل"، وتبادل الأفكار والرؤي واحترامها، والاستعداد المشترك لتأمل الخصوصيات ومحاولة تفهمها أيضاً ، فضلا عن إمكانية التعلُّم المتبادل من بعضنا البعض، إلخ .

ولذلك، ليس من الإنصاف والموضوعية ، كما يقول في كتابه " الحداثة وخطابها السياسي " أن نكتفي بانتقاد القراءات الانتقائية والتفسيرات المغرضة والتطبيقات الضيقة الأفق لحقوق الإنسان، بل يجب أن يطال نقدُنا أيضاً هذا الاستعمال المشبوة والمسيس لحقوق الإنسان، الذي يخفي مصالح الرأسمالية المتوحشة وآليات الهيمنة السياسية في العالم اليوم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحياتي
عادل السيد ( 2010 / 9 / 6 - 09:15 )
كل تحيه وحب لك استاذى
نعم كل ما كتبته صدق وصحيح وانا أأمن بكل حرف منه ولكن هنا نقطه خلاف واحده
هل النظام الرأس مالى بشع الى درجة الاديان فأنا لا اعتقد ذلك
مثال بسيط السيد بيل جيتس قد تبرع بعشرات المليارات لفقراء ومرضا افريقيا وانا قرأت منذ يومين ان عدد من رجال الاعمال الرأس ماليين قد تبرعوا بمبلغ 50 مليار دولار لفقراء العالم
هنا وقفه اين رب الاديان الم يرى ويسمع نداء الجوعه والمرضه فى العالم ماذا قدم لهم ماذا فعل لهم لكى ينقذهم من وحش المرض المفترس المهلك والجوع لم يفعل شئ بل زاد فى انتقامه منهم وقطع عليهم المياة والامطار وسلط عليهم الشمس المحرقة لكى يتشردوا اكثر ويجوعه اكثر ويمتون هم وبهائمهم وزرعهم
انها الحقيقه لايوجد ابشع من الدين وأله الاديان الذى يأمر بقتل الانسان وهتك عرضه ونهب ممتلاكته اذا اختلف معه فى المذهب وليس فى الدين
تحياتي لك استاذى


2 - مرة أخـرى : فصل الدين عن الدولة
أحـمـد بـسـمـار ( 2010 / 9 / 7 - 18:01 )
طالما لا نفصل الدين نهائيا عن أنظمة الدول وتشريعاتها في العالم كله, وخاصة في بلاد المشرق والعالم العربي والعالم الإسلامي, لا راحة للبشرية جمعاء من تفادي الإرهاب والحروب والمجاعات الجماعية والفقر والجهل وسيطرة الأقوياء على الضعفاء. أولى خطوات الحلول لكل هذه الأمراض الإنسانية هي فصل الدين نهائيا عن الدولة.. وخاصة إبعاد رجال الدين عن أية سلطة زمنية.. حينها تنفتح نوافذ الإنسانية على بعضها البعض, ويتطلع الإنسان نحو الإنسان الآخـر.. دون حقد ولا كراهية.. وكل يمد يده للآخر...مع تحياتي المسالمة المهذبة.
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحقيقة الواسعة.

اخر الافلام

.. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية برئا


.. نبض أوروبا: تساؤلات في ألمانيا بعد مظاهرة للمطالبة بالشريعة




.. البابا تواضروس الثاني : المسيح طلب المغفرة لمن آذوه


.. عظة قداسة البابا تواضروس الثاني في قداس عيد القيامة المجيد ب




.. البابا تواضروس الثاني : نشكر الرئيس السيسي على تهنئته لكل أق