الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف يمكن تحويل معتقداتنا إلى طقوس تبهج الجميع؟

منهل السراج

2010 / 9 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



لا يمكن تفكيك التكتلات التي يَجمع الدينُ أفرادها الآن، لأن الدين بكل طوائفه ابن المنطقة، ولا يجدي إنكار هذا التجذر. كما ولكي لا نكرّس التكتلات الدينية، علينا أن لا نخلق تكتلات مضادة.
في ملاحظة لأحد الأصدقاء السوريين على الفايس بوك، يشير فيها إلى رحلة سنوية يقوم بها مجموعة أشخاص إلى الشاطئ، للترفيه ونيل متع مشتركة، يتخففون عبرها من أعباء عمل العام. العدد ليس قليلاً وهم حسب ما يمكن أن يُستنتج، ما يجمعهم هو أن لهم، كان أو ربما لايزال، اعتقادات يسارية لا دينية.
حين كنت في سوريا، كنت أعايش هذه التكتلات وكانت أمراً معتاداً بدون نقاش، مثل علاقات عديدة كنا نقبلها وإن لم نفهمها لكنها كانت تشغلني في شكل غامض.
كان سؤالي المباشر والصريح وربما، الفج، للصديق هل يمكن أن تقبلوا في العام القادم عائلة نساؤها محجبات؟ بالعقل وتزيّنه، أجابني أحد المعلّقين: نعم. إنما واقع الأمر أظن أنهم لا يفعلون، لأنه، ربما، سيكون معوقاً لتلقائيتهم. والأمر طبعاً سأجده نفسه في مجموعة أخرى تربطها أو كانت تربطها اتفاقات مغايرة لهذه الاتفاقات. أكاد أرى سكوت كتلة نساء محجبات تدخل عليهن إحدى نساء هذه المجموعة.
ما أود الاشارة إليه هو موضوع التكتلات وضرورة تدارسها من قبل المثقفين والناشطين، لأنها وبحسب التجربة والمعايشة، تكرس أزمة العلاقات وتخلق عائقاً أمام تطويرها، وبالطبع هذا لا يكون بمقال أو فكرة تطرح، إنما بمحاولة العثور على سلوك فعلي.
كان الأمر الذي نغّص الحياة والظروف، هو أن الذهن الذي لم يكن قابلاً لأي أيديولوجية، ظلّ محتماً على صاحبه أمر القفز من المجتمع إلى تكتل اليسار ومن تكتل اليسار إلى المجتمع، كلمة المجتمع هنا أعني بها الأكثرية المسلمة التي تحيط بنا، ما أوقع هذا القفز أو القذف هو ميل الإنسان الغريزي لأن يكون بين الآخرين. أمر التكتلات لا يبعث عند الآخر على الخيبة والعزلة فحسب، إنما يؤخر مسيرته، حيث أن الإنسان يحتاج عبر علاقته بالآخرين إلى الدعم والدفع. ومعروف عن كل تكتل أن أصحابه يؤدبون بعضهم، ويؤيدون بعضهم، وينبهون بعضهم، ويدعمون بعضهم، ويستنتج المرء أنه إن لم يكن من بينهم ومتكتلاً معهم، فإنه مُتخلّى عنه، شعور غريزي ينشأ عند كل بني آدم يراقب تجمعاً.
السؤال: لماذا يجب أن يكون الجامع بين الأصدقاء، اعتقادات وايديولوجيا سابقة أو حالية؟ والتي بالضرورة تنطوي على مخالفة التكتل الآخر الذي يحمل اعتقاداً آخر.
أمر الانتماء لمجموعة تحمل اعتقاداً وتاريخاً مشتركاً و"نضالاً" مشتركاً أمر لا يمكن فهمه إيجاباً أو قبوله على أنه صداقات إنسانية بحتة، أمر أجده انغلاقاً يسهم في الانفصال ويدفع الآخر إلى المضي إلى تكتل ما. وهذا طبعاً لا يمشي أبداً على الجمعيات الأهلية التي يمكن أن تربط أصحابها هوايات معينة أواهتمامات اجتماعية أو نشاطات مشتركة.
سألت بعض المعارف من السويديين عن أصدقائهم الذين يقضون معهم أوقاتاً مريحة، كانت الإجابات: أصدقاء الطفولة، أصدقاء الجامعة، أصدقاء العمل. وكلهم على الإطلاق، قالوا إنه ليس شرطاً أن يحملوا اعتقادات وأحكاماً متماثلة.
بالطبع لا يمكن مقارنة تاريخ أحدهم بتاريخ ابن منطقتنا، الذي لم يشهد إلا التحزبات والاعتقالات والعنف، والتي بالضرورة رسمت مسيرة حياته وظروفه كلها، إنما توضيح هذه البؤرة في العلاقات أمر ضروري.
ما يجدر التأكيد عليه أننا نقرأ بتلك الذاكرة المشتركة والتحزّب السابق، امتداداً وتحزّباً حالياً لكنه غير معلن حتى لأصحابه مع أنفسهم. وهو ومن خلال معايشتي له ومن خلال القفز ذاك أو القذف ذاك، أمر أخطر من التحزبات السياسية المعلنة والتي يكون لها برنامج واضح ومآرب واضحة. والخطورة هنا أن تتسبب هذه الحالات بصنع عامل التمترس الديني من الأطراف الأخرى.
أن تكون لتكتل ما متع مشتركة لا تقبل مشاركة من يختلف معها في المعتقد، أجده أمراً يوازي الدرس الديني، هؤلاء يجدون الخلاص والراحة المشتركة بموعظة المعلم أو الشيخ، وهؤلاء في اعتقاداتهم التي تخصهم ولا تخص المجتمع الأكثرية.
اذا تأملنا في عدد أفراد "النخبة" التي كانت يوماً يسارية، فإنه عدد قليل في المجتمع السوري، إنما نوعيّ وذلك لإصراري أنهم يشكلون الوجه الثقافي أو يساهمون في تشكيله، وفي الوقت نفسه منفصلين بشكل قاطع عن "المجتمع الأكثرية". وأعني هنا مجال الفكر والفن والأدب، أي ذلك الدرب الوحيد الذي من المفروض أن يمارس عبره مخاطبة الناس من أجل التفاعل والتحريك وبالتالي التطوير..
أمر تمرين هذه التي كانت اعتقاداً وصارت ذاكرة اعتقاد، هي أول الأوليات من أجل أن يحدث هذا التفاعل، طموح كل البشر على هذه الأرض.
هذا التكتل، بقدر ماهو إحساس نخبوي، بقدر ماينضوي على خوف من المجتمع، ووجل أمام كثرته، أحياناً أقرأه ضيقاً وهروباً من أهل الدين التقليديين الذين هم أكثرية المجتمع السوري.
بالطبع طرح أمر هذه التكتلات وتفتيتها ومن ثم ادماج الناس الأكثرية مع وفيها، يحتاج دراسات، وربما تدريباً قاسياً، إنما بقناعتي لا سبيل آخر من أجل إبطال عامل اللا عدل الذي يقع نتيجة هذه الانقسامات، ذلك لأن الانسان بطبيعته لديه الميل للتفاعل مع الآخر ومقاسمته متعه وأعياده، إنما ربما يمكن أن يتم هذا من خلال تحويل ذاكرتهم ومعتقداتهم إلى طقوس ثقافية قد يوجد فيها بهجة واهتمام للجميع.
لعل لا يفهم أني أصادر حرية الإنسان باختيار صداقاته وحريته بأن يعيش متعه مع من ينسجم، بدون تحليلات أو تعقيدات، ولا أدعو أن تتفكك هذه العلاقات، إنما ما وددت طرحه هو أن نتفكر في أمر التكتلات التي حدثت نتيجة لأزمات سياسية وايديولوجية، تأكد لنا أن هذه الأزمات ساهمت بشدة في ايذاء هذا المجتمع وفي إبهام هويته أو ثقافته أو تكوينه.. ربما الأمنية أن تصبح العلاقات أكثر طبيعية، وليست نتيجة لتلك الأزمات، والأمل بجيل قادم، تكون صداقاته مثل بشر الأرض، صديق الطفولة أو الدراسة أو جار البيت أو زميل العمل، ولا يعود هناك مبرر أن يكون صديقه هو من يحمل معتقده الديني أو معتقده اللا ديني.





التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي


التعليقات

1 - العلاقات الانسانيه يغتالها الاسلام بكل برود
حكيم العارف ( 2010 / 9 / 6 - 07:11 )

لاشك وان تفكيرك صحيح (تفكير اهل السويد) فالعلاقات الشخصيه لاينبغى ان يفصلها المعتقداو الشكل او اللون بل يكون انسجام الطبيعه هو الاكثر شيوعا ... اقرب مثل لها هو الطفل فى الابتدائى ... فهو ينسجم مع من حوله بدون انتقاء ... لان تشويش عقله لم يكن قد بداء..

وخاصة التشويش الدينى عندما يكون زرع الكراهيه للمختلفين فى العقيده هو امر مطلوب دينيا ... ولاسيما ايذاؤهم ... فيصبح الطفل هوقنبله موقوته عندما يكبر وتصبح الكراهيه هى من موروثات الدين والعقيده بل والحضاره....

لم نجد بهجه فى السعوديه رغم انهم متدينون .. بل على العكس انهم يصدرون الارهاب للعالم ...

القران لم يشع فرحا وبهجه فلماذا نطلب منهم مالايزرعون

2 - عنزة. ......ولو طارت
موسى سعيد ( 2010 / 9 / 6 - 11:43 )
السيده المحترمة منهل السراج ،
بصراحة مطلقة ،لاأدري لماذا لا تضعين حجابا وتشتغلين كداعية إسلامية ،بدل محاولات اللف والدوران ،ماذا يمكن أن نسمي الذي يطالب بحقوق الانسان ،وهو نفسه لا يعترف بها ؟ و أولها حق الحياة!!!!!!!
إنه منافق حتماً ، و بتعبير آخر ..... مسلم .
مع فائق الأحترام للجميع.

3 - رسالة قصيرة إلى السيدة منهل السراج
أحـمـد بـسـمـار ( 2010 / 9 / 6 - 20:06 )
يا سيدتي الكريمة. أنا إنسان يتابع كتابتك, رغم اختلافي لمعظمها. أتابعها احتراما للرأي الآخر, بكل فولتيرية وكل ديمقراطية. واعتبر احترام الرأي الآخر, واجب ضروري, لديمومة الحريات العامة.
ولكن.. ولكن يا سيدتي الكريمة هل تحترم المحجبات المنقبات, وما يحركهن من قبيسيات مرهبة مخيفة, ومن يديرهن ويمولهن من وراء الكواليس الدمشقية والبتروخليجية..هل يحترم هؤلاء الحد الأدنى من الإنسانية إذا استلموا حق رجم الآخر وتكفيره وخنق أفكاره إلى الأبد.. فكري قليلا واسمعي ما يبشرون. هل يتبقى بصبوص أمل للإنسانية أن تتطور إلى الأسمى والأفضل ومساواة المرأة بالرجل وانتشار حقوق الإنسان؟؟؟ أنت كاتبة ذكية مسموعة. يمكنك التفهم والتحليل. لا تدافعي عن مبادئ تعمم الحجاب والعتمة.. وتكونين يوما أولى ضحاياها.. لأنك تفكرين.. ولأنك لست محجبة... ولك مني أطيب وأصدق تحية مهذبة.
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحقيقة الواسعة.

4 - عودة إلى السيدة منهل السراج
أحـمـد بـسـمـار ( 2010 / 9 / 7 - 13:18 )
سيدتي الكريمة. انتظرت جوابك على تعليقي حتى هذه الفترة من النهار, ولم أجد له أثرا على صفحة مقالك. وكم ازداد أسفي. لأنني أنتظر من إنسانة مثقفة مثلك انفتاحا على ديمومة النقاش الهادئ. ولي على هذا الصمت تحليلان. أما أنك لا تقرأين أبدا ما يعلق القراء على كتاباتك... ولا يهمك أمرهم على الإطلاق. أو أنه لا جواب ـ حاليا ـ لديك على سؤالي وما أبديت.
ولك من جديد كل شكري.. وتحية مهذبة.
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحقيقة الواسعة.

5 - ماذا عن الله
عبدالله عبدالرحمن عبدالمنعم ( 2011 / 4 / 1 - 20:41 )
السيدة منهل السراج هل تؤمنين بوجود خالق للكون وإذا كنت لاتؤمنين بذلك فما هى حجتك ودليلك على عدم وجود خالق للكون هل تؤمنين بالجنة والنار وهل تؤمنين بيوم الحساب وهل تؤمنين بالنبى محمد وبالقرآن الكريم فإذا لم تكونى تؤمنى بذلك فحدثينا كيف وصلت إلى ذلك تتحدثين وكأن الأصل هو الإنسان وليس خالق الإنسان الإنسان ليس حر ولكنه عبد لمن أوجده وخلقه شاء أم أبى وليس من الفطنة مجافاة خالق الكون لأنه حتما قوى متين عليم حكيم الحر لايمرض ولايموت والناس يمرضون ويموتون الحر يفعل ما يشاء وقتما يشاء وأينما يشاء وكيفما يشاء والله يفعل ذلك والإنسان لايستطيع أن يفعل ذلك إذا فإن الأمر جد خطير أكبر من مجرد متعة أو بهجة بآخرين بل المسألة مسألة مصير إما إلى الجنة أو إلى النار يا منهل أرأيت إن أصبت وخسر أهل الدين (المسلمين) فيما ذهبوا إليه فماذا كسبت وماذا خسروا كلاكما عاش الدنيا ثم مات ولانستطيع أن نحكم أيكم تمتع وابتهج أكثر من الآخر ولكن أرأيت إن أصاب أهل الدين وخسرت فماذا كسبوا وماذا خسرت هم كسبوا الجنة ورضوان الله خالق الكون وأنت خسرت وخلدت فى النار إن الأمر جد خطير يحتاج الإهتمام والدراسة بأناة

اخر الافلام

.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية


.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟




.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي



.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ